أعزائي وأصدقائي ..أسعد الله أيامكم ..
هذا صباحٌ جديد ، من عامٍ جديد ، نرجوه تعالى ان يكون عاماً سعيداً ، يحمل لعالمنا العربيّ
أملاً جديداً ، يضمّد الجراح ، ويوقف فيها هذا النزيف المُميت ، فرغم البلبلة ، وانسداد الآفاق
وعربدة الظلام ...إلاّ أن هذا ليس على الله ببعيد ، وهو القادر المقتدر ، فتعالوا نأمل بهذا البعيد
ونتحدّث مع غدٍ قالوا قديماً أنهُ ( لِناظرِهِ قريب ) ، دعونا نغضّ الطرف قليلاً عن الوجع ،
ونتحدث عن الغد بقلوبٍ مؤمنة ..ونفوسٍ متفائلةٍ رغم كل ما يضجّ به واقعنا الأليم ..

تعالوا نقف على ذلك الشاطيء الموعود ،نرقب هذا الأمل البعيد القريب ، ذلك الفنار
الذي يهدي زوارقنا التائهة بين الموج العنيد ، لتخرج من بين الصخور كالفجر الوليد .
تعالوا نتحدث عن ذلك الساحر ، الذي ينتظره الغنيّ والفقير ، الكبير والصغير ،
الصّعلوك والأمير.
الفقير المحروم يتوسّل كفوف الغد كرَم العطاء .
والغنيّ السعيد ، ما زال يطمع بالمزيد .
المظلوم ينشد من الغد العدالة والإنصاف
والشّقي الحزين يرقب ذوبان تلال الهموم عن قلبهِ الكسير
المريض ينتظر الشفاء على يدي ذلك الغد ..ولو كان بعيد ..
والصحيح السليم يأملُ من الغد ، دوام ما يرفل فيه من نعيم .
والمهزوم ، والمقيّد المُكبّل ، والمُستعمَر ، والمُحتلّ ..ينتظر في الغد إشراقة شمس
الحرية فوق رُباه من جديد

إنه الأمل ..نُلقي برؤوسنا المُتعَبة، وأرواحنا المُنهكة فوق صدره، كنبضٍ
مشوّش يتوق إلى دفء الحنايا والهدوء ، ليواسينا بِقرب الفجرِ ،
ويحملنا على جنح الخيالِ فوق السّحاب ، حمامةً بيضاء..ترف بجناحها
لتكتب شعراً جديداً ،يُغرّد فيه الصباح الوليد .
ركنٌ هاديء نترك قلوبنا عنده دون خوفٍ من ضياع أو ظلام تيه .
نلوذ بِرِحابهِ حين يضيق الزمان ، والأمان بنا ، فيغمرنا بنورٍ يشعشع
خلف قضبان الليالي ، كنجمة بعيدة تهدي ظلام الحائرين ، وصوت
ينادي من بعيد ، فتشرئب قلوبنا نحو النور ، تهتف ..تُرى هل من خبرٍ سعيد ؟!

وللعشاق حظهم الأوفر من هذا الغد المُبركن بالإنتظار واللهفة المُستعرة ، في
قلوبٍ أوقدت شموع الأمل من نيران الشوق ، تحت جنح الليل ، وأستار الفراق
البليد ، تتوسّلُ الغد انقشاعها ، في صباحاتٍ تشرق فيها شموس تزّف لهم
الأحبة في مواكب من نورٍ وعبير ، غافلين عما يمكن أن يحمله هذا الغد المأمول
من صقيع الخيبات ، وثلوج قد تكتسي بها الأحلام والوعود .
فيظلوا منتظرين ، كالنورِ المُعذّبِ بين أجنحة الرياح ، أو كزهورِ تنوس تحت أمطار
الغروب .
فعجباً للعاشق كيف يغض الطرف عن سطوع حاضر مُفتَّح العيون ، ويتناساهُ
ويكاد يُلغيه ، ليغدو مجرد محطة انتظار للغد ، أو جسراً يمتد على طول الأيام
بين الحاضر والقادم ، محفوفاً بورود الأمال وزنابق الأحلام ، ونيران الشوق
واللهفة والوعود .
واسمعوا هذا الشاعر حين يقول :
( أغداً قلتَ ؟ فعلّمني اصطبارا ، ليتني اختصر العُمر اختصارا !)
فيا لها حبّات اللؤلؤ صاغها الأمل ، من التفافهِ حول برودة ذرات الرمال
لينظمها عقداً يُزيّنُ عنق الليالي ....فتُضيء ..!!

تعليق