جدلية الأنا-الآخر: نظرة تفكيكية في "آنستُ نايا" للشاعرة القديرة راضية العرف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالله حسين كراز
    أديب وكاتب
    • 24-05-2007
    • 584

    جدلية الأنا-الآخر: نظرة تفكيكية في "آنستُ نايا" للشاعرة القديرة راضية العرف

    [align=justify]جدلية الأنا-الآخر: نظرة تفكيكية في "آنستُ نايا" للشاعرة القديرة راضية العرفاوي

    فالصورة التي ترسمها الشاعرة هنا تؤصّل لإحساس شاعري تثيره في مفتتح النص بما تحمله من دلالات تخرج عن المبتذل واليومي. فالذات الشاعرة تنبض بمشاعرها المضطربة، فتقول "أنست" بفعل الأنس والتجمع والتوحد من بعد فراق وبعاد وتشظي، وتحمل الأنا ثقل المشاعر بما حوت وأنبتت جذورها الباطنية، فمصدر الأنس هو "الناي" وليس شئ آخر خارج دائرة السمع والصوت وما يصحبهما، فالشاعرة – كما غيرها من الإنس – بحاجة لصوت مسوع وقوي يبدد وحشتها وعزلتها ولو كانت وجدانية أو نفسية، وبخاصةٍ في تناصها مع القول الديني وبإزاحة الكلمة الأصل "ناراً" لتصبح بفعل الوعي والتجربة "ناياً" تختلف في الدلالة والرمزية والفضاء الشاعري. فالنار لها دلالات الحريق والموت والألم والفناء والتآكل والوجع والعقاب، ومنها دلالات الدفء والحرارة والتحدي والصبر وكل ما توحي به أسطورة النار في العرف التاريخي والثقافي والوعي الجمعي العالمي/الإنساني. ورغم ذكر آنست ناياً بالتجاور إلا أننا نستحضر متعاكسات الفعل والمفعول في هجرت و تركت وغادرت وضيعت وفقدت وعزلت، ما يعني تحيز الشاعرة لفكرة الأنس والتوحد والتلاحم والبحث عن الذات في موسيقى الناي. اما متعاكسات الناي فيتم استحضارها من قاموس الشاعرة نفسها ومن النص ذاته في: الحيرة و الشَّقاء و الجرح و الشهادة والوجع و غيرها. قد تكون الصورة هنا محض واقعية ويومية من وعي الذات الشاعرة بما حولها واستحبابها للناي دون سواه من أدوات العزف والموسيقى وتبديد الصمت والحزن والسكوت.
    ثم تصرح القصيدة – والوعي نفسه والتجربة ذاتها بكل طقوسها – بمكان الحصول على فعل الأنس، فهو ليس مكاناً مأمولاً أو طبيعياً للنفس الإنسانية المتظشية والباحثة عن مأوى ومحيط يبدد الوحشة والأحزان والحيرة، وذلك كان في "مهبِّ الرُّوحِ" بكل دلالات الروح التي تعصف بالباطن الشاعرة وتسكب العواطف سكباً في رديف الروح: العقل الكامن في صورة تتفجر منها شاعرية البوح ولا تترك الصيحات هنا – التي ربما تكون صيحات الناي التي تحولت لإنسان يفضي بروح المشاركة والتماهي والتوحد واللقاء والحوار.
    ثم ننتقل لحالة تأويلية أخرى تتضح فيها معالم التضاد، ففي "تتلعثم الصيحات" و "يزف توقاً" توتر شعوري ودلالي ينطوي على حالة نفسية من الارتباك والحيرة والتشظي وتكشف عن ثنائية تعاكسية للمعنى والتصريح الشاعري، فالمقصد ألا "تتلعثم الصيحات" بل تخرج سائبةً وسليمة ما دامت تبحث عن مستقر نفسي ووجداني يخرج الذات الشاعرة من "عرش الشقاء" و حالة الجرح التي تنطوي على مفارقة هنا، بحيث تصرح الشاعرة بأنها تمنح الآخر "سند"، حتى لو تطلب أمرها اللجوء أو العودة للبدء كي تعيد تكوين الباطن والذات دون الولوج في عالم الشقاء الجارح:
    أعطيكَ من جُرحي سَنَدْ..
    يا شهيدَ الوجدِ ..؟ وهنا تقنية التضاد في تجاور "شهيد" مع "حالة "الوجد،" فكان أجدى للذات الشاعرة وأدل على تحقيق حلم التخلص من حالتي الشقاء والجراح وللتوحد مع الآخر وهو حي يرزق لتتحقق الأحلام والآمال في استحضار حالات من الأُنس والحراك الاجتماعي والوجداني، كان أجدى وأدل منها أن تزيح حالة "الشهادة" بحالة أكثر حياة في الواقع ومستثمرة في الدنيا فوق الأرض وليس تحت الأرض في العالم السفلي. وهذا المقترح يستدل عليه من صوت الشاعرة المنطوي على اعتراف قوي وصريح بحالة التراسل الدلالي والتعبيري في:
    "شاعرةٌ وربِّي" و "مازلتُ شاعرةً بنا" و "أهديكَ عطرَ تَبَسُّمي" و "وأعدُّ زنبقةً و مِنديلاً". فهنا خلق لحالة توتر جديدة في فضاء النص عندما يتغير صوت البوح الشاعري من "مهب الروح" إلى "محطة الوجع" – ليس الوجع المتسفحل والمستدام - بل الوجع الذي يتم أنسنته ويهرب شريداً طريداً، وهو ما يبدد الوجع الفعلي في باطن الشاعرة وعالمها الجواني:"
    أعدُّ محطّةَ الوجعِ الشريدِ
    زما سبق يدخل عالماً آخر من التوترات النصية والسياقية التي توظفها الشاعرة للدلالة على عالمها النفسي والاجتماعي والوجداني، وذلك حين تصرح عن ذاتها وكينونتها بأنها "خضراءَ ما مُسَّت بسوءٍ"، مخالفاً للموقف الشعوري والشاعري الأول، ويدعم رؤية الشاعرة هنا رؤية إنبات "العشب" للسؤال الذي لا مناص منه:
    يَنبتُ العُشبُ السؤالُ
    وثنائية طارئة ودالة على نفسية تتأزم وتتشظى في:
    بصهيلِ موجٍ صاخبِ التِّحنانِ
    بحيث تتجاور – في ثنائية تنطوي على تعاكس وتضاد - مفردتا الموج الموصوف بأنه صاخب، ليس للإغراق والموت، بل للتحنان والتواصل. وفي صهيل الموج صورة شاعرية تجسد فيها الشاعرة موج البحر بحصان /حصن تصهل، وتبعث الصورة هنا على حالة أخرى من التوتر وإراهاصات التأزم النفسي والوجداني، لذا تواصل الشاعرة بوحها بوعي مطلق بالحالة التي تستدعي المزيد من البوح والتحدث والحراك، ولكن هذه المرة "خلفَ ستائرِ الكونِ التي تتهامسُ اللحنَ العجيبَ" وبحيث تجعلها بكل أريحية "تغوصُ في أعماقِنا" مثل "(شالٍ) من الضوءِ الحميمِ ".والصور المتراسلة هنا تبعث على مزيد من التوتر بين المفردة ودلالاتها والآخرى وإيحاءاتها ومغازيها. ففي غوص الستائر التي تحولت لشخوص تتهامس ولأدوات موسيقية تعطي النفس ما فيها من ألحان عجيبة، مع تجاور يبعث على الغرائببة والدهشة وعدم التصديق مع "شال الضوء الحميم."

    ثم التحول المفاجئ في استحضار مفردات تتضاد فيما بينها عندما ترسم الشاعرة صورة أخرى لواقعها النفسي والوجداني - وبكل ما تحمله من مشاعر إنسانية، قد تكون لغيرها وفي غيرها – فالصمت بطل الموقف الذي يُؤنْسنُ ليحضن الذات الشاعرة ويغلف مشاعرها وأحاسيسها كي لا يكون البوح عيباً أو مجروحاً أو جارحاً، يتجاور مع صخب المطر وصوته المتنوع:
    يضُمُّنا صمتٌ ثَمِلْ.
    ...
    و المطرَ الهتونَ

    وفي التعبير اللاحق للصور السابقة، تخلق الشاعرة حالة جديدة من التضاد والتوتر في الدلالة والرمزية، حين تصرح:
    مثلَ صلاةِ قدّيسٍ حزينٍ
    يعزف النأيَ
    وتنطوي على تواصل حالة التشظي والتأزم والتوتر العاطفي والوجداني، والمصاحب للجسدي أو الميكانيكي:
    وبعد أن تخلق فينا الشاعرة أملاً في التلاقي والتوحد، تتجه بوصلة النص نحو معترك جديد للبوح المنطوي على توتر وتضاد وتعاكس، وذلك حين تقول:
    و يظلُّ وجهُكَ
    غامضاً مثلَ الوطنْ.
    فكيف يكون الوجه المأمول بإشراقته وبشراه وأمل التبدل والتغيير عامضاً، ثم كيف يكون هكذا للوطن، لذا أرى أن الصورة هنا لا تنطوي فقط على غرائبية ودهشة وحيرة، بل على تعاكس في البوح مع ما يسكن الباطن والنفس والعقل.
    وفي المقطع الأخير الذي كا يجب أن يخلصنا ومن حالات التوتر المتواترة والمتزايدة والمتوسعة أو الممتدة بين نهارات الشاعرة ولياليها، تواصل الشاعرة باجترار صوراً أخرى متواترة ومتوترة حين تعزف على ورق النص ألحان النزف الغائر الذي تحول في عرفها الشاعري إلى نغم يبدد صمت المكان والزمان:
    و يظلّ نزفُكَ
    غائراً مثلَ النَّغمْ.
    وتوتر أخير في التصريح باستسلام الشاعرة ورضاها بأن تكون مثل "فرشة" تنعم بالحرية والاستقلال والكينونة وتستمتع بطبيعتها الخلابة أينما ولت وجهها، ولكن أيضاً بعالم مسكون ب"نور القبل"، ويكفي الذات الشاعرة تلك النتيجة والحلم المتحقق في "فراشة... تطوافها نور القبل":
    و أظلُّ مثل فراشةٍ
    تطوافها نورُ القُبَلْ.

    أخيراً، لقد جسدت الشاعرة منحنىً تقنياً وشاعرياً وفكرياً قالت فيه وعنه ما يعتمل في هواها وخيالها وعالمها الباطني والنفسي والواقعي، موظفة وإلى حد معقول تقنية التجاور المنطوية على ثنائيات متعاكسة، ما خلق حالات من التوتر في المعنى والدلالة، ولكنها تركت لنا نوافذ نحو عالمها الشعري/الثيماتي كي نسمع فيه صوتها ونحس نبضها حد التماهي والتوحد ونقول أن أناها هي الآنا الجمعية في الوعي الجمعي والإنساني، محبذةً في ذلك التركيز على إراهاصات التشظي والتوتر والحيرة والجراح والحلم المتصاعد في الخلاص وتطهير النفس مما اعتارها أو اعتورها.


    [/align]
    دكتور عبدالله حسين كراز
  • د. وسام البكري
    أديب وكاتب
    • 21-03-2008
    • 2866

    #2
    [align=justify]تبقى في نقدك نكهة النقد الموضوعي، مشبعة بنكهة الدرس الأكاديمي الرصين، فهو لآلئ تتوهج لتُنبئ بمستقبل أفضل في النقد في عالَم انترنيتيّ (إذا صحّت النسبة !) مُغرَق بالمُجاملات، والمُحاباة، حاشاك.
    أخي العزيز الأستاذ الدكتور عبد الله حسين كراز، هنيئاً لك هذا الفكر النقدي، ولكن لي طلب صغير وهو أن تضع القصيدة مع النقد إذا كان ذلك ممكناً.
    ودمت مبدعاً وبخير
    [/align]
    د. وسام البكري

    تعليق

    • راضية العرفاوي
      عضو أساسي
      • 11-08-2007
      • 783

      #3
      [align=right]
      أستاذنا الجميل الروح و الناقد القدير د.عبد الله حسين كراز

      يفيض ضوء الإبداع النقدي والألق دائما مع قراءاتك النقدية.
      وها أن قراءتك التفكيكية لـ"آنست نايا" تغوص بوعي وعمق من خلال "جدلية الأنا-الآخر"،
      فتمضي بنا بين مفاصل النص/القصيدة لتكشف عن مكامن التجربة الذاتية -النفسية والروحية والفكرية- بكل ما حملته من طقوس وتوتّر لحالات انبعثت مع أنس الناي.
      و تتنقل بنا هذه القراءة النقدية العميقة بين تأويل المعنى وتضاد المعنى والصورة الشعرية
      في ثنائياتها التعاكسية .

      أستشفّ من خلال عنوان القراءة النقدية لـ د.عبد الله كراز والتي عنونها
      بـ " جدلية الأنا-الآخر "
      وخاصة عبر ما دونه في آخر القراءة ،بعض الأسئلة التي تبادرت إلى ذهني ، والتي تمحورت حول:
      ثنائية التواتر بين جدلية الأنا -الآخر ، الذات /الشاعرة والآخر (الحاضر/الغائب ).
      الذات الشاعرة والآخر /المتلقّي
      المتلقّي (تقمصه دور الذات الكاتب) والآخر ( في علاقته بالمتلقي).
      تحول الكتابة من محورالأنا إلى الأنا الجمعية عبر نوافذ تتسلل منها صور عاكسة لحضور المتلقي
      الذي يجد فيها مساره . ويبقى السؤال كيف السبيل لذلك وهو آليات ترك هذه النوافذ /المنافذ وهنا أعني أن يجد المتلقي ذاته هو لاحقا لقراءة أنا الشاعرة،أي صاحب النص بصفة عامة.

      ماذا سأقول بعد هذه القراءة الممتعة أخي العزيز وأستاذنا القدير د .عبد الله
      كل الشكر للوقت الذي منحته لقصيدتي ، للمعلومات القيمة والإستفادة الكبيرة التي وجدتها
      بين كل الحروف .
      سعدت كثيرا بتواجدك ونقدك البناء

      ليبارك الرب صدق مدادك
      محبتي وتقديري


      [/align]
      [font=Simplified Arabic][color=#0033CC]
      [size=4]الياسمينة بقيت بيضاء لأن الياسمينة لم تنحنِ
      فالذي لاينحني لايتلوّث
      والذي لايتلوّن تنحني أمامه كل الأشياء
      [size=3]عمر الفرا[/size][/size]
      [/color][/font]

      تعليق

      • راضية العرفاوي
        عضو أساسي
        • 11-08-2007
        • 783

        #4
        [align=center][align=right]*إسمح لي أستاذنا القديرأن أضيف نص القصيدة كما طلب ذلك د.وسام البكري[/align]
        ~~~


        آنستُ نايا


        آنستُ ناياً في مهبِّ الرُّوحِ
        يسكبُ حيرةً
        تتلعثمُ الصيحاتُ فيها سائبهْ.
        و يزفُّ توقاً
        للمواعيدِ التي تقتاتُ
        من عرشِ الشَّقاءِ نقوشَها.
        من أين أبدأني مَدَدْ..؟
        أعطيكَ من جُرحي سَنَدْ..
        من أينَ..
        قُل لِي ..
        يا شهيدَ الوجدِ ..؟
        شاعرةٌ وربِّي.. أي بنا..
        مازلتُ
        شاعرةً بنا..
        أهديكَ عطرَ تَبَسُّمي
        و أعدُّ زنبقةً و مِنديلاً
        أعدُّ محطّةَ الوجعِ الشريدِ
        أعدّني..
        جرحاً ثَمِلتُ رصيفَ شِعرِهِ
        حين نبّأني
        لمن كلُّ البكاءِ
        لمن تصير الكفُّ كَفِّي
        يا رفيقَ تذكّري
        خضراءَ ما مُسَّت بسوءٍ..؟
        يَنبتُ العُشبُ السؤالُ
        لك النَّوى
        و لك الهوى
        و أنا الهُنا مسكونةٌ
        بصهيلِ موجٍ صاخبِ التِّحنانِ
        خلفَ ستائرِ الكونِ التي
        تتهامسُ اللحنَ العجيبَ
        تغوصُ في أعماقِنا
        شالاً من الضوءِ الحميمِ ..

        يضُمُّنا صمتٌ ثَمِلْ.
        و عيونُنا
        كخيامِ ليلٍ للورقْ
        تُغري مدادَ الشَّوقِ
        و المطرَ الهتونَ

        أغيبُ في شفتيكَ
        مثلَ صلاةِ قدّيسٍ حزينٍ
        يعزف النأيَ
        احتمالاتٍ تَسِفُّ كطائرٍ
        يقتاتُ من حِبرِ الخشوعِ فواصلاً
        ضدّ الغَرَق ْ .
        و يظلُّ وجهُكَ
        غامضاً مثلَ الوطنْ.
        و يظلّ نزفُكَ
        غائراً مثلَ النَّغمْ.
        و أظلُّ مثل فراشةٍ
        تطوافها نورُ القُبَلْ.


        راضية العرفاوي

        [/align]
        [font=Simplified Arabic][color=#0033CC]
        [size=4]الياسمينة بقيت بيضاء لأن الياسمينة لم تنحنِ
        فالذي لاينحني لايتلوّث
        والذي لايتلوّن تنحني أمامه كل الأشياء
        [size=3]عمر الفرا[/size][/size]
        [/color][/font]

        تعليق

        • عبدالرؤوف النويهى
          أديب وكاتب
          • 12-10-2007
          • 2218

          #5
          [align=justify]لم أكد أقرأ قصيدة "آنست نايا "للشاعرة القديرة الأستاذة/ راضية العرفاوى ،وما كتبه الأستاذ الدكتور /عبدالله كراز ،من دراسة نقدية وتحليلية ممتازة ، وتقريظ الأستاذ الدكتور /وسام البكرى،إلا وقد تذكرت مولانا جلال الدين الرومى.. صاحب المثنوى وشمس تبريز .

          وعلى هامش القصيدة"آنست نايا" والدراسة الممتعة .
          أُقدم هذه القصيدة الرائدة والتى كانت مفتتحاً لهذا العمل الخالد (مثنوى مولانا جلال الدين الرومى) ،ترجمة وشرح وتقديم الأستاذ الدكتور /إبراهيم الدسوقى شتا،والصادر عن المشروع القومى للترجمة المجلس ،الأعلى للثقافة بالقاهرة طبعة 1996م فى ستة مجلدات طبعة فخيمة ...
          ( أنين الناى )كما أسميتها ، الكتاب الأول ص38،37،36،35،وهى مفتتح ديوانه المثنوى :[/align]


          [align=justify] - استمع إلى هذا الناى يأخذ فى الشكاية ، ومن الفرقات يمضى فى الحكاية .
          - منذ أن كان من الغاب اقتلاعى ، ضج الرجال والنساء فى صوت إلتياعى .
          - أبتغى صدراً صدراً يمزقه الفراق ، كى أبث شرح آلام الفراق.
          - كل من يبقى بعيدا عن أصوله ، لايزال يروم أيام وصاله.
          5- نائحاً صرتُ على كل شهود، وقرينا للشقى و للسعيد.
          - ظن كل إمرىء أن صار رفيقى ، لكنه لم يبحث من داخلى عن أسرارى .
          - وليس سرى ببعيد عن نواحى ، لكنه العين والأذن قد حُرمتا هذا النور .
          - وليس الجسد مستوراً عن الروح ولا الروح مستورة عن الجسد، لكن أحداً لم يؤذن له بمعاينة الروح.
          - وأن هذا الأنين نار وليس هواء ، وكل من ليست لديه هذه النار ليكن هباءً.
          10- ونار العشق هى التى نشبت فى الناى ، وغليان العشق هو الذى سرى فى الخمر.
          - والناى صديق لكل من إفترق عن أليفه ،ولقد مزقت أنغامه الحجب عنا.
          - فمن رأى كالناى سماً وترياقا؟،ومن رأى كالناى نجياً ومشتاقا ?.
          - إن الناى يتحدث عن الطريق الملىء بالدماء ، والناى هو الذى يروى قصص عشق المجنون.
          - وهذا الوعى محرم إلا على من فقد وعيه ، كما أنه لا مشترٍ للسان إلا الأذن.
          15- لقد صارت الأيام تسعى فى أحزاننا بغير وقت ،وأصبحت قرينة للأحزان والمحن.
          - فإن مضت الأيام فقل لها إذهبى ولاخوف ، ولتبق أنت يامن لا مثيل لك فى الطهر.
          - ولقد ملءهذا الماء من ليس بحوته ، وطويل يوم من يوم من لاقوت له منه.
          - أن أحوال الكمل العارفين لا يدركها فج ساذج.ومن ثم يبتغى أن نقصر فى الكلام ...فسلاما.
          - ولتحطم القيد ولتكن حراً يابنى ، فحتام تظل عبدا للفضة وعبدا للذهب ؟
          20- وإنك إن تصب تصب البحر فى إناء ، فكم يسع؟ نصيباً يكفيك ليوم واحد.
          - وإن آنية أعين الحريصين لم تمتلىء قط، وما لم يقنع الصدف لا يمتلىء بالدر.
          - وكل من مزق ثوبه من عشق ما،فقد برىء من الحرص ومن كل العيوب.
          - ولتسعد إذن أيها العشق الطيب، ياهوسنا ، ياطبيباً لكل عللنا .
          - يادواءً لكبريائنا وعنجهيتنا ، يامن أنت لنا بمثابة أفلاطون وجالينوس .
          25- لقد سما الجسد الترابى من العشق حتى الأفلاك ، وحتى الجبل بدأ فى ارقص وخف.
          - أيها العاشق ، لقد حل العشق بروح طور سيناء ، فثمل الطور وخر موسى صعقا.
          - وأنا لو كنت قرينا للحبيب ، لكنت كالناى ، أبوح بما ينبغى البوح به.
          - لكن كل من إفترق عمن يتحدثون لغته، ظل بلا لسان ، وإن كان لديه ألف صوت .
          - والورد عندما مضى " أوانه" وماتت روضته ،فلن تسمع البلبل بعد يروى سيرته.
          30- والكل معشوق ،والعاشق مجرد حجاب ،والمعشوق حى ،والعاشق إلى موت.
          - ولو لم يقم العشق برعايته، يبقى كطائر بلا جناح ،ويل له.
          - فكيف يكون لى علم بما أمامى وبما ورائى ،إن لم يكن نور حبيبى أمامى وورائى.
          - إن العشق يريد أن يصدر منى هذا الشعر ،وإن لم تكن المرآة مُنبئة فماذا تكون ؟
          - أتدرى لماذا لا تنبىء مرآتك ؟ ذلك لأن الصدأ لم يُجل عن وجهها.[/align]

          تعليق

          • آمنة أبو حسين
            أديب وكاتب
            • 18-02-2008
            • 761

            #6
            [frame="1 98"]الرائع د.عبد الله كزاز

            حقاً بدر هذا التحليل النقدي عن وعي فكري

            وقدرة جمة في الدخول لتلافيف القصيدة وماورائياتها

            هنيئاً لنا بك بيننا

            يا دكتور عبد الله

            تحية بحجمك[/frame]
            شُكراً .. لرب السماء

            تعليق

            • د. وسام البكري
              أديب وكاتب
              • 21-03-2008
              • 2866

              #7
              أشكر الأديبة الفاضلة راضية العرفاوي على تلبيتها بإلحاق القصيدة بالدراسة النقدية، فتكتمل الصورة لدى القارئ ويكون متابعاً لكليهما، ويستمتع بهما حقاً.
              ويبدو من النص أنّ القصيدة تمتزج فيها ملامح من الرمزية المتمثلة بـ (الناي) وما يستتبعها من رموز في تصوير المشاعر النفسية والعاطفية. ويكفينا تقويمها .. الدراسة النقدية التي قدّمها الأستاذ الدكتور عبد الله حسين كراز.
              ودمتِ مبدعة.
              د. وسام البكري

              تعليق

              يعمل...
              X