فلسفيّات ...من كتاب المدينة والفضيلة / هيثم الريماوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هيثم الريماوي
    مشرف ملتقى النقد الأدبي
    • 17-09-2010
    • 809

    #31
    المشاركة الأصلية بواسطة محمد مثقال الخضور مشاهدة المشاركة
    فكر وعمق وغوص لا متناهي في ماهية الكون والوجود
    هكذا انت أستاذي العزيز
    مدرسة في فقه الكون


    محبتي وتقديري الكبير
    الشكر والتقدير الكبير صديقي الرائع الخضور ، لكلماتكم الراقية

    تقديري الكبير
    هيثم

    ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

    بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
    بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

    تعليق

    • هيثم الريماوي
      مشرف ملتقى النقد الأدبي
      • 17-09-2010
      • 809

      #32
      المشاركة الأصلية بواسطة زهور بن السيد مشاهدة المشاركة
      القصيدة تجمع بين عالمين مختلفين ومتقاربين في الوقت نفسه:الشعر والفكر.
      أعلن الشاعر عن وعي وإدراك ومنذ العتبات الأولى (عنوان القصيدة: فلسفيات, وعنوان المشروع الشعري الذي أخذت منه: "المدينة والفضيلة") عن التوجه الفكري في مشروعه الشعري الجديد..
      وتشكل الشعر في النص من خلال اللغة الشعرية والصور والإيحاء...
      وتحقق الفكر من خلال الرؤيا الخاصة والطروحات الفكرية والفلسفية التي استحضرها الشاعر في النص عن دراية كبيرة..

      وتحقق تقاربهما من خلال المحور الإنساني..
      دمت متألقا شاعرنا المبدع هيثم الريماوي
      تحياتي وتقديري الكبيرين

      القديرة العميقة الناقدة د. زهور
      يلفت الانتباه ، حصافتك ، وثقافتك ، في كل مرة تكتبين
      كل الشكر والتقدير لفضل الرد ورقيه

      امتناني للرائعة د.زهور
      هيثم

      ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

      بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
      بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

      تعليق

      • هيثم الريماوي
        مشرف ملتقى النقد الأدبي
        • 17-09-2010
        • 809

        #33
        المشاركة الأصلية بواسطة الهويمل أبو فهد مشاهدة المشاركة
        فلسفيّات أم "لعنة اللغة"


        فلسفيات تبدأ من البداية، من اللغة (في البدء كانت الكلمة... ثم تجسمت جسدا) وفي البدء هناك (كن) فيكون، حتى الوجود في صورة الكون على ارتباط عضوي لغوي بالكينونة واللغة. وفي القصيدة نجد أن الكون دلالة (دلالة بالنصبة، حسب تعبير الجاحظ)، كما أن اللغة بالمقطع الأول تتأكد في صورة الكتابة (الموجود "يرسم الكون") ثم نعود إلى (دلالة).


        لكن المثير في المقطع الأول هو الدائرية المستمرة: الكون يشرق لتتحول كلمة يشرق إلى دلالة والوجود يتحول إلى الموجود؛ ثم يتحول الموجود نفسه إلى فاعل يرسم الكون ويتحول إلى دلالة الوجود من خلال الرسم (الذي هو صورة الكتابة بامتياز، أو إن شئت هو عملية نحت تشكل الكون من خلال اللغة وأهميتها في رسم معالم الوجود). هناك أيضا تناغم في البنية، مهمتها تأكيد دائرية القطعة: فالكلمات الأولى في الأربعة أسطر هي، على التوالي، (الكون الكون الموجود الموجود)، وهو تأكيد لفظي إن قُرئت عموديا، ثم إن مفردات نهايات الأسطر الأربعة تتداخل مع صيغة التأكيد. فالمفردات النهائية هي على التوالي (الوجود الموجود الكون الوجود). هذا التداخل يؤسس البنية نفسها ويكاد يصنع أو يبني الكون/الوجود في ذات مسمياته ليتحول الدال إلى مدلول. وهكذا يكتمل البناء في صورة كماله، ونحن نعلم إن الدائرة هي صورة الكمال والتناسق (على الأقل في الموروث الغربي). لذلك فالمقطع يجسد الكمال الذي ترسمة الأسطر الأربعة.

        الكونُ يشرقُ بالوجودِ

        الكونُ دلالةُ الموجود
        الموجودُ يرسمُ الكونَ
        الموجودُ دلالةُ الوجود .


        وإذا أمعنا النظر في هذا التراتب والتكون نجد أن الأسطر الأربعة كوحدة تتحول هي نفسها إلى دلالة تشير إلى مدلول ليس في الكلمات، والدلالة (بوصفها دليلا) تشير لا محالة إلى غائب تشير إليه وتصبح الدليل المفضي إليه. لابد من هذه الفسحة والبعد بين الدلالة ومدولها؛ وإلاّ فإن الدلالة تفقد دلالتها ولن تصبح دلالة! وهذه الحالة في بنيتها واكتمالها ارهاص لتقديم اللغة التي ستأتي مباشرة في المقطع الثاني.


        وهكذا في المقطع الثاني نرى استمرار الدائرية لتفسر المفارقات وتفسر ما يعتري القطعة من تناقض، ونلتقي اللغة بلفظها وشخصها. وبطبيعة الجحال فإن الدائرة بالتأكيد لا تبيح وجود فواصل ولا وجود شهود (على الأقل كما يظهر على السطح إن كان للدائرة سطح). فالبداية هي انعدام الفواصل بيني وبين العالم، وهذا امتداد لما أسسته القصيدة في المقطع الأول. لكن العالم غير المنفصل عن المتكلم يعود ليتناسخ إلى عوالم كثيرة بينه وبين نفسه. فالانفصال بينه وبين نفسه فقط (على ما يبدو) فتتكاثر العوالم في هذا الصدع. لكن هل فعلا الانفصال يحصل فقط بين المتلكم ونفسه أم هو ينتظم القصيدة رغم ما تصرح به بعض عباراتها؟ إن قراءة مثل هذه القصائد ينبغي إن تكون قراءة بصرية، وأقلها أن تكون القصيدة (مكتوبة/مرسوم أمام العين) فلا يصح أن نسمعها سماعا. وإذا دققنا في المقطوعة الثانية نجد أن ترقيمها بالفواصل البصرية المكتوبة يؤكد الأنفصال. فالسطر الأول يقول بيني وبين العالم (فاصلة مرئية موجودة) لا فواصل ولا شهود؛ وهكذا بينما لفظها يسعى لتحقيق معنى السيولة والاتصال، نجد أن رسمها ينفي ما تؤكده ألفاظها. بالنسبة لي هذا مهم لأن اللغة تبني (كما كانت الحال في المقطوعة الأولى) ولسوف تحبسه أيضا، فهي ستفصله لا محالة رسما وإن ادعى أن لا فواصل. فهو مباشرة يستدرك لائذا بالكتابة وكتابة الشعر تحديدا، إذ يقول (لكني أكتب الشعر فتحبسني اللغة [فاصلة] ويأخذني الكلام) لتيشظى في السطر التالي ويتصدع ليسمح بعوالم كثيرة بينه وبين نفسه، ولولا هذا الصدع لما كان للعوالم مكان، ويتأكد إثبات ما نفاه السطر الأول. فهنا عوالم تتحوصل بينه وبين ونفسه وكذلك هناك ايضا فواصل وشهود! هنا تحديدا مع اللغة والكلام يتكسر اكتمال الدائرة!


        إذن للغة لعنتها: في البدء كانت اللغة تحقق معناها مباشرة، لا فاصل بين اللفظ والمعنى، بين المرء ونفسه؛ لكن مع حادثة (السقوط) ابتعدت اللغة عن مهادها الأصل وأصبح هناك الدال والمدلول، هناك فاصل (أو فواصل) بين الدال والمدلول، وبما أن الشاعر مخلوق لساني (لغوي) لا يستطيع أن يشير إلى نفسه دون استخدامه اللغة، ومع استخدام اللغة لابد أن يشير (أن يستخدم اشارة)، تشير إلى مشار إليه منفصل، فالإشارة لا تؤكد غير البعد والانفساح حتى لو كانت الإشارة أشارة إلى نفس الشاعر (نفسه). ولهذا من الطبيعي أن تكون هناك فسحة بيني وبين نفسي بما أن مفردة "نفسي" هي مجرد إشارة؛ وفي هذه الفسحة هناك عوالم كثيرة وشهود اقتضت الإشارة إليهم. هذا هو سجن اللغة: أن لا يقترب الدال من مدلولة ولو حصل التوحد بينهما لانعدمت اللغة.


        لكن لماذا كتب هو الشعر؟ وما أهمية هذه الومضة حال أن سجنت اللغة متكلمها؟ الجواب طبعا له علاقة بالبداية. قالت النظريات أن بداية اللغة بداية شعرية لأنها كانت قريبة من إصلها حيث يتوحد المعنى باللفظ ويتوائم اللفظ مع الايقاع والتناغم مما يحقق أعلى درجات التواصل، ثم مع التطور مرت اللغة ببرج بابل وتفرقت وتنوعت وتعددت (هذا اختصار مخل طبعا). لكن مقطوعتنا لا تتحدث عن قول الشعر، وإنما تتحدث عن كتابته، وهذا ابتعاد أكثر عن اللفظ وعن البدايات. فهو يكتب الشعر، وتحبسه اللغة، ويأخذه الكلام! ولمثل هذا الاستدراك بعد فلسفي له علاقة بالوجود وبالمدلول وبالموجود والكتابة وبالحنين إلى لحظة أولى مفقودة إلى الأبد ومن البداية، ومن العبث محاولة شرح هذا البعد في تعليق سريع ومخل لا شك.
        بيني وبينَ العالمِ ، لا فواصلَ ولا شهود
        لكنّي أكتبُ الشعرَ فتحبسني اللغةُ ، ويأخذني الكلامُ
        بيني وبينَ نفسي ، عوالمٌ كثيرةٌ
        فواصلٌ وشهود



        وكل ما يأتي من تفاصيل فلسفية فيما بعد إنما هو حنين إلى لحظة التوحد (بينه وبين نفسه كما كان الاتحاد في الأصل بين اللفظ والمعنى) ورثاء لغياب حالة التوحد غيابا أبديا ومن البداية (في البدء كان الانفساح). الفضيلة بصفاتها بشكلها الفولاذي والمدينة بلغزيتها والتناص بحصره معلقا بين قوسين (كما يقول هوسيرل) وقطع الحلوى في مراراة التجربة، كلها تأتي عن بعد لتؤصل التشظي والتشتت. وما استحضار الشخوص التاريخية إلا تأكيدا للبعد الزماني، لتصبح (الصلاة بحثا عن الذات خارج اللغة). ومثل هذا البحث يقرر فشله من البداية، فالصلاة نفسها هي لغة (حتى لو كانت طقوسا صامتة).


        ولئن كانت الذات هي غاية البحث ومنتهى الحقيقة فإن القصيدة نفسها تقر بأن (اللغة سياج الحقيقة)، وأن الكلام يخترقها من البداية فـ(الكلام ثقوب في السياج)! ومثل هذه العلاقة بين اللغة بوصفها سياج الحقيقة والكلام، هي نفسها علاقة اختراق وتشتت: فالحقيقة نفسها بالنتيجة (رمال التشابة خارج الحديقة). وهكذا يتهشم الإنسان؛ فخارج اللغة لا وجود للإنسان، ومع اللغة لا وجود لغير زوال التوحد بين بين الإنسان وذاته. هذه العلاقة لها معادلها الموضوعي في أبليس وآدم، وفي الفضيلة والخطيئة، لكنها جميعا تتأكد في مفارقة علاقة الحياة والموت. وبإمكان القارئ تتبع هذه البنية في كامل القصيدة، التي هي رغم مسماها الجمع (فلسفيات)، ليست أكثر من لغز الوجود ومحاولة كشفه!
        (( الكلام نتاج اجتماعي وليس خصوصية فردية )) هيغل ، (( في البدء كانت الكلمة )) ....وأي لعنة تلك (السجن خلف قضبان اللغة ) منذ بدء النشوء وحتى نهاية التعبير .....
        القدير غائر العمق الهويمل أبو فهد ...
        كثير امتناني العميق
        هيثم

        ((احذر من العلم الزائف ، فهو أخطر من الجهل. )) جورج برنارد شو

        بين النظم وأن يكون نثراً شعرة الإيقاع التي لم يلتفت إليها العروض
        بين النثر وان يكون نظماً قصة العلوم طويلة الأمد.

        تعليق

        يعمل...
        X