إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم ابدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله
وادخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار . اللـهـم جازه عن الإحسان إحسانا
وعن الإساءة عفواً وغفراناً.
أسوريّا الحبيبة ضيعوك
وألقى فيك نطفته الشقاء
أسوريّا الحبيبة كم سنبكي
عليك و هل سينفعك البكاء
إذا هب الحنين على ابن قلب
فما لحريق صبوته انطفاء
وإن أدمت نصال الوجد روحا
فما لجراح غربتها شفاء
إنا لله وإنا إليه راجعون
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته يارب العالمين
وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان
ورحمنا إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه .. آمين
شكرا لك أختي العزيزة سليمى على التنويه
كان يوم مرضت حزني عظيما ، طاردته و لم أفلح في الخلاص إلا بعد أن عاد صوتك يسكب الشعر على جمراتي.. و الآن أفجع بك ثانية ؟! ... متأخر ، وحيد ، عاجز حتى عن الصمت و عن القول و عن البوح و حتى عن البكاء .. ما فيّ يا يوسف أكبر من الدمعة اللعينة التي لا تخفف حتى الحرقة فما بال االحريق.. فتشت بين أوراقي ، فوجدتك كما عرفتك عذبا ، و وجدت رسالة كنت قد بعثتها لك من قبل ، أتشبثُ بها علّها تعيدك كما فعلت أوّل مرة... و هذا ... هذا بعض حزني..
بالأمس كان الصيف يلملم قيظه على عجل ، و كنّا نراه يفرّ كعصفور مذعور أمام انسكاب الأصفر البني ّ ، فوق أشجار تزاحمت تحت الشرفة ، تسدّ الأفق ، و قد استبدلت حفيفها بحشرجات الخريف... فأقول : أنظر كيف ازرقّت السماء ، و أصبح الضوء نقيا كما حفنة ماء في كفّ صخرة بعد زخّة مطر.. أضحكُ و أقول : هي بشائر الخريف ، عمّا قليل سيروي الغمامُ العروقَ ، فأرحْ "نواعيرك" التي ظلت طيلة الصيف تدور ، تملأ سواقيك من أنهار"البَوْح" . فتقول : لا.. لا لن تقف ! و تفلسفها منهمكا بالشرح : "النّاعورة" شيء آخر .. ليس كما تظنّ ، هي ذلك الحبل السّري الذي يربط الأشياء ببعضها: النّجمة بالليل ، النسمة بورقة الشجر ، العصفور بجناحيه ، قطرة الماء بالعطش ، الغيمة بالساقية ، الدم بالوريد ، الزهرة بعطرها ، النبضة بالقصيد ، الروح بالجسد ، أناملها بالخيول ، الخيول بالصهيل ، الصهيل بقلبي ... تتنهّد و تقول و أنت تضع كفّك حيث اعتادت الرماح أن تستريح : أرأيت يا حكيم ، هذه الناعورة حبل سُرّي يشدنا لأم واحدة ، إختر إن شئت أمّا بين الشعر و الجمال... و تتحداني مبتسما: أتستطيع؟؟ أتستطيع؟؟
اليوم .. بعد قليل ستنتهي مواسم الجوز و الزيتون ، و هاهم يهمّون لسكب الزيت بـ "مشكاة الشمس" ، .... و سيفيض النور ، الأخضر الزيتوني ، سيلمع مبتلةً ريشاته بمواسم الأمطار التي قالوا أنها ستكون وافرة .. أسير في "حقولك " التي "هيّجها" نقاءُ "البَوْح" ... وحيدا ... وحيدا حتى أنّني أسمع الريح تزمر في عظامي... فأين أنت ؟؟
أقسمت أقحواناتك التي نسيتها على شرفتي ، أن لن تمرّ المواسم هذا العام من دونك ، و لن يكون زيتا لا للنجوم و لا لمشكاة الشمس ، و لا لقناديل العشاق .. و تجمعت أسراب الدوري فوق بيادرنا و أقسمت أنها لن "تُموسق " الحصاد من دونك ، و لن تنقر رؤوس أنامل الحبيبة ، و لن تتناقل أخبارها و لن "تذيع الخبر" ، و لن تستظل بالخزام ...أتذكر بيادرنا حيث كنّا نجمع السنابل ، و نعدّ حبات القمح حبّة حبة ، كي لا تخدعنا اليبادر فتخبئ تحت شالها للطيور بعضا منها ؟؟ أتذكرها ؟؟ ما زالت كفّاي كالبيادر الممدودة أمام السماء ، و قلبي كالبيادر الخاوية من السنابل ، و دمي كالبايدر دون نقر الطيور ... فأين أنت ؟؟
في الغد سيكون يوم آخر ... و ستشرق الشمس كما العادة ، و ستدور في الكون الريح ، كما العادة أيضا ... فهل خلف الريح سنسمع وقع أقدامك آتية ... آتية ؟؟
لا تبتعد كثيرا ... فالليل ثقيل ... ثقيل ، و أعناق الأقحوان لم تعد قادرة على هذا الحمل ... لا .. و لا قلبي بعد كلّ هذه السنين ... بعد أن "راشه" كلّ هذا الشيب..
أستاذي الغالي الدكتور الذي لا أنساه أبدا
حكيم عباس
صرتُ أشتهي الموت حتى تكتب لروحي كلّ هذا الجمال وهذا الوجع الراقي
هل تذكر حين كنا معا في الصالون ؟؟
وتلك الليالي المليئة شعرا ونقاشات وندوات والأهم مليئة بالحب ؟؟
هل تذكر ؟؟؟؟؟
كنّا نزيّن شرفة الليل بما نسجت أناملنا وقلوبنا النقيّة من كلمات....
كنّا نعانق شراشف الانسجام والوئام ......هناك تركنا كلماتنا ........
هناك كان يوسف وكان حكيم وكانوا..................
لم نكن ندرك أنّ الزمن أكبر من كلماتنا وأقسى من الحجارة......
و ذلك اليوم الذي ترك فيه يوسفنا الكرسيّ والبدلة الحمراء..................
هل تذكر ذلك اليوم أيّها الحكيم....؟؟؟
بل هل تذكر كم تحايلت عليك لتعود لنا ولو ليوم واحد؟؟
لم تفعل..................
تركتني أتصنّت صوتك المليئ ضحكة صافية نقيّة
وعدتَ الآن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الموت أعادك للحظات .....
لتكتب كلّ هذا الوفاء......
وتمضي .......... ربّما.....
آآآه يا حكيم.....
الوجع يملأ جوانب قلبي
صار كلّ شيئ فيه مرارة غريبة................
شيئ يشبه رائحة الموت.......
تعليق