التّكوين الإبداعي لمنحوتة الرّوشة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين أحمد سليم
    أديب وكاتب
    • 23-10-2008
    • 147

    التّكوين الإبداعي لمنحوتة الرّوشة

    التّكوينالإبداعي لمنحوتة الرّوشة
    الصّخرةالتي تتماهى عراقة عند شاطيء غربي بيروت عاصمة لبنان
    تتجلّىفي أشكال خطوطها بدائع صنع الخالق وعظمة جلاله
    بقلم:حسين أحمد سليم
    صخرة الرّوشة,أو ما ينعتونها بصخرة الدّالية, أو يُطلقون عليها أهل بيروت صخرة الحمام, أو ماتُسمّى حديثا صخرة الإنتحار... وكما يحلو لكلّ من الخلق البشريّ, تسميتها وفق ماتُعبّر له مشهديّتها, وتوحي إليه كينونتها الجبّارة, وهي تتعملق منتصبة بينالأمواج البحريّة المتلاطمة, لِتُنعت بكلّ هذه التّعابير والتّسميات والصّفات, والتينخلعها هدايا على صخرة عريقة تراثيّة, موغلة في عمق التّاريخ... أبدع الله فيتكوين هيئتها على هذه الشّاكلة, وأبدع في تكوين تعرّجات خطوطها وتعرّجاتإنسياباتها, التي تعكس عمرها الزّمنيّ المديد... بما أوحى الخالق للزّلازل منأمره, فتحرّكت غاضبة عنيفة, وللعواصف المائيّة الهائجة, والعواصف الهوائيّةالمزمجرة, بحركات فعل تعريتها على مرور الحقب الزّمنيّة القديمة, لِتُشكّل منهاأعجوبة نحتيّة طبيعيّة عالميّة, تتجلّى في كينونتها الحاليّة, بدائع فنون وأساليبالنّحت الطّبيعي, ومدارسه ومذاهبه ومساراته الموحية... هذه الصّخرة النّحتيّةالعجيبة, التي تتحدّى بما تكتنز به من معالم ومشهديّات فنّيّة نحتيّة, تتحدّىإمكانات وقدرات روّاد النّحت القديم والحديث وأقطابه في شتّى أقطار المعمورة,وصولا لهذا العصر المتميّز بعصرنته وثورته في كلّ شيء...الرّوشة هي صخرةتاريخيّة عنيدة, تتربّع بعنفوان هائل عند الشّاطيء الغربي لعاصمة لبنان, بيروت,تتماهى كبرياء في كوّة خليج جدرانه على شاكلتها, في قلب بحر بيروت من الجهة المقابلةلغروب الشّمس... بحيث تتوشّى عند كلّ غروب بجماليّات ما تعكسع عليها أشعّة الشّمسوهي تودّعها مسافرة خلف مستوى البحر... منذ التّكوينالجيولوجي لصخرة الرّوشة, لم ولن ولا يملّ الموج من محاولات الهجوم عليها والإقترابمنها ومداعبة قاعدتها في غزل دائم, والتّشظّي رذاذا حانيا عند أقدامها, ومنذ آلافالسّنين, ومن دون أن تلين لها قناة, أو ينفصل عنها جزيء, أو تنحني لها هامة...إكتسبتالرّوشة إسمها من تعريب كلمة la roche الفرنسيّة,التي كان يُطلقها الفرنسيـّون, أيّـام الإنتداب على المنطقة, التـي تّطـلّ مناليابسة على الصّخـرة البحـريّة الكبيـرة، والتي كانت تُعـرف سابقـاً بصخرة مغـارةالحمـام, أيّ la grotte au pigeons باللغةالفرنسيّة... وربّما تسميتها بالرّوشة, تعود لتلك الحالة المرضيّة المميتة, التيتُصيب الحمام, الذي كان وما زال يلجأ إلى مغاراتها التي تتوزّع حولها في جوف جدرانخليجها شبه الدّائريّ... أو ربّما تكون تسميتها قد إشتُقّت من جمال هيئتها التي هيعليه...ومهما كان فصخرةالرّوشة, هي معلم سياحيلبناني, وعبارة عن صخرتين كبيريتين, قريبتين من شاطئ منطقة الرّوشة فيبحر بيروت الغربي...ويفترض بعض علماء الجيولوجيا, بأنّ صخرة الرّوشة,ظهرت بسبب عدّةزلازل قويّة, ضربت بحربيروت الغربي, في القرن الثّالث عشر، أدّى هذا الزّلزال إلى القضاءعلى العديد من الجزر المأهولة في ذلك الوقت,وظهر في محلّها الكثير من الصّخور التيإندثرت عبر الحقب الزّمنيّة الطّويلة, فيما أبقت الطّبيعة بقدرة الله على صخرةالرّوشة الحاليّة...ولكن هناك أكثر من رؤيا حول التّكوين الشّكليلهيئة صخرة الرّوشة على ما هي عليه من جمال وهيبة في عمليّة النّحت والصّنع, ترفللمكوّناتها العين وتدمع من خشية الله لهذا التّكوين العظيم الذي يدلّ على عظمةالخالق في بديع صنعه...صخرة الرّوشة, التي تتكوّن من كتلة صخريّة كبيرةهائلة, مجوّفة فيالوسط, وتجويفها يسمحلمرور مركبة بحريّة صغيرة... ويبلغ مستوى قمّة الصّخرة بما يقارب السّبعين مترا,ومتوسّط إرتفاعها حوالي الخمسة وعشرين مترا... وفي الأتجاهالشّمالي المقابلللصّخرة الهائلة التي في بطنها تجويف, توجد صخرة أصغر منها ومدبّبة الرّأس, مرتفعةبما يتساوى ومستواها, متأثّرة بعوامل التّعرية البحريّة والجويّة...تسمى صخرة الرّوشة عند العشّاق بـ صخرة الحبّ,ربّما لما توحيه من معالم حركات فعل الحنان ما بينها وبين امواج المياه البحريّة,التي لم ولن ولا تنفكّ برشّها برذاذاتها على مدار السّاعة... وأيضا شائعة عندالعموم بتسمية صخرة الإنتحار, وهي سمة فيالكثير من المغالطات والتّجنّي, على الرّغم من أنّ حالات الإنتحار نادرة من قمّتها,بسبب صعوبة الوصول إليها, إلاّ عبر طوّافة ما, بينما تتمّ مثل هذه العمليّاتالإنتحاريّة, في الخليج المقابلللصّخرة, والمحيط بهامن الشّمال والشّرق والجنوب, ويفصلها عن اليابسة بمسافة مملوءة بالمياه, بعمقمعيّن لا يمكن قطعه إلا سباحة محفوفة بمخاطر الغرق...هذا وتسمّى بنفس الأسم بالأنجليزيّة: Raouche Rocks ومنتشر أيضا أسم صخرةالحمام Pigeon's Rock بالأنجليزيّة أيضا...كانت سابقا, وتبقىحاضرا, وستبقى مستقبلا, صخرة الرّوشة بقسميها وبحجمها الهائل, معلما سياحيّالبنانيّا جميلا, ومقصدا لزوّارها, وهي عبارة كما وسبق وأشرنا, عن صخرتين كبيريتين,يقصد موقعها ومحيطها السّوّاح من جميع أنحاء العالم, ينتشرون خلف السّياجاتالمعدنيّة, الممدودة عند أرصفة الطريق العام لجهة الشّرق منها, كموانع من إنزلاقاتقد تحدث بأحد السّوّاح تؤدّي بهم للسّقوط والغرق في خليجها... فيما يبقىالأمل في البعد المرتجى, يُعانق اليأس للنّفس الأمّأرة بالسّوآت, لمن تُحدّثه نفسهبفعل ما لا يتلاءم أو يتوافق وسنّة الحياة... ويبقى فعل الحبّ من لدن الخالق, يتدفّقعند كلّ مشهد منظر خلاّب غروبيّ, والشّفق الأرجواني يرسم لوحاته التّجريديّةوالسّورياليّة في محاكاة لتجريديّات وسورياليّات نحتيات الرّوشة, وإن مصحوبا بفكرةالإنتحار عند الإنتهاء من الحبّ, بيما يبقى شاطيء صخرة الرّوشة يجمع النّقيضين,الحبّ والموت, إلى جانب بديع صنع الخالق في الكينونة النّحتيّة العجيبة ولامميّزةلصخرة الرّوشة...
    حسين أحمد سليم
    hasaleem
يعمل...
X