لصٌ أنيق
لم يكن إلا لصاً يسرق من قلبها السّعادة ثم إذ حزن على حالها المُفجوعة ،أعادها اليها، في طردٍ من ذكريات صامتة ساكنة لا نفع منها سوى أن تَضرُبَ بسياطٍ من حنين ،من أسف ومن تمنّي...ذكريات مبتورة الرّوح لا تُغني ولا تسمن من جوع للحظة المُغتالة بفعل السرقة، للحظة النابضة بالحركة، بالكلمة أو بأيّ فعلٍ يدلُ على الحاضر والحياة ....كان لصاً أنيقاً يطوّي لها العُمر في ورقٍ مُبهرج ليضعه بسحر الألوان في خانة من "أمس"!!.
ثقيل الظل هو، بطيء الخُطى على قلبها، خصيم طفولة ما بقيّ منها الا اللّمم ! لأيامٍ عنوان نهايتها كان "هو".... هو حامل الجّرس الزّمني يدقه دون ترددٍ أو تأخر ليُعلن نهاية يوم مقدسيّ جميل أو عطلة شتائيّة مقدسيّة برائحة البطاطا المشويّة على مدفأة علاء الدّين في بيت الجّدة..كان أيضاّ موجوداً، هناك، في آخر يوم مدرسيّ ،جامعيّ و في آخر يوم قضته في بيت طفولة اللّم!!! ليكدّس،هو، بذلك،وبشكل متسارع، أوقاتٌ من ماضٍ، ما أسرع أن تكثر فتتكاثر .كأنما يستحثُ الماضي الحاضر ليُسرع الخُطى نحوه حتى يغدو "الآن" "كان" بلمح عمر الثانيّة في منظومة الزمان....
للغروب رمزيّة ودلالة ما فتأت أن كانت وما زالت تشير إلى النهاية،النهايات! فهو الرسام المُتجول منذ فجر الوجود لا يكل من التّجوال على سماءات الأرض جميعها، ليتفنن في صهر ذاته الزمنيّة بذواته الأخرى اللونيّة، ليرسم في نهاية اليوم عرضاً يجمع ما بين ذراته: أكثر النهايات إحباطاً لأوقاتٍ عمريّة سعرها "السعادة" و مشهدٍ من جمالٍ خياليّ. تُسلم فيه قربانك الأغلى "العمر" في إذعانٍ يلفُه سكونان : سكون حزنٍ وآخر تجردٍ من الذات الأرضيّة في محاولة استشعارٍ للذات العُليّا ،دون خضوعٍ لأي قوانين زمنية. فقط، حينئذٍ! تُخمَدُ أصوات الماضي والحاضر وتُنسف ،مؤقتا ،وبسرور إرتضائي، كل سيّاط الذكريات....
تعليق