صديقي الرسام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حمزة اللامي
    أديب وكاتب
    • 13-07-2011
    • 72

    صديقي الرسام

    [align=justify]
    لي صديق نصف مجنون يدعي انه رسام وان له أسوة حسنة ببيكاسو وليوناردو ديفنشي وفرانس هالس والمشاهير من الرسامين العالميين، وان للوحاته تعابير ودلائل لم تحبل الدنيا بنظيرها وليس بوسع الإنسانية فك رموزها وفهمها .. وكان غالبا ما يقف أمامي يشتكي لي جور الزمان وعدم حفول الناس بلوحاته وفنه الأصيل .. ولا أخفيكم امرا إن كل مرة يأتي فيها لزيارتي في مكتبي أو يعرج عليَّ في البيت مع لوحاته اللعينة اشعر برغبة عارمة في أن اصرخ بوجه وأفاتحه بما يساورني اتجاهه واتجاه لوحاته البغيضة!

    وإذا سألتني عزيزي القارئ ما بها لوحات الرجل؟

    أقول لك ..

    إن لوحاته نصفها سخافة ونصفها الآخر أكثر سخفاً من الأول .. وكنت دائما عندما أراه قادما نحوي وبيده لوحة ارتدي نظارة واقية للشمس حتى إذا أجبرني للنظر إليها أدور بناظريَّ نحو الموظفات في الجهة المقابلة فهي ارحم وأجمل وألطف

    ولو أردت أن أكون صريحا معه لكان ينبغي أن أقول له: يا أخي حرام عليك الذي تفعله بنا كل يوم، حرام عليك تبذر الأصباغ والألوان على هذه الشخابيط ألا تسمع نانسي عجرم وهي تردد وتقول شخبط شخابيط .. يا أخي ابحث عن إبداعك بعيد عنا وعن الفن والرسم ، فقد يكون ميدان إبداعك ليس بالرسم .. يا أخي فلقتنا برسوماتك القبيحة

    هذا هو المفروض أن يقال ولكن تقتضي اللياقة أن أقول له : الله الله ما هذه اللوحات التي تفيض عذوبة وتقطر فنا وإبداعا، إن لوحاتك تداعب برمشها نهد الإنسانية بعذوبة قطر الندى .. ووالله أني مشتاق للوحاتك حتى في دورة المياه!

    وضاق ذرع الرجل بالدنيا وأربابها وقرر الهجرة إلى الصين

    وفي المطار كنت أنا آخر من نفض يده من تحيته ووداعه .. وكم حمدت الله عز وجل لان صاحبنا سافر .. والى أين؟ إلى الصين

    الحمد لك يا ربي على سرعة استجابتك لطلبي، بإزاحته عن طريقي ووجهي

    وعدت لداري مسرورا

    وكان المسكين قد باع كل الذي يملك في سبيل التذكرة والسفر .. وهناك أرسل لي خطابا مع لوحة صغيرة مخبأة بداخل الظرف مزقتها من فوري من دون أن احفل بها أدنى حفول، وبدأت أتلو الخطاب الذي كان ملخصه، إن ظرفه الاقتصادي صعب، وليس له عمل، كما انه يسكن داخل صندوق من حديد تحت سلم عمارة قديمة في احد الأحياء الفقيرة بالصين في مدينة اسمها (تشانغتشون) ، كما انه لا يكترث بذلك بقدر أن يصبح رساما عالميا مشهورا

    فمزقت الجواب وانا اسخر من القدر .. ورحت اردد وأقول عسى أن يرسم صاحبنا التنين أو إله الصينيين حتى يحكموا عليه بإطعامه للأفاعي والعقارب .. ورميت الجواب بالقمامة ولم أحتفظ حتى برقم هاتفه أو بريده الالكتروني

    وأطفأت ضوئي ونمت ..

    وجرت الأشهر .. شهر بعد آخر

    وإذا بالعمارة التي يقطنها صاحبنا الرسام تتداعى جدرانها اثر هزة أرضية خفيفة ومات جميع السكان إلا صاحبنا الرسام!

    فقد نجا !!!

    انهار المبنى من دون حتى ان يدري!

    فقد تفاجأ صباحا عندما فتح صندوقه الفولاذي ليرى نفسه وسط زوبعة الأنقاض وتحت زئير الحفارات والجرافات

    فهاله المنظر ..

    وانقض عليه الإعلاميون والإعلاميات والمراسلون والمراسلات والمذيعون والمذيعات

    آه .. لو كنت انا مكانه ،، على اية حال

    وإذا صاحبنا بليلة وضحاها قد تربع في صدر أشهر الصحف والمجلات العالمية .. كما تصدر النشرات الرئيسة في الوسائل المرئية والمسموعة .. إلى أن وصلت أخباره لي

    يا ربي أيعقل هذا؟

    هل هذا هو صاحبي؟؟

    وتبين انه هو بشحمه ولحمه

    كيف نجا وزهاء الألفين قد ماتوا؟

    ربك حكيم .. فهو خبير بعباده

    واستمر نجمنا في نجوميته فتارة تجده على قناة عالمية تعنى بالفن وتارة على اخرى دولية تعنى بالنجوم .. والغريب إن كل مرة يستضاف فيها يستعرض لوحاته السخيفة، ويشرح لهم عن كل خط فيها وعن كل ضربة فرشاة عليها، وسط ذهول المتابعين .. وبلغني انه أقام عدة معارض تشكيلية،، كما ان لوحاته بيعت بأعلى وأغلى الأثمان، كما ان الناس باتت تتقاتل في سبيل الحصول على صورة تذكارية معه أو توقيع أو حتى ابتسامة زائفة .. وانهالت على صاحبنا العروض والعقود بملايين الدولارات

    واحسرتاه ..

    كما بلغني ان سكرتيره الشخصي يتقاضى راتبا جسيما اي ما يعادل راتبي لمدة سنة ونيف!

    وجربت عبثا الاتصال به .. ورحت أفتش عن رقم هاتفه في سلة قمامتي الخجولة

    وعثرت عليه بعد ثلاث ساعات من البحث ..

    وجربت مرارا أن اتصل به، لكن خطه دائما مشغول، أكيد انه مشغول بالحسناوات وذوات الخصور النحيلة!

    وصليت صلاة التعجيل بالأمر .. واتصلت به

    ورن الهاتف!

    فربك رحيم لطيف

    وأجابني السكرتير على عجلة وابلغني ان عليَّ ترك رقم هاتفي وسيتصلون بي في بحر هذه السنة او السنة القادمة!

    وبعد الذي حدث معي وبعد أن لعب القدر لعبته قررت أن اُلملم أوراقي وابحث عن صندوق حديدي في احد الأحياء الفقيرة في جمهورية الصين الشعبية!



    حمزة اللامي




    [/align][/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حمزة اللامي; الساعة 21-03-2013, 09:59. سبب آخر: اصلاح
  • سالم وريوش الحميد
    مستشار أدبي
    • 01-07-2011
    • 1173

    #2
    جرت العادة يا أستاذ حمزة
    ألا يكون كل مافي قلب الفرد هو ما يظهر على لسانه وعادة نجامل إلى حد أن المقابل يشعر بتلك المجاملة
    لأنه عارف بقدراته أكثر من غيره ، في الفن أشياء قد لا تتوائم مع ذائقتك ، لكن هناك من يشعر بأنها أعظم الفنون
    وحين تشكلت الحركة الدادئية أراد وا التخلص من كل المعايير الفنية والقيم وتبني مفهوم محاربة الفن بالفن عن طريق
    الفوضى واستخدام الأنقاض والنفايات وكل ماهو قبيح .. لذ ا فلا عجب أن ينال صاحبنا هذه المكانة المرموقة
    في مجتمع يكون فيه الفنون جنون
    نقد ساخر ... دمت مبدعا
    مع تقديري واحترامي
    على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
    جون كنيدي

    الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

    تعليق

    يعمل...
    X