أطباق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    أطباق

    دخلت إلى المطع الفسيح الذي تعودت تناول غذائي فيه..جلست إلى طاولة فارغة أنتظر قدوم النادل لتلبية طلبي..و ما هي إلا لحظات حتى غص المكان بالزبائن ، معظمهم من الموظفين بالمؤسسات المجاورة،يلبسون بذلات مختلفة الأوان، بربطات عنق موحدة الشكل، تخففوا من شنقها عند جلوسهم.. و قلة من الطلبة مثلي بلباس رياضي بخس الثمن، و أحذية مشتراة غالبا من أسواق البال..سمحت لنفسي بمتابعة تناولهم الطعام بشهوة دارس..و مشاهدة الصور المعلقة على الجدران قد يكون صاحب المطعم وضعها لفتح شهية زبائنه..حينها رأيت شخصا يلج المحل بلباس مزركش بألوان فاقعة، يضع تحت إبطه كتابا، طويل القامة أجعد الشعر، قمحي اللون..كان ينظر يمنة و يسرة بحثا عن طاولة فارغة بفارغ الصبر..دققت النظر فيه، ملامحه ليست بالغريبة عني..آه، نعم، إنه كاتبي الذي أشتغل على أحد مؤلفاته..قلت، هي مناسبة لأستفيد منه و أزيل بعض الصعوبات التي اعترضتني أثناء التحليل..أشرت له بالقدوم..اتى سريعا و جلس دون تحية و عبوس غريب يسكن وجهه..كتمت غيظي..وضع كتابه إلى جواره، و لما رآني أرنو إليه غطاه بكمه..
    نادى على النادل بترفع، فهرع إليه يسجل طلباته، دون أن يعيرني انتباها..فزادني الأمر غيظا على غيظ، ما سمحت لبركاني بالافجار..فبطني يغرد لحن الجوع و رغبتي تحثني على الصبر و استعجال الطعام..
    حطت الأطباق الشهية متنوعة الألوان و الأشكال قربه تداعب نهمي و تثير شهيتي العمياء حتى إني كدت أسمح ليدي بأن تفرد طولها و تسبح في الغمس ..نهرت قبح تفكيرها و حثتها على الصبر مفتاح الفرج..فانصاعت مكرهة و مدحورة..
    انكب الرجل على صحونه ، و قد شمر على ساعديه، يلتهم الطعام بشهية كبيرة ، كانت فرصتي لأقرأ عنوان الكتاب المكتوم الأنفاس، "أنانية "، تزين غلافه صورة طاووس ..و لم يرفع رأسه إلا حين أفرغ محتوياتها..خفت أن يطلب المزيد فتنفجر شهيتي تمردا على حكمتي المتواضعة..
    انفرجت أسارير صاحبي، و رسم على محياه ابتسامة خفيفة..و لما علم بفضولي و أدرك سر نظراتي، بدأ يحدثني عن الكتاب :
    إنه حول الأنانية المقيتة، رأيتها تضرب بقوة في مجتمعنا و تكسر روابطه و تفجر تماسكه..لقد أفرغت كل جهدي لأخرجه جامعا مانعا..زرت مكتبات كثيرة و طالعت مؤلفات عديدة ، فلم أجد ما يبل عطشي لقصورها في تناول الظاهرة ، و لأني أرغب بأن يكون كتابي لا مثيل له.._كان يحدثني بحماس كبير_، و لأنه قد أخذ مني جهدا و زمنا، فلا أريد أن يقرأه الدهماء، إنه مخصص لنخبة النخبة..
    في تلك الأثناء، تنبه النادل لوجودي فأقبل علي يسألني حاجتي..
    قال الأستاذ، موجها كلامه لشخصي المتواضع : حقا، ماذا تريد تناوله ؟ وقد رسم على وجهه المنشرح استغرابا..
    _ أريد طبقا من لحم الطاووس!
    نظرا إلي بتعجب غير مصدقين ما سمعاه..
    _ لا نطبخ هذا اللحم..
    _قلت، و قد نهضت غاضبا، أقسم ألا أتناول سوى هذا اللحم، و إلا أضربت عن الطعام طوال هذا اليوم..
    و انصرفت راسما زهو رد فعلي بارتياح، مخلفا وراء انفجاري، حالة من الذهول..
  • نادية البريني
    أديب وكاتب
    • 20-09-2009
    • 2644

    #2
    أستاذي الكريم
    تحدّثت عن قيمة أخلاقيّة متدهورة هي الأنانيّة التي تعضّ بأنيابها على العلاقات الإنسانيّة السّاميّة فتدميها. ظهرت هذه القيمة في سلوك مثقّف من المفترض أن يكون قدوة لغيره
    علينا أن نتجنّب الكثير من المساوئ التي نهانا عنها الإسلام
    دمت بخير أخي الكريم

    تعليق

    • عبدالرحيم التدلاوي
      أديب وكاتب
      • 18-09-2010
      • 8473

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
      أستاذي الكريمتحدّثت عن قيمة أخلاقيّة متدهورة هي الأنانيّة التي تعضّ بأنيابها على العلاقات الإنسانيّة السّاميّة فتدميها. ظهرت هذه القيمة في سلوك مثقّف من المفترض أن يكون قدوة لغيرهعلينا أن نتجنّب الكثير من المساوئ التي نهانا عنها الإسلامدمت بخير أخي الكريم
      المبدعة البهية، اشرقت حروفي بتفاعلك الالق.قراءة طيبة من مبدعة متالقة.بوركتمودتي

      تعليق

      • أمنية نعيم
        عضو أساسي
        • 03-03-2011
        • 5791

        #4
        أستاذنا التلاوي القدير الجميل
        دائماً ما ترسم نصوصك على وجهي ابتسامة الرضا والتعجب
        سبحان الله ما أقدرك على التقاط اللحظة بكل رتوشها
        نعم هذا حالنا جميعاً إلا من رحم ربي
        نظل نبحث عن حلول لنواقص نظنها بعيدة عن حيزنا ونحن فيها منغمسون ؟؟؟
        سبحان الله العظيم ... لو اشتغل كل منا بما فيه لما احتجنا للباحثين وعلماء النفس
        تحياتي وكل الاحترام ...كأنه دهر منذ آخر مرة قرأت لحضرتك ؟؟؟مني التقصير ...
        [SIGPIC][/SIGPIC]

        تعليق

        • عبدالرحيم التدلاوي
          أديب وكاتب
          • 18-09-2010
          • 8473

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة أمنيه نعيم مشاهدة المشاركة
          أستاذنا التلاوي القدير الجميل
          دائماً ما ترسم نصوصك على وجهي ابتسامة الرضا والتعجب
          سبحان الله ما أقدرك على التقاط اللحظة بكل رتوشها
          نعم هذا حالنا جميعاً إلا من رحم ربي
          نظل نبحث عن حلول لنواقص نظنها بعيدة عن حيزنا ونحن فيها منغمسون ؟؟؟
          سبحان الله العظيم ... لو اشتغل كل منا بما فيه لما احتجنا للباحثين وعلماء النفس
          تحياتي وكل الاحترام ...كأنه دهر منذ آخر مرة قرأت لحضرتك ؟؟؟مني التقصير ...
          المبدعة الراقية، امنيه نعيم
          اشكرك على هذه التفاعل الرائع.
          ليس تقصيرا منك، بل لغيابي..فلم اعد اجد القدرة على الكتابة بسبب نضوب معيني..بدات اميل للقصة القصيرة.
          اشكرك على قراءتك العميقة و اشادتك الرقيقة.
          و اعذريني ان غبت تفاعلا..و اعتمد على تفهمك..فان قصرت فاخبريني..فصداقتك لا اريد ان افقدها..
          بارك الله فيك.
          مودتي

          تعليق

          • أمنية نعيم
            عضو أساسي
            • 03-03-2011
            • 5791

            #6
            وبك بارك استاذنا الجميل
            حاشاك من التقصير ولكني فعلاً أستمتع بقرائتك
            والقصص القصير يحمل الكثير أيضاً
            لا عدمنا تواجدك الثر الغني ...
            أعتز بك صديق كريم .
            [SIGPIC][/SIGPIC]

            تعليق

            • عبدالرحيم التدلاوي
              أديب وكاتب
              • 18-09-2010
              • 8473

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة أمنيه نعيم مشاهدة المشاركة
              وبك بارك استاذنا الجميل
              حاشاك من التقصير ولكني فعلاً أستمتع بقرائتك
              والقصص القصير يحمل الكثير أيضاً
              لا عدمنا تواجدك الثر الغني ...
              أعتز بك صديق كريم .
              باقة ورد لك، اختي الراقية، امينه نعيم
              اشكرك على مشاعرك الطيبة و اخلاقك النبيلة و تفاعلك المثمر دوما.
              افتخر بك اختا و مبدعة راقية.
              مودتي

              تعليق

              • ربيع عقب الباب
                مستشار أدبي
                طائر النورس
                • 29-07-2008
                • 25792

                #8
                القصة جميلة أخي عبد الرحيم
                و مازلت أستغرب استعجالك و عدم اهتمامك بعملك كما يجب
                من حيث المراجعة و تصحيح أخطاء الكيبوورد
                و كأن أحدا يطاردك
                لا عليك .. كلنا هذا الرجل

                لكن ألم يسبق أن كتبت شيئا كهذا ؟
                أحس أنها ليست المرة الأولى التي أقرأ فيها هذا الطرح !!

                دمت بكل خير و سعادة

                محبتي
                sigpic

                تعليق

                • عبدالرحيم التدلاوي
                  أديب وكاتب
                  • 18-09-2010
                  • 8473

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                  القصة جميلة أخي عبد الرحيم
                  و مازلت أستغرب استعجالك و عدم اهتمامك بعملك كما يجب
                  من حيث المراجعة و تصحيح أخطاء الكيبوورد
                  و كأن أحدا يطاردك
                  لا عليك .. كلنا هذا الرجل

                  لكن ألم يسبق أن كتبت شيئا كهذا ؟
                  أحس أنها ليست المرة الأولى التي أقرأ فيها هذا الطرح !!

                  دمت بكل خير و سعادة

                  محبتي
                  مرحبا باستاذي الراقي، ربيع عقب الباب
                  اشكرك على تشريفي باضاءاتك القيمة.
                  اعتذر عن تاخري في الرد على تعليقك الباني في ما يتعلق باقصوصة، بلا معنى، لم انتبه للامر الا متاخرا.
                  تعلم ان ضعفي الاقوى هو علامات الترقيم..
                  قمت بمراجعات عديدة للنص قبل نشره، و اصلحت الهفوات..فان فلتت غيرها فمعذرة.
                  لم يسبق لي نشر قصة قصيرة حول التيمة اياها..و لكن على مستوى القصيرة جدا، فنعم، و تجمل عنوان" زهو"
                  اشكرك ثانية و دوما على متابعاتك الدقيقة و المشجعة.
                  بوركت
                  مودتي

                  تعليق

                  • كريم القيشوري
                    أديب وكاتب
                    • 03-03-2013
                    • 149

                    #10
                    لقطة مستفزة لصورة معبرة عن واقع الحال بطريقة سردية؛ تمتح من أدوات الحكي الجميل؛ أبت إلا أن تجعل من كاتبنا صاحب ردود فعل متطابقة وصاحب الأطباق و.. و.. دمت مبدعا الأخ عبدالرحيم.

                    تعليق

                    • عبدالرحيم التدلاوي
                      أديب وكاتب
                      • 18-09-2010
                      • 8473

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة كريم القيشوري مشاهدة المشاركة
                      لقطة مستفزة لصورة معبرة عن واقع الحال بطريقة سردية؛ تمتح من أدوات الحكي الجميل؛ أبت إلا أن تجعل من كاتبنا صاحب ردود فعل متطابقة وصاحب الأطباق و.. و.. دمت مبدعا الأخ عبدالرحيم.
                      أخي الكريم، كريم القيشوري
                      أشكرك لأنك شرفتني و نصي بحضورك الألق، و تفاعلك الحسن.
                      بوركت
                      مودتي

                      تعليق

                      يعمل...
                      X