يحكى والعهدة على الراوي
فقد استشكل علي الأمر واختلط الحابل بالنابل والكابل بالساتل والإتجاه المعاكس بالآخر المقابل - أن أهل الكفر , لما انهار عمدتهم داخوا وأسقط في أيديهم فمن عرفوه منذ عقود ليس كمن لا يعرفونه وصاروا يضربون أخماسا في أسداس , فتفتقت قريحة أصغر فرد في القرية ,وليس أكبرهم أعقلهم مع الأسف ,على أن يشرّحوا .. آه ..يحنطوا عمدتهم المفدى على الطريقة الفرعونية والمتعارف عليها أنها عملية تستمر أربعين يوما وكذلك لأنه ساسهم أربعين عاما ما سيعطيهم وقتا للتفكير في كيفية اختيار عمدة جديد لا يحكمهم بقبضة من حديد ,فهم لم يعرفوا هذا إلا ماسكا نبوتا بمسامير أو طبنجة من أيام الفرنسيس والإنجليز الصناديد, فتوكلوا على الله واستفتوا أهل العلب والمغرفة -عفوا العلم والمعرفة والفريسة والنهابة -عذرا أيضا الفراسة والنباهة ..يبدو أن حزني على حال أهل القرية اليتامي من أبيهم المبجل قد أثر على مجريات حكيي.
- قلت توكلوا على الله فاستقر أمرهم على داية مولدة عارفة بمغاور الأجساد وسراديب الألحاد والأحفاذ والأجداد لتقوم بالمهمة , هموا , فأخلوا غرفة كبيرة من الدار العامرة ,كان يستعملها كزريبة لخرفان العيد ,فلا يبيعن أو يشترين أو يعيدن أحد إلا من عنده بالثمن الذي لا يرضاه غيره , ومن لم يعجبه الحال فليشحذ خياشيمه وليشتم رائحة شياط الشواء حتى يصاب بالاغماء ,
في الوسط وضعت طاولة أسبل عليها المرجوم -عفوا- المرحوم فشمرت المرأة الشماء على أكتافها وبدأت بفتح البطن التي لم تك تشبع , واستخرجت ما خفي من الاحشاء .بدأت بكبد تشمع , لفت منه شموعا لمن لم يصلهم الكهرباء في عهده المنير, ثم أتبعته القلب , الذي لم يك يوما يتخشع ,رمته لكلب كان باسطا ذراعيه بالوصيد التقمه ثم تفله وعليه رفع قائمته وأراه ورانيته . ولما فتحت المعدة ندت عنها صرخة تلتها ضحكة فرح استغرب منها جميع مصيخي السمع , فما أن ادخلت يدها في التجويف حتى صادفت أول ما صادفت -والعهدة على الراوي أكرر- سوار شبكتها كان لها عزيزا لديها والتقمه يوما من يدها لقاء عدة أمداد من الشعير لتطعم بها صغارها الجوعى مقايضة عن نفسها التي عزت عليها ولم ترض أن تمكنه منها لتبقى في رغد عيش وزوجها , دسته في عبها خفية عن أعين المتلصصين ,وأتلته بمخزون نساء مستغفلات أخريات ثم كمبيالات لديون مستحقة رقبة في رقاب المتنطعين, تستعمل للتهديد بالتقديد ,ثم مرت للطحال فوجدته قد تضخم من كثر ما خزن فيه من بقايا دماء المأجورين الملوثة بالمواد الكيماوية الواقية لزرعه وضرعه من الحشرات والأعشاب الضارة دون مدهم ببدل وقاية وكمامات , ثم البنكرياس الذي لم يعد أيضه يحول الطعام الحلو المنزوع من أفواه المساكين الى طاقة بل إلى ملح يعمد لوضعه على حروقهم- عفوا - حرقتهم لتطيب وتشفى دون أخذ دواء أو دخول مشفى , وبعدها إلى المصارين المتعفة بديدان السحت والربا والريع والشراء في الدمم والبيع , تأففت وقاءت لكن تماسكت , فهذا ليس وقت التخاذل , وأتت بقمع ومررت عبره مطهرا علها تتطهر ثم شفطتها وعلى مرفقها وإبهامها بدأت في اللف ثم اللف ثم اللف ووضعتها جانبا .بدا لها في وسط الصدر شيء أسود , آه افتكرت .. إنها الرئة تفوح منها رائحة الشيشة وأدوية الضغط و الخفض والحشيشة وأفيون النفط - دولار , لا زالت بقايا دخان بها ,معستها ودعكتها, تصاعدت الأبخرة الى نافوخها تنشقتها وانتشت المسكينة وتكيفت ومن تلك اللحظة , لم تعد تميز ما بين الأعضاء وكيف تتعامل معها ,فبدأت في جز ما تدلى منها خارج الجسد وحشره في أية فتحة وجدتها تحت يدها, واختلط الحنوط مع السعوط .وأخيرا مدها عارف بأسرار التحنيط , لكنه من الجبن والخوف من لمس جثمان عمدته المقدس بمكان عظيم , من وراء حجاب احتشاما ,بجرة فخار وضعته فيها أضافت بعض البهارات ,أحكمت الإغلاق وأشعلت النار . خرجت للجمع المنتظر أيضا على جمر وقالت ..
- حضروا اللفائف والتمائم والأحجبة ..موعدنا بعد شهر وع.. عش..عشر - صارت تتمتم من شدة ما ألم بها - حتى يستوي ويجف , لنقوم بالمتبقي وبطقوس الدفن التي يستحقها جثمانه السامي , وإياكم أن يدخل أحدكم عليه منعا للتدنيس والجراثيم ..
هلل الحشد وانهالت النقوط من رمان وبلوط على الداية وصرفوها معززة مكرفسة . ثم ضربوا حراسة مشددة حول المتوفى سريريا وتقريريا خوفا عليه أن يسرق كما سرق الكرسي - مثلما جرى في قرية أخرى إذ ذهبوا بمقتعده محتضنا سبائك مصفى الإبريز إلى حيث يدور الناس عكس عقارب الساعة - .
وبني سرادق بالمناسبة لتلقي المواساة والمحاباة وآخر قبالته كمحكمة في الهواء الطلق لتلقي الشكاوى
وسماع المرافعات والمجادلات وفك النزاعات , وتداخلت أنغام المرفقعات والدفوف والصاجات وهشك بشك وغنج الراقصات واللافتات واللا-آت والنعم- مات ..
وأوتي بالعيس والنوق العصافير لعفس المشادات. فالميت في عرف الفراعنة لا يعد ميتا إلا بعد اليوم الأربعين.وهو باق بينهم وربما يطل عليهم عبر قضبان نافدة الحجز التحنيطي ولا يجوز أن يرى لطما على الخدود ندبا يغشى بصره , ولا نعيا بكِيا يخدش سمعه .
وهكذا كان , في هذا الزمان - والعهدة علي هذه المرة-..أن خرج من قمقم كل هذه الهرتقات
كسيح يقفز حيطانا ,
وأصم يسمع كمانا ,
وأعمى يرى ألوانا ,
وأبكم قال فصيحا لِسانا ..
اُحكموا أنفسكم بأنفسكم يا بني عريبعان ..
فالعمودية المطلقة صارت
في خبر كان.
فقد استشكل علي الأمر واختلط الحابل بالنابل والكابل بالساتل والإتجاه المعاكس بالآخر المقابل - أن أهل الكفر , لما انهار عمدتهم داخوا وأسقط في أيديهم فمن عرفوه منذ عقود ليس كمن لا يعرفونه وصاروا يضربون أخماسا في أسداس , فتفتقت قريحة أصغر فرد في القرية ,وليس أكبرهم أعقلهم مع الأسف ,على أن يشرّحوا .. آه ..يحنطوا عمدتهم المفدى على الطريقة الفرعونية والمتعارف عليها أنها عملية تستمر أربعين يوما وكذلك لأنه ساسهم أربعين عاما ما سيعطيهم وقتا للتفكير في كيفية اختيار عمدة جديد لا يحكمهم بقبضة من حديد ,فهم لم يعرفوا هذا إلا ماسكا نبوتا بمسامير أو طبنجة من أيام الفرنسيس والإنجليز الصناديد, فتوكلوا على الله واستفتوا أهل العلب والمغرفة -عفوا العلم والمعرفة والفريسة والنهابة -عذرا أيضا الفراسة والنباهة ..يبدو أن حزني على حال أهل القرية اليتامي من أبيهم المبجل قد أثر على مجريات حكيي.
- قلت توكلوا على الله فاستقر أمرهم على داية مولدة عارفة بمغاور الأجساد وسراديب الألحاد والأحفاذ والأجداد لتقوم بالمهمة , هموا , فأخلوا غرفة كبيرة من الدار العامرة ,كان يستعملها كزريبة لخرفان العيد ,فلا يبيعن أو يشترين أو يعيدن أحد إلا من عنده بالثمن الذي لا يرضاه غيره , ومن لم يعجبه الحال فليشحذ خياشيمه وليشتم رائحة شياط الشواء حتى يصاب بالاغماء ,
في الوسط وضعت طاولة أسبل عليها المرجوم -عفوا- المرحوم فشمرت المرأة الشماء على أكتافها وبدأت بفتح البطن التي لم تك تشبع , واستخرجت ما خفي من الاحشاء .بدأت بكبد تشمع , لفت منه شموعا لمن لم يصلهم الكهرباء في عهده المنير, ثم أتبعته القلب , الذي لم يك يوما يتخشع ,رمته لكلب كان باسطا ذراعيه بالوصيد التقمه ثم تفله وعليه رفع قائمته وأراه ورانيته . ولما فتحت المعدة ندت عنها صرخة تلتها ضحكة فرح استغرب منها جميع مصيخي السمع , فما أن ادخلت يدها في التجويف حتى صادفت أول ما صادفت -والعهدة على الراوي أكرر- سوار شبكتها كان لها عزيزا لديها والتقمه يوما من يدها لقاء عدة أمداد من الشعير لتطعم بها صغارها الجوعى مقايضة عن نفسها التي عزت عليها ولم ترض أن تمكنه منها لتبقى في رغد عيش وزوجها , دسته في عبها خفية عن أعين المتلصصين ,وأتلته بمخزون نساء مستغفلات أخريات ثم كمبيالات لديون مستحقة رقبة في رقاب المتنطعين, تستعمل للتهديد بالتقديد ,ثم مرت للطحال فوجدته قد تضخم من كثر ما خزن فيه من بقايا دماء المأجورين الملوثة بالمواد الكيماوية الواقية لزرعه وضرعه من الحشرات والأعشاب الضارة دون مدهم ببدل وقاية وكمامات , ثم البنكرياس الذي لم يعد أيضه يحول الطعام الحلو المنزوع من أفواه المساكين الى طاقة بل إلى ملح يعمد لوضعه على حروقهم- عفوا - حرقتهم لتطيب وتشفى دون أخذ دواء أو دخول مشفى , وبعدها إلى المصارين المتعفة بديدان السحت والربا والريع والشراء في الدمم والبيع , تأففت وقاءت لكن تماسكت , فهذا ليس وقت التخاذل , وأتت بقمع ومررت عبره مطهرا علها تتطهر ثم شفطتها وعلى مرفقها وإبهامها بدأت في اللف ثم اللف ثم اللف ووضعتها جانبا .بدا لها في وسط الصدر شيء أسود , آه افتكرت .. إنها الرئة تفوح منها رائحة الشيشة وأدوية الضغط و الخفض والحشيشة وأفيون النفط - دولار , لا زالت بقايا دخان بها ,معستها ودعكتها, تصاعدت الأبخرة الى نافوخها تنشقتها وانتشت المسكينة وتكيفت ومن تلك اللحظة , لم تعد تميز ما بين الأعضاء وكيف تتعامل معها ,فبدأت في جز ما تدلى منها خارج الجسد وحشره في أية فتحة وجدتها تحت يدها, واختلط الحنوط مع السعوط .وأخيرا مدها عارف بأسرار التحنيط , لكنه من الجبن والخوف من لمس جثمان عمدته المقدس بمكان عظيم , من وراء حجاب احتشاما ,بجرة فخار وضعته فيها أضافت بعض البهارات ,أحكمت الإغلاق وأشعلت النار . خرجت للجمع المنتظر أيضا على جمر وقالت ..
- حضروا اللفائف والتمائم والأحجبة ..موعدنا بعد شهر وع.. عش..عشر - صارت تتمتم من شدة ما ألم بها - حتى يستوي ويجف , لنقوم بالمتبقي وبطقوس الدفن التي يستحقها جثمانه السامي , وإياكم أن يدخل أحدكم عليه منعا للتدنيس والجراثيم ..
هلل الحشد وانهالت النقوط من رمان وبلوط على الداية وصرفوها معززة مكرفسة . ثم ضربوا حراسة مشددة حول المتوفى سريريا وتقريريا خوفا عليه أن يسرق كما سرق الكرسي - مثلما جرى في قرية أخرى إذ ذهبوا بمقتعده محتضنا سبائك مصفى الإبريز إلى حيث يدور الناس عكس عقارب الساعة - .
وبني سرادق بالمناسبة لتلقي المواساة والمحاباة وآخر قبالته كمحكمة في الهواء الطلق لتلقي الشكاوى
وسماع المرافعات والمجادلات وفك النزاعات , وتداخلت أنغام المرفقعات والدفوف والصاجات وهشك بشك وغنج الراقصات واللافتات واللا-آت والنعم- مات ..
وأوتي بالعيس والنوق العصافير لعفس المشادات. فالميت في عرف الفراعنة لا يعد ميتا إلا بعد اليوم الأربعين.وهو باق بينهم وربما يطل عليهم عبر قضبان نافدة الحجز التحنيطي ولا يجوز أن يرى لطما على الخدود ندبا يغشى بصره , ولا نعيا بكِيا يخدش سمعه .
وهكذا كان , في هذا الزمان - والعهدة علي هذه المرة-..أن خرج من قمقم كل هذه الهرتقات
كسيح يقفز حيطانا ,
وأصم يسمع كمانا ,
وأعمى يرى ألوانا ,
وأبكم قال فصيحا لِسانا ..
اُحكموا أنفسكم بأنفسكم يا بني عريبعان ..
فالعمودية المطلقة صارت
في خبر كان.
تعليق