انتكاسة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    انتكاسة


    انطلق العداؤون سريعا بعد أن سمعوا رصاصة البدء..كانوا من مشارب مختلفة و أطياف متنوعة..و كان بينهم "علي "الذي أراد الفوز، فجعله نصب عينيه، و بداية أمله، و سبيل حصاد أيامه..
    مازال صدى مدربه الذي أخضعه لتداريب قاسية، يرن في أذنيه، و يحفر أخاديده في نفسه:
    _إنها فرصتك الذهبية لتثبت ذاتك بقوة في ألعاب القوى، و تخرج من دائرة التهميش إلى الضوء و تكون لك الحظوة..
    صدقه و تشرب كلماته الصادقة، إذ جعلها طيور أحلامه، فكرس كل جهده للتداريب، فما اشتكى نصبا و ما تذمر من تعب ..
    تذكر أمه و قد صلت لأجله:
    _تعود ظافرا، بحول الله..ربي ينصرك و تحقق الفوز و حلمك، و ترفل في نعيم الحياة، و تنال رضى الآخرة..
    أما أبوه فقد أصر على أن يتابع دراسته حتى يفوز بوظيفة تخرجهم من فقرهم..و لما لم يجد إذعانا فقد أوكل أمره لله، أمام مثل هذا العناد المستفز..
    {يكفيه أنه تابع دراسته حتى نال شهادة البكالوريا، و لا يريد متابعة دراسته الجامعية لئلا يجد نفسه في آخر المطاف مقصيا، و أمام باب البرلمان صارخا و مطالبا، فقد منّ الله عليه بجسم قوي، و موهبة في العدو الكل يشيد بها، حرام أن تضيع، ثم إنها وسيلته لبلوغ مآربه ، سيحقق بها أمجادا ..}
    سلم عليه و قال:
    _سيوفقك الله لما يحبه و يرضاه..لك دعواتي بالفوز..و خالطت صوته حشرجة مجروحة..
    و كان يبغي أن يوفقه الله في الفوز بيد حبيبته كما فاز بقلبها..فقد قالت له، و هما جالسان على كرسي إحدى الحدائق الغناء خارج المدينة و بعيدا عن أعين الفضوليين و المتلصصين:
    _فوزك سيكون له وقع حسن على قلب أبي، و لا أظنه سيرفض لك طلبا..
    طاب له الكلام و شحذ همته بكثير رغبة في تحطيم كل القيود..رأى نفسه يصل خط الوصول و يحطم الرقم القياسي..رأى نفسه محاطا بالتصفيقات الحارة و إعجاب المتفرجين و المشاهدين..رأى نفسه مرفوعا فوق الأكتاف و محاطا بالهتافات..رأى نفسه مكللا بالغار..
    أيقظه من لذة التذكر و رونق الحلم اللذيذ لكزة من كوع متسابق يريد التجاوز..هو التدافع إذن..تخيل نفسه في زحام يدفع الناس بمنكبيه و يجند عضلاته ليشق طريقه..رأى التدافع يولد الضغينة و يدفع الأوائل إلى الهاوية ،ورأى الأقدام العجلى و المسكونة بالتنافس، تدوس الأجساد الساقطة..بدون رحمة و لا شفقة؛ و أنى لها أن تشفق و الصراع شعار المتنافسين..لم يعجبه المشهد..كما لم يعجبه هذا التدافع لأنه لا يقود إلا إلى أعتاب علية القوم و الأسياد لغرض خدمتهم..لا و ألف لا، هو صراع مع هذا العدو الذي لا يريد أن ينسحق..سيأتي وقت فيه يتحطم، بالإصرار و العزيمة..سيحطمه كما سيحطم أرنب السباق اللعين الموجود أمامه..
    و بعزيمة انطلق يعدو يريد أن يحطمه، يحطم الرقم القياسي و خط الوصول..
    وصل سريعا إلى فيلا حبيبته و دخلها دخول المنتصر..استقبله الأب قرب حوض السباحة بابتسامة عريضة و ترحيب حار..عانقه بمودة و قاده باتجاه الباب، حيث أخبره برفضه، فابنته من ثوب غير ثوبه، و معدنها نفيس لا يقبل الانصهار مع المعدن البخيس، مزاوجة مثل هاته تعد إهانة للحياة، و تقبيح للعلاقات، راجيا منه أن يتفهم موقفه، وقدم له نصيحة ثمينة، ألا يرفع رأسه إلى أعلى حتى لا يتعب عضلات عنقه، فتنكسر..نكس رأسه قليلا، في داخله بركان و في صوته يسكن الفراغ، أحس بغضب لم يقدر على إعلانه..،
    كادت ريح الهزيمة تقوس ظهره ، استعاد كلام حبيبته و أمه ..فاستقام ضاحكا، فقد ترك في الداخل أثرا له..


  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير عبد الرحيم التدلاوي ( معذرة منك لأن ردي سيكون مثل المسطرة ) ولا ادري السبب المهم .. الحب وذاك الغول الذي يدعونه ( التفاوت المادي ) وقهر الشباب نتيجة انتكاساتهم امام عجلة دهس انتظار الوظيفة لبناء أسس وركائز لحياة جديدة وتعليق ( الشهادات ) على الحيطان وكأنها صور من الماضي لاتدل إلا على أنهم اصطبروا كي يبقوا على لائحة انتظار سيطول امرها.. ربما كان النص تقليديا لكني وجدته يقف على آفة كبيرة تقتل روح الشباب والأمل.. وجدت روح بطلنا تمتلك الكثير من الأمل بداخلها خاصة وأنك أنهيت النص بتلك الومضة الحميمة.. تحياتي لك
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • عبدالرحيم التدلاوي
      أديب وكاتب
      • 18-09-2010
      • 8473

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
      الزميل القدير عبد الرحيم التدلاوي ( معذرة منك لأن ردي سيكون مثل المسطرة ) ولا ادري السبب المهم .. الحب وذاك الغول الذي يدعونه ( التفاوت المادي ) وقهر الشباب نتيجة انتكاساتهم امام عجلة دهس انتظار الوظيفة لبناء أسس وركائز لحياة جديدة وتعليق ( الشهادات ) على الحيطان وكأنها صور من الماضي لاتدل إلا على أنهم اصطبروا كي يبقوا على لائحة انتظار سيطول امرها.. ربما كان النص تقليديا لكني وجدته يقف على آفة كبيرة تقتل روح الشباب والأمل.. وجدت روح بطلنا تمتلك الكثير من الأمل بداخلها خاصة وأنك أنهيت النص بتلك الومضة الحميمة.. تحياتي لك
      مرحبا بك، أخي الكريمة، عائده محمد نادر
      أشكرك على تشريفي بحضورك العطر.
      لا تعتذري، أحب النقد البناء و لا أريد غيره..
      و أعجبني قولك"ربما" التي تنحو باتجاه التنسيب المحبوب بدل الاطلاقية القاتلة..إنها تدل على سمو ذوقك و طيب قولك..و قد أسعدني ذلك كثيرا..و مثل تلك الإشارات اللبيبة محببة و مطلوبة..و تفتح باب القول المختلف لا من أجل الاختلاف بل من أجل مزيد استفادة..
      قراءتك إضاءة مهمة و مفيدة..
      بوركت
      مودتي

      تعليق

      • ميساء عباس
        رئيس ملتقى القصة
        • 21-09-2009
        • 4186

        #4
        إنها فرصتك الذهبية لتثبت ذاتك بقوة في ألعاب القوى، و تخرج من دائرة التهميش إلى الضوء و تكون لك الحظوة..
        مشوقة وجميلة
        كان لهذا السطر الذي دونته هنا وقعا جميلا
        للخروج من دائرة التهميش
        حيث يبحث المسحوق ماديا عن أي بقعة ضوء
        يسجل فيها انتصاره
        ليبقى على قيد أنسانية
        شكرا لك ولحرفك الجميل
        ميساء العباس

        مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
        https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

        تعليق

        يعمل...
        X