لمن نترك الوطن ؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • رشا السيد احمد
    فنانة تشكيلية
    مشرف
    • 28-09-2010
    • 3917

    لمن نترك الوطن ؟؟


    لمن نترك الوطن ؟؟



    مدججاً رأسي بحكايات وأخبار سوداء , تثقل كاهل عالم بأكمله .
    خبر صغير واحد وينفجر كل شيء داخلي
    خبر واحد رمادي . واملأ الدنيا حولي كلمات , لا تشبه كلمات النوارس بشيء , بل أشبه بعاصفة , تود أن تلتهم العالم بأكمله ، عامان متوحشان ينهشان , في قلوبنا , بأبناء الوطن و بكل شيء داخله
    عامان . كوحش مارق , يفتح فمه ليلتهم كل شيء , استشعرهما قرناً من الزمن
    الجميع يأكله الخوف والقلق . عامان كأنهما ألف عام .
    أصوات البوم , التي نعقت في كل مكان خراباً , جعلت أهل مدينتا يقاومون , بمكوثهم داخل منازلهم , حتى آخر قذيفة , تحملتها جنبات المدينة , ومن ثم هاهم يفرون من القصف ومن شعثاء التدمير دون وعي ، وها أنا فجأة أجد نفسي خلفهم مشرداً , خارج بيتي على أرصفة التشرد والشتات , دون أن أعلم لي وجّهَة محددة , في هذا المد المُغّبر في عيني
    مطارداً من كل شيء , حتى الهواء أشعر أنه يطاردني يستقصي وجهتي , أشعر بأني صرت معمراً جدا جداً . ارهقنا هذا الوضع المفخخ , في كل زاوية وطريق وشارع .
    لكنا لن نهادن هكذا يصرخ صوت داخلي
    نعم شعور داخلي يحدثني , بأن عمري صار ألف عام ، بين ليلة وضحاها ، في جو تصعد جحيماً , قلقاً , هروباً ، لقد جعلوا السماء عبثية دماء .. جنازير تربض على قلوبنا طائرات حربية . لا تعرف غير قصف الأبرياء .
    رصاص متوحش يفتك دون توقف .. و أيدي قلق تمسكنا بلا نهاية

    ما زلت أذكر كلمات جارنا الفلسطيني , أبو مازن حين يجالسنا . دائما كان
    يقول : " ما زال معي مفتاح الدار في فلسطين " ، على أمل أن يعود إليها ذات يوم .
    أصبح اليوم عمره سبعة وثمانين عامٍ ، وها هو يفر مع المجموعة الأخيرة من المدينة , في نزوح ثاني , نزوح يقّتات الهَمّ الأسود من قلبه وقلوبنا جميعاً ، فما كاد يلوذ بالنسيان أو التناسي , عن تغربته الأولى ونزوحه المر عن فلسطين ، وانتظاره العودة بعد كل هذه السنين ، حتى نزح مرة أخرى معنا

    نطالع الدهشة ببلاهة , وهي تتفرسنا بعيون لص , في هذه البقعة من الأرض
    كأننا هبطنا من الفضاء , بأشكال غريبة تدعو للتأمل أرى داخلي وأمامي , فراغا يطالعنا بعيون تسأل ألف سؤال
    حتى لو اقترب أحدهم ، ليقيس الشعور داخلنا ، أنا وهو أخاذاً مسافات الطول والعرض , سيجد فراغاً فاغراً فمه محدقاً باللا شيء ، لاشيء نحمله ، غير حقيبة صغيرة ممتلئة أوجاعاً وهموماً تحجرت مدامعها ، حزناً على ما حل بالوطن
    لا شيء غير كلمات , أبكمها هول المعاناة , في الذاكرة سيجد كل المسافات , صارت ملونة , بدماء الوطن , التي تصرخ دون توقف , من القتل الهمجي .
    دووون مجيب
    يا ألهي : قلق لا يهدأ وترقب أشعث أغّبر لا غير

    حتى حينما رآنا سائق الحافلة ذاك , قال هل أنتم نازحون
    على ما يبدو للنازحين سمات يراها الغير ، ولا نراها
    آه يا جارنا يا أبى مازن , كم أثقل الهم قلبك .. كـــــــــــــــل هذه السنين الطويلة
    لا يشعر بالنازح إلا نازح مثله تماماً , مهما حاولنا الالتصاق بشعوره .
    الآن شعرت بشعورك القديم يا جارنا

    كلمة واحدة رمادية , ستفجرني دون أن أعلم , غضباً
    يأكل كل شيء

    عادت مرايا أبو مازن تطالع السماء من جديد , أملاً ودعاء
    أدعي يا جارنا أبى مازن
    أدعي بقلب لحوح متعب , في ساعة الكرب هذه , علا الله يستجيب دعاؤنا .

    ها نحن على مشارف الحدود . كأننا سوف نهاجر لقارة أخرى , غير هذه القارة التي ألفناها .
    كأن خيوط الفجيعة , بالوطن تُبكمُني عن الكلام كل هذا الضجيج ثائراً داخلي وأنا صامت , لا أرض أحنُّ من أرض الوطن على أهلها
    تعال لنبتعد عن المارة قليلاً , كي لا يرتطموا بحقائب الهم التي نحملها داخلنا أنا وأنت , ربما انفجر بهم دونما قصد
    ربما تكون الحقيبة , التي بيدي صغيرة للغاية بحجمها , لكنها مثقلة بملح العالم أجمع , وصقوعة شتائه كلها
    أبو مازن يرمقني بنظرات تساؤل , أفهمه جاري منذ نعومة أظافري , هو صديق والدي رحمه الله وزوجته صديقة والدتي بل هم أصدقاء العائلة جميعا
    بل أني أعتبره كوالد لي , وجَدٌ .. دائماً استشيره بكل أمر جلل
    أبى مازن : يؤكد لي بنظراته شيئاً .. يوجه كلماته لعيوني
    سهاماً صائبة لاتتسعها الكلمات
    يا أبى مازن . لن نستطيع مغادرة الوطن .
    ـ هيا نعود للوطن يابني لن أنزح مرتين , نموت أو نحيا في الوطن , فأنا لا أستطيع أن أنسى أن هذه الأرض , كانت وطني الثاني لسنوات طويلة
    .......... صدقت . أرجلي مغروسة في التراب هنا . وعيناها في تلك المدينة ما زالت تندهني ، لن أستطيع مغادرة الوطن , أشعر كأني سأغادر روحي هنا على أبواب الغربة , هيا بنا لنعود أدراجنا يا أبى مازن , نموت أو نحيا فيه , سأذود عنه بكل ما أستطيع فلمن نترك الوطن ؟؟؟! .
    https://www.facebook.com/mjed.alhadad

    للوطن
    لقنديل الروح ...
    ستظلُ صوفية فرشاتي
    ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
    بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

  • نادية البريني
    أديب وكاتب
    • 20-09-2009
    • 2644

    #2
    تحيّة للفاضلة رشا ولي عودة بإذن الله حتّى أقرأ النّص بالعمق المطلوب
    دمت بخير

    تعليق

    • رشا السيد احمد
      فنانة تشكيلية
      مشرف
      • 28-09-2010
      • 3917

      #3

      الغالية نادية

      مساؤك الندى أهلا بك دائماً

      تحيتي بنفسج .
      https://www.facebook.com/mjed.alhadad

      للوطن
      لقنديل الروح ...
      ستظلُ صوفية فرشاتي
      ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
      بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

      تعليق

      • ميساء عباس
        رئيس ملتقى القصة
        • 21-09-2009
        • 4186

        #4
        مؤلمة موجعة
        وابل مطر برائحة البارود
        شيقة دافئة تتنفس الوطن
        مونولوج رائع معبر
        رشايا الغالية
        استمتعت بحرفك الجميل كروحك
        معاني سامية تتغلغل بأرواحنا
        الخاتمة كانت غير مكتملة
        هكذا كان شعوري
        دمت بخير وألق
        محبتي
        ميساء العباس
        مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
        https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

        تعليق

        • رشا السيد احمد
          فنانة تشكيلية
          مشرف
          • 28-09-2010
          • 3917

          #5


          الغالية ميساء

          مساؤك وطن يطفح بسلامه
          هو الوطن ياغالية مهما خرجنا منه نجدنا نحمله داخلنا
          وفي المحن لابد من البقاء مع الوطن

          الخاتمة اخترتها العودة إلى الوطن دون سرد طويل
          لأن المواقف الحاسمة تحتاج لكلمات حاسمة قليلة
          لا أكثر

          اسعدني قراءتك المتعمقة للنص

          دومي بحب .
          https://www.facebook.com/mjed.alhadad

          للوطن
          لقنديل الروح ...
          ستظلُ صوفية فرشاتي
          ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
          بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

          تعليق

          • سيد يوسف مرسى
            أديب وكاتب
            • 26-02-2013
            • 1333

            #6
            الأستاذة رشا السيد أحمد//تحياتى الحارة
            لم يكونا عامين أختى ؛صرنا فى عقود جسمت على الصدور؛ وتبدلت الوان الصور فى العيون ؛وأصبح المفتاح رمزا للعودة والرجوع ؛فما يحمله أخى الفلسطينى ؛ يحمله كل مسلم غيور
            إن شاء الله لن يطول الوقت للرجوع
            هذا دأب كل مسلم أختى فلك الشكر وهذا يضخ الدم فى العروق
            سيد يوسف مرسى
            التعديل الأخير تم بواسطة سيد يوسف مرسى; الساعة 05-04-2013, 21:16.









            تعليق

            • سالم وريوش الحميد
              مستشار أدبي
              • 01-07-2011
              • 1173

              #7
              أستاذة رشا ليس بعامين
              بل عقدان من الزمان
              جثما على صدربلادي وبلادك
              عاشق أنا من بغداد لدمشق
              الجود بحبي للعراق واجب
              و حبي إليكم بسويداء القلب مكين
              أحار بمن أبدء أواسي أحزانه
              أواسيك أم أواسي قلبي المجروح
              واحسارته على بلد كان
              للضمآن مورد ماء
              وكان للمكلوم دواء
              وللهارب ملاذ وغطاء
              كم عراقي عاش على ثراه
              وكم من شاعر ترابه احتواه
              الجواهري
              البياتي
              جمال الدين مصطفى
              المفكر العراقي الكبير هادي العلوي
              والكثير ...
              نص بحجم المآساة أيتها المبدعة
              نص يحمل خزين من الأوجاع
              وليس لي إلا الدعاء لسوريا وشعبها
              أن يعيد لأرض الشام الأمان
              وأن يحل بين أبناءها الوئام
              دمت ودام قلم إبداعك
              على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
              جون كنيدي

              الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

              تعليق

              • نادية البريني
                أديب وكاتب
                • 20-09-2009
                • 2644

                #8
                الفاضلة رشا
                لمن نترك الوطن؟
                لن نترك الوطن لأنّه في أعماقنا يتربّع وبأحاسيسنا يتغذى حتّى وإن نأينا عنه ففي تربته ترعرعنا وفي باطنه سننام نومتنا الأبديّة بإذن الله.نرى أوطاننا تتمزّق وتتمزّق معها قلوبنا لكن إيماننا بصمود هذه الأرض الطيبة قائم.
                قسموا ظهر العراق ويقسمون ظهر سوريا غير أنّهم يقوون إرادتنا بأنّنا سنتجاوز الضعف وننتصر
                ليبيا وتونس ومصر...ليست على ما يرام مادام هنالك من ينخر في العظام ليبليها
                سعدت بقراءتي لهذا النّص
                همسة:
                وددت أن تكون الخاتمة أكثر قوّة ،الفكرة طيبة لكن القفلة...
                أخطاء قليلة تسربّت إلى لغتك المتينة المفعمة بالإحساس،مثال :سبعة وثمانين عام نقول عاما وظيفتها تمييز
                دمت مبدعة أختي الفاضلة رشا
                أحببت النفس الشاعريّ في عملك

                تعليق

                • عبير هلال
                  أميرة الرومانسية
                  • 23-06-2007
                  • 6758

                  #9
                  نص حزين للغاية ومؤلم

                  ولكن آمل ان تكون النهاية سعيدة

                  للجميع وننعم بالسلام والحرية


                  بعيدا عن الدمار ..


                  غاليتي رشا

                  محبتي لك وورودي

                  واجابة على سؤالك لمن نترك الوطن ؟؟ طبعا لنا نحن


                  لأننا لن نفارقه لا في قلوبنا ولا في تواجدنا به..
                  sigpic

                  تعليق

                  • جلال داود
                    نائب ملتقى فنون النثر
                    • 06-02-2011
                    • 3893

                    #10
                    تحياتي أستاذة رشا

                    شدتني القصة

                    هي بحجم الألم الذي في خاصرة الوطن

                    وقفت هنا طويلا ، ففي حناياها إختزال لبعض المحنة :

                    لكنا لن نهادن هكذا يصرخ صوت داخلي
                    نعم شعور داخلي يحدثني , بأن عمري صار ألف عام ، بين ليلة وضحاها ، في جو تصعد جحيماً , قلقاً , هروباً ، لقد جعلوا السماء عبثية دماء .. جنازير تربض على قلوبنا طائرات حربية . لا تعرف غير قصف الأبرياء .
                    رصاص متوحش يفتك دون توقف .. و أيدي قلق تمسكنا بلا نهاية

                    سلمتِ وتسلم يمناك

                    تعليق

                    • مصطفى الصالح
                      لمسة شفق
                      • 08-12-2009
                      • 6443

                      #11
                      أكبر خطأ فعله الفلسطينيون ترك أرضهم والنزوح إلى الشتات

                      بينما ليس هناك أرفع وأشرف من الموت على ثرى الوطن دفاعا عنه

                      ليس أفضل من البقاء شامخا في أرضك حتى لو تقاسمت العداوة مع بني صهيون

                      كنت ألوم جدي ووالداي على ترك الوطن.. خدعونا ، قالوا لنا اخرجوا حتى نطهر الأرض من يهود ، خلال أيام ستعودون

                      صدئت أجراس العودة قبل أن تدق دقة واحدة

                      بلاد العرب وطن كل العرب ، نقول ويقولون هذا.. لكن يا رشا معظم الأغراب يعيشون فيها بحقوق أفضل من حقوق أبنائها

                      بعض بلاد العرب تعامل الغريب العدو كصديق وتمنع معظم العرب من دخولها والعيش فيها

                      لا يشعر بالنازح إلا نازح مثله تماماً , مهما حاولنا الالتصاق بشعوره .
                      الآن شعرت بشعورك القديم يا جارنا

                      نص مثير للشجن

                      تحية وتقدير
                      [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                      ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                      لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                      رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                      حديث الشمس
                      مصطفى الصالح[/align]

                      تعليق

                      • رشا السيد احمد
                        فنانة تشكيلية
                        مشرف
                        • 28-09-2010
                        • 3917

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة سيد يوسف مرسى مشاهدة المشاركة
                        الأستاذة رشا السيد أحمد//تحياتى الحارة
                        لم يكونا عامين أختى ؛صرنا فى عقود جسمت على الصدور؛ وتبدلت الوان الصور فى العيون ؛وأصبح المفتاح رمزا للعودة والرجوع ؛فما يحمله أخى الفلسطينى ؛ يحمله كل مسلم غيور
                        إن شاء الله لن يطول الوقت للرجوع
                        هذا دأب كل مسلم أختى فلك الشكر وهذا يضخ الدم فى العروق
                        سيد يوسف مرسى

                        الأستاذ سيد

                        كم نحلم بعودة السلام
                        كم نحلم أن يأم بلادنا كلها سلام بلا نهاية
                        أصبحت ليالينا طويلة كعصور مظلمة
                        ونهاراتنا قلق كمن يجلس على جمر

                        ندعو الله كل حين بسلام الوطن العربي كله

                        تحيتي بحجم الوطن لك حيث أنت
                        .
                        https://www.facebook.com/mjed.alhadad

                        للوطن
                        لقنديل الروح ...
                        ستظلُ صوفية فرشاتي
                        ترسمُ أسرارَ وجهِكَ بألوانِ الأرجوان
                        بلمساتِ الشَّفقِ المسافرِ في أديم السَّماء .

                        تعليق

                        يعمل...
                        X