illusionart8_thumb.jpg
هناك بعض النصوص المفهومة ولا يمكن وصفها بأنها مبهمة، ولكن يكتنفها غموض يجعلنا نفهمها على أوجه متعددة مختلفة، وكأننا نقوم بقراءات مختلفة ينتج عنها معان مختلفة، وتظهر أهمية هذه القضية عند ترجمة هذه النصوص، فنجد أن هناك تباين في الترجمات واختلاف قد يصل في بعض الأحيان إلى التناقض، ويثور الكثير من الجدل حول صحة الترجمة وخطئها. الحق أن الحكم بصحة ترجمة أو خطئها لا يحتاج إلى كثير جهد، فهناك معايير واضحة تتعلق بالسلامة اللغوية، والفهم العام للأفكار، والالتزام بخصائص النص. لذلك فمن السهل التفرقة بين الترجمة الصائبة والخاطئة، ولكن الأمر يتعلق بمستوى دقة الترجمة الصائبة، فالترجمة الصائبة لها درجات، وهذه الدرجات تتوقف على عدة عوامل، من أهمها ما يتعلق بدقة قراءة المترجم للنص وعمق فهمه للمعاني التي قصدها صاحب النص، وهو ما يرتبط بحديثنا هنا عن غموض النص ووضوحه.
تمتاز كثير من النصوص بسمات فنية وأدبية تستهدف وجدان المتلقي ومشاعره، وتسعى إلى رسم صور معينة في مخيلته، والمشكلة في التعامل مع تلك النصوص التي لا يخضع قياسها إلى المنطق والعقل فقط، بل يكون للعاطفة والخيال دوراً مهما، وذلك أن إدراك المعاني في مثل هذه النصوص يتأثر بالعاطفة المسيطرة على المتلقي وقت تعامله مع النص، وقدراته التخيلية... إن النصوص الأدبية تتميز باستخدام تراكيب لغوية ممتعة، تتعدد دلالاتها بما يدفع المتلقي لإعمال مخيلته في إطار شعوري يحدد النص، فهذه النصوص تشعر المتلقي بأنه يمتلك النص فيشرع في تأطير معانيه ومضامينه وفق المعاني الأقرب إلى نفسه أو التي تدفعه حالته النفسية إلى استحضارها. إن من أبلغ الصعاب التي تواجه المترجم ما يتعلق بترجمة النصوص الأدبية لما تحويه هذه النصوص من بعض غموض ورمزية وإسقاطات ثقافية لا يدركها إلا المتبحر في دراسة آداب اللغة و العارف بثقافة أهلها، لذا فإننا نشدد على أن ترجمة الفنون الأدبية يحتاج إلى فئة خاصة من المترجمين المتمرسين على التعامل مع هذه الأصناف وأقدر أهل الترجمة على ترجمة الأدب هم الأدباء والكتاب وأصحاب المواهب الأدبية الذين أتقنوا لغتي الهدف والمصدر واطلعوا على أنواع آداب اللغتين.
وقد يغمض على المترجم معنى الكلام المغرق في التعبيرات البلاغية كالتورية، والكناية، والاستعارة، والمجاز وغيرها من صنوف المحسنات، لكن ذلك لا يعيق المترجم عميق الاطلاع والإلمام باللغة من الوصول إلى المعنى والقصد إذا ما كانت هذه التراكيب تحمل في ذاتها معان ودلالات يمكن الوصول إليها، ولكن المشكلة هنا تكمن في أنها تضع المترجم أمام استنباطات متعددة للمعنى ولا سبيل إلى الوصول إلى المعنى المقصود إلا من خلال جهد جهيد، فإنكارنا للغموض الناتج عن غياب المعنى لا يقصد به مصادرة حق المتكلم أو الكاتب في استخدام التعابير المجازية المعبرة، بل إننا نشجع على أن يكون الكلام ذا معنى سواء ما يأتي به المتكلم أو الكاتب أو المترجم، ولا سبيل إلى إزالة هذا الغموض إلا من خلال القراءات العميقة المتعددة، واستخلاص المعاني المشتركة بين هذه القراءات، وتغليب ما يتفق مع السياق من المعاني التي لم تتشاركها تلك القراءات. كما أن البحث العميق حول صاحب النص ومعرفة خلفياته والاطلاع على نماذج من فكره، وإن أمكن التواصل مع والرجوع إليه للاستيضاح والسؤال.
old-couple.jpg
يرى بعض الأدباء والشعراء والكتاب أن جمال النص إنما يكمن في غموضه، وهذا محض ادعاء للتغطية على ضآلة قدرات الكاتب أو المتكلم على توصيل المعنى، ويعكس رغبته –الكاتب أو المتكلم- في ملأ المحتوى النصي بالكلام فحسب، ليعود فيدعي أنه قصد هذا أو ذاك من نصه، رغم أن الكلام بمحتوياته غير مقصود بذاته، فالمرء لا يتكلم من أجل ممارسة فعل الكلام فحسب، وإنما الكلام أداة يستخدمها المتكلم أو الكاتب للتعبير عن قصد وغرض معينين، ويسعى من خلاله إلى توصيل معنى محدد، فإذا ما كان الكلام غير دال على معنى واضح (أو ربما عدة معان يمكن المفاضلة بينها من خلال السياق) فإن الغرض من الكلام ينتفي، ويصبح مجرد تعبيرات لفظية لا ضرورة لها ولا قيمة، ويصبح الأمر كمن يبني بيتاً بلا جدران، أو يزرع شجرة لا ظل ولا ثمر ولا حطب يرتجى منها. إن التأكيد على أن واجبات المترجم عند تعامله مع النص تتضمن الاجتهاد في استخراج المعاني الجزئية والكلية التي يتضمنها النص الأصلي، إنما يقوم على بداهة أن النص الذي يعمد لترجمته يتضمن معنى محدد أو معان محددة متعددة، ولا جرم في أن نجد المترجم قد ابتعد عن المعنى المقصود وشط ليتخطى حدود الترجمة إلى فضاء التأليف إذا ما افتقد النص الأصلي لضرورة وجود المعنى أو المعاني بين ثناياه.
masks.jpg
قد يدفعنا هذا يدفعنا إلى التساؤل... إذا ما كانت الترجمة تتم وفق قدرات إدراكية ولغوية وأسلوبية وثقافية خاصة بكل مترجم على حدة .. فهل يعني ذلك أنه يمكن أن توجد أكثر من ترجمة للنص الواحد؟!
والإجابة على هذا السؤال: إننا إذا نظرنا إلى عملية الترجمة، وتناولنا ما يتعلق باللفظ كوحدة بنائية للنص، فإن ذلك يضعنا أمام أحد الخيارات التالية:
• اللفظ (س) في لغة المصدر = اللفظ (ص) في لغة الهدف.
• اللفظ (س) في لغة المصدر = اللفظ (ص) في لغة الهدف + إضافات لغوية ودلالية.
• اللفظ (س) في لغة المصدر + إضافات لغوية ودلالية= اللفظ (ص) في لغة الهدف.
• الألفاظ (س)+(ع)+ (ل) في اللغة المصدر= اللفظ (ص) في اللغة الهدف.
• اللفظ (س) في اللغة المصدر= الألفاظ (ص)+(ع)+ (ل) في اللغة الهدف.
لذا فإنه من النادر وجود تطابق تام بين الترجمات المختلفة للنص الواحد، فمهما كان هناك اتفاق بين ترجمات النص على الأسس اللغوية والبنائية، إلا أن العوامل الإدراكية والثقافية تلعب دوراً مهما، إضافة إلى مدى قدرة المترجم على محاكاة أسلوب النص الأصلي. لذلك فإن مصطلحي (الترجمة المثالية) أو (الترجمة الصحيحة) توصيفان مجحفان ومتطرفان للترجمة، فلا يمكن الجزم بأن هناك ترجمة مثالية أو نموذجية لنص ما، وذلك لأن هناك الكثير من العوامل التي تتحكم في جودة الترجمة، منها ما هو أساسي وقد سبقت الإشارة إليه، ومنها ما هو ذاتي يتعلق بالمؤلف والمترجم والمتلقي على حد سواء، فثقافة المؤلف وأسلوبه وشخصيته غالباً ما تكون ظاهرة في النص الأصلي –خاصة النصوص الفكرية-، ويقابل ذلك أيضاً ثقافة المتلقي وأسلوبه وشخصيته، وهي غالباً سمات تختلف عن سمات من كتب لهم النص الأصلي باللغة المصدر، ويكون دور المترجم هو محاكاة أسلوب ومستوى ثقافة المؤلف باستخدام تراكيب لغوية وأسلوبية في اللغة الهدف تحدث نفس تأثير النص الأصلي على أهل اللغة المصدر..
نضيف إلى ذلك أن تأثير النص الأصلي يختلف من شخص إلى آخر في إطار المتلقي بلغة المصدر، فعندما يطالع القراء الإنجليز مقالة منشورة في صحيفة إنجليزية تختلف رؤاهم ووجهات نظرهم حول النص الأصلي، رغم أن لغتهم وثقافتهم هي نفسها لغة وثقافة المؤلف، فإذا كان هذا هو حال أهل اللغة والثقافة الواحدة فيما بينهم، فما بالنا بمترجم ليس من أهل ثقافة أو لغة المصدر؟! وحتى إذا كان المترجم من أهل لغة المؤلف وله نفس ثقافته، إلا أن مستوى إدراكه وفهمه لرسالة المؤلف قد تختلف عن فهم وإدراك شخص آخر، فالنصوص تخلق تأثيرات مختلفة لدى المتلقين حتى وإن كانوا من أهل لغتها وثقافتها، وبالتالي فإن المترجم حاله كحال أي متلق قد يشوب فهمه نوع من النسبية الإنسانية، فنجد هناك ترجمات عديدة للنص الأصلي الواحد وجميعها سليمة صائبة، لكن الأفضلية دوماً لتلك الترجمة التي أوشكت أن تحاكي النص الأصلي بصورة تجعلنا لا نميز بين النص بلغة المصدر والنص بلغة الهدف، فلا نكاد نعرف أي النصين هو الأصل، وأيها هو الترجمة..
هناك بعض النصوص المفهومة ولا يمكن وصفها بأنها مبهمة، ولكن يكتنفها غموض يجعلنا نفهمها على أوجه متعددة مختلفة، وكأننا نقوم بقراءات مختلفة ينتج عنها معان مختلفة، وتظهر أهمية هذه القضية عند ترجمة هذه النصوص، فنجد أن هناك تباين في الترجمات واختلاف قد يصل في بعض الأحيان إلى التناقض، ويثور الكثير من الجدل حول صحة الترجمة وخطئها. الحق أن الحكم بصحة ترجمة أو خطئها لا يحتاج إلى كثير جهد، فهناك معايير واضحة تتعلق بالسلامة اللغوية، والفهم العام للأفكار، والالتزام بخصائص النص. لذلك فمن السهل التفرقة بين الترجمة الصائبة والخاطئة، ولكن الأمر يتعلق بمستوى دقة الترجمة الصائبة، فالترجمة الصائبة لها درجات، وهذه الدرجات تتوقف على عدة عوامل، من أهمها ما يتعلق بدقة قراءة المترجم للنص وعمق فهمه للمعاني التي قصدها صاحب النص، وهو ما يرتبط بحديثنا هنا عن غموض النص ووضوحه.
تمتاز كثير من النصوص بسمات فنية وأدبية تستهدف وجدان المتلقي ومشاعره، وتسعى إلى رسم صور معينة في مخيلته، والمشكلة في التعامل مع تلك النصوص التي لا يخضع قياسها إلى المنطق والعقل فقط، بل يكون للعاطفة والخيال دوراً مهما، وذلك أن إدراك المعاني في مثل هذه النصوص يتأثر بالعاطفة المسيطرة على المتلقي وقت تعامله مع النص، وقدراته التخيلية... إن النصوص الأدبية تتميز باستخدام تراكيب لغوية ممتعة، تتعدد دلالاتها بما يدفع المتلقي لإعمال مخيلته في إطار شعوري يحدد النص، فهذه النصوص تشعر المتلقي بأنه يمتلك النص فيشرع في تأطير معانيه ومضامينه وفق المعاني الأقرب إلى نفسه أو التي تدفعه حالته النفسية إلى استحضارها. إن من أبلغ الصعاب التي تواجه المترجم ما يتعلق بترجمة النصوص الأدبية لما تحويه هذه النصوص من بعض غموض ورمزية وإسقاطات ثقافية لا يدركها إلا المتبحر في دراسة آداب اللغة و العارف بثقافة أهلها، لذا فإننا نشدد على أن ترجمة الفنون الأدبية يحتاج إلى فئة خاصة من المترجمين المتمرسين على التعامل مع هذه الأصناف وأقدر أهل الترجمة على ترجمة الأدب هم الأدباء والكتاب وأصحاب المواهب الأدبية الذين أتقنوا لغتي الهدف والمصدر واطلعوا على أنواع آداب اللغتين.
وقد يغمض على المترجم معنى الكلام المغرق في التعبيرات البلاغية كالتورية، والكناية، والاستعارة، والمجاز وغيرها من صنوف المحسنات، لكن ذلك لا يعيق المترجم عميق الاطلاع والإلمام باللغة من الوصول إلى المعنى والقصد إذا ما كانت هذه التراكيب تحمل في ذاتها معان ودلالات يمكن الوصول إليها، ولكن المشكلة هنا تكمن في أنها تضع المترجم أمام استنباطات متعددة للمعنى ولا سبيل إلى الوصول إلى المعنى المقصود إلا من خلال جهد جهيد، فإنكارنا للغموض الناتج عن غياب المعنى لا يقصد به مصادرة حق المتكلم أو الكاتب في استخدام التعابير المجازية المعبرة، بل إننا نشجع على أن يكون الكلام ذا معنى سواء ما يأتي به المتكلم أو الكاتب أو المترجم، ولا سبيل إلى إزالة هذا الغموض إلا من خلال القراءات العميقة المتعددة، واستخلاص المعاني المشتركة بين هذه القراءات، وتغليب ما يتفق مع السياق من المعاني التي لم تتشاركها تلك القراءات. كما أن البحث العميق حول صاحب النص ومعرفة خلفياته والاطلاع على نماذج من فكره، وإن أمكن التواصل مع والرجوع إليه للاستيضاح والسؤال.
old-couple.jpg
يرى بعض الأدباء والشعراء والكتاب أن جمال النص إنما يكمن في غموضه، وهذا محض ادعاء للتغطية على ضآلة قدرات الكاتب أو المتكلم على توصيل المعنى، ويعكس رغبته –الكاتب أو المتكلم- في ملأ المحتوى النصي بالكلام فحسب، ليعود فيدعي أنه قصد هذا أو ذاك من نصه، رغم أن الكلام بمحتوياته غير مقصود بذاته، فالمرء لا يتكلم من أجل ممارسة فعل الكلام فحسب، وإنما الكلام أداة يستخدمها المتكلم أو الكاتب للتعبير عن قصد وغرض معينين، ويسعى من خلاله إلى توصيل معنى محدد، فإذا ما كان الكلام غير دال على معنى واضح (أو ربما عدة معان يمكن المفاضلة بينها من خلال السياق) فإن الغرض من الكلام ينتفي، ويصبح مجرد تعبيرات لفظية لا ضرورة لها ولا قيمة، ويصبح الأمر كمن يبني بيتاً بلا جدران، أو يزرع شجرة لا ظل ولا ثمر ولا حطب يرتجى منها. إن التأكيد على أن واجبات المترجم عند تعامله مع النص تتضمن الاجتهاد في استخراج المعاني الجزئية والكلية التي يتضمنها النص الأصلي، إنما يقوم على بداهة أن النص الذي يعمد لترجمته يتضمن معنى محدد أو معان محددة متعددة، ولا جرم في أن نجد المترجم قد ابتعد عن المعنى المقصود وشط ليتخطى حدود الترجمة إلى فضاء التأليف إذا ما افتقد النص الأصلي لضرورة وجود المعنى أو المعاني بين ثناياه.
masks.jpg
قد يدفعنا هذا يدفعنا إلى التساؤل... إذا ما كانت الترجمة تتم وفق قدرات إدراكية ولغوية وأسلوبية وثقافية خاصة بكل مترجم على حدة .. فهل يعني ذلك أنه يمكن أن توجد أكثر من ترجمة للنص الواحد؟!
والإجابة على هذا السؤال: إننا إذا نظرنا إلى عملية الترجمة، وتناولنا ما يتعلق باللفظ كوحدة بنائية للنص، فإن ذلك يضعنا أمام أحد الخيارات التالية:
• اللفظ (س) في لغة المصدر = اللفظ (ص) في لغة الهدف.
• اللفظ (س) في لغة المصدر = اللفظ (ص) في لغة الهدف + إضافات لغوية ودلالية.
• اللفظ (س) في لغة المصدر + إضافات لغوية ودلالية= اللفظ (ص) في لغة الهدف.
• الألفاظ (س)+(ع)+ (ل) في اللغة المصدر= اللفظ (ص) في اللغة الهدف.
• اللفظ (س) في اللغة المصدر= الألفاظ (ص)+(ع)+ (ل) في اللغة الهدف.
لذا فإنه من النادر وجود تطابق تام بين الترجمات المختلفة للنص الواحد، فمهما كان هناك اتفاق بين ترجمات النص على الأسس اللغوية والبنائية، إلا أن العوامل الإدراكية والثقافية تلعب دوراً مهما، إضافة إلى مدى قدرة المترجم على محاكاة أسلوب النص الأصلي. لذلك فإن مصطلحي (الترجمة المثالية) أو (الترجمة الصحيحة) توصيفان مجحفان ومتطرفان للترجمة، فلا يمكن الجزم بأن هناك ترجمة مثالية أو نموذجية لنص ما، وذلك لأن هناك الكثير من العوامل التي تتحكم في جودة الترجمة، منها ما هو أساسي وقد سبقت الإشارة إليه، ومنها ما هو ذاتي يتعلق بالمؤلف والمترجم والمتلقي على حد سواء، فثقافة المؤلف وأسلوبه وشخصيته غالباً ما تكون ظاهرة في النص الأصلي –خاصة النصوص الفكرية-، ويقابل ذلك أيضاً ثقافة المتلقي وأسلوبه وشخصيته، وهي غالباً سمات تختلف عن سمات من كتب لهم النص الأصلي باللغة المصدر، ويكون دور المترجم هو محاكاة أسلوب ومستوى ثقافة المؤلف باستخدام تراكيب لغوية وأسلوبية في اللغة الهدف تحدث نفس تأثير النص الأصلي على أهل اللغة المصدر..
نضيف إلى ذلك أن تأثير النص الأصلي يختلف من شخص إلى آخر في إطار المتلقي بلغة المصدر، فعندما يطالع القراء الإنجليز مقالة منشورة في صحيفة إنجليزية تختلف رؤاهم ووجهات نظرهم حول النص الأصلي، رغم أن لغتهم وثقافتهم هي نفسها لغة وثقافة المؤلف، فإذا كان هذا هو حال أهل اللغة والثقافة الواحدة فيما بينهم، فما بالنا بمترجم ليس من أهل ثقافة أو لغة المصدر؟! وحتى إذا كان المترجم من أهل لغة المؤلف وله نفس ثقافته، إلا أن مستوى إدراكه وفهمه لرسالة المؤلف قد تختلف عن فهم وإدراك شخص آخر، فالنصوص تخلق تأثيرات مختلفة لدى المتلقين حتى وإن كانوا من أهل لغتها وثقافتها، وبالتالي فإن المترجم حاله كحال أي متلق قد يشوب فهمه نوع من النسبية الإنسانية، فنجد هناك ترجمات عديدة للنص الأصلي الواحد وجميعها سليمة صائبة، لكن الأفضلية دوماً لتلك الترجمة التي أوشكت أن تحاكي النص الأصلي بصورة تجعلنا لا نميز بين النص بلغة المصدر والنص بلغة الهدف، فلا نكاد نعرف أي النصين هو الأصل، وأيها هو الترجمة..
تعليق