كذبة أبريل
استيقظ اسماعيل مبكرا على غير عادته . فمنذ تخرجه من الجامعة اعتاد أن ينام قبل الفجر
ويصحو مع آذان الظهر . فلا وظيفة ولا دوام مبكر . هَمّه الوحيد عندما يصحو هو البحث في الجريدة عن
وظائف خالية . لقد التقط إحداها في يوم من الأيام . ولحظة سقط نظره على الإعلان تيقن جازما
أن الوظيفة ستكون من نصيبه وله دون منازع . دليل سياحي له إلمام بالتاريخ , لبق اللسان ,
برمجة كومبيوتر , حسن المظهر , خريج جديد , العمل مع فريق , إتقان اللغتين الإنجليزية والعبرية .
هي العبرية التي سترجح كفة الميزان . أما الأشياء الأخرى فهي لدى الجميع .
لقد درس اسماعيل العبرية في أحد المعاهد خلال ذروة الإنتفاضة الفلسطينية الأولي " انتفاضة
الحجر " لكي يتابع البرامج الحوارية التي كانت تُبث في التلفزيون الإسرائيلي ليكون على علم
بما يجري وبما ستؤول اليه الأمور . وذلك لعدم ثقته بالإعلام العربي والغربي معاً . فأتقنها
كتابةً وحديثاً .
ها هو اسماعيل يُهَيِّء نفسه للمقابلة . بنطلون ازرق غامق على قميص ابيض وجرافة زرقاء
سماوي . بدأ برش الكولونيا على كل سنتيميتر من جسمه . التقط ورقة الإعلان وقرأه بصوت
مسموع :
شركة الأراضي المقدسة للسياحة .........
طبيعة العمل ........
مؤهلات طالب الوظيفة ...............
عنوان الشركة : ................
خرج اسماعيل عبد يعقوب*من منزله ودلف إلى الشارع منتصب القامة واثقاً بنفسه ثقة عمياء .
أخذ ينهب الرصيف بخطى ثابتة كجندي بطابور الصباح إلى أن استوقفه أحد جيرانه قائلا له :
ــ شالوم اسماعيل . لابس ومطقم , على فين خبيبي ؟
وقف اسماعيل مندهشاً .
شالوم اسماعيل خبيبي !
أين السلام عليكم ؟
أين صباح الخير ؟
أين سعيدة ؟
أين أنا ؟
أخذ يجوب بنظره فيما حوله . المكان غريب . والسابلة غرباء . الرجال ملتحون والنساء منقبات
أين زمن الميني جيب والميكروجيب والهيلاهوب ؟
أين الأهرامات أبو الهول البتراء ؟ أين جرش أبو سنبل أين معابد الفراعنة أين السد العالي ؟
أين برج القاهرة ، قناة السويس ، مدينة الإنتاج الإعلامي ، أين نهر النيل ، بردى الفرات دجلى الأردن والكلب ؟
أين الكعبة ، القيامة ؟ الكنائس المساجد ؟ أين الشرطة ، الجيش ؟
أين العروبة ؟ يافطات المحلات التجارية كلها مكتوبة بالعبري
هناك يافطة كبيرة بوسط الميدان مكتوب عليها .
من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل .
بدأ يصرخ والمارَّة ينظرون نحوه باستغراب : بِعْتُونَا يا ولاد ال....................
وقبل أن يكمل همس أحدهم في أذنه قائلا :
كذبة نيسان . تعيش وتوكل غيرها يا شاطر .
والوظيفة أيضا ؟ ورغيف العيش والحرية والعدالة ! كلّه كذب في كذب ؟ والثورة والربيع والياسمين
وزهور اللوتس والشهيد ! منكم لله ياللي في بالي .
استيقظ اسماعيل مبكرا على غير عادته . فمنذ تخرجه من الجامعة اعتاد أن ينام قبل الفجر
ويصحو مع آذان الظهر . فلا وظيفة ولا دوام مبكر . هَمّه الوحيد عندما يصحو هو البحث في الجريدة عن
وظائف خالية . لقد التقط إحداها في يوم من الأيام . ولحظة سقط نظره على الإعلان تيقن جازما
أن الوظيفة ستكون من نصيبه وله دون منازع . دليل سياحي له إلمام بالتاريخ , لبق اللسان ,
برمجة كومبيوتر , حسن المظهر , خريج جديد , العمل مع فريق , إتقان اللغتين الإنجليزية والعبرية .
هي العبرية التي سترجح كفة الميزان . أما الأشياء الأخرى فهي لدى الجميع .
لقد درس اسماعيل العبرية في أحد المعاهد خلال ذروة الإنتفاضة الفلسطينية الأولي " انتفاضة
الحجر " لكي يتابع البرامج الحوارية التي كانت تُبث في التلفزيون الإسرائيلي ليكون على علم
بما يجري وبما ستؤول اليه الأمور . وذلك لعدم ثقته بالإعلام العربي والغربي معاً . فأتقنها
كتابةً وحديثاً .
ها هو اسماعيل يُهَيِّء نفسه للمقابلة . بنطلون ازرق غامق على قميص ابيض وجرافة زرقاء
سماوي . بدأ برش الكولونيا على كل سنتيميتر من جسمه . التقط ورقة الإعلان وقرأه بصوت
مسموع :
شركة الأراضي المقدسة للسياحة .........
طبيعة العمل ........
مؤهلات طالب الوظيفة ...............
عنوان الشركة : ................
خرج اسماعيل عبد يعقوب*من منزله ودلف إلى الشارع منتصب القامة واثقاً بنفسه ثقة عمياء .
أخذ ينهب الرصيف بخطى ثابتة كجندي بطابور الصباح إلى أن استوقفه أحد جيرانه قائلا له :
ــ شالوم اسماعيل . لابس ومطقم , على فين خبيبي ؟
وقف اسماعيل مندهشاً .
شالوم اسماعيل خبيبي !
أين السلام عليكم ؟
أين صباح الخير ؟
أين سعيدة ؟
أين أنا ؟
أخذ يجوب بنظره فيما حوله . المكان غريب . والسابلة غرباء . الرجال ملتحون والنساء منقبات
أين زمن الميني جيب والميكروجيب والهيلاهوب ؟
أين الأهرامات أبو الهول البتراء ؟ أين جرش أبو سنبل أين معابد الفراعنة أين السد العالي ؟
أين برج القاهرة ، قناة السويس ، مدينة الإنتاج الإعلامي ، أين نهر النيل ، بردى الفرات دجلى الأردن والكلب ؟
أين الكعبة ، القيامة ؟ الكنائس المساجد ؟ أين الشرطة ، الجيش ؟
أين العروبة ؟ يافطات المحلات التجارية كلها مكتوبة بالعبري
هناك يافطة كبيرة بوسط الميدان مكتوب عليها .
من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل .
بدأ يصرخ والمارَّة ينظرون نحوه باستغراب : بِعْتُونَا يا ولاد ال....................
وقبل أن يكمل همس أحدهم في أذنه قائلا :
كذبة نيسان . تعيش وتوكل غيرها يا شاطر .
والوظيفة أيضا ؟ ورغيف العيش والحرية والعدالة ! كلّه كذب في كذب ؟ والثورة والربيع والياسمين
وزهور اللوتس والشهيد ! منكم لله ياللي في بالي .
تعليق