أحاسيس مبعثرة - نعيم الأسيوطي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نعيم الأسيوطي
    أديب وقاص
    • 29-11-2009
    • 115

    أحاسيس مبعثرة - نعيم الأسيوطي

    أحاسيس مبعثرة
    ( قصة قصيره )
    تجمع أشياءها وتخرج وحيدة لا تلوي على شئ، يتصارع عقلها مع قلبها، ذرة حب عاشتها بينهم، وعمر من الكراهية...

    تخرج من حقيبتها أقصوصة من الورق كتبها لها يوما.. تقرأها وتضحك ساخرة، ثم تنظر إلي السماء, لتذرف عيناها الدمع المرير..

    يسبح في قلبها العشق, فيرتعش جسدها بشدة، تتألم حواسها، ويصمت لسانها كعادته.. تتساقط خصلات شعرها، وتعلن استسلامها للموت، لكنها تقاوم، لتنهض بدونهم ولو على حافة أخرى..

    تشكل حائطا لصدهم بعيدا عنها، لتحمي قلبها، حاولت كثيرا، لكنها لم تنجح، فقررت الهرب بعيدا عن ألسنتهم..

    قلبها يتمزق بشدة، والأحزان تخترقها، ولا تستطيع التخلص من سيل الدموع الساخنة, تبدو الشمس وليدة في الأفق.. تخنقها الأوردة والشرايين؛ كي تمنعها من الإشراق,

    تبعثر أشياءها الريح, ليتجمع القاصي والداني حولها، والباكين المحزونين صارت ربة الضحك والابتسام بينهم, تنظر في أعينهم وتذكر ما مضى,

    تمزقت الأوراق كلها، ولم يبق في جوفها الساكن إلاّ ثمار بطعم الحنظل.. تمثل ذكرى ماضية.. تتنهد بعمق، ثم تحكي قصتها في هدوء..
    - كان غنيا أحبني فقيرة..
    - .................................
    - أهله يكرهونني بشدة..
    - ......................................
    - رغم حبي له قررت أن أهجره،
    - .....................................
    - كم تمنيت أن يضمني بعشق،
    - .....................................
    - لكني قررت الرحيل,
    - .....................................
    - سرت بمفردي يغطيني ثلج الشتاء وصهد الصيف,
    - .....................................
    - لم أجد نسمة حنان سوى بينكم... فهل قبلتموني كما أنا بحكايتي و........ سكتت .

    فترة صمت طويلة، ترتفع فيها دقات قلبها , وتتنقل عينها بينهم.. تستحضر نظرات أخرى مضت من زمن.... .

    تنهض.. تجمع أشياءها , تتحسس أصابعها , تعيد النظر إليهم, قلبها يعتصر بشدة..

    حين همّت بالخروج.. فاجأتها سيدة عجوز اقتربت منها، لتحتوي جسدها المرتعش بجناحيها اليابسين.. تلتصق القلوب وتشتعل المشاعر من حولهما,

    قال أحدهم يحدث صديقه:
    - إنها مطرودة من بلدها، لكنها ظُلمت كثيرا، وسدت في وجها أبواب الخير..
    - وماذا تريد..؟
    - لا شئ.. سأتزوجها..!
    - لا أصل لها ولا فصل..
    - سأتزوجها..

    يتركه صاحبه حانقا ويمضي.. يقترب منها، طالبا يدها من العجوز.. يرتفع نشيجها.. ولا ترد.. تربت العجوز على رأسها, تفتح حقيبتها، وتقذف ما تبقى من الورق..

    تطل العجوز منها التخلص من الحقيبة كلها.. تفكر قليلا.. تنهض وتسير خطوات مترددة، تبدو الحقيبة مقيدة في مفصل قدمها, تلقيها.. فتنكب على وجها، وصرخاتها المكتومة معلقة بأشيائها, تخلصها العجوز من عثرتها، فتعود ببطء تجاه عريسها,

    تتذكر نسمات الفجر ونبات الورد المشرق, تحتضن العجوز وتغني, الصوت المخنوق بداخلها يختفي شيئا فشيئاً، والشاب يسير بجوارها ممسكا بيدها يدندن بأغنية للعشق,

    يروي عطشها من الحرمان, يختنق القمر.. ينطلق أطفال البلدة يتغنون:
    - يا بنات الحور سيبوا القمر.. دا القمر مخنوق توه ما ظهر.. يا بنات الحور سيبوا القمر ..

    ابتعدت عن الرءوس المكورة، ونظرت السماء، تذكرت حنين مضى، تبسمت , ثم همست إلي روحها.. تأبطت ذراع حبيبها، ومضت إلي عين القمر..

    ***

    مساء الأحد
    6 / 12 / 2009
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    أديبنا،القاصّ الرّاقي الأستاذ نعيم الأسيوطي.
    يسعدني أن يتلألأ اسمك من جديد،
    قرأت النصّ مرّات عدّة،
    أحاسيس و متاعب مبعثرة لمّ الكاتب شتاتها داخل حيّز قصصيّ ضيّق ،أعتبره نموذجا مثاليّا لما ينبغي أن تكون عليه القصّة العربيّة الحديثة.
    نحن بحاجة إلى أمثلة كهذه لنعيد للقصّة مفهومها الحكائيّ الموجز الذي يسير وفق خطّة واضحة المعالم و الأبعاد .
    نحن أشياؤنا أو على الأقلّ ثمّة كيمياء اجتماعيّة قد تُؤدّي إلى ذلك. حقيقة مروّعة ينتهي بنا الكاتب للوقوف عليها مُدّعيا غير ذلك.
    و لو جاز لي تشبيه المعنى داخل النصّ بالرّمح المُسنّن من الجهتين لقُلت إنّ الطّرف الحادّ الأوّل هو العنوان و ما تطابق معه لاحقا عندما وصلنا إلى رمي الحقيبة بما فيها من أحاسيس و ذكرى حميمة،و أنّ الطّرف الثاني هو تلك الهمسة التي همست بها إلى نفسها في لحظة خاطفة كتميمة تقضي بها على ما تبقّى بداخلها من عاطفة حنين.

    تقديري و مودّتي لك أستاذي و صديقي نعيم،

    تبعثرت بعض الهفوات في النصّ . أهيب بك أن تُسلّط عليها عنايتك.

    كنتُ أتعلّم هنا.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • حارس الصغير
      أديب وكاتب
      • 13-01-2013
      • 681

      #3
      جميلة هذه السردية ..مخللة بموسيقي قيثارة حزينة..يدندن بها قاص بارع.
      تقبل تحيتي
      اديبنا الراقي
      رفيقي في صعيد مصر

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        نعيم صديقي الأحب
        جميل هذا النص
        لغة و معنى و مبنى
        حكى كثيرا
        و صور كثيرا
        و أعطى دلالات كثيرة .. و العجوز كانت هنا من تدبير مخرج العرض !

        محبتي

        بخصوص الهفوات .. ليس كثيرا ربما واحدة في آخر النص !
        sigpic

        تعليق

        • نادية البريني
          أديب وكاتب
          • 20-09-2009
          • 2644

          #5
          كنت هنا مع هذه الأحاسيس المبعثرة التي قدّها أخي الكريم نعيم بحرفيّة فجاءت مفعمة بالأحاسيس
          أحاسيس مبعثرة بين الحاضر والماضي وقلبها مثل الشتات يبحث عن نفسه
          قلمك استبطن كوامن النفس فعرّاها
          دمت بخير أخي المبدع
          همسة:
          تذكرت حنين مضى نقول حنينا مضى

          تعليق

          • مصطفى الصالح
            لمسة شفق
            • 08-12-2009
            • 6443

            #6
            نص مليء بالشجن

            صيغ باحترافية معلم

            تسلسل الأحداث وتدافعها أعطى زخما سرديا للنص وتشويقا،

            أخي نعيم

            كعادتك مبدع

            بعض ما أعتقده سهوات أشرت إليه أدناه ، ناقشني فيها كي أتأكد أنا ايضا

            وأمر آخر.. حرف الواو يسبب ترهلا في السرد أفضل عدم استخدامه إلا للضرورة القصوى

            محبتي وتقديري

            المشاركة الأصلية بواسطة نعيم الأسيوطي مشاهدة المشاركة
            أحاسيس مبعثرة
            ( قصة قصيره )
            تجمع أشياءها وتخرج وحيدة لا تلوي على شئ، يتصارع عقلها مع قلبها، ذرة حب عاشتها بينهم، وعمرا من الكراهية...

            تخرج من حقيبتها أقصوصة من الورق كتبها لها يوما.. تقرؤها وتضحك ساخرة، ثم تنظر إلي السماء, لتذرف عيناها الدمع المرير..

            يسبح في قلبها العشق, فيرتعش جسدها بشدة، تتألم حواسها، ويصمت لسانها كعادته.. تتساقط خصلات شعرها، وتعلن استسلامها للموت، لكنها تقاوم، لتنهض بدونهم ولو على حافة أخرى..

            تشكل حائطا لصدهم بعيدا عنها، لتحمي قلبها، حاولت كثيرا، لكنها لم تنجح، فقررت الهرب بعيدا عن ألسنتهم..

            قلبها يتمزق بشدة، والأحزان تخترقها، ولا تستطيع التخلص من سيل الدموع الساخنة, تبدو الشمس وليدة في الأفق.. تخنقها الأوردة والشرايين؛ كي تمنعها من الإشراق,

            تبعثر أشياءها الريح, ليتجمع القاصي والداني حولها، والباكون المحزونون صارت ربة الضحك والابتسام بينهم, تنظر في أعينهم وتذكر ما مضى,

            تمزقت الأوراق كلها، ولم يبق في جوفها الساكن إلاّ ثمار بطعم الحنظل.. تمثل ذكرى ماضية.. تتنهد بعمق، ثم تحكي قصتها في هدوء..
            - كان غنيا أحبني فقيرة..
            - .................................
            - أهله يكرهونني بشدة..
            - ......................................
            - رغم حبي له قررت أن أهجره،
            - .....................................
            - كم تمنيت أن يضمني بعشق،
            - .....................................
            - لكني قررت الرحيل,
            - .....................................
            - سرت بمفردي يغطيني ثلج الشتاء وصهد الصيف,
            - .....................................
            - لم أجد نسمة حنان سوى بينكم... فهلا قبلتموني كما أنا بحكايتي و........ سكتت .

            فترة صمت طويلة، ترتفع فيها دقات قلبها , وتتنقل عينها بينهم.. تستحضر نظرات أخرى مضت من زمن.... .

            تنهض.. تجمع أشياءها , تتحسس أصابعها , تعيد النظر إليهم, قلبها يعتصر بشدة..

            حين همّت بالخروج.. فاجأتها سيدة عجوز اقتربت منها، لتحتوي جسدها المرتعش بجناحيها اليابسين.. تلتصق القلوب وتشتعل المشاعر من حولهما,

            قال أحدهم يحدث صديقه:
            - إنها مطرودة من بلدها، لكنها ظُلمت كثيرا، وسدت في وجها أبواب الخير..
            - وماذا تريد..؟
            - لا شئ.. سأتزوجها..!
            - لا أصل لها ولا فصل..
            - سأتزوجها..

            يتركه صاحبه حانقا ويمضي.. يقترب منها، طالبا يدها من العجوز.. يرتفع نشيجها.. ولا ترد.. تربت العجوز على رأسها, تفتح حقيبتها، وتقذف ما تبقى من الورق..

            تطلب العجوز منها التخلص من الحقيبة كلها.. تفكر قليلا.. تنهض وتسير خطوات مترددة، تبدو الحقيبة مقيدة في مفصل قدمها, تلقيها.. فتنكب على وجها، وصرخاتها المكتومة معلقة بأشيائها, تخلصها العجوز من عثرتها، فتعود ببطء تجاه عريسها,

            تتذكر نسمات الفجر ونبات الورد المشرق, تحتضن العجوز وتغني, الصوت المخنوق بداخلها يختفي شيئا فشيئاً، والشاب يسير بجوارها ممسكا بيدها يدندن بأغنية للعشق,

            يروي عطشها من الحرمان, يختنق القمر.. ينطلق أطفال البلدة يتغنون:
            - يا بنات الحور سيبوا القمر.. دا القمر مخنوق توه ما ظهر.. يا بنات الحور سيبوا القمر ..

            ابتعدت عن الرءوس المكورة، ونظرت إلى السماء، تذكرت حنينا مضى، تبسمت , ثم همست إلي روحها.. تأبطت ذراع حبيبها، ومضت إلي عين القمر..

            ***

            مساء الأحد
            6 / 12 / 2009
            [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

            ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
            لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

            رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

            حديث الشمس
            مصطفى الصالح[/align]

            تعليق

            • نعيم الأسيوطي
              أديب وقاص
              • 29-11-2009
              • 115

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
              أديبنا،القاصّ الرّاقي الأستاذ نعيم الأسيوطي.
              يسعدني أن يتلألأ اسمك من جديد،
              قرأت النصّ مرّات عدّة،
              أحاسيس و متاعب مبعثرة لمّ الكاتب شتاتها داخل حيّز قصصيّ ضيّق ،أعتبره نموذجا مثاليّا لما ينبغي أن تكون عليه القصّة العربيّة الحديثة.
              نحن بحاجة إلى أمثلة كهذه لنعيد للقصّة مفهومها الحكائيّ الموجز الذي يسير وفق خطّة واضحة المعالم و الأبعاد .
              نحن أشياؤنا أو على الأقلّ ثمّة كيمياء اجتماعيّة قد تُؤدّي إلى ذلك. حقيقة مروّعة ينتهي بنا الكاتب للوقوف عليها مُدّعيا غير ذلك.
              و لو جاز لي تشبيه المعنى داخل النصّ بالرّمح المُسنّن من الجهتين لقُلت إنّ الطّرف الحادّ الأوّل هو العنوان و ما تطابق معه لاحقا عندما وصلنا إلى رمي الحقيبة بما فيها من أحاسيس و ذكرى حميمة،و أنّ الطّرف الثاني هو تلك الهمسة التي همست بها إلى نفسها في لحظة خاطفة كتميمة تقضي بها على ما تبقّى بداخلها من عاطفة حنين.

              تقديري و مودّتي لك أستاذي و صديقي نعيم،

              تبعثرت بعض الهفوات في النصّ . أهيب بك أن تُسلّط عليها عنايتك.

              كنتُ أتعلّم هنا.
              **************************
              أخي الحبيب / محمد فطومي
              تحية حب وتقدير
              اسعدني مرورك الجميل وتعقيبك الاكثر من رائع ..
              فشكرا لك يا صديقي الجميل واتفق معك ..
              مودتي وتقديري

              تعليق

              • نعيم الأسيوطي
                أديب وقاص
                • 29-11-2009
                • 115

                #8
                اخي الكريم / الحارس الصغير
                تحية حب وتقدير
                شكرا على تواجدك الجميل بين حرفي البسيط ..
                مودتي وتقديري

                تعليق

                • ولاء عطاالله
                  أديب وكاتب
                  • 04-01-2013
                  • 39

                  #9
                  حقاً انها قصة مليئة بالشجن..فنية العنوان رائعة ولائقة بالنص..رغم تداخل الأحاسيس وتشتتها..كنت أتمنى أن أحصل على تلك المجموعة الرائعة..تحياتى لك أستاذ/نعيم
                  بنتك/ولاء عطاالله..نادى القصة بأسيوط

                  تعليق

                  • أحمد عيسى
                    أديب وكاتب
                    • 30-05-2008
                    • 1359

                    #10
                    قصة جميلة

                    والأهم أن هذه الأحاسيس المبعثرة لم شملها في هذا النص الصغير بعدد كلماته الكبير بقيمته

                    تقديري أ نعيم لقلمك المبدع
                    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                    تعليق

                    • حسن لختام
                      أديب وكاتب
                      • 26-08-2011
                      • 2603

                      #11
                      قصة ممتعة توغّلت من خلالها في اعماق النفس البشرية
                      محبتي وتقديري، أخي نعيم الأسيوطي

                      تعليق

                      • ريما ريماوي
                        عضو الملتقى
                        • 07-05-2011
                        • 8501

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة نعيم الأسيوطي مشاهدة المشاركة
                        أحاسيس مبعثرة
                        ( قصة قصيره )
                        تجمع أشياءها وتخرج وحيدة لا تلوي على شيء، يتصارع عقلها مع قلبها، ذرة حب عاشتها بينهم، وعمر من الكراهية...

                        تخرج من حقيبتها أقصوصة من الورق كتبها لها يوما.. تقرأها وتضحك ساخرة، ثم تنظر إلى السماء، لتذرف عيناها الدمع المرير..

                        يسبح في قلبها العشق، فيرتعش جسدها بشدة، تتألم حواسها، ويصمت لسانها كعادته.. تتساقط خصلات شعرها، وتعلن استسلامها للموت، لكنها تقاوم، لتنهض بدونهم ولو على حافة أخرى..

                        تشكل حائطا لصدهم بعيدا عنها، لتحمي قلبها، حاولت كثيرا، لكنها لم تنجح، فقررت الهرب بعيدا عن ألسنتهم..

                        قلبها يتمزق بشدة، والأحزان تخترقها، ولا تستطيع التخلص من سيل الدموع الساخنة، تبدو الشمس وليدة في الأفق.. تخنقها الأوردة والشرايين؛ كي تمنعها من الإشراق،

                        تبعثر أشياءها الريح، ليتجمع القاصي والداني حولها، والباكين المحزونين صارت ربة الضحك والابتسام بينهم، تنظر في أعينهم وتذكر ما مضى،

                        تمزقت الأوراق كلها، ولم يبق في جوفها الساكن إلاّ ثمار بطعم الحنظل.. تمثل ذكرى ماضية.. تتنهد بعمق، ثم تحكي قصتها في هدوء..
                        - كان غنيا أحبني فقيرة..
                        - .................................
                        - أهله يكرهونني بشدة..
                        - ......................................
                        - رغم حبي له قررت أن أهجره،
                        - .....................................
                        - كم تمنيت أن يضمني بعشق،
                        - .....................................
                        - لكني قررت الرحيل،
                        - .....................................
                        - سرت بمفردي يغطيني ثلج الشتاء وصهد الصيف،
                        - .....................................
                        - لم أجد نسمة حنان سوى بينكم... فهل قبلتموني كما أنا بحكايتي و........ سكتت .

                        فترة صمت طويلة، ترتفع فيها دقات قلبها، وتتنقل عيناها بينهم.. تستحضر نظرات أخرى مضت من زمن...

                        تنهض.. تجمع أشياءها، تتحسس أصابعها، تعيد النظر إليهم، قلبها يعتصر بشدة..

                        حين همّت بالخروج.. فاجأتها سيدة عجوز اقتربت منها، لتحتوي جسدها المرتعش بجناحيها اليابسين.. تلتصق القلوب وتشتعل المشاعر من حولهما.

                        قال أحدهم يحدث صديقه:
                        - إنها مطرودة من بلدها، لكنها ظُلمت كثيرا، وسدت في وجها أبواب الخير..
                        - وماذا تريد..؟
                        - لا شيء.. سأتزوجها..!
                        - لا أصل لها ولا فصل..
                        - سأتزوجها..

                        يتركه صاحبه حانقا ويمضي.. يقترب منها، طالبا يدها من العجوز.. يرتفع نشيجها.. ولا ترد.. تربت العجوز على رأسها، تفتح حقيبتها، وتقذف ما تبقى من الورق..

                        تطلب العجوز منها التخلص من الحقيبة كلها.. تفكر قليلا.. تنهض وتسير خطوات مترددة، تبدو الحقيبة مقيدة في مفصل قدمها، تلقيها.. فتنكب على وجها، وصرخاتها المكتومة معلقة بأشيائها، تخلصها العجوز من عثرتها، فتعود ببطء تجاه عريسها،

                        تتذكر نسمات الفجر ونبات الورد المشرق، تحتضن العجوز وتغني، الصوت المخنوق بداخلها يختفي شيئا فشيئاً، والشاب يسير بجوارها ممسكا بيدها يدندن بأغنية للعشق،

                        يروي عطشها من الحرمان، يختنق القمر.. ينطلق أطفال البلدة يتغنون:
                        - يا بنات الحور سيبوا القمر.. دا القمر مخنوق توه ما ظهر.. يا بنات الحور سيبوا القمر ..

                        ابتعدت عن الرؤوس المكورة، ونظرت السماء، تذكرت حنين مضى، تبسمت، ثم همست إلي روحها.. تأبطت ذراع حبيبها، ومضت إلى عين القمر..

                        ***

                        مساء الأحد
                        6 / 12 / 2009
                        جميل النص وتلك الأحاسيس المبعثرة...

                        النص رائع ومشوق تشدك كل كلمة فيه...

                        وكل انسان بالحياة يحتاج الرعاية والاهتمام...

                        سمحت لنفسي بتعديل الهنات، مستعدة لمساعدتك في تعديلها

                        أن رغبت بذلك مع ضم تعديلات الأستاذ مصطفى الصالح مع تحفظي

                        على تقرأها هي صحيحة كما هي أيضا.

                        يرجى ملاحظة الفاصلة العربية هي الموجودة عند حرف النون

                        لاحظت خلطك بينهما...


                        كن بخير وصحة وعافية...


                        تحيتي وتقديري.


                        أنين ناي
                        يبث الحنين لأصله
                        غصن مورّق صغير.

                        تعليق

                        يعمل...
                        X