المشيب
محمد توفيق الرفاعي
في روضة تناغمت فيها زغاريد
وتعانقت مع أريج العطور والطيب
فإذا أنا وحيدا وقد شغلن عني بجماعات
واحتفى كل حبيب بحبيب
فخرجت مني زفرة وسألت الزمان :
ماأنت فاعل بكهل زاره المشيب
فأفاض عليه بحلة
فإذا هو من ذكرها كئيب
يسترها بالأصباغ جاهداً
فتنبري له ضاحكة أناأنا المشيب
أنا التي لاتسترني ساترة
ولن أكون لك شيء معيب
مررت بالزمان بكل دهوره
فأنت الآن بلا نضرة ولا رطيب
أقرانك قد فرقت بهم سبل
فمنهم رفاة تحت الثرى والكثيب
ومنهم من انزوى وحيداً في غصة
منتظرا أجلا قد يكون قريب
فإعمد إلى محرابك متهجداً
فهناك يلقى الحبيب حبيب
ولا تقضي الليالي مبتئسًا
ففي السماء بارئ وهو رقيب
تقرب إليه بصلاتك ساجداً
يكن لك في النائبات مجيب
وسأكن على راسك تاج وقار
فالله يستحي من تائب وقره المشيب
ودع الزمان يجري بأمره
تعش هانئ البال مغفور الذنوب
فلكل ذا خلجة قدر
كان معلوما عند علام الغيوب
تعليق