لماذا تتغامز العصافير ؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الضيف حمراوي
    أديب وكاتب
    • 28-11-2008
    • 70

    لماذا تتغامز العصافير ؟

    لماذا تتغامز العصافير؟

    قال الشيخ يحدث نفسه عاقدا يديه وراء ظهره وهو يسير. يقال: أنها ستحسم يوم الخميس المقبل الحسم النهائي.

    سمعتهن واحدة واحدة:

    قالت الأولى: أنها قد أخبرته بكل شيء، وأفهمته أنها لم تعد تحتمل هذه العيشة الجماعية، وأنها قد وجدت عنده نفس القناعة، وقد أكد لها أن مكانتها عنده فوق كل اعتبار آخر، وعليهم جميعا أن يفهموا ذلك، كما أنه هو أيضا لم يعد يحتمل، وسيحسم الأمر معهم مرة واحدة حين يعود يوم الخميس المقبل .

    وقالت ألثانية: أنه تعهد أمامها وهو يقبل يديها بأن يقطع خيط العقد، وأن رضاها وراحتها هما مبرر وجوده، وأنه تزوجها كي يجن الكون بحبهما، وتهتزالأرض نشوة، ولتسقط المساكن والعمارات، ولتنداح الجبال، ولتحترق الغابات.

    وقالت الثالثة: .........إن غدا لناظره قريب.

    وقالت: الرابعة بأنه حين يعود يوم الخميس سينجلي الأمر، وسيشهر سيفه ويخوض لآخر مرة لهيب الوطيس، وينهي كل الدسائس التي تحاك في المخادع، ووراء الكواليس، وسيبقي البيت لها.

    ويخرج الشيخ من البيت وهو يكرر: هكذا إذن؛ يقال : إن كل الأمور، كل المشاكل، كل المشاحنات ستحسم وتنتهي يوم الخميس المقبل الحسم النهائي.

    ويأتي الخميس، ويعود الأزواج بعد غياب فيشتعل البيت بحر العواطف مضمخة بروائح العطور ؛ يتسلل لهيبها مندفعا من الغرف، عبر الفتحات والمسارب، وتهدأ القلوب ، وتلين حجارة الأسوار، وتبتسم السقوف والجدران، وتغني الزوايا وتتناغى العصافير على شرفات النوافذ ؛ وتتغامز، وتنبعث من وراء الأبوات الضحكات المكبوتة،والآهات الولهى، والتنهدات الحري.

    وسرعان ما يعود يوم السبت؛ فيغادر الأزواج إلى مناصب أعمالهم، وتلوح الغيوم متدافعة ، ويلف موسم الغضب والتهديد والوعيد البيت من جديد، وينعقد الأجماع على أن الأمور ستحسم يوم الخميس المقبل الحسم النهائي

    يخرج الشيخ كل صباح من البيت كالعادة ، ويداه معقودتان خلف ظهره وهو يردد: يقال إن كل الأمور، كل المشاكل، كل المشاحنات ستحسم وتنتهي يوم الخميس المقبل الحسم النهائي.

    ويذرع الطريق على أنغام ما ألف سماعه من كناته منذ أمد، ويعيد للمرة الألف يقال: إن كل الأمور ستحسم يوم الخميس المقبل ، يعيد ذلك بلا ملل ؛ تحت سمع و نظر العصافير التي اصطفت لاستقباله على خيوط أعمدة الكهرباء الممتدة بمحاذاة الطريق وهي تتقافز وتتغامز وتغني للورد، كي ينتشي فينمو، ودون أن يتوقف يجتاحه سؤال مغاير : لماذا تتغامز العصافير؟


    الضيف حمراوي 14/04/2013
    التعديل الأخير تم بواسطة الضيف حمراوي; الساعة 15-04-2013, 10:03.
  • عبير هلال
    أميرة الرومانسية
    • 23-06-2007
    • 6758

    #2
    قصة رائعة صيغت بأسلوب مميز

    مشوقة لا تستطيع إلا أن تكملها لآخر كلمة


    سعيدة لكوني اول من تعلق عليها

    مرحبا بك بيننا

    تحية وتقدير
    sigpic

    تعليق

    • ريما ريماوي
      عضو الملتقى
      • 07-05-2011
      • 8501

      #3
      اهلا بك الضيف الحمراوي ...
      والقصة ان دلت على شيء فهي تدل
      على حنكة هذا الشيخ وبعد نظره بالتعامل
      مع كناته...

      القصة حلوة، مشوقة وتشد حتى النهاية..

      استمتعت بها أنا أيضا...

      تحيتي وتقديري.


      أنين ناي
      يبث الحنين لأصله
      غصن مورّق صغير.

      تعليق

      • مصطفى الصالح
        لمسة شفق
        • 08-12-2009
        • 6443

        #4
        في الواقع جذبني العنوان الذي بحد ذاته قصة

        زمن عيش الجد مع أصغر حفيد تحت سقف واحد ولى ولن يعود

        لأن الناس ما عادت تحتمل نفسها فكيف بغيرها

        ضيق الخلق صفة عامة مشتركة في هذا العصر لذلك لكل مقام مقال

        جميل السرد لكنه كان بأسلوب الق ق ج بتسليط الكاميرا على الخارج وهذا ليس في صالح القصة القصيرة

        دمت مبدعا

        تحياتي
        [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

        ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
        لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

        رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

        حديث الشمس
        مصطفى الصالح[/align]

        تعليق

        يعمل...
        X