الراعي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جودت الانصاري
    أديب وكاتب
    • 05-03-2011
    • 1439

    الراعي

    الراعي
    كم كانت كبيرة ,, شجرة التوت تلك ,وهي تتوسط قريتنا كمارد من بطن الزمن ,, حيث تتوزع البيوت البسيطة حولها وكأنها دجاجة , تضم صيصانها تحت اجنحتها ,,وهي شامخة بمحاذاة نهر القرية .
    حتى اذا جاء الربيع جادت بثمار التوت السوداء كعناقيد عنب مبكّر.
    كانت ملعبنا ,وظلّنا الوارف ,,قديمة قدم القرية ,, حتى ان كبار السن لا يعرفون من زرعها ومتى ,,مضيافة ,,فمئات الطيور تعود اليها في المساء لتقضي ليلتها ,, وقد تبني اعشاشها ايضا , فكأنها مجمع سكني من التي نراها في المدن اليوم ,, كقفير نحل تسكنه عشرات العوائل ,,يا الله , كيف يعيش هؤلاء الناس متقاربين؟؟ بل كيف يتشاجرون مع نسائهم في هذه الزحمة من الناس .
    في الصباح كان يخرج بنعاجه الى المراعي القريبة , حتى اذا حل الظهر عاد بها , ليتخذ من ملعبنا مكان قيلولة لنعاجه ,, والويل لمن يقترب منها , وهي نائمة بتشكيلة غريبة يحرسها كلبان كبيران , احدهما اسود كبير ,, لكنه طيب لا يؤذي احدا بل يكفي ان يزمجر بارزا انيابه لنهرب بعيدا , كان اسمه( بارود )شرسا حتى انه ذات يوم اخذ عباءة احدى النساء وهي تملأ جرتها من النهر ,,
    الايام في القرى تمر بطيئة , فلا جديد , ليل ببطن نهار ,, الى ان جاء ذلك اليوم المليء بالأحداث ,, فقد عاد القطيع ذلك اليوم لوحده تحرسه الكلاب طبعا ,,لم يفطن احد للأمر , فلم يكن للراعي احد لا زوجة ولا اطفال ,, فلقد توفي الوالد مبكرا ,, وسارعت الوالدة هي الاخرى باللحاق به ,, ولم يفكر حينها بالزواج ,,فعاش كطير بري ,, واكثر ما يمكن ان ينطقه هو: اهلا لمن يبادره بالتحية , واذا صادف وسأله : وكيف الحال؟ فسيكون جوابه : وما شانك ؟
    في اليوم الثاني خرجت النعاج وكأنها مبرمجة والكلبان اصبحا اكثر حساسية وتنمرا من ذي قبل بغياب الرجل ,, حل اليوم الثالث فخرجت القرية تبحث عن الرجل , دون جدوى, ومرّ اليوم الرابع والخامس
    ,فص ملح وذاب في بحر ,,وقبل مغيب شمس اليوم السادس عاد ,يتوكأ على عصا وكأنه عائد من القبر ,, متعب ممزق الملابس , واثار الجوع والعطش واضحة على محياه , وجراح سطحية على رقبته ووجهه نزفت ثم جمد الدم عليها ,,تحاشا نظرات السائلين ومد يديه الكبيرتين في النهر ليغرف عدة غرفات , شرب وغسل وجهه وراسه ثم اختفى خلف السياج تاركا الناس في حيرة كبيرة .
    تكررت غيبات ,, الرجل في كل اسبوع يختفي يومين او ثلاثة ثم يعود منهكا ,,من جديد ,,
    اصبح الرجل يتصدر احاديث القرية ,,وتبعه بعض الفضوليين خفية, فوجدوه يدخل بستانا قديما تركه اهله فاصبح كغابة مكتظة لا يدخلها الا الخنازير, وبعض الهاربين ,,
    شاع حديث في القرية انه تحدث مرة لاحد الصيادين , حين عيّره بانه مجنون ,, فأدعى وهو يقسم بحياة والده :انه متزوج من جنية تسكن ذلك البستان ,, وانها لا تسمح له بالمغادرة , وبرقّتها وجمالها , تنسيه الأكل والشرب ,, وتغضب حين يهرب منها , لذلك لا يستطيع العودة الى بيته ,,
    ذات يوم صحت قريتنا على نبأ موته , حيث وجده الصيادون متكورا في عشه الصغير في ذلك البستان الموحش ,, وهو يحتضن جنيته الجميلة ,, بينما اغنامه كعادتها تخرج تروح وتغدو لمرعاها ,, تحرسها
    الكلاب

    التعديل الأخير تم بواسطة جودت الانصاري; الساعة 15-04-2013, 19:51.
    لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا
  • حسن لختام
    أديب وكاتب
    • 26-08-2011
    • 2603

    #2
    نص ممتع بلغة بسيطة وسلسة
    مودتي، جودت

    تعليق

    • أمنية نعيم
      عضو أساسي
      • 03-03-2011
      • 5791

      #3
      هل هذه الجنية واقع؟
      اختلط علي الخيال بالحقيقة استاذنا جودت
      ضحكت عندما تسائلت "كيف يتشاجر الأزواج في هذا الازدحام ؟" ههههه
      وكأنه عمل أساسي لا يمكن الاستغناء عنه
      للقصة رسالة ما ربما ما استطعت إدراكها
      شجرة التوت
      والقرية
      والكلاب الشرسة
      والراعي
      خلته لوهلة أنه الجزئية والباقي هم الأصل في السرد
      ما الهدف من ذكر الجن هنا؟ والكلاب الشرسة ؟والبستان المهجور؟
      غياب الراعي وحضور الغنم ؟
      والله أسئلة كثيرة حيرتني أيها القدير
      سأنتظر رؤية الأحبة علي أخرج بمفهوم كامل للقصة
      مبدع كما أنت أستاذنا...
      [SIGPIC][/SIGPIC]

      تعليق

      • جودت الانصاري
        أديب وكاتب
        • 05-03-2011
        • 1439

        #4
        مرحبا سيد حسن
        سرني كثيرا حرفك على قصره
        فشكرا
        ونتواصل
        لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

        تعليق

        • جودت الانصاري
          أديب وكاتب
          • 05-03-2011
          • 1439

          #5
          مرحبتين سيده امنيه
          هي فرصه لالقاء التحيه اولا
          فمذ فترة لم تمري بنصوصي
          انا نفسي تحيرت باسئلتك
          فهل الشجار من ضمن الواجبات الزوجيه ؟
          اما الكلاب وشجرة التوت فهي مبرمجة على العطاء
          وراعينا حقيقي ,, ولعل الوحده هي التي دفعته الى الخيال
          القريب من الواقع
          والقرية هي قريتي ,, التي اصبحت اليوم مدينة كبيرة
          شكرا لجميل المرور
          دعينا نتواصل
          لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

          تعليق

          • ريما ريماوي
            عضو الملتقى
            • 07-05-2011
            • 8501

            #6
            فعلا أستاذ جودت ...
            أحسست قصتك واقعية...
            وراعينا عاش الوهم كما نحن
            هنا من خلال الفيس...

            استمتعت بها.. عوفيت...

            كن بخير وصحة ...

            تحيتي وتقديري.


            أنين ناي
            يبث الحنين لأصله
            غصن مورّق صغير.

            تعليق

            • عبير هلال
              أميرة الرومانسية
              • 23-06-2007
              • 6758

              #7
              قصة رائعة للغاية

              عميقة الدلالة

              خطتها أناملك البديعة

              مبهرٌ أنت

              وساطعةٌ حروفك كالياقوت


              مودة وتقدير
              sigpic

              تعليق

              • جودت الانصاري
                أديب وكاتب
                • 05-03-2011
                • 1439

                #8
                مرحب سيده ريما
                اكيد انت الاروع
                فباعك لا يقارب في السرد
                اما راعينا المسكين ,, فلا تزال القرية تذكره
                وبكل اسف الشجره المعطاءة شملها الطريق فقطعت من زمان
                اسعدني مرورك
                دعينا نتواصل
                لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                تعليق

                • جودت الانصاري
                  أديب وكاتب
                  • 05-03-2011
                  • 1439

                  #9
                  مرحبتين سيده هلال
                  اسعدني اطراؤك
                  والحرف
                  فشكرا
                  لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                  تعليق

                  • محمد فطومي
                    رئيس ملتقى فرعي
                    • 05-06-2010
                    • 2433

                    #10
                    مأثورات أهل القرى لا تخلو في الغالب من خروج عن الواقع و بعد عجائبيّ يُضفي على الحكاية طابعا مُبهرا. و هي في العادة تُروى في شكل ملاحم أو خرافات أو قصائد الخ...
                    ما لفت انتباهي هنا في هذا النصّ ، و صفّقتُ له هو أنّك استطعت صياغتها في شكل قصّة قصيرة و هذا تطلّب بلا ريب مجهودا و اشتغالا و براعة و حذرا أيضا.
                    أعتقد أنّك تمكّنت من تجاوز الخطّ الفاصل بين الحكاية و بين القصّة بذكاء.

                    أمّا إذا أردنا أن ندخل في التّفاصيل ،فلي رأي في نقطتين:
                    الأولى تتعلّق بوصف شجرة التّوت و استهلالك النصّ بالحديث عنها مُطوّلا نسبيّا ، حتّى أنّ اهتمام القارىء يتّجه رأسا إلى تعقّب ما كان و سيكون منها. ليتّضح بأنّها لم تُستدعى إلاّ لتُخبر عن المكان الذي اعتاد الرّاعي قضاء قيلولته فيه.برأيي أنفقت الكثير من أجل هذه الجزئيّة الثّانويّة.
                    الأمر الثاني يتعلّق بالخاتمة
                    و قد تضمّنت حدثين رئيسين:
                    - الرّاعي يُكتشف ميّتا بين أحضان جنّيّة ثمّ استمرار القطيع في الخروج بمفرده .
                    أعتقد أنّ القصّة لو توقّفت عند حدّ مُشاهدته ميّتا بين أحضان الجنّيّة لكان أفضل.
                    لأنّ خروج القطيع بمُفرده أتيتَ على ذكره في أواسط النصّ ما جعله غير صالح ليكون مفاجأة أخيرة.

                    مودّتي و تقديري لجودة أسلوبك و نَفَسك القصصيّ المُشوّق.
                    مدوّنة

                    فلكُ القصّة القصيرة

                    تعليق

                    • جودت الانصاري
                      أديب وكاتب
                      • 05-03-2011
                      • 1439

                      #11
                      مرحبتين اخي محمد
                      سرني مرورك والحرف
                      اما في الشجره فانت محق لكن الذكرى جعلتني اسهب في وصفها
                      واما القطيع فيعني استمرار الحياة على نفس الرتابه
                      واننا جميعا لا نزال نحلم بجنيات جميلات ههههه
                      شكرا
                      لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                      تعليق

                      • محمد فطومي
                        رئيس ملتقى فرعي
                        • 05-06-2010
                        • 2433

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة جودت الانصاري مشاهدة المشاركة
                        مرحبتين اخي محمد
                        سرني مرورك والحرف
                        اما في الشجره فانت محق لكن الذكرى جعلتني اسهب في وصفها
                        واما القطيع فيعني استمرار الحياة على نفس الرتابه
                        واننا جميعا لا نزال نحلم بجنيات جميلات ههههه
                        شكرا
                        أشكر لك رحابة صدرك أخي الأنصاري،
                        تقصد أنّ بعضنا يحلم بجنّيّات جميلات،
                        لمَ نحلم ببيت على سطح المرّيخ و على الأرض ما يستحقّ الحياة كما يقول درويش؟

                        سُررتُ بلقائك أخي.
                        كن بخير.
                        مدوّنة

                        فلكُ القصّة القصيرة

                        تعليق

                        • آسيا رحاحليه
                          أديب وكاتب
                          • 08-09-2009
                          • 7182

                          #13
                          ما تزال تدور برأسي مقولة أحدهم ، لا أتذكّر اسمه ، عن المقدمة في القصة
                          حيث قال بما معناه أن نكتب مقدمة لنصوصنا القصصية ثم نحذفها فيكون النص أروع .
                          فكّرت في ذلك و أنا أقرأ قصّتك و قلت في نفسي ماذا لو أنّ أخي و زميلي العزيز جودت قد بدأ النص
                          من عبارة
                          "في الصباح كان يخرج بنعاجه الى المراعي القريبة "
                          ما رأيك ؟ فكّر معي في ذلك .
                          يبدو أنّي بهذه الفكرة سألغي
                          كل مقدّمات نصوصي و نصوص أحبّتي في القص هههه
                          عبارة " كأنّها دجاجة " بدا لي أنّها تعود على البيوت و ليس الشجرة .
                          تحاشا أم تحاشى ؟
                          لا أدري الآن ههه أنا أسألك .
                          جميل الحلم بالجنّية ..لو أنّه يتحقّق .
                          تحياتي و مودّتي أخي .
                          يظن الناس بي خيرا و إنّي
                          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                          تعليق

                          • جودت الانصاري
                            أديب وكاتب
                            • 05-03-2011
                            • 1439

                            #14
                            مرحب اخت اسيا
                            حاشا فعل استثناء ,, والبعض يعتبره حرف جر
                            وهنا اظنه فعل تام ,, وما دام مصدره تحاشيا اذن يتحاشى
                            اما المقدمات فلك الحق غير اني اجدها احيانا ممتعه شرط الا تطول
                            وهي ذاتيه يعرض الكاتب بعض ارائه بطريق غير مباشر
                            والجنيات دليل افلاس راعينا ووحدته ههه
                            واصلينا
                            لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                            تعليق

                            • جودت الانصاري
                              أديب وكاتب
                              • 05-03-2011
                              • 1439

                              #15
                              [marq]واحيانا
                              تكون المقدمات ,, عنوانا اسهب به كاتبه ليعطي فكرة عن قصته
                              بل واحيانا لتشويق القارئ
                              سرني جميل التواجد احبتي [/marq]
                              لنا معشر الانصار مجد مؤثل *** بأرضائنا خير البرية احمدا

                              تعليق

                              يعمل...
                              X