ترجمات عن البابلية: (2) أخذة كش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحمن السليمان
    مستشار أدبي
    • 23-05-2007
    • 5434

    ترجمات عن البابلية: (2) أخذة كش

    أُخْذَةُ كِشْ

    [align=justify]أقدم إليكم نصاً أكادياً (بابلياً) من القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد يُعرف في علم الآشوريات "بأُخذة كِشْ" لأنه عُثر على رقيمه في مدينة كِشْ. والأُخذة هي تعويذة يستكتبها الرجلُ الكاهنَ أو الساحرَ لاستمالة قلب امرأة يهواها .. ولا يزال هذا التقليد معمولاً به في العالم العربي كما هو معروف.

    وهذه الأخذة استكتبها رجل من كِش أحدَ الكهان لاستمالة قلب امرأة يتعشقها كانت فيما يبدو تصده. وكنت ترجمت هذه الأخذة فيما ترجمت من النصوص أيام الدراسة وعدت إليها ونقحتها تنقيحاً طفيفاً إلا أني حافظت على "حرفية الترجمة" حتى أمكن القراء من استشفاف القرابة اللغوية بين الأكادية والعربية.

    ولحسن الحظ وجدت قبل أعوام من الآن كتاباً في العربية عالج فيه كاتباه هذا النص معالجة علمية جيدة جداً وقدماه شارِحَين إياه بمقارنته مع العربية مقارنة عميقة لأنهما متخصِّصَيْن في علم الآشوريات. وأنصح الزملاء المهتمين بالنصوص القديمة للشرق باقتنائه وقراءته خصوصاً وأن المصادر العربية التي تقدم النصوص السامية والشرقية القديمة من اللغات الأصلية (وليس نقلاً عن اللغات الأوربية) نادرة جداً. والكتاب هو:

    "أُخْذَةُ كِش، أقدم نص أدبي في العالم". تقديم وتحقيق: ألبير فريد هنري نقاش وحسني زينة. 123 صفحة. مكتبة لسان المشرق. ديوان النصوص الأصلية 1. بيروت، 1989.

    دونت الأخذة، شأنها في ذلك شأن سائرالنصوص الأكادية والبابلية والآشورية وغيرها، بالكتابة المسمارية، وهي كتابة بدأت صورية وانتهت مقطعية. والكتابة المسمارية المقطعية هي كتابة تدون "المساميرُ" فيها مقاطع صوتية مكونة من حرف وصوت مثل /مَ/، /مُ/، /مِ/ الخ. وتمر عملية قراءة النصوص المسمارية وترجمتها بأربع مراحل هي:

    1. قراءة النص الأكادي ونقحرته مقطعاً مقطعاً؛
    2. تجميع المقاطع الصوتية وتكوين الكلمات؛
    3. الترجمة.
    4. شرح اللغة[/align]
    مثال: المادة السادسة من قانون حمورابي
    (نسخنا النص المسماري بخط اليد لاستحالة طباعته)



    [align=justify]المرحلة الأولى: القراءة والنقحرة:

    شُمْ – مَ أَ-وِي-لُ م نِج2 – جا (= نَمْكُور) دنجير (= إلِّ م) أُو – إِي- جَل يِشْ-رِ-ِقْ، أَ-وِي-لُ م شُ –ُيِدْ-دَ-َق، و شَ شُ-ُرْقَ-َ م إِ-نَ قَا-تِ-شُ يِمْ-خُ-رُ يِدْ-دَ-َق

    المرحلة الثانية: تجميع المقاطع الصوتية وتكوين الكلمات

    شُمَّ أَوِيلُ(م) نَمْكُور إلِّ(م) وإِيكَلِ(م) يِشْرِقْ، أَوِيلُ(م) شُ يِدَّقْ، أُو شَ شُرْقَ(م) إِنَ قَاتِشُ يِمْخُرُ يِدَّقْ.

    المرحلة الثالثة: الترجمة

    "إذا سرق رجلٌ مُلكاً لإله أو من هيكلٍ، يُقتل ذلك الرجل، ويُقتل كلُّ مَن استلم من يده [المُلكَ] المسروقَ".

    المرحلة الرابعة: شرح اللغة

    شُم:ّ حرف شرط.
    أَوِيلُ(م): "رجل"، اسم نكرة مرفوع، مشتق من الجذر "أول". وكان في المجتمع البابلي ثلاث طبقات: طبقة الأحرار (أَوِيلُ(م))، طبقة الفلاحين (مُشْكِينُ(م)) وطبقة العبيد (وَرْدُ(م)) من الجذر "ورد".
    نَمْكُور: "رزق، مال، متاع"، والكلمة سومرية. اسم منصوب مضاف، وتحذف الحركة في المضاف في الأكادية.
    إلِّ(م): "إله"، ويجانس في العربية "إلٌّ" بنفس المعنى. اسم نكرة مضاف إليه. للكلمة "إله" في اللغات السامية جذران اثنان هما: الجذر الأول: إلٌّ (ill-um) الأكادية: إلُّ(م) (ill-um)؛ العبرية: אל (īl)؛ الفينيقية والأوغاريتية: إلّ؛ السريانية: ܐܠܐ (ellā)؛ العربية: إلٌّ. (انظر معنى "إلٍّ" في الآية الكريمة: لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذِمة. (10:9) وكذلك معنى قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما تُلي عليه بعض من "وحي" مسيلمة الكذاب: "إن هذا لشيء ما جاء به من إلٍّ). ويؤنث هذا اللفظ في العربية على: إلَّةٌ (illat -un) ومنه جاء اسم الصنم "اللات"). ومنه اسم مدينة "بابل" بالأكادية: باب إلّيم (Bāb Ill-īm)
    أي "باب الآلهة". ويرد الاسم في العبرية كثيراً في أواخر الأسماء مثل إسماعيل وميكائيل وإسرائيل، وورد في العربية في أسماء مثل "ياليل" و"شرحبيل". الجذر الثاني: "إله" (بإضافة الهاء) العبرية: אלוה (elōah)، وانحراف اللفظ في العبرية مصدره انقلاب ألف المد قبل حروف الحلق إلى (ōa). وهذا اللفظ نادر الورود في التوراة بالمفرد وكثير الورود فيها بصيغة الجمع هكذا: אלהים (elōhīm) (إلوهيم). ويرى علماء التوراة في جمع اسم الإله فيها مشكلة لاهوتية عويصة ويرى بعضهم أن ذلك "جمع جلالة" أو (pluralis majestatis)؛ الآرامية القديمة: אלוה (elāh)؛ السريانية: ܐܠܗܐ (elāhā) "الإله" والألف نهاية الكلمة للتعريف، العربية: إله/إلاه.
    أو: الواو حرف العطف.
    إِيكَلِ(م): "هيكل"، من السومرية أيضاً، والكلمة نكرة مجرورة لأنها مضاف إليه.
    يِشْرِقْ: يسرق (الجذر "سرق"): فعل تام.
    شُ / شَ: اسم إشارة "ذلك"/ اسم موصول "الذي".
    يِدَّقْ: يُقتل (الجذر "دقق".
    شُرْقَ(م): اسم نكرة منصوب "المسروق"، "الشيء المسروق".
    إن: مِن. قَاتِشُ: اسم مجرور مضاف إلى ضمير. "يدهُ". قاتُ: "يد"، شُ: ضمير الملك للغائب المفرد.
    يِمْخُر: استلم (الجذر "مخر"). [/align]
    نص الأخذة بالبابلية

    إِلُ حَيا إِرْحَمَ(م) يِرَءَّمْ
    إِرْحَمَ(م) مَرَءْ إِلتُ عَشْتَرْ إِنْ زَجِّ(م) يُثَّبْ
    إِنْ رُغْتِ كَنَكْتِ(م) يُدَرَّءْ
    وَرْدَتا دَمِقْتا تُحْتَنـّا(م)
    كِرِيشُمْ تُرْدا تُرْدامْ(م)
    أَنَ كِرِي رُغْتِ كَنَكْتِ(م) طِيبْ دادْكَ
    آخُذْْ فاكِ شَ رُقَّتِ(م)، آخُذْ بُرَّماتِ عِنيكِ، آخُذْ عُرْكِ شَ ثِنَتتِ(م)
    أَشْحِطْ كِرِيشْ إِلُ سِينْ أَبْـتُكْ جِشْ صَرْبَتَ(م)
    يُومِيشَّ دُورِي تَنِتَّ(م) تِزْكَرِينِـي
    كِِ رَعي يطور صأن(م) عَنْزِ(م) جَلُمَشَ لَخْرِ(م) فُخَسَّ أَتانِ(م) مُهْرَشْ
    شِرْكُوا يِداشُ شَمْنُ(م) طِيبُوتُ(م) شَفَتاشُ
    أسامْ شَمْنِ(م) إِنْ قاتِيشُ أَسامْ إِرِنِ(م) إِنْ فُودِيشُ
    إِرْحَمَ(م) يُدَبَّـبُشِ(م) وَ يِشْكُـنُشِ أَنَ مُخُّوتِ(م)
    آخُذْْ فاكِ شَ دَدِ
    إِلتُ عَشْتَرْ و إِلتُ إَشْخَرَ أُتِمِّيكِ
    قَدِ زَوَرْشُ وَ زَوَرْكِ لا يَعْـتَمْدا لا تَفَسَّحِينِّ

    ترجمة عربية حرفية

    [الـ]إِلُّ [= الإله]حَيا [الـ] يَرحَمَ يَرأَمُ
    [الـ]يَرْحَمُ ابنُ [الـ]إِلَّةِ [= الإلهة] عَشْتَر جالِس [= قائم] في المحراب
    بِرَغْوَة شَجرة المُرِّ يَنْدَفِعُ [= يَتَجَلّى]
    البَتُولَتانِ الحَسْناوانِ حُنِّيتا [= اِسْتُرْضِيَتا/اِسْتُشْفِعَتا]

    وَرَدَتا الكَرْمَ وَصَدَرَتا
    في كَرْمِ رَغْوَة شجرة المر طَيِّبْ دادَك [= وِدَّك]
    أخَّذْتُ فاكِ ذا [الـ]رِقَّةِ، أخَّذْتُ عَينَيك [الـ]زَرقاوَين، أخَّذتُ حِرَكِ ذا [الـ]ثِنَةِ!
    شَطَحْتُ إلى كَرْمِ [الـ]إِلِّ[= الإله] سِين، بَتَكْتُ [= قَطَعتُ] من غَرَبَة الفُرات
    يوميًا دَهري [= طِوالَ حياتي] تمجديًا ذكرتني
    كَ[الـ]راعِي يَطُورُ [الـ]ضَّأْنَ، [الـ]عَنزةِ جَدْيَها، [الـ]شاةِ حَملَها، [الـ]أَتانِ مُهْرَها
    شِرْكانِ يَداهُ، سَمْن [= دُهْنٌ] وطِيبٌ شَفَتاهُ
    وَسامةُ سَمْنٍ [= دُهْنِ الأَرْزِ العَطِر] في كَفَّيْـهِ، وَسامةُ [= دُهْنِ] الأَرْزِ في فُودَيهِ
    [الـ]يَرْحمُ دَمْدَمَ عليها ثم سَكنَها في مُخَيْخِها!
    أخَّذْتُ فاكِ [الـ] دَدِي [= الحبيب]
    [بِالـ]إِلَّةِ [= الإلهة] عَشْتَر و[الـ]إِلَّةِ [= الإلهة] إِشْخَرَ
    ألا تتفسحي قبلما زَوْرُهُ وَزَوْرُكِ يَعْتَمِدان [كناية عن الجماع].

    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرحمن السليمان; الساعة 30-04-2013, 19:53.
    عبدالرحمن السليمان
    الجمعية الدولية لمترجمي العربية
    www.atinternational.org
  • المختار محمد الدرعي
    مستشار أدبي. نائب رئيس ملتقى الترجمة
    • 15-04-2011
    • 4257

    #2
    هنا قطعة نادرة و ضعتها أمامنا و ها نحن نتأملها بلهفة المشتاق
    لجذور الحضارات الضاربة في عمق التاريخ
    سنظل دائما نرقب أبحاثك القيمة في مجال اللغة و الإنسان
    أستاذنا الرائع المبدع عبد الرحمن السليمان
    شكرا لأنك تثري معارفنا دائما بالجديد الذي لا يخطر على بال
    [youtube]8TY1bD6WxLg[/youtube]
    الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف



    تعليق

    • عبدالرحمن السليمان
      مستشار أدبي
      • 23-05-2007
      • 5434

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة المختار محمد الدرعي مشاهدة المشاركة
      هنا قطعة نادرة و ضعتها أمامنا و ها نحن نتأملها بلهفة المشتاق
      لجذور الحضارات الضاربة في عمق التاريخ
      سنظل دائما نرقب أبحاثك القيمة في مجال اللغة و الإنسان
      أستاذنا الرائع المبدع عبد الرحمن السليمان
      شكرا لأنك تثري معارفنا دائما بالجديد الذي لا يخطر على بال
      الأخ العزيز الأستاذ المختار محمد الدرعي،

      شكرا جزيلا على مرورك العطر. ويسعدني أن تضيف هذه الترجمة شيئا إلى معارفك، فالهدف من وراء نشرها التعريف بآدابنا القديمة ولفت أنظار المثقف العربي إليها.

      تحياتي العطرة.
      عبدالرحمن السليمان
      الجمعية الدولية لمترجمي العربية
      www.atinternational.org

      تعليق

      • منيره الفهري
        مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
        • 21-12-2010
        • 9870

        #4
        دكتورنا الغالي عبد الرحمن السليمان
        سعدت كثيرااااااااا بمعانقة هذه التحفة النادرة
        و انت تعرف لهفي على التعرف على مثل هذه الحضارات العريقة
        مازلت أقرأ و أتفحص و أتعلم
        شكرااا على هذا الإثراء أخي الجليل

        تعليق

        • عبدالرحمن السليمان
          مستشار أدبي
          • 23-05-2007
          • 5434

          #5
          [align=justify]أستاذتنا الكريمة منيرة الفهري،

          حياك الله على المرور العطر، ومعذرة عن التأخر في الرد.

          تحياتي العطرة.[/align]
          عبدالرحمن السليمان
          الجمعية الدولية لمترجمي العربية
          www.atinternational.org

          تعليق

          • عبدالرحمن السليمان
            مستشار أدبي
            • 23-05-2007
            • 5434

            #6
            يسمي بعض أهل الشام (الفَرْج) - للرجل والمرأة - بـ (ماخُود)، من الفصيح (مَأخُوذ). وهذا عندي امتداد لطقوس الـتَّأخِيذ، وهو التَّعزِيم بالعزائم على الرجل أو المرأة لاستمالة قلبه أو قلبها لتحقيق الوصال مع المحبوب. وهذا من طقوس السحر البابلي لوصل العاشقين الذي تعتبر هذه الأخذة أقدم تدوين له. ورث اليهود هذا السحر عن البابليين، وأخذناه نحن عن اليهود! من ثمة انتشار كتب السحر في العربية التي تحمل عناوين مثل (تسخير الشياطين في وصال العاشقين) و(الكباريت في إخراج العفاريت) والعزائم المستعملة في هذه الطقوس كـ (العزيمة السليمانية) و(العزيمة البرهوتية) الخ. إن معظم نصوص هذه العزائم عبرية كما ثبت لي من الاطلاع عليها.
            عبدالرحمن السليمان
            الجمعية الدولية لمترجمي العربية
            www.atinternational.org

            تعليق

            يعمل...
            X