اللقاء المستحيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    اللقاء المستحيل

    [align=center]اللقاء المستحيل[/align]


    [align=right]فتحت حدود غزة ....
    كانت هذه العبارة هي الحمم التي أشعلت البركان الخامد في أعماقه ،قفز (محمود) من مقعده ..اعتذر لمديره وترك مكان العمل وانطلق يسابق الريح نحو الحدود التي تعددت بها الفتحات في هذه اللحظة الخالدة بعيد انسحاب الجنود الإسرائيليين من غزة ...كانت الجموع تندفع من الاتجاهين ..جموع قدمت من سيناء تتلهف لرؤية أحبائها في غزة .. وجموع من غزة يسابقون الريح لرؤية الأحباء والأقارب في سيناء ..
    وجوه متشوقة .. أعطاها الشوق طاقة لم يكن أصحابها يدرون أنهم يحملونها نساء وعجائز وأطفال وشيوخ ...
    وهــــــــــو....
    يدفع نفسه دفعا عبر فتحة صغيرة في الجدار الحديدي ...
    فتى صغير يضع سلما خشبيا بجوار السور الحجري .. فيصعد عليه جريا ويواصل طريقه والفتى من خلفه يصرخ :-
    - هل تظن أنني فاتحها سبيل ؟!... الصعود بشيكل ..
    يضحك ضحكة مقتضبة ويرمي قطعة نقدية ما على الصبي وهو لا يعلم أهي شيكل أم عشرة ...
    ويواصل طريقه عبر المزارع والحقول ..
    السيارات ممتلئة ..والناس في كل مكان وكأنه الحشر ...
    يلقي نفسه بشاحنة صغيرة مخصصة أصلا للدواجن ..لكنه لا يبالي ينطلق إلى العريش ، وفي أعماقه المتشوقة يحمد الله تعالى ، لقد تحققت المعجزة ..
    سيصل إليها ...ما أجملها من لحظة ..
    يتذكر جدته العجوز وهي تقول له :-
    - دعك منها .. ما الذي يختلف فيها عن كل نساء الدنيا حتى تنتظرها خمس سنوات دون أمل بعودتها ..!
    فيقول لها واليأس يكاد يغزو كلماته :-
    - سيعطونهم تأشيرات يا جدتي ..، حتما سيمنحونهم تصاريح دخول وأراها ...
    كانت (هدى ) تحمل الجنسية المصرية وقد منع الاحتلال مرور من لا يحملون الهوية الفلسطينية إلى غزة ،وها هو صديقه( أحمد ) يمازحه قائلا :-
    - دعك منها والله لأزوجك ست ستها ...
    وكل من حوله يقدمون النصح يريدونه أن يتركها ...لكنه يأبى ، يتشوق لها ، يحاول أن يراها لكي يخمد الشوق المستعر في أعماقه ، ولكن حتى هو لا يستطيع زيارتها بسبب ملفه الأمني لدى الاحتلال ..
    إلى أن كاد يفارقه الأمل ...
    كان قد اشترى لها شريحة مصرية لهاتفها المحمول ، يجددها لها كل عام ، وقبل يومين فقط من فتح الحدود ، كادت أن تنتهي فترة الصلاحية طلبت منه بإصرار أن يجددها لكنه ولأول مرة منذ خمس سنوات رفض ...وقال أنه سيكلمها بطرق أخرى ...
    ترى هل كان قد فقد الأمل ؟ أم هو إحساسه بأنه سيراها قريبا ...؟!
    تذكر آخر مرة قدمت لزيارتهم قبل أن تندلع الانتفاضة ويمنع دخولها ..
    يومها أخذها من يدها ...اشترى لها دبلة ذهبية .. ربط بها قلبها وأعلن للملأ خطبتهما ... واتفقا على موعد الزفاف بعد أن تعود لتنهي عامها الأخير في الجامعة... وذهبــــــــــــت ثم لم تعد ..
    وطال الانتظار ..سنة تلو سنة ..الانتفاضة متواصلة ،والتعنت الإسرائيلي متواصل ..وجميع من حوله ينصحه بتركها ، لكن كيف يتركها ؟!
    هي من بثت في قلبه روح الحب ...وهي من شجعته على العمل ومواصلة الحياة دون يأس ..كلماتها له هي التي شجعته على العمل دون أن يلقي بالاً لشهادته ، المهم أن يعمل أن يعطي لحياته معنى ولوجوده طعم .
    فطرح اليأس من قلبه وتشجع لمواجهة الحياة بعدما كرهها....
    إذن كيف يتركها ؟؟! ..
    صورتها تداعب مخيلته ..تتراقص أمامه والأمل أصبح كبيرا بعدما غدا الحلم أمام ناظريه وقد كاد يتحقق ....
    السيارة تقف والسائق بصوته الأجش يقول :
    - وصلنا يا أفندية ،كل واحد يده على عشرة جنيه ..
    كان يعلم أن الأجرة أقل بكثير ...لكنه لم يبالِ ، دفع بالعملة الإسرائيلية فقبلها السائق ،وانطلق هو إلى المنزل ..
    ضربات قوية على الباب لكن صوتها لم يكن يعلو على صوت خفقات قلبه بين جوانحه...حتى طالعه وجه والدها فصافحه بحرارة والدهشة تتبدى على ملامحه وقال له بعدما ذابت حرارة اللقاء :-
    - لقد تأخرت يا بني ..ألم تسمع أن الطريق قد أغلقت مرة أخرى ...؟!
    أحس محمود بالرهبة ،بالخوف من المجهول لكنه وجد عزائه في قربها فقال :
    - لا يهم حتى لو أغلقت الحدود سنتزوج هنا حتى نجد طريقة للعودة .. حتماً سنجد وسيلة ... معاً ...
    لكن المفاجأة كانت أعظم من أن يتحملها قلب محمود حين قال والدها متعجباً :-
    - ولكنها يا بني وصلت منزل أختها في غزة قبل دقائق قليلة ..لقد أوصلها أخوها حين سمع بفتح الحواجز ...
    يقفز كالملسوع ... والدهشة تتملكه ..
    يغادر المنزل دون وعي ...
    يعود أدراجه مرة أخرى ...
    إلى الحواجز التي أغلقت من جديد ..
    إلى الحلم الذي تراءى ثم غاب ...
    لكن الأمل لم يفارقه تماما ...
    فقد كان يحس باقتراب اللقاء....

    ********************
    أحمد في أبريل 2006
    [/align]
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    يالقسوة هذه أحمد .. هذا العناء المتكبد ، سعيا إليها ، ثم تغلق الحدود
    أنت تلاعبنا ، تداور مشاعرنا .. و تقتل لحظة نتمنا له ، هذا الشاب الرائع الذى أتى زحفا من غزة ، لهذه الحبيبة !

    بطريق الصدفة وجدتها فى القيظ ترفرف ، فتناولتها ، و مسحت على رأسها ، وقبلتها ، ثم أسكنتها قلبى !

    تعرف كم أحب غزل يديك
    محبتى أيها الجميل !
    sigpic

    تعليق

    • مها راجح
      حرف عميق من فم الصمت
      • 22-10-2008
      • 10970

      #3
      قصة رحلة موجعة للذات
      حدود كانت سترسم الفرح ..ولكن تأطرت بالخيبة والألم
      نسجت أشعة من ضياء استاذ احمد
      ضياء برائحة الوطن


      عطر و ود
      رحمك الله يا أمي الغالية

      تعليق

      • مجدي السماك
        أديب وقاص
        • 23-10-2007
        • 600

        #4
        رائع

        تحياتي الى احمد عيسى
        جميل قلمك..نابض..يجمل هموم البشر..لغة حلوة.
        مودتي
        عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

        تعليق

        • عائده محمد نادر
          عضو الملتقى
          • 18-10-2008
          • 12843

          #5
          الزميل الرائع
          أحمد عيسى
          كم هو مؤلم أن تتوق لرؤية الأحباب
          وتمضي في طريق طويل يحدوك الأمل لتصفعك الفاجعة بغيابهم!!
          نص جميل أحمد .. ويحدث كثيرا فعلا
          والأمل
          رائع أن يكون الأمل عنوان لك وأن تبتعد عن طريق اليأس
          سيلتقون
          الأحبة يلتقون وهم يفعلون المستحيل من اجل اللقيا
          تحياتي لك
          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

          تعليق

          • أحمد عيسى
            أديب وكاتب
            • 30-05-2008
            • 1359

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
            يالقسوة هذه أحمد .. هذا العناء المتكبد ، سعيا إليها ، ثم تغلق الحدود
            أنت تلاعبنا ، تداور مشاعرنا .. و تقتل لحظة نتمنا له ، هذا الشاب الرائع الذى أتى زحفا من غزة ، لهذه الحبيبة !

            بطريق الصدفة وجدتها فى القيظ ترفرف ، فتناولتها ، و مسحت على رأسها ، وقبلتها ، ثم أسكنتها قلبى !

            تعرف كم أحب غزل يديك
            محبتى أيها الجميل !
            الأديب الراقي : ربيع عقب الباب
            ردك وحده قصيدة ، وأي قصيدة
            انظر هذه
            وجدتها فى القيظ ترفرف ، فتناولتها ، و مسحت على رأسها ، وقبلتها ، ثم أسكنتها قلبى !
            قرأها صديق لي فكاد أن يقف ويصفق ..
            حقاً أستاذي مرورك له نكهة أخرى ، وطعم آخر ..
            أسعدتني وتسعدني دوماً برقة قلبك
            تقبل مني كل الحب ..

            كن بخير

            ملاحظة على الهامش :
            القصة بكل أحداثها حقيقية تماماً ، مع فارق أن صديقي محمود عاد يومها مع بعض العالقين ، وتزوج من فاطمة ، وأنجب منها فتاتين في غاية الرقة ..
            ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
            [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

            تعليق

            • محمد مطيع صادق
              السيد سين
              • 29-04-2009
              • 179

              #7
              تحية أمل للكاتب الكبير أحمد عيسى
              ما أبرعك..ما أروعك..رسالة وفاء..رسالة حب وإخلاص
              أجادتها أناملك..شوقتنا وأحرقت صبرنا ثم فاجاءتنا بالخاتمة
              ولا ينطفئ أمل الحب ..

              أشكرك ودمت بخير

              تعليق

              • مصلح أبو حسنين
                عضو أساسي
                • 14-06-2008
                • 1187

                #8
                [align=center]آه يا أحمد عيسى

                لهفة لقاء من محاصر عبر الحدود

                لمحاصرة وراء الحدود

                وعودة متبادلة ولكن....

                طريق الآلام

                تحيتي لك وتقديري[/align]
                [align=center][SIGPIC][/SIGPIC][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff]هذا أنا . . سرقت شبابي غربتي[/COLOR][/FONT][/SIZE]
                [SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff]وتنكـرت لي . . أعـين ٌ وبيــوتُ[/COLOR][/FONT][/SIZE]
                [SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff]* *[/COLOR][/FONT][/SIZE][/align]

                زورونا على هذا الرابط
                [URL]http://almoslih.net[/URL]

                تعليق

                يعمل...
                X