نجم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    نجم

    حين أرى اسمه ، أتذكر فورا كيف تصنع المؤسسات و الأفراد النجوم ؛ فألعن نفسي !
    sigpic
  • أحلام المصري
    شجرة الدر
    • 06-09-2011
    • 1971

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
    حين أرى اسمه ، أتذكر فورا كيف تصنع المؤسسات و الأفراد النجوم ؛ فألعن نفسي !
    نجم...
    أي أنه في السماء...و لكن نحتاج أن نفكر في (أي سماء) قد يكون بها...!!!
    و النجم...جسمٌ مشتعل...و قد تنمو درجات اشتعاله فـ ينفجر..
    هذه حقيقة عن النجم
    (حين أرى اسمه ، أتذكر فورا كيف تصنع المؤسسات و الأفراد النجوم)
    هنا جسم النص...
    حين أرى اسمه...لامعا
    أتذكر فورا..و يتهادى لـ البال و الإدراك (عملية) معروفة و متعارف عليها و هي (صنع النجوم)
    هذا أمرٌ امتلأت به مجتمعاتنا حاليا...(صنع النجوم) في كل مجال و على أي مستوى...
    هي صناعة لها أدوات و رأس مال و منتج...و هذا المنتج..قد يكون من لا شيء في الأساس...تماما كـ إعادة التدوير
    و لدينا من الأمثلة على جميع الأصعدة ما يشهد على دور المؤسسات في صنع (النجوم)
    لكن جملة الختام (فألعن نفسي)
    أوقفتني حائرة...و أعلم أن حيرتي من عدم دراية و ضحالة قراءة...
    إذ أؤمن دوما أن النص مهما كان مغلقا فـ معه يحمل مفتاحه
    و هذا النص ليس منغلقا...رغم ما فيه من رمزية و إسقاط
    جملة الختام...معضلتي
    (فـ ألعن نفسي)
    الفاء سببية...و ما سبقها سبب لـ لعنه نفسه
    ( ألعن نفسي)
    اللعن ليس شيئا عاديا...و لا يفعله الإنسان إلا في قمة غضبه و سخطه
    الهام جدا الذي أبحث عنه:لماذا...؟!
    لماذا يلعن صاحبنا نفسه...؟!
    أهو من صنع هذا النجم و حين حلّق تنكّر له...؟!
    أم أن الأمر أبعد من هذا...فـ هو نفسه هذا (النجم) و في لحظة تجرد أو مصارحة يلعن نفسه لـ أنه ترك نفسه (مادة) طيّعة في أيدي من صنعوا منه نجما ليس يرضيه...؟!
    القدير أ/ ربيع عقب الباب
    اعذر وقفتي هذه تحت ضوء النجم
    حاولت استقراء مدلولاتها
    و أعلم أني غامرت
    مع كامل تقديري
    التعديل الأخير تم بواسطة أحلام المصري; الساعة 16-05-2013, 21:46.

    تعليق

    • عبير هلال
      أميرة الرومانسية
      • 23-06-2007
      • 6758

      #3
      حين أرى اسمه .. هو اذن كما فهمت شخصية مشهورة

      أتذكر فورا ..بما معناه ان الراوي يعرفه شخصيا

      كيف تصنع المؤسسات و الأفراد النجوم ؛ وهنا وقفتي مع كلمة المؤسسات بما معناه
      أن مؤسسة ما تبنته وجعلته شخصية هامة فيها وساهم الأفراد برفع قيمته حتى أصابه الغرور
      وحين يلعن انسان نفسه يكون من ضمن الأفراد الذين ساهموا برفع قيمة هذا الشخص
      ربما يكون رئيس كبير ويتندم لأنه من المساندين له ويلعن نفسه ملايين المرات لأنه لولاه
      ولولا غيره ما تبوأ ذلك الرجل هذا المنصب العالي..

      كل التقدير لك استاذي الجليل

      ربيع عقب الباب

      نص مذهل أتعلم منه الكثير


      ود وتقدير لك أستاذي

      فألعن نفسي !
      sigpic

      تعليق

      • فاروق طه الموسى
        أديب وكاتب
        • 17-04-2009
        • 2018

        #4
        مرحباً أخي ربيع ..
        لأول مرة أراك تكتب نصاً قصيراً جداً جداً .. خال من الحركة .. والنفس السردي ..
        رأيته خبراً يا أستاذي ..
        مارأيك أنت .. ؟
        لك المحبة والتقدير .
        من لم تحلّق به حصيرة المسجد البالية .. فلن يطير به بساط السندباد

        تعليق

        • حارس الصغير
          أديب وكاتب
          • 13-01-2013
          • 681

          #5
          اهلا بك استاذي
          لاأعلم لماذا أشتم في النص رائحة سياسية
          ربما إذا كان كذلك فقد خمنت
          لأنتظر فالتأكيد هناك مغزي
          تحيتي وتقديري

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة أحلام المصري مشاهدة المشاركة
            نجم...
            أي أنه في السماء...و لكن نحتاج أن نفكر في (أي سماء) قد يكون بها...!!!
            و النجم...جسمٌ مشتعل...و قد تنمو درجات اشتعاله فـ ينفجر..
            هذه حقيقة عن النجم
            (حين أرى اسمه ، أتذكر فورا كيف تصنع المؤسسات و الأفراد النجوم)
            هنا جسم النص...
            حين أرى اسمه...لامعا
            أتذكر فورا..و يتهادى لـ البال و الإدراك (عملية) معروفة و متعارف عليها و هي (صنع النجوم)
            هذا أمرٌ امتلأت به مجتمعاتنا حاليا...(صنع النجوم) في كل مجال و على أي مستوى...
            هي صناعة لها أدوات و رأس مال و منتج...و هذا المنتج..قد يكون من لا شيء في الأساس...تماما كـ إعادة التدوير
            و لدينا من الأمثلة على جميع الأصعدة ما يشهد على دور المؤسسات في صنع (النجوم)
            لكن جملة الختام (فألعن نفسي)
            أوقفتني حائرة...و أعلم أن حيرتي من عدم دراية و ضحالة قراءة...
            إذ أؤمن دوما أن النص مهما كان مغلقا فـ معه يحمل مفتاحه
            و هذا النص ليس منغلقا...رغم ما فيه من رمزية و إسقاط
            جملة الختام...معضلتي
            (فـ ألعن نفسي)
            الفاء سببية...و ما سبقها سبب لـ لعنه نفسه
            ( ألعن نفسي)
            اللعن ليس شيئا عاديا...و لا يفعله الإنسان إلا في قمة غضبه و سخطه
            الهام جدا الذي أبحث عنه:لماذا...؟!
            لماذا يلعن صاحبنا نفسه...؟!
            أهو من صنع هذا النجم و حين حلّق تنكّر له...؟!
            أم أن الأمر أبعد من هذا...فـ هو نفسه هذا (النجم) و في لحظة تجرد أو مصارحة يلعن نفسه لـ أنه ترك نفسه (مادة) طيّعة في أيدي من صنعوا منه نجما ليس يرضيه...؟!
            القدير أ/ ربيع عقب الباب
            اعذر وقفتي هذه تحت ضوء النجم
            حاولت استقراء مدلولاتها
            و أعلم أني غامرت
            مع كامل تقديري
            أهلا أستاذة أحلام ..
            و بهذا الفيض و الكرم الطائي .. بتلك الأقصوصة
            التي خرجت ربما تحمل غضبا ما ؛ لأنني في لحظة ضعف ، كانت لها أسبابها الموضوعية ،
            وقتئذ ، تنازلت عن عبث المجادلة ، و افسحت الطريق ، لصعود نجم .. لأكون كما انا في القاع .. و ربما راض بما آل إليه الأمر بعد طول معاناة ، و لكن أن تكتشف أنك لم تفسح إلا لنجومية زائفة
            آيلة للسقوط ؛ و السقوط ليس معناه الانطفاء .. و لكن له ألوان أخرى !!

            هل تكفي كلمة شكر ا أستاذتي لترد عني بعض كرمك بهذا النص ؟!!!

            تقديري و احترامي
            sigpic

            تعليق

            • م. زياد صيدم
              كاتب وقاص
              • 16-05-2007
              • 3505

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
              حين أرى اسمه ، أتذكر فورا كيف تصنع المؤسسات و الأفراد النجوم ؛ فألعن نفسي !
              =====================

              ** الاديب المتميز ربيع المنبر...

              انت ربيع حقيقي..اما هو فربيع مصطنع صنعته مؤسسات الربح وشخوص النفاق والدجل ونفخ البالونات الكاذبة... لا تبتأس وامض فطريقك من نور ونار !! وابداعاتك يشهد عليها كل ذى قرار ...فدعك من اولائك ممن يلتحفهم ثوب القار والعار !!!

              تحياتى العطرة استاذنا الكبير ...
              التعديل الأخير تم بواسطة م. زياد صيدم; الساعة 17-05-2013, 00:41.
              أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
              http://zsaidam.maktoobblog.com

              تعليق

              • سما الروسان
                أديب وكاتب
                • 11-10-2008
                • 761

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                حين أرى اسمه ، أتذكر فورا كيف تصنع المؤسسات و الأفراد النجوم ؛ فألعن نفسي !
                هو نظام تقديري جديد لتقيم الاشخاص ؟!

                لماذا تلعن نفسك سيدي

                اعطي نفسك النجوم التي تستحق ومن اقدر على تقيمك اكثر منك ؟

                محبتي

                تعليق

                • ريما ريماوي
                  عضو الملتقى
                  • 07-05-2011
                  • 8501

                  #9
                  الفرق في صاحبنا الأول ان غالبية عمله ودأبه كان
                  بهدف وصوله إلى النجومية.. وهي لفترة بسيطة
                  لكن سرعان ما يأفل نجمه..

                  بعكس الآخر.. النجم فعلا يبقى لمئات بل آلاف
                  السنين بنوره الساطع رغم انتهائه. وهذا ما يجب
                  أن يبحث عنه الأديب الحقيقي...

                  شكرا لك، تحيتي وتقديري.


                  أنين ناي
                  يبث الحنين لأصله
                  غصن مورّق صغير.

                  تعليق

                  • خديجة بن عادل
                    أديب وكاتب
                    • 17-04-2011
                    • 2899

                    #10
                    لا يستحق منا أي كان شخصه واسمه أن نأتي على لعن أنفسنا
                    أرى أن القصيصة تصف حالة غضب وحزن من حدث عابر



                    تحياتي الأخوية .
                    http://douja74.blogspot.com


                    تعليق

                    • عبدالرحيم التدلاوي
                      أديب وكاتب
                      • 18-09-2010
                      • 8473

                      #11
                      أول مرة أقرأ فيها نصا قصيرا حد الانفجار لأستاذي الراقي، ربيع..
                      أعجبتني القراءات السابقة كما ملاحظة أخي فاروق..
                      لا عليك، فالنجومية المصنوعة سريعة الانطفاء..لأنها زائفة، لغايات في نفس تلك المؤسسات.
                      مودتي

                      تعليق

                      • ربيع عقب الباب
                        مستشار أدبي
                        طائر النورس
                        • 29-07-2008
                        • 25792

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة عبير هلال مشاهدة المشاركة
                        حين أرى اسمه .. هو اذن كما فهمت شخصية مشهورة

                        أتذكر فورا ..بما معناه ان الراوي يعرفه شخصيا

                        كيف تصنع المؤسسات و الأفراد النجوم ؛ وهنا وقفتي مع كلمة المؤسسات بما معناه
                        أن مؤسسة ما تبنته وجعلته شخصية هامة فيها وساهم الأفراد برفع قيمته حتى أصابه الغرور
                        وحين يلعن انسان نفسه يكون من ضمن الأفراد الذين ساهموا برفع قيمة هذا الشخص
                        ربما يكون رئيس كبير ويتندم لأنه من المساندين له ويلعن نفسه ملايين المرات لأنه لولاه
                        ولولا غيره ما تبوأ ذلك الرجل هذا المنصب العالي..

                        كل التقدير لك استاذي الجليل

                        ربيع عقب الباب

                        نص مذهل أتعلم منه الكثير


                        ود وتقدير لك أستاذي

                        فألعن نفسي !
                        المبدعة الكبيرة عبير
                        راقتني رؤيتك كثيرا كثيرا
                        و تأويلك لهذا النص
                        شكرا كثيرا على مجاملتك الغالية جدا

                        تقديري و احترامي
                        sigpic

                        تعليق

                        • ربيع عقب الباب
                          مستشار أدبي
                          طائر النورس
                          • 29-07-2008
                          • 25792

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة فاروق طه الموسى مشاهدة المشاركة
                          مرحباً أخي ربيع ..
                          لأول مرة أراك تكتب نصاً قصيراً جداً جداً .. خال من الحركة .. والنفس السردي ..
                          رأيته خبراً يا أستاذي ..
                          مارأيك أنت .. ؟
                          لك المحبة والتقدير .
                          صديقي الجميل فاروق المبدع المخلص لفن القص
                          معظم أعمالنا أخبار حتى على مستوى القصة القصيرة
                          و ليس الأمر انتقاصا من قيمة الخبر إن كان لذاته .. أي يحمل مجانيته
                          نعم ربما كان هنا تقصيرا ؛ ليس لأنه خبر فكم من قصص جميلة كانت خبرا

                          راقني ما كتبت أستاذي
                          و أعادني إلي تلك الحقبة في أوائل السبيعينات
                          و كيف أن بعض الآكاديميين حاولوا النيل من كتابات كثيرة حين اتهموها بأنها محض خبر

                          شكرا لك أن أعدتني إلي تلك الحقبة
                          هذه ثاني قصة تظهر في عالم القصة العربية
                          و كيف حكم عليها بأنها محض خبر
                          قصة (في القطار) محمد تيمور
                          صباح ناصع الجبين يجلي عن القلب الحزين ظلماته, ويرد للشيخ شبابه, ونسيم عليل ينعش الأفئدة ويسري عن النفس همومها, وفي الحديقة تتمايل الأشجار يمنة ويسرة كأنها ترقص لقدوم الصباح، والناس تسير في الطريق وقد دبت في نفوسهم حرارة العمل، وأنا مكتئب النفس أنظر من النافذة لجمال الطبيعة، وأسأئل نفسي عن سر اكتئابها فلا أهتدي لشيء. تناولت ديوان "موسيه" وحاولت القراءة، فلم أنجح فألقيت به على الخوان وجلست على مقعد واستسلمت للتفكير كأني فريسة بين مخالب الدهر.
                          مكثت حيناً أفكر ثم نهضت واقفاً، وتناولت عصاي وغادرت منزلي وسرت وأنا لا أعلم إلى أي مكان تقودني قدماي، إلى أن وصلت إلى محطة باب الحديد وهناك وقفت مفكراً ثم اهتديت للسفر ترويحاً للنفس، وابتعت تذكرة، وركبت القطار للضيعة لأقضي فيها نهاري بأكمله.
                          وجلست في إحدى غرف القطار بجوار النافذة، ولم يكن بها أحد سواي وما لبثت في مكاني حتى سمعت صوت بائع الجرائد يطن في أذني "وادي النيل، الأهرام، المقطم "فابتعت إحداها وهممت بالقراءة وإذا بباب الغرفة قد انفتح ودخل شيخ من المعممين، أسمر اللون طويل القامة، نحيف القوام كث اللحية، له عينان أقفل أجفانهما الكسل، فكأنه لم يستيقظ من نومه بعد. وجلس الأستاذ غير بعيد عني، وخلع مركوبه الأحمر قبل أن يتربع على المق، ثم بصق على الأرض ثلاثا ماسحا شفتيه بمنديل أحمر يصلح أن يكون غطاء لطفل صغير، ثم أخرج من جيبه مسبحة ذات مائة حبة وحبة وجعل يردد اسم الله والنبي والصحابة والأولياء الصالحين. فحولت نظري عنه فإذا بي أرى في الغرفة شاباً لا أدري من أين دخل علينا. ولعل انشغالي برؤية الأستاذ منعني أن أرى الشاب ساعة دخوله. نظرت إلى الفتى وتبادر إلى ذهني أنه طالب ريفي انتهى من تأدية امتحانه، وهو يعود إلى ضيعته ليقضي إجازته بين أهله وقومه. نظرت إلى الشاب كما ينظر إليّ ثم أخرج من حافظته رواية من روايات مسامرات الشعب وهم بالقراءة بعد أن حول نظره عني الأستاذ، ونظرت إلى الساعة راجياً أن يتحرك القطار قبل أن يوافينا مسافر رابع، فإذا بأفندي وضاح الطلعة، حسن الهندام، دخل غرفتنا وهو يتبختر في مشيته ويردد أنشودة طالما سمعتها من باعة الفجل والترمس. جلس الأفندي وهو يبتسم واضعاً رجلا على رجل بعد أن قرأنا السلام، فرددناه رد الغريب على الغريب.
                          وساد السكون في الغرفة والتلميذ يقرأ روايته، والأستاذ يسبح وهو غائب عن الوجود, والأفندي ينظر لملابسه طوراً وللمسافرين تارة أخرى، وأنا أقرأ وادي النيل منتظراً أن يتحرك القطار قبل أن يوافينا مسافر خامس.
                          مكثنا هنيهة لا نتكلم كأنا ننتظر قدوم أحد فانفتح باب الغرفة ودخل شيخ يبلغ الستين، أحمر الوجه براق العينين، يدل لون بشرته على أنه شركسي الأصل، وكان ماسكاً مظلة أكل عليها الدهر وشرب. أما حافة طربوشه فكانت تصل إلى أطراف أذنيه. وجلس أمامي وهو يتفرس في وجوه رفقائه المسافرين كأنه يسألهم من أين هم قادمون وإلى أين ذاهبون ثم سمعنا صفير القطار ينبئ الناس بالمسير، وتحرك القطار بعد قليل، يقل من فيه إلى حيث هم قاصدون.
                          سافر القطار ونحن جلوس لا ننبس ببنت شفة، كأنما على رءوسنا الطير، حتى اقترب من محطة شبرا، فإذا بالشركسي يحملق في ثم قال موجها كلامه إلي:
                          ـ هل من أخبار جديدة يا أفندي؟

                          فقلت وأنا ممسك الجريدة بيدي ـ ليس في أخبار اليوم ما يستلفت النظر اللهم إلا خبر وزارة المعارف بتعميم التعليم ومحاربة الأمية.
                          ولم يهمني الرجل أن أتم كلامي لأنه اختطف الجريدة من يدي دون أن يستأذنني وابتدأ بالقراءة ما يقع تحت عينيه، ولم يدهشني ما فعل لأني أعلم الناس بحدة الشراكسة. وبعد قليل وصل القطار محطة شبرا وصعد منها أحد عمد القليوبية وهو رجل ضخم الجثة، كبير الشارب أفطس الأنف، وله وجه به آثار الجدري، تظهر عليه مظاهر القوة والجهل. جلس العمدة بجواري بعد أن قرأ سورة الفاتحة وصلى على النبي ثم سار القطار قاصداً قليوب.
                          مكث الشركسي قليلاً يقرأ الجريدة ثم طواها وألقى بها على الأرض وهو يحترق من الألم وقال:
                          ـ يريدون تعميم التعليم ومحاربة الأمية حتى يرتقي الفلاح إلى مصاف أسياده وقد جهلوا أنهم يجنون جناية كبرى.
                          فالتقطت الجريدة من الأرض وقلت:
                          ـ وأية جناية ؟
                          ـ إنك مازلت شاباً لا تعرف العلاج الناجع لتربية الفلاح.
                          ـ وأي علاج تقصد؟ وهل من علاج أنجع من التعليم؟
                          فقطب الشركسي حاجبيه وقال بلهجة الغاضب:
                          ـ هناك علاج آخر....
                          ـوما هو ؟

                          فصاح بملء فيه صيحة أفاق لها الأستاذ من نومه وقال:
                          ـالسوط. إن السوط لا يكلف الحكومة شيئاً أما التعليم فيتطلب أموالا طائلة ولا تنس أن الفلاح لا يذعن إلا للضرب لأنه اعتاده من المهد إلى اللحد.
                          وأردت أن أجيب الشركسي، ولكن العمدة حفظه الله كفاني مئونة الرد فقال للشركسي وهو يبتسم ابتسامة صفراء:
                          ـ صدقت يا بيه صدقت ولو كنت تسكن الضياع لقلت أكثر من ذلك. إنا نعاني من الفلاح ما نعاني لنكبح جماحه، ونمنعه من ارتكاب الجرائم.
                          فنظر إليه الشركسي نظرة ارتياب وقال:
                          ـ حضراتكم تسكنون الأرياف؟
                          ـ أنا مولود بها يا بيه.
                          ـ ما شاء الله.
                          جرى هذا الحديث والأستاذ يغط في نومه والأفندي ذو الهندام الحسن ينظر لملابسه ثم ينظر لنا ويضحك، أما التلميذ فكانت على وجهه سيم الاشمئزاز، ولقد هم بالكلام مراراً فلم يمنعه إلا حياؤه وصغر سنه، ولم أطق سكوتاً على ما فاه به الشركسي، فقلت له:
                          ـ الفلاح يا بيه مثلنا وحرام ألا يحسن الإنسان معاملة أخيه الإنسان. فالتفت إلى العمدة كأني وجهت الكلام إليه وقال:
                          ـ أنا أعلم الناس بالفلاح، ولي الشرف أن أكون عمدة في بلد به ألف رجل وإن شئت أن يقف على شئون الفلاح أجيبك. إن الفلاح يا حضرة الأفندي لا يفلح معه إلا الضرب، ولقد صدق البك فيما قال. وأشار بيده إلى الشركسي:
                          ـ ولا ينبئك مثل خبير.
                          فاستشاط التلميذ غضباً، ولم يطق السكوت، فقال وهو يرتجف:
                          ـ الفلاح يا حضرة العمدة..
                          فقاطعه العمدة قائلاً:
                          ـ قل يا سعادة البك لأني حزت الرتبة منذ عشرين سنة.
                          قال التلميذ:
                          ـ الفلاح يا حضرة العمدة لا يذعن لأوامركم إلا بالضرب لأنكم لم تعودوه غير ذلك، فلو كنتم أحسنتم صنيعكم معه لكنتم وجدتم فيه أخا يتكاتف معكم ويعاونكم، ولكنكم مع الأسف أسأتم إليه فعمد إلى الإضرار بكم تخلصاً من إساءتكم. وإنه ليدهشني أن تكون فلاحاً وتنحي باللائمة على إخوانك الفلاحين.
                          فهز العمدة رأسه ونظر إلى الشركسي وقال:
                          ـ هذه هي نتائج التعليم.
                          فقال الشركسي:
                          ـ نام وقام فوجد نفسه قائم مقام.
                          أما الأفندي ذو الهندام الحسن فإنه قهقهه وصفق بيديه وقال للتلميذ.
                          ـ برافو يا أفندي، برافو، برافو...
                          ونظر إليه الشركسي وقد انتفخت أوداجه وتعسر عليه التنفس وقال:
                          ـ ومن تكون أنت؟
                          ـ ابن الحظ والأنس يا أُنس.
                          وقهقهه عدة ضحكات متوالية.
                          ولم يبق في قوس الشركسي منزع فصاح وهو يبصق على الأرض طورا وعلى الأستاذ وعلى حذاء العمدة تارة:
                          ـ أدب سيس فلاح.
                          ثم سكت وسكت الحاضرون، وأوشكت أن تهدأ العاصفة لولا أن التفت العمدة إلى الأستاذ وقال:
                          ـ أنت خير الحاكمين يا سيدنا فاحكم لنا في هذه القضية. فهز الأستاذ رأسه وتنحنح وبصق على الأرض وقال:
                          ـ وما هي القضية لأحكم فيها بإذن الله جل وعلا؟
                          ـ هل التعليم أفيد للفلاح أم الضرب؟
                          ـفقال الأستاذ :
                          ـ بسم الله الرحمن الرحيم "إنا فتحنا لك فتحا مبينا. "قال النبي عليه الصلاة والسلام لا تعلموا أولاد السفلة العلم".
                          وعاد الأستاذ إلى خموله وإطباق أجفانه مستسلماً للذهول، فضحك التلميذ وهو يقول:
                          ـ حرام عليك يا أستاذ. إن بين الغني والفقير من هو على خلق عظيم فما أن بينهم من هو في الدرك الأسفل.
                          فأفاق الأستاذ من غفلته وقال:
                          ـ واحسرتاه إنكم من يوم ما تعلمتم الرطن فسدت عليكم أخلاقكم ونسيت أوامر دينكم ومنكم من تبجح واستكبر وأنكر وجود الخالق.
                          فصاح الشركسي والعمدة "لك الله يا أستاذ " وقال الشركسي:
                          ـ كان الولد يخاف أن يأكل مع أبيه، واليوم يشتمه ويهم بصفعه.
                          وقال العمدة:
                          ـ كان الولد لا يرى وجه عمته والآن يجالس امرأة أخيه.
                          ووقف القطار في قليوب وقرأت الجميع السلام وغادرتهم وسرت في طريقي إلى الضيعة وأنا أكاد لا أسمع دوي القطار وصفيره وهو يعدو بين المروج الخضراء لكثرة ما يصيح في أذني من صدى الحديث
                          التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 18-05-2013, 10:30.
                          sigpic

                          تعليق

                          • محمد الشرادي
                            أديب وكاتب
                            • 24-04-2013
                            • 651

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                            حين أرى اسمه ، أتذكر فورا كيف تصنع المؤسسات و الأفراد النجوم ؛ فألعن نفسي !
                            أهلا اخي ربيع
                            في سماء الفن و الإبداع و الرياضة يسطع بالكثير من النجوم، الذين يؤثرون على الشباب تأثيرا بالغا فيقلدونهم في مظاهرهم و يحاكونهم في سلوكهم، و يعتبرونهم نموذجا للنجاح خلقوا هكذا بكل هذا المجد. لكن هؤلاء الشباب يجهلون مسار هؤلاء النجوم في مسارهم الكثير من الذل و التسول و الاستغلال البشع لهم و إهانة كرامتهم. لقد رأيت جزء من سيرة (فان دام) النجم السينمائي و كيف وصل إلى أمريكا بحفنة مال و أخذ يستجدي و يستعطف من اجل الظهور و لو لفترة قصيرة في أحد الأفلام أو يمثل أدوارا ثانوية بالمجان...
                            تحياتي

                            تعليق

                            • ربيع عقب الباب
                              مستشار أدبي
                              طائر النورس
                              • 29-07-2008
                              • 25792

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة فاروق طه الموسى مشاهدة المشاركة
                              مرحباً أخي ربيع ..
                              لأول مرة أراك تكتب نصاً قصيراً جداً جداً .. خال من الحركة .. والنفس السردي ..
                              رأيته خبراً يا أستاذي ..
                              مارأيك أنت .. ؟
                              لك المحبة والتقدير .
                              أعود إليك .. و أقول : ربما لن أضع هذه القصة في قائمة كتاباتي
                              و لكن تظل عملا أثار بعض الغبار
                              و طرح تساؤلا ما
                              حين تجريده و العمل عليه قد ينتج بطريقة أجمل و أدهش

                              أحبك كثيرا فاروق
                              sigpic

                              تعليق

                              يعمل...
                              X