العملاق .....الجريح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نزهة الفلاح
    أديب وكاتب
    • 20-07-2011
    • 250

    العملاق .....الجريح

    العمــــلاق الجريــــــح


    في قديم الزمان كان يعيش عملاق جميل يمتلئ قوة وعنفوانا، واشتهر بصلاحه وحسن تدبيره وفلاحه، مما جعله يقود العالم وتتجه الأنظار كلها إليه، ويتوافد أقوام وأقوام عليه لينهلوا من علمه ويتدرجوا في مسالك الحضارة على يديه. عاش قرونا من الزمان في عزة وشموخ وعمل دؤوب وطموح، وكان بفضل الله عليه، يملأ الدنيا أمنــــا وخيـــرا وعــــدلا.
    ومن عجيب الزمان وغرابته، أن هذا العملاق امتد به العمر رغم صرف السنين ونوائب الدهر حتى هذا العصر، فكان حريا بنا أن نتساءل ما السر ونعرف الحكاية والخبر!!!
    فهذا العملاق، كما تواترت عنه الأخبار، له أطراف عديدة تمده بالقوة والحيوية والاطمئنان. وتعتبر عينه اليمنى هي مصدر قوته الروحية والمحرك الأساسي لجسده. فهي على الرغم من صغرها، تجعل كل الأطراف تتحرك في تناغم وانسياب رائعين.
    وهو الآنيعيش في مدينة كبيرة يزورها في كل سنة الكثير من النحل الذي يعيش فوق الأطراف الضخمة للعملاق. فيلتقي بنحل من شتى الأطراف ومن المدينة الكبيرة أيضا، يعرفون بعضهم بطقوس خاصة ولغة مميزة.
    وكانت تعيش في المدينة أقزام خسيسة الطبع، ناكرة للجميل، تتحرق من الغيظ فتتجمع وتخرج ليلا لتدبر وقوع السيد في الشرك، فتقصيه من ملكه لتتفرد هي بخيرات المدينة وبالسيطرة عليها.
    مضت الأيام والأقزام تعمل بجد واجتهاد، لا تكل ولا تمل وعيونها على الهدف والغنيمة الدسمة...
    ومع مرور الزمن وكثرة المكائد الخبيثة، حصلت طفرة جينية حولت بعض النحل لذباب... فبدأ الذباب يتوالد بسرعة وينتشر في الأطراف.
    اشتمت الأقزام رائحة النصر وبداية نجاح خطتها، فأطلقت الذئاب التي دربتها تدريبا محترفا لتقيد العملاق...
    ونسقت مع الذباب ليسهل مهمتها، فشتت ذهن العملاق وشوش حركته. وفجأة وعلى حين غرة قفزت الذئاب في آن واحد فانقضت على الأطراف لتحكم قبضتها عليها.
    شلت حركة العملاق ، فقبع في مكانه مشتت الأوصال، يبحث عن النحل فلا يجد إلا القليل، حتى أغلب النحل أثرت عليه الطفرة فاكتسب صفات ذميمة أهمها الكسل والخمول والخنوع والرضا بالواقع المرير، وبعد ما كان يعمل بجد وحيوية أصبح متسكعا في جوانب الأطراف يخاف الذباب ونجاساته ولكن لا يقترب منه ولا يحرك ساكنا..
    وبهذا أضحى النحل يتضور جوعا وألما ويغرق في السلبية والهوان. والذئاب تتنعم والذباب يقتات على فتاتها.
    وبعد سنوات أكل واستمتاع وإفساد لأطراف العملاق، جاء دور الرأس والعينين.
    فقفز ذئب دخيل صغير الحجم شرس الطباع ، لا يشبه البقية، لكنه أكثرهم دهاء وخبثا، حتى أنه يسير الأقزام ويخضعها لما يريد رغم ضخامتها.
    استلم الذئب الدخيل الرقبة لأن الرأس لازال قويا، وكان كلما انتفض نحل الرأس احتجاجا على ظلمه، يغمغم الذئب بقوة طلبا للنجدة من الأقزام دون أن يبرح مكانه، فتنهال عليه المساعدات فيشتت النحل عنوة، وكلما لمس مقاومة من الرأس وخصوصا إحدى العينين التي يحميها نحل طيب ليل نهار، يغرس إبرة في الرأس فتنطلق صرخة مدوية من العملاق لعل الأطراف تتحرك لإيقاف النزيف والاستفزاز المتكرر . لكن الذباب كان يؤدي مهمته السامية بأمانة فيرقص على الجرح ليتعفن، ليأكل أطرافه بشهية منقطعة النظير.
    وفي يوم من الأيام وعلى حين غرة انتفض أحد الأطراف واشتد الصراع مع الذئب المقيم عليه، فهرع هذا الأخير ليستنجد بالأقزام، لكن خاب أمله لعدم اكتراثها له، لعلمها أنه أصبح مضرا بمصالحها في جسد العملاق، فأمسك بآلة حادة وشرع في ذبح الطرف من كل صوب، لكن هذا الأخير لم يستسلم وقاوم بشجاعة ثم رمى الذئب النجس بعد جهد جهيد، فسقط ورحل هاربا خوفا من القصاص.
    وبعد أيام معدودة وصلت العدوى لطرف ليس بالبعيد، ورغم أنه كان من الأطراف المهمة في جسد العملاق وله مكان استراتيجي يستغله الذئب الدخيل للضغط على الرأس بقوة، لكي يشل حركته ويصل إلى العينين ليفقأهما ، فيسقط العملاق أرضا ويحلو للأقزام الرقص على جثمانه... لكن هيهات هيهات فالأطراف بدأت تنتفض والذئاب بدأت تقع أرضا، والعملاق بدأ يسترد عافيته وسيطرته على نفسه.
    وسقط الذئب الثاني بعد جهد أكبر ودم أكثر، فاحتار الذئب الدخيل في أمره واضطربت حركته لكن الذباب لازال خادما أمينا له في هذا الطرف. ولازال يعيث فسادا رغم رحيل رأس الفساد.
    ثم قامت أطراف أخرى لتلحق بالركب، وهاهي تواجه صراعا داميا، ورغم استبسالهم إلا أن تلتصق بهم بشدة...

    وأخيرا كللت جهود أحدها بقتل الذئب المسعور الذي عاث في الطرف فسادا حتى ظن أنه لا غالب إلا هو...
    وتمر الأيام وتتوالى الانتفاضات والصراع قائم والذباب كثير والنحل يتألم ويعيش مخاضا عسيرا ربما يسفر عن طفرة مضادة تعيده لسابق عهده....



    بقلم: نزهة الفلاح
  • نزهة الفلاح
    أديب وكاتب
    • 20-07-2011
    • 250

    #2
    أرجو نقل الموضوع للقسم المناسب وجزاكم الله كل خير

    تعليق

    يعمل...
    X