تحرش / بقلم ريما ريماوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ريما ريماوي
    عضو الملتقى
    • 07-05-2011
    • 8501

    تحرش / بقلم ريما ريماوي

    تحرّش..

    تخبر الأمّ ابنتها "دعد" أنّ "كمال" بالباب ينتظرها للذهاب معه كي يلعبان في الحارة، وتوصيها بضرورة العودة إلى البيت قبل الغروب. لاحظت الصغيرة طيف ابتسامة يعلو محيّاها، لكنّها تجاهلتها لقد تعوّدت عليها كلّما خصّها هي دون أخيها بالطلب للّعب معه.

    جهّزت نفسها ولوّحت لأمّها مودّعة. حثّت الخطى حيث كان كمال ينتظر، شعرها
    الناعم يموج في حلقات، ويعود فينسدل على كتفيها. مدّت يدها نحوه فقبضها بحنان، كم تشعر بالرّاحة معه، رغم أنّهما لم يبلغا العاشرة بعد إلّا أنّها تبزّه طولا.

    أخذا يجريان ويقفزان، ضحكاتهما المرحة تتخلخل الفضاء. الناس يحبّون رؤيتهما معا، حتّى أنّهما يحظيان دائما بزيادة البيّاع من بائع غزل البنات الشّيخ.

    ثمّة ساحة مسوّرة بوّابتها واسعة من قضبان معدنيّة توجد عند نهاية الشّارع، تحتوي على سيّارات ( خردة ) معطّلة تباع كقطع غيار. كان يقوم على حراستها رجل في الثلاثين من عمره، أسنانه متفرّقة صفراء، رثّ الثياب، يداه وملابسه ملوثّة بشحمة السيّارات كريهة الرّائحة.

    طفق أولاد الحارة وهما من ضمنهم يتوسّلونه السماح لهم باللعب في السّاحة، هي بالنسبة لهم بمثابة مدينة للملاهي يحبّون اللعب فيها، حدّق الرجل في دعد الجميلة بعينيها الملوّنتين وشعرها المسدل تستعطفه، فانفرجت أساريره عن ابتسامة صفراء خبيثة، أشار قائلا بغلظة:
    - سأسمح لك أنتِ يا بنت بالدّخول.
    - لا دعد، لا تذهبي وحدك، هتف كمال. وافقته وهي تتذكّر أمها ووصاياها بأن تبتعد عن الغرباء، بالإضافة أنّها لم ترغب أن تفترق عن صديقها الحميم، اشترطت على الحارس أن يسمح لكمال بمرافقتها.

    رضي الحارس بالنهاية، وسمح لهما وأقفل البوّابة بعد دخولهما، ثمّ قال يبغي تفريقهما:
    - اذهب يا كمال وقد السيارة الزرقاء (البيك آب)، وأنت يا دعد تعالي معي أريدك أن تري سيّارة فارهة جميلة أحضروها مؤخّرا.

    توجّست خيفة، أمّا كمال المتحمّس فشدّه اللعب وتركها متظاهرا بقيادة السيّارات قافزا من واحدة إلى أخرى.
    - دعيه وشأنه.. غمغم الرجل: سأعتني بك لا تخافي. هاهي السوداء الفخمة، اصعدي إلى المقعد الخلفي، حيث مكانك يا أميرة.

    انصاعت أمام رغبتها الطفولية وإلحاحه، جلست وكأنّها بنت ذوات، حسبما تعوّدت مشاهدته برفقة شقيقها في دار السينما القريبة من البيت، وكانا ينجحان في التسلّل إليها خلسة بعد دوران الفيلم، هذا قبل أن يشاهدا التلفاز ويتعرّفا عليه بعد.

    تبعها الرجل وصعد قربها يتلمّس جسدها بيده الوسخة ويداعب شعرها، اقشعرّت، تفلّتت منه كغزالة مذعورة واتجهّت حيث كمال تناديه، لكنّه لم يهتمّ بها وقد سلب اللعب لبّه وانتقل إلى سيّارة أخرى.

    اندسّ الوحش محلّ كمال مواصلا نزقه.. شفتاه ترتجفان وجسده يرتعد، تدفعه شهوة مجنونة، يقول بصوت كالفحيح: تعالي يا حلوتي الصغيرة، لن أؤذيك.

    أمسك رأسها، يقترب من وجهها، زكمتها أنفاسه العطنة المزوجة برائحة التبغ الرّخيص والخمرة، تملّكها الاشمئزاز وتعالت نبضات قلبها رعبا، الذئب يسيل لعابه، عيناه حمراوان دمويتين تقدحان شررا، من المحتّم أنه ينوي الشر بها.

    بلطف خائفة منه تقول مهادنة:
    - ( اسمعني عمو، بدّي أرجع لبيتي، تعبت من اللعب، ماما ستقلق إن تأخّرت.)

    لكنّه مازال مدفوعا بالرغبة الماجنة، لا يحاول التحكم في نفسه، يفحّ قائلا:
    - كلا لن أدعك فما زال الوقت مبكرا، فليخرج كمال وأنت سأعرّفك على دنيا جديدة. تحاول الصراخ وقد أسقط في يدها، لكنّ فجأة سمعت صوت أخيها،
    قادما من ناحية البوّابة، ينادي بصوت عال مهدّدا متوعّدا، محاولا أن يقحم رأٍسه من خلال القضبان الحديديّة:
    - تبّا لك أيها اللعين! أطلق سراح أختي في الحال، وإلّا قسما بالله سألمّ عليك كلّ النّاس، وسنحطّمك تحطيما.

    كان معه أولاد الحارة الذين تولّى أحدهم إعلامه عن أخته، وكانوا يساندونه أيضا بالتهديد والوعيد.. تنهّدت بارتياح بعد انزياح الحمل الثقيل عن كاهلها عندما لم يجد الحارس مفرّا إلّا الرضوخ، معلّلا أنه كان يريها السيارة من الداخل.

    تحاول دعد معانقة أخيها، فرحة بنجاتها، لكنّه يبعدها عنه، متفرّسا فيها وسألها:
    - هل آذاك؟! وعندما هزّت رأسها نفيا، أهوى بكفّه على صدغها، بذهول تضع يدها مكان الضربة، لا بد أن أصابعه ستترك أثرها أيّاما على خدها، تتأوّه متألّمة، فيقول:
    - ذلك الحقير كان ينوي بك شرّا أيتها الغريرة، لربّما قتلك ودفن جثتك، كيف تسمحين لنفسك التعرّض لهذا الخطر؟ ألم تنبّهنا أمّنا بخصوص الغرباء؟
    أردف:

    - سأخبر أمي وأبي عمّا جرى، وعقابك الصّارم سيكون عندهما.

    يسحبها من كلتا يديها، غريزيّا تحاول مقاومته فتشدّ نفسها إلى الوراء، تريد إعاقته لكنه أقوى وأضخم، تمكّن من سحلها على قدميها بسهولة.
    في قرارة نفسها تعرف أنها ستتحمّل عقابها بشجاعة، لربّما تمرض بعدها.. وجلّ ذنبها، رغبتها في اللعب. مع هذا كانت فرحة، تتنسم عبق الإنفلات من ربقة هذا الذئب الآدميّ المنحطّ (ونفذت بجلدها).



    أنين ناي
    يبث الحنين لأصله
    غصن مورّق صغير.
  • ميساء عباس
    رئيس ملتقى القصة
    • 21-09-2009
    • 4186

    #2
    للأسف مازالت تلك الجرائم تحدث
    وكم تترك أثرا في الفتاة حتى آخر عمرها
    وتتسبب بعقد نفسية وخوف ونفور من الرجال
    كل مايخص الطفولة يدميني ياريما
    موضوع قيّم ورائع
    لكنه جاء بدون أي زخرفة
    أي أن الأسلوب كان عاديا جدا
    وكتاباتك وأسلوبك عادة أجمل بكثير
    محبتي صديقتي العزيزة
    ميساء العباس
    مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
    https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

    تعليق

    • محمد هشام الجمعة
      عضو الملتقى
      • 07-11-2011
      • 472

      #3
      استاذة ريمة جميلة هذه القصة الى درجة اني وضعتها في الدرج
      وسيتم نقاشها في الايام القادمة
      لكن اعدك احاول ان يكون الجلد خفيف جداً جداً جداً اذا وجد

      تعليق

      • شيماءعبدالله
        أديب وكاتب
        • 06-08-2010
        • 7583

        #4
        جرائم تحدث يوميا ولا تنتهي
        لا رادع لهؤلاء إلا التقوى وقد انزاحت من قلوبهم فكيف السبيل !؟
        غاليتي ريما سلسة هي القصة وجميلة ومعبرة
        ويا حبذا يقرأها الصبية والفتيات فهي خير رادع لهم ..
        سلمت يمناك وبوركت سواعدك
        محبتي وشتائل الورد


        تعليق

        • حمزة نادي
          أديب وكاتب
          • 01-07-2008
          • 533

          #5
          أستاذتي الفاضلة/ ريما ريماوي

          القصة تحكي مأساة أنثى مع وحوش الشوارع..
          تحكي خطرا يترصد أحلام فتيات في عمر الزهور.. هن في أّمَس الحاجة الى من يرعاهن، بدلا من التنكيل بهن.

          وفقت الى حد كبير في تحديد الفكرة

          ولكني أرى بأنها لا تزال تحتاج الى كلمات قوية ودقيقة
          و أرى أيضا بأنه من الأحسن تجنب اللهجات العامية في ادارة الحوار

          طوبى لك أيتها المتألقة
          قالَ صلى الله عليه وسلم
          (أحفظ الله تجِدَه اتجاهك ، إذا سألتَ فأسأل الله وإذا استعنتَ فأستعن بالله )
          رواهُ الترمذي .

          تعليق

          • أحمد على
            السهم المصري
            • 07-10-2011
            • 2980

            #6



            السلام عليكم ورحمة الله



            حياك الله
            أ. ريما ريماوي


            قرأت قصتك الواقعية التي تمس قضية اجتماعية مهمة جدا
            ومثل هذه الجرائم موجودة فعلا بكل المجتمعات ...
            وقد يكون مرتكبيها بحاجة لعلاج نفسي بعدما يعجز هذا المريض
            عن الزواج مثلا أو يتأخر لظروف معيشته المادية
            يصاب بهذا الداء القاتل ...


            التحرش وخاصة بالأطفال ظاهرة خطيرة تحتاج لوقفة جادة
            ودراسة لمناقشة وعلاج تلك القضية الاجتماعية ...




            وللأسف يدمر هؤلاء ، أبرياء لا ذنب لهم سوى طفولتهم الملائكية ...

            هناك عبارة لم أجدها منطقية أن تخرج على لسان
            أو تخطر بفكر طفلة صغيرة وهي :


            (أما هي فبدأت تتوجس خيفة.. هو غريب ولا يجوز أن تبقى معه بمفردها)

            أعتقد أنها أكبر من أن تقولها بطلة القصة وهي طفلة صغيرة


            سرد جميل وسلس راق لي كثيرا
            وافر تحياتي ،،،




            تعليق

            • جلال داود
              نائب ملتقى فنون النثر
              • 06-02-2011
              • 3893

              #7
              قالت الأم لإبنتها وإبتسامة ترقد على أطراف فمها :
              - دعد.. يا صغيرتي.. كمال عند الباب يريد اللعب معك، إذهبي معه ، لكن لا تبتعدا عن البيت ولا تتأخري، عليك العودة عند أذان المغرب، سانشغل بأعمال المنزل حتى عودتكما..
              نهضت دعد لتستعد، غير عابئة بالإبتسامة ذات المغزى التي ترقد على فم أمها كلما خصها كمال بالاسم دون أخيها للعب معه... !
              قفزت راكضة تلوح لوالدتها.. وخصلات شعرها الناعم تتطاير خلفها .. وأنطلقا معا وهو ممسك بيدها.
              هو في مثل عمرها، لكنه أقل منها حجما.
              إرتياحهما لبعضهما البعض لا يخفى على أحد.
              يصولان على الرصيف، يجريان يقفزان سعيدين .. تخترق ضحكاتهما المرحة فضاء المكان .
              هناك عند آخر الشارع ساحة مسورة بسياج لحفظ سيارات من كل الأنواع ، خردة وجديدة، يقوم عليها حارس في الثلاثين من عمره، ذي أسنان متفرقة صفراء، رث الثياب، يبدو متسخا على الدوام ..
              ذهبا إليه مع بقية الأولاد، يرجونه السماح لهم باللعب في الساحة التي تبدو لهم كمدينة ملاهي . لكن الحارس لم ير إلا الجميلة دعد، بعينيها الملونتين وشعرها المسدل على كتفيها، ترنو إليه تستعطفه، فأنفرجت أساريره بإبتسامة صفراء، وأشار إليها قائلا:

              - سأسمح لك فقط أنت يا بنت بالدخول.

              - دعد.. لا تذهبي، هتف كمال.

              رفضت بشدة وخصوصا عندما تذكرت وصية أمها بضرورة أن تعتني بنفسها وعدم السماح لأحد بأن يخدعها، فقالت بإصرار:
              - ( لا.. أريد كمال معي ..)


              فرضخ أمام إصرارهما وسمح للإثنين دون بقية الصغار..

              قال لهما وقد أضمر تفريقهما لغرض في نفسه : - إذهب يا كمال وقد السيارة (البيك آب) الزرقاء، وأنت يا دعد تعالي أريك السيارة الفارهة الجميلة.. التي تليق بك يا أميرة.

              استجاب كمال بلا تردد، أما هي فقد توجستْ خيفة.. فهو غريب ولا يجوز أن تبقى معه بمفردها.

              هتفت تنادي كمال:
              - ( كمال لا تبعد.. أريد البقاء معك. )

              لم يأبه بها، وقفز من سيارة إلى أخرى، مستمتعا بالقيادة...

              قال الحارس بفحيح كفحيح الأفعى : - دعيه وشأنه.. لا تخافي، سنلعب أنا وأنتِ معا بالمقعد الخلفي.. أنظري ما أجمل تلك السيارة السوداء الفخمة ، بضخامتها تبدو كبيت كبير، هلمي إليها إصعدي...
              انصاعت أمام رغبتها الطفولية وهي المحرومة من مثل هذه الرفاهية، وجلست حيث أراد، محلِّقة في الوهم الذي يبثها الإحساس بأنها بنت ذوات، تتراءى أمام عينيها مشاهد فيلم شاهدته مع أخيها بعد نجاحهما في التسلل خلسة إلى دار السينما ذات ليلة.
              صعد الحارس قربها يتلمس جسدها، ويضع يده المعروقة المتسخة يداعب شعرها، اقشعر بدنها ، فحاولت أن تنفلت منه لتفتح باب السيارة وتهرب حيث كمال...

              لكن كمال لم يزل متحمسا للعب، فتركها بلا مبالاة يقفز من سيارة لأخرى،
              والحارس يمارس نزقه وطيش شهوته وشفتيه ترتجفان وجسده كله يرتعد... وجنون الرغبة تستحوذ على كل كيانه ومشاعره.

              - تعالي يا حلوتي الصغيرة.. لن أؤذيك.
              أمسك رأسها ودنا بوجهه وكادت رائحة فمه النتنة المعبقة برائحة التبغ الرخيص أن تكتم أنفاسها .
              تملكتْها الريبة والخوف معا ، وتصاعدت دقات قلبها، فالرجل يبدو كالذئب يسيل لعابه ، مُحْمَر العينين ،
              خوفا من ردّة فعٍ عنيفة أو عقاب قالت تخاطبه بهدوء :

              - ( اسمعني يا عمي، إفتح الباب أريد أن أغادر إلى بيتي اكتفيت من اللعب. )

              ولكن الرجل ما أنفك يرتعش، وعيناه تبرقان بشهوة غريبة.
              إستمر الحارس في جنونه، وبدا وكأنه لا يتحكم بنفسه وفي ما يفعله مع هذه الطفلة ،
              قال بصوت أجش:

              - كلا لن أدعك، أنت ابقي وليخرج كمال...
              سمعتْ هرجا وصياحا من ناحية بوابة الساحة المقفلة، فهتفت فرحة:
              "أسمع، هذا صوت أخي..."
              كان أخوها هناك خارج البوابة، يمسك بالقضبان، يحاول أن يدخل رأسه بينها، وهو يصيح:

              - أين أنت أيها الحارس الحقير.. أخل سبيل أختي في الحال والا...
              كان كل أولاد الحي يتظاهرون عند البوابة..
              تنهدتْ دعد بارتياح وكأن جبلا من هموم قد إنزاح عن كاهلها.
              لم يجد الحارس بدا من الرضوخ وإفلات الصغيرة، متعللا بحجة أنه كان يريها السيارة من الداخل وأنه لم يتأبط شرا.

              "ياه، ما أجمل الحرية، ولكم أحبك يا أخي."، هتفتْ دعد وهي تتنسم عبق الإنفلات من رِبْقة هذا الذئب البشري.
              وضعت يدها الصغيرة مكان الصفعة التي إنهال بها الحارس على خدها.
              قال كمال بإنفعال : - وأنت أيتها الغريرة جعلتيني أعيش في رعب، لم يسمح لك الحارس بالدخول إلا لأنه ينوي بك شرا، وكان من الممكن أن تموتي.. عقابك سيكون في البيت، سأخبر الأهل بفعلتك الشنيعة...
              قالت له : وأنت تركتني لتمارس هوايتك بقيادة السيارات. أنت شريك في ما حدث لي. لقد إئتمنوك علي.
              بينها وبين نفسها تعرف أنها ستتلقى عقابها الشديد في البيت ، لكنها كانت في قرارة نفسها سعيدة لأنها إنعتقتْ من قبضة ذلك الوحش الآدمي.

              ***

              تحياتي ريما
              أرجو قبول هذا التعديل في النص.
              لُب القصة منثورة على كل مجتمعاتنا ، والحذر كل الحذر ، ففي بعض الإبتسامات ترقد الخناجر خلف الظهور.
              دمتم

              تعليق

              • ريما ريماوي
                عضو الملتقى
                • 07-05-2011
                • 8501

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ميساء عباس مشاهدة المشاركة
                للأسف مازالت تلك الجرائم تحدث
                وكم تترك أثرا في الفتاة حتى آخر عمرها
                وتتسبب بعقد نفسية وخوف ونفور من الرجال
                كل مايخص الطفولة يدميني ياريما
                موضوع قيّم ورائع
                لكنه جاء بدون أي زخرفة
                أي أن الأسلوب كان عاديا جدا
                وكتاباتك وأسلوبك عادة أجمل بكثير
                محبتي صديقتي العزيزة
                ميساء العباس
                أهلا بك ومرحبا غاليتي ميساء...

                شكرا على حضورك القيم الآثر..

                أصدقك حماسي واندفاعي للعمل يجعلني

                أطرحه بسرعة شديدة، تم التعديل لربما

                تمكنت من تحسين اللغة بدعمكم وحضوركم.

                نورت متصفحي، شكرا جزيلا لك.

                تحيتي وتقديري.


                أنين ناي
                يبث الحنين لأصله
                غصن مورّق صغير.

                تعليق

                • بسباس عبدالرزاق
                  أديب وكاتب
                  • 01-09-2012
                  • 2008

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
                  الأم تبتسم لابنتها قائلة:
                  - دعد.. يا صغيرتي.. كمال في الباب يريد اللعب معك، إذهبي، لكن لا تبتعدا وعن البيت لا تتأخري، عليك العودة مع أذان المغرب، سانشغل بأعمال المنزل إلى حين عودتكما...

                  نهضت تستعد، غير عابئة بابتسامة أمها ذات المغزى ترتسم على محياها، فلقد تعودت عليها كلما خصها كمال بالاسم، دون أخيها للعب معه... !


                  قفزت راكضة تلوح لوالدتها.. وشعرها الناعم يموج في حلقات، ينسدل فوق كتفيها، انطلقا معا وكمال يمسك بيدها. وهو في مثل عمرها، لكنه يقل عنها حجما، وارتياحهما لبعضهما البعض لا يخفى على أحد.

                  يصولان على الرصيف، يجريان يقفزان سعيدين يلعبان.. وضحكاتهما الصغيرة المرحة تجوب فضاء المكان.


                  هناك عند آخر الشارع توجد ساحة مسورة لحفظ سيارات (الخردة) المعطلة، يقوم عليها حارس في الثلاثين من عمره، أسنانه متفرقة صفراء، رث الثياب، ويبدو متسخا بالسواد من شحمة السيارات.

                  ذهبا إليه مع بقية الأولاد، يرجونه السماح لهم باللعب في الساحة التي تبدو لهم كمدينة ملاهي. لكن الحارس لم ير إلا الجميلة دعد، بعينيها الملونتين وشعرها المسدل، ترنو إليه تستعطفه، فانفرجت أساريره بابتسامة صفراء، يشير إليها قائلا:

                  - سأسمح لك فقط أنت يا بنت بالدخول.

                  - دعد.. لا تذهبي، هتف كمال.

                  رفضت بشدة وخصوصا عندما تذكرت وصية أمها بضرورة أن تعتني بنفسها، وعدم السماح لأحد بأن يخدعها، فردت بإصرار لا تلين:
                  - لا.. أريد كمال معي ..

                  رضخ أمامهما وسمح للإثنين دون بقية الصغار.. لكنه ينوي تفرقيهما لغرض في نفسه، يقول:

                  - إذهب يا كمال وقد السيارة (البيك آب) الزرقاء، وأنت دعد تعالي أريك السيارة الفارهة الجميلة.. التي تليق بك يا أميرة.


                  استجاب كمال بلا تردد، أما هي فقد توجست خيفة.. فهو غريب ولا يجوز أن تبقى معه بمفردها.

                  هتفت تنادي كمال: - كمال لا تبتعد.. سأبقى معك.

                  لم يأبه بها، يقفز من سيارة إلى أخرى، يسوقها...

                  - دعيه وشأنه.. لا تخافي، سنلعب أنا وأنتِ معا بالمقعد الخلفي.. أنظري ما أجمل تلك السيارة السوداء الفخمة ، بضخامتها تبدو كبيت كبير، هلمي إليها إصعدي...


                  انصاعت أمام رغبتها الطفولية وهي المحرومة من مثل هذه الرفاهية.. جلست حيث أراد، تحلق في عالم الوهم تتصور نفسها بنت ذوات، كما رأت في مشاهد الفيلم الذي شاهدته مع أخيها، بعد نجاحهما في التسلل خلسة إلى دار السينما ذات ليلة.


                  صعد قربها يتلمس جسدها، ويضع يده المتسخة يداعب شعرها، اقشعر بدنها، تنفلت منه، تنزل من السيارة بسرعة وتهرب كأرنب مذعورة حيث كمال...


                  لكنه لم يزل متحمسا للعب، فلم يبال بها، بل تركها وقفز في سيارة أخرى، استمر الحارس يطارها وحل مكان كمال، يمارس نزقه وطيشه وشفتيه ترتجفان وجسده كله يرتعد. وجنون الرغبة تدفعه إليها.

                  - تعالي يا حلوتي الصغيرة.. لن أؤذيك. أمسك رأسها ودنا بوجهه حتى تكاد ختنق من رائحة أنفاسه النتنة المختلطة برائحة التبغ الرخيص.

                  تملكتاها الريبة والخوف معا، وتصاعدت دقات قلبها، فالرجل يبدو كالذئب يسيل لعابه، بعينين حمراوين.

                  خوفا من ردة فعل عنيفة او عقاب يصدر عنه، خاطبته بهدوء قائلة:

                  - اسمعني يا عمي، إفتح الباب أريد أن أغادر إلى بيتي، اكتفيت من اللعب.

                  لكنه ما انفك يرتعش، وعيونه تبرقان بشهوة غريبة، واستمر في جنونه لا يتحكم بنفسه، وقد مات ضميره.
                  رد بصوت أجش:

                  - كلا لن أدعك، أنت ابقي وليخرج كمال...


                  على حين بغتة يدب هرج ومرج من ناحية البوابة، تهتف فرحة:
                  "أسمع صوت أخي..."

                  أخوها موجود هناك خارج البوابة، يمسك القضبان، يحاول يدخل رأسه بينها، ويصيح:

                  - أين أنت أيها الحارس الحقير.. أخل سبيل أختي في الحال والا...

                  يرافقه أولاد الحي وكلهم يتظاهرون عند البوابة.. لا بد أنهم قد أخبروه عن أخته.

                  تتنهد بارتياح وكأن جبلا ثقيلا قد انزاح عن كاهلها.

                  لم يجد الحارس بدا إلا الرضوخ... وإفلات الصغيرة، متعللا بحجة أنه كان يريها السيارة من الداخل، وأنه لم ينو بها شرا.

                  - ياه، ما أجمل الحرية، ولكم أحبك يا أخي. قالت دعد.

                  تحملت كف أخيها يهوي به على خدها، تقول بهدوء تعاتبه:
                  - أه لقد آلمتني... أكيد أصابعه ستترك آثارها عليها لمدة أسبوع على الأقل.

                  - هذا لا شيئ أيتها الغريرة لقد جعلتني أرتعد من الرعب، تأكدي أن الحارس لم يسمح لك بالدخول إلا لأنه ينوي بك شرا، وكان من الممكن أن تموتي.. عقابك الصارم في البيت، لأنني سأخبر الأهل بفعلتك الشنيعة...

                  أمسك يديها يسحبها .. تحاول تقاومه بأن تشد نفسها إلى الوراء، وتجلس القرفصاء لكنه أقوى وأكبر.. يتمكن من سحلها بسهولة.

                  في قرارة نفسها تعرف أنها ستتحمل عقابها الشديد بشجاعة، لكنها فرحة وهي تتنسم عبق الإنفلات من ربقة هذا الذئب الآدمي المنحط، (ونفذت بجلدها).
                  الأخت و الأستاذة ريما الرائعة


                  قصتك للتفاعل و للنصح

                  أحيانا كثيرة ما ألوم الإعلام لعدم تسليبط الضوء على هذه الفئة الجميلة التي كثيرا ما نقرأ عنها هوامش جد ضيقة في الجرائد

                  نعم أختي

                  ذئاب لا غير

                  أن يمارس شخص بالغ مثل هذا الأمر الحقير مع راشدة هو فعلا حيوان فما بالك بالبراءة

                  و أضيف نقطة مهمة

                  المجتمع العربي بصفة عامة بمدح الرجل بجريمته
                  بل و تجدين ذلك المجرم يفتخر بفعلته و تعلق له الأوسمة على صدره من كل الصدقاء

                  و من الجهة الأخرى سواء كانت الفتاة كبيرة أم صغيرة مساهمة في الذنب أم لا
                  فهي فاسقة و هي ليست إلا مجرد قطعة لحم فاسدة تصلح للوجبات السريعة لا غير

                  المجتمع أختي يعاني من أزمة أخلاقية و فكرية

                  و مثل التفاتتك لهذه القضية تعالج مشكلة من مشاكل عدة ( الجنس. سوء المعاملة بذاءة الألفاظ الرشوة..... و و و )
                  و قبل انهاء ردي لفت انتباهي أمر مهم

                  هو أين عقوبة الحارس
                  و لماذا نبدو سذجا عندما نعاقب فتاة بريئة كان جل همها اللعب
                  هل نحبس أولادنا
                  هل صار الوطن حكرا للذئاب و بذلك نخفي خرافنا و الفرائس(الأطفال) في البيت

                  لابد من وقفة


                  بورك فيك أختي و جزاك الله الجنة و فعلا الحرية مطلب مشروع
                  و
                  السؤال مصباح عنيد
                  لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                  تعليق

                  • ريما ريماوي
                    عضو الملتقى
                    • 07-05-2011
                    • 8501

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة محمد هشام الجمعة مشاهدة المشاركة
                    استاذة ريمة جميلة هذه القصة الى درجة اني وضعتها في الدرج
                    وسيتم نقاشها في الايام القادمة
                    لكن اعدك احاول ان يكون الجلد خفيف جداً جداً جداً اذا وجد
                    الله يستر من الجلد لو كان خفيفا جدا جدا...

                    برفع عليك قضية العنف ضد النساء بعدين...

                    هههههه بمزح.. لكن أرجو الأخذ بعين الإعتبار

                    النسخة المنقحة...

                    سررت بحضورك... شكرا جزيلا لك، نورتني...


                    تحيتي وتقديري.


                    أنين ناي
                    يبث الحنين لأصله
                    غصن مورّق صغير.

                    تعليق

                    • نزهة الفلاح
                      أديب وكاتب
                      • 20-07-2011
                      • 250

                      #11
                      موضوع واقعي للأسف
                      الله المستعان وحده
                      حفظ الله أطفال المسلمين من كل سوء
                      بارك الله فيك أستاذتي الكريمة ريما ورضي عنك، أسلوب جميل وموضوع مهم

                      تعليق

                      • ريما ريماوي
                        عضو الملتقى
                        • 07-05-2011
                        • 8501

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة شيماءعبدالله مشاهدة المشاركة
                        جرائم تحدث يوميا ولا تنتهي
                        لا رادع لهؤلاء إلا التقوى وقد انزاحت من قلوبهم فكيف السبيل !؟
                        غاليتي ريما سلسة هي القصة وجميلة ومعبرة
                        ويا حبذا يقرأها الصبية والفتيات فهي خير رادع لهم ..
                        سلمت يمناك وبوركت سواعدك
                        محبتي وشتائل الورد


                        أهلا وسهلا بك الغالية شيماء..

                        كانوا وسيبقون هؤلاء الذين انعدم فيهم الضمير

                        موجودين.. المهم نربي أبناءنا وبناتنا

                        جيدا، ومن ثم التوكل على رب العالمين..

                        لكم أسعدني حضورك القيم وإعجابك..

                        كوني بخير وصحة وعافية...


                        بتلات ياسمين لروحك...

                        احترامي وتقديري.


                        تحيتي...


                        أنين ناي
                        يبث الحنين لأصله
                        غصن مورّق صغير.

                        تعليق

                        • ريما ريماوي
                          عضو الملتقى
                          • 07-05-2011
                          • 8501

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة حمزة نادي مشاهدة المشاركة
                          أستاذتي الفاضلة/ ريما ريماوي

                          القصة تحكي مأساة أنثى مع وحوش الشوارع..
                          تحكي خطرا يترصد أحلام فتيات في عمر الزهور.. هن في أّمَس الحاجة الى من يرعاهن، بدلا من التنكيل بهن.

                          وفقت الى حد كبير في تحديد الفكرة

                          ولكني أرى بأنها لا تزال تحتاج الى كلمات قوية ودقيقة
                          و أرى أيضا بأنه من الأحسن تجنب اللهجات العامية في ادارة الحوار

                          طوبى لك أيتها المتألقة

                          أهلا وسهلا الأستاذ الأديب حمزة نادي...

                          شكرا على حضورك الآثر وردك القيم ونقدك...

                          أقدر رأيك، وقمت بالتعديل علما البعض فضل أن أعبر عن حديث البنت
                          بالعامية، لكن لا بأس عدت واستعملت الفصحى البسيطة.. وعدلت
                          النص من جديد ..

                          أرجو أن أكون قد نجحت في تحسينه... وذلك بفضل دعمكم.


                          كن بخير وصحة وعافية...


                          تحيتي واحترامي وتقديري.


                          أنين ناي
                          يبث الحنين لأصله
                          غصن مورّق صغير.

                          تعليق

                          • ريما ريماوي
                            عضو الملتقى
                            • 07-05-2011
                            • 8501

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة أحمد على مشاهدة المشاركة



                            السلام عليكم ورحمة الله



                            حياك الله
                            أ. ريما ريماوي


                            قرأت قصتك الواقعية التي تمس قضية اجتماعية مهمة جدا
                            ومثل هذه الجرائم موجودة فعلا بكل المجتمعات ...
                            وقد يكون مرتكبيها بحاجة لعلاج نفسي بعدما يعجز هذا المريض
                            عن الزواج مثلا أو يتأخر لظروف معيشته المادية
                            يصاب بهذا الداء القاتل ...


                            التحرش وخاصة بالأطفال ظاهرة خطيرة تحتاج لوقفة جادة
                            ودراسة لمناقشة وعلاج تلك القضية الاجتماعية ...




                            وللأسف يدمر هؤلاء ، أبرياء لا ذنب لهم سوى طفولتهم الملائكية ...

                            هناك عبارة لم أجدها منطقية أن تخرج على لسان
                            أو تخطر بفكر طفلة صغيرة وهي :


                            (أما هي فبدأت تتوجس خيفة.. هو غريب ولا يجوز أن تبقى معه بمفردها)

                            أعتقد أنها أكبر من أن تقولها بطلة القصة وهي طفلة صغيرة


                            سرد جميل وسلس راق لي كثيرا
                            وافر تحياتي ،،،





                            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...

                            أهلا وسهلا بك الأستاذ أحمد علي..

                            شكرا على حضورك القيم وردك الجميل،

                            ومعك حق في النقاط التي أثرتها... كانت الجملة مكتوبة

                            على لسان الراوي وليس البنت... لكن تم تعديل النص لربما

                            صار أفضل... كن بخير وصحة وعافية...

                            تحيتي واحترامي وتقديري.


                            أنين ناي
                            يبث الحنين لأصله
                            غصن مورّق صغير.

                            تعليق

                            • ريما ريماوي
                              عضو الملتقى
                              • 07-05-2011
                              • 8501

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة جلال داود مشاهدة المشاركة
                              قالت الأم لإبنتها وإبتسامة ترقد على أطراف فمها :
                              - دعد.. يا صغيرتي.. كمال عند الباب يريد اللعب معك، إذهبي معه ، لكن لا تبتعدا عن البيت ولا تتأخري، عليك العودة عند أذان المغرب، سانشغل بأعمال المنزل حتى عودتكما..
                              نهضت دعد لتستعد، غير عابئة بالإبتسامة ذات المغزى التي ترقد على فم أمها كلما خصها كمال بالاسم دون أخيها للعب معه... !
                              قفزت راكضة تلوح لوالدتها.. وخصلات شعرها الناعم تتطاير خلفها .. وأنطلقا معا وهو ممسك بيدها.
                              هو في مثل عمرها، لكنه أقل منها حجما.
                              إرتياحهما لبعضهما البعض لا يخفى على أحد.
                              يصولان على الرصيف، يجريان يقفزان سعيدين .. تخترق ضحكاتهما المرحة فضاء المكان .
                              هناك عند آخر الشارع ساحة مسورة بسياج لحفظ سيارات من كل الأنواع ، خردة وجديدة، يقوم عليها حارس في الثلاثين من عمره، ذي أسنان متفرقة صفراء، رث الثياب، يبدو متسخا على الدوام ..
                              ذهبا إليه مع بقية الأولاد، يرجونه السماح لهم باللعب في الساحة التي تبدو لهم كمدينة ملاهي . لكن الحارس لم ير إلا الجميلة دعد، بعينيها الملونتين وشعرها المسدل على كتفيها، ترنو إليه تستعطفه، فأنفرجت أساريره بإبتسامة صفراء، وأشار إليها قائلا:

                              - سأسمح لك فقط أنت يا بنت بالدخول.

                              - دعد.. لا تذهبي، هتف كمال.

                              رفضت بشدة وخصوصا عندما تذكرت وصية أمها بضرورة أن تعتني بنفسها وعدم السماح لأحد بأن يخدعها، فقالت بإصرار:
                              - ( لا.. أريد كمال معي ..)


                              فرضخ أمام إصرارهما وسمح للإثنين دون بقية الصغار..

                              قال لهما وقد أضمر تفريقهما لغرض في نفسه : - إذهب يا كمال وقد السيارة (البيك آب) الزرقاء، وأنت يا دعد تعالي أريك السيارة الفارهة الجميلة.. التي تليق بك يا أميرة.

                              استجاب كمال بلا تردد، أما هي فقد توجستْ خيفة.. فهو غريب ولا يجوز أن تبقى معه بمفردها.

                              هتفت تنادي كمال:
                              - ( كمال لا تبعد.. أريد البقاء معك. )

                              لم يأبه بها، وقفز من سيارة إلى أخرى، مستمتعا بالقيادة...

                              قال الحارس بفحيح كفحيح الأفعى : - دعيه وشأنه.. لا تخافي، سنلعب أنا وأنتِ معا بالمقعد الخلفي.. أنظري ما أجمل تلك السيارة السوداء الفخمة ، بضخامتها تبدو كبيت كبير، هلمي إليها إصعدي...
                              انصاعت أمام رغبتها الطفولية وهي المحرومة من مثل هذه الرفاهية، وجلست حيث أراد، محلِّقة في الوهم الذي يبثها الإحساس بأنها بنت ذوات، تتراءى أمام عينيها مشاهد فيلم شاهدته مع أخيها بعد نجاحهما في التسلل خلسة إلى دار السينما ذات ليلة.
                              صعد الحارس قربها يتلمس جسدها، ويضع يده المعروقة المتسخة يداعب شعرها، اقشعر بدنها ، فحاولت أن تنفلت منه لتفتح باب السيارة وتهرب حيث كمال...

                              لكن كمال لم يزل متحمسا للعب، فتركها بلا مبالاة يقفز من سيارة لأخرى،
                              والحارس يمارس نزقه وطيش شهوته وشفتيه ترتجفان وجسده كله يرتعد... وجنون الرغبة تستحوذ على كل كيانه ومشاعره.

                              - تعالي يا حلوتي الصغيرة.. لن أؤذيك.
                              أمسك رأسها ودنا بوجهه وكادت رائحة فمه النتنة المعبقة برائحة التبغ الرخيص أن تكتم أنفاسها .
                              تملكتْها الريبة والخوف معا ، وتصاعدت دقات قلبها، فالرجل يبدو كالذئب يسيل لعابه ، مُحْمَر العينين ،
                              خوفا من ردّة فعٍ عنيفة أو عقاب قالت تخاطبه بهدوء :

                              - ( اسمعني يا عمي، إفتح الباب أريد أن أغادر إلى بيتي اكتفيت من اللعب. )

                              ولكن الرجل ما أنفك يرتعش، وعيناه تبرقان بشهوة غريبة.
                              إستمر الحارس في جنونه، وبدا وكأنه لا يتحكم بنفسه وفي ما يفعله مع هذه الطفلة ،
                              قال بصوت أجش:

                              - كلا لن أدعك، أنت ابقي وليخرج كمال...
                              سمعتْ هرجا وصياحا من ناحية بوابة الساحة المقفلة، فهتفت فرحة:
                              "أسمع، هذا صوت أخي..."
                              كان أخوها هناك خارج البوابة، يمسك بالقضبان، يحاول أن يدخل رأسه بينها، وهو يصيح:

                              - أين أنت أيها الحارس الحقير.. أخل سبيل أختي في الحال والا...
                              كان كل أولاد الحي يتظاهرون عند البوابة..
                              تنهدتْ دعد بارتياح وكأن جبلا من هموم قد إنزاح عن كاهلها.
                              لم يجد الحارس بدا من الرضوخ وإفلات الصغيرة، متعللا بحجة أنه كان يريها السيارة من الداخل وأنه لم يتأبط شرا.

                              "ياه، ما أجمل الحرية، ولكم أحبك يا أخي."، هتفتْ دعد وهي تتنسم عبق الإنفلات من رِبْقة هذا الذئب البشري.
                              وضعت يدها الصغيرة مكان الصفعة التي إنهال بها الحارس على خدها.
                              قال كمال بإنفعال : - وأنت أيتها الغريرة جعلتيني أعيش في رعب، لم يسمح لك الحارس بالدخول إلا لأنه ينوي بك شرا، وكان من الممكن أن تموتي.. عقابك سيكون في البيت، سأخبر الأهل بفعلتك الشنيعة...
                              قالت له : وأنت تركتني لتمارس هوايتك بقيادة السيارات. أنت شريك في ما حدث لي. لقد إئتمنوك علي.
                              بينها وبين نفسها تعرف أنها ستتلقى عقابها الشديد في البيت ، لكنها كانت في قرارة نفسها سعيدة لأنها إنعتقتْ من قبضة ذلك الوحش الآدمي.

                              ***

                              تحياتي ريما
                              أرجو قبول هذا التعديل في النص.
                              لُب القصة منثورة على كل مجتمعاتنا ، والحذر كل الحذر ، ففي بعض الإبتسامات ترقد الخناجر خلف الظهور.
                              دمتم

                              أهلا وسهلا بك ومرحبا أستاذي القدير جلال داوود...

                              لكم أسعدني حضورك والوقت الذي صرفته هنا من أجل تحسين النص،

                              وتأكد أنه صار كالمرجع بالنسبة لي.. ممتنة لك وأقدر جهودك النيرة..

                              شكرا جزيلا لك... كن بخير وصحة وعافية.

                              لك خالص التقدير والإحترام،

                              وأجمل التحايا...


                              أنين ناي
                              يبث الحنين لأصله
                              غصن مورّق صغير.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X