تحرّش..
تخبر الأمّ ابنتها "دعد" أنّ "كمال" بالباب ينتظرها للذهاب معه كي يلعبان في الحارة، وتوصيها بضرورة العودة إلى البيت قبل الغروب. لاحظت الصغيرة طيف ابتسامة يعلو محيّاها، لكنّها تجاهلتها لقد تعوّدت عليها كلّما خصّها هي دون أخيها بالطلب للّعب معه.
جهّزت نفسها ولوّحت لأمّها مودّعة. حثّت الخطى حيث كان كمال ينتظر، شعرها الناعم يموج في حلقات، ويعود فينسدل على كتفيها. مدّت يدها نحوه فقبضها بحنان، كم تشعر بالرّاحة معه، رغم أنّهما لم يبلغا العاشرة بعد إلّا أنّها تبزّه طولا.
أخذا يجريان ويقفزان، ضحكاتهما المرحة تتخلخل الفضاء. الناس يحبّون رؤيتهما معا، حتّى أنّهما يحظيان دائما بزيادة البيّاع من بائع غزل البنات الشّيخ.
ثمّة ساحة مسوّرة بوّابتها واسعة من قضبان معدنيّة توجد عند نهاية الشّارع، تحتوي على سيّارات ( خردة ) معطّلة تباع كقطع غيار. كان يقوم على حراستها رجل في الثلاثين من عمره، أسنانه متفرّقة صفراء، رثّ الثياب، يداه وملابسه ملوثّة بشحمة السيّارات كريهة الرّائحة.
طفق أولاد الحارة وهما من ضمنهم يتوسّلونه السماح لهم باللعب في السّاحة، هي بالنسبة لهم بمثابة مدينة للملاهي يحبّون اللعب فيها، حدّق الرجل في دعد الجميلة بعينيها الملوّنتين وشعرها المسدل تستعطفه، فانفرجت أساريره عن ابتسامة صفراء خبيثة، أشار قائلا بغلظة:
- سأسمح لك أنتِ يا بنت بالدّخول.
- لا دعد، لا تذهبي وحدك، هتف كمال. وافقته وهي تتذكّر أمها ووصاياها بأن تبتعد عن الغرباء، بالإضافة أنّها لم ترغب أن تفترق عن صديقها الحميم، اشترطت على الحارس أن يسمح لكمال بمرافقتها.
رضي الحارس بالنهاية، وسمح لهما وأقفل البوّابة بعد دخولهما، ثمّ قال يبغي تفريقهما:
- اذهب يا كمال وقد السيارة الزرقاء (البيك آب)، وأنت يا دعد تعالي معي أريدك أن تري سيّارة فارهة جميلة أحضروها مؤخّرا.
توجّست خيفة، أمّا كمال المتحمّس فشدّه اللعب وتركها متظاهرا بقيادة السيّارات قافزا من واحدة إلى أخرى.
- دعيه وشأنه.. غمغم الرجل: سأعتني بك لا تخافي. هاهي السوداء الفخمة، اصعدي إلى المقعد الخلفي، حيث مكانك يا أميرة.
انصاعت أمام رغبتها الطفولية وإلحاحه، جلست وكأنّها بنت ذوات، حسبما تعوّدت مشاهدته برفقة شقيقها في دار السينما القريبة من البيت، وكانا ينجحان في التسلّل إليها خلسة بعد دوران الفيلم، هذا قبل أن يشاهدا التلفاز ويتعرّفا عليه بعد.
تبعها الرجل وصعد قربها يتلمّس جسدها بيده الوسخة ويداعب شعرها، اقشعرّت، تفلّتت منه كغزالة مذعورة واتجهّت حيث كمال تناديه، لكنّه لم يهتمّ بها وقد سلب اللعب لبّه وانتقل إلى سيّارة أخرى.
اندسّ الوحش محلّ كمال مواصلا نزقه.. شفتاه ترتجفان وجسده يرتعد، تدفعه شهوة مجنونة، يقول بصوت كالفحيح: تعالي يا حلوتي الصغيرة، لن أؤذيك.
أمسك رأسها، يقترب من وجهها، زكمتها أنفاسه العطنة المزوجة برائحة التبغ الرّخيص والخمرة، تملّكها الاشمئزاز وتعالت نبضات قلبها رعبا، الذئب يسيل لعابه، عيناه حمراوان دمويتين تقدحان شررا، من المحتّم أنه ينوي الشر بها.
بلطف خائفة منه تقول مهادنة:
- ( اسمعني عمو، بدّي أرجع لبيتي، تعبت من اللعب، ماما ستقلق إن تأخّرت.)
لكنّه مازال مدفوعا بالرغبة الماجنة، لا يحاول التحكم في نفسه، يفحّ قائلا:
- كلا لن أدعك فما زال الوقت مبكرا، فليخرج كمال وأنت سأعرّفك على دنيا جديدة. تحاول الصراخ وقد أسقط في يدها، لكنّ فجأة سمعت صوت أخيها،
قادما من ناحية البوّابة، ينادي بصوت عال مهدّدا متوعّدا، محاولا أن يقحم رأٍسه من خلال القضبان الحديديّة:
- تبّا لك أيها اللعين! أطلق سراح أختي في الحال، وإلّا قسما بالله سألمّ عليك كلّ النّاس، وسنحطّمك تحطيما.
كان معه أولاد الحارة الذين تولّى أحدهم إعلامه عن أخته، وكانوا يساندونه أيضا بالتهديد والوعيد.. تنهّدت بارتياح بعد انزياح الحمل الثقيل عن كاهلها عندما لم يجد الحارس مفرّا إلّا الرضوخ، معلّلا أنه كان يريها السيارة من الداخل.
تحاول دعد معانقة أخيها، فرحة بنجاتها، لكنّه يبعدها عنه، متفرّسا فيها وسألها:
- هل آذاك؟! وعندما هزّت رأسها نفيا، أهوى بكفّه على صدغها، بذهول تضع يدها مكان الضربة، لا بد أن أصابعه ستترك أثرها أيّاما على خدها، تتأوّه متألّمة، فيقول:
- ذلك الحقير كان ينوي بك شرّا أيتها الغريرة، لربّما قتلك ودفن جثتك، كيف تسمحين لنفسك التعرّض لهذا الخطر؟ ألم تنبّهنا أمّنا بخصوص الغرباء؟
أردف:
- سأخبر أمي وأبي عمّا جرى، وعقابك الصّارم سيكون عندهما.
يسحبها من كلتا يديها، غريزيّا تحاول مقاومته فتشدّ نفسها إلى الوراء، تريد إعاقته لكنه أقوى وأضخم، تمكّن من سحلها على قدميها بسهولة.
في قرارة نفسها تعرف أنها ستتحمّل عقابها بشجاعة، لربّما تمرض بعدها.. وجلّ ذنبها، رغبتها في اللعب. مع هذا كانت فرحة، تتنسم عبق الإنفلات من ربقة هذا الذئب الآدميّ المنحطّ (ونفذت بجلدها).
تخبر الأمّ ابنتها "دعد" أنّ "كمال" بالباب ينتظرها للذهاب معه كي يلعبان في الحارة، وتوصيها بضرورة العودة إلى البيت قبل الغروب. لاحظت الصغيرة طيف ابتسامة يعلو محيّاها، لكنّها تجاهلتها لقد تعوّدت عليها كلّما خصّها هي دون أخيها بالطلب للّعب معه.
جهّزت نفسها ولوّحت لأمّها مودّعة. حثّت الخطى حيث كان كمال ينتظر، شعرها الناعم يموج في حلقات، ويعود فينسدل على كتفيها. مدّت يدها نحوه فقبضها بحنان، كم تشعر بالرّاحة معه، رغم أنّهما لم يبلغا العاشرة بعد إلّا أنّها تبزّه طولا.
أخذا يجريان ويقفزان، ضحكاتهما المرحة تتخلخل الفضاء. الناس يحبّون رؤيتهما معا، حتّى أنّهما يحظيان دائما بزيادة البيّاع من بائع غزل البنات الشّيخ.
ثمّة ساحة مسوّرة بوّابتها واسعة من قضبان معدنيّة توجد عند نهاية الشّارع، تحتوي على سيّارات ( خردة ) معطّلة تباع كقطع غيار. كان يقوم على حراستها رجل في الثلاثين من عمره، أسنانه متفرّقة صفراء، رثّ الثياب، يداه وملابسه ملوثّة بشحمة السيّارات كريهة الرّائحة.
طفق أولاد الحارة وهما من ضمنهم يتوسّلونه السماح لهم باللعب في السّاحة، هي بالنسبة لهم بمثابة مدينة للملاهي يحبّون اللعب فيها، حدّق الرجل في دعد الجميلة بعينيها الملوّنتين وشعرها المسدل تستعطفه، فانفرجت أساريره عن ابتسامة صفراء خبيثة، أشار قائلا بغلظة:
- سأسمح لك أنتِ يا بنت بالدّخول.
- لا دعد، لا تذهبي وحدك، هتف كمال. وافقته وهي تتذكّر أمها ووصاياها بأن تبتعد عن الغرباء، بالإضافة أنّها لم ترغب أن تفترق عن صديقها الحميم، اشترطت على الحارس أن يسمح لكمال بمرافقتها.
رضي الحارس بالنهاية، وسمح لهما وأقفل البوّابة بعد دخولهما، ثمّ قال يبغي تفريقهما:
- اذهب يا كمال وقد السيارة الزرقاء (البيك آب)، وأنت يا دعد تعالي معي أريدك أن تري سيّارة فارهة جميلة أحضروها مؤخّرا.
توجّست خيفة، أمّا كمال المتحمّس فشدّه اللعب وتركها متظاهرا بقيادة السيّارات قافزا من واحدة إلى أخرى.
- دعيه وشأنه.. غمغم الرجل: سأعتني بك لا تخافي. هاهي السوداء الفخمة، اصعدي إلى المقعد الخلفي، حيث مكانك يا أميرة.
انصاعت أمام رغبتها الطفولية وإلحاحه، جلست وكأنّها بنت ذوات، حسبما تعوّدت مشاهدته برفقة شقيقها في دار السينما القريبة من البيت، وكانا ينجحان في التسلّل إليها خلسة بعد دوران الفيلم، هذا قبل أن يشاهدا التلفاز ويتعرّفا عليه بعد.
تبعها الرجل وصعد قربها يتلمّس جسدها بيده الوسخة ويداعب شعرها، اقشعرّت، تفلّتت منه كغزالة مذعورة واتجهّت حيث كمال تناديه، لكنّه لم يهتمّ بها وقد سلب اللعب لبّه وانتقل إلى سيّارة أخرى.
اندسّ الوحش محلّ كمال مواصلا نزقه.. شفتاه ترتجفان وجسده يرتعد، تدفعه شهوة مجنونة، يقول بصوت كالفحيح: تعالي يا حلوتي الصغيرة، لن أؤذيك.
أمسك رأسها، يقترب من وجهها، زكمتها أنفاسه العطنة المزوجة برائحة التبغ الرّخيص والخمرة، تملّكها الاشمئزاز وتعالت نبضات قلبها رعبا، الذئب يسيل لعابه، عيناه حمراوان دمويتين تقدحان شررا، من المحتّم أنه ينوي الشر بها.
بلطف خائفة منه تقول مهادنة:
- ( اسمعني عمو، بدّي أرجع لبيتي، تعبت من اللعب، ماما ستقلق إن تأخّرت.)
لكنّه مازال مدفوعا بالرغبة الماجنة، لا يحاول التحكم في نفسه، يفحّ قائلا:
- كلا لن أدعك فما زال الوقت مبكرا، فليخرج كمال وأنت سأعرّفك على دنيا جديدة. تحاول الصراخ وقد أسقط في يدها، لكنّ فجأة سمعت صوت أخيها،
قادما من ناحية البوّابة، ينادي بصوت عال مهدّدا متوعّدا، محاولا أن يقحم رأٍسه من خلال القضبان الحديديّة:
- تبّا لك أيها اللعين! أطلق سراح أختي في الحال، وإلّا قسما بالله سألمّ عليك كلّ النّاس، وسنحطّمك تحطيما.
كان معه أولاد الحارة الذين تولّى أحدهم إعلامه عن أخته، وكانوا يساندونه أيضا بالتهديد والوعيد.. تنهّدت بارتياح بعد انزياح الحمل الثقيل عن كاهلها عندما لم يجد الحارس مفرّا إلّا الرضوخ، معلّلا أنه كان يريها السيارة من الداخل.
تحاول دعد معانقة أخيها، فرحة بنجاتها، لكنّه يبعدها عنه، متفرّسا فيها وسألها:
- هل آذاك؟! وعندما هزّت رأسها نفيا، أهوى بكفّه على صدغها، بذهول تضع يدها مكان الضربة، لا بد أن أصابعه ستترك أثرها أيّاما على خدها، تتأوّه متألّمة، فيقول:
- ذلك الحقير كان ينوي بك شرّا أيتها الغريرة، لربّما قتلك ودفن جثتك، كيف تسمحين لنفسك التعرّض لهذا الخطر؟ ألم تنبّهنا أمّنا بخصوص الغرباء؟
أردف:
- سأخبر أمي وأبي عمّا جرى، وعقابك الصّارم سيكون عندهما.
يسحبها من كلتا يديها، غريزيّا تحاول مقاومته فتشدّ نفسها إلى الوراء، تريد إعاقته لكنه أقوى وأضخم، تمكّن من سحلها على قدميها بسهولة.
في قرارة نفسها تعرف أنها ستتحمّل عقابها بشجاعة، لربّما تمرض بعدها.. وجلّ ذنبها، رغبتها في اللعب. مع هذا كانت فرحة، تتنسم عبق الإنفلات من ربقة هذا الذئب الآدميّ المنحطّ (ونفذت بجلدها).
تعليق