أبكي بكاء علقما مُرَّا
وتَسِحُّ عَينِي أدْمُعا حرَّى
تهتاجُ آلامي مُتلتلةً
من غُصَّة في الحلقِ لا أبرا
يا شام يا أهلي ويا سكني
قد ألبسوكِ خِصالهم قسرا
يا غوطةً تختالُ زاهِيةً
ساموكِ هَوْلَ سِياطهم دهرا
ما لي إليكِ فَقدْتُ بوصِلتي
يا قبلةَ الحادي إذا أسرى
يسعى وكلُّ مَرامِهِ جبلٌ
يزهو بفيضِ بهائه طُهرا
والياسمينُ أريجُه عَبَقٌ
فهنا دمشقُ تضمَّخَتْ عِطرا
تجري بها نشوانَ يا بردى
مِنْكَ الشآمُ تَرَنَّحَتْ سُكْرا
أمواجُه رقراقةٌ أبداً
منها دمشقُ تلألأت سِحْرا
أنسامها ثَلْجٌ بخاصرتي
في قاسيون تَنفَّسَتْ فَجرا
أنحاؤها تكتظُّ مِنْ أمَمٍ
عددَ النُّجومِ تألَّقَتْ ظُهرا
في ساحِها أمشي بتوئدَةٍ
وبها خطايَ تثاقلتْ عصرا
ومساؤها رطْبٌ وديدنه
أن يستزيدَ رطوبةً بِكرا
أهلوكِ شامُ نزيفُهُم غَدَقٌ
يجري حثيثاً سائغاً نهرا
هاكُم دمائي لو فديتكمو
أو فَلْتُحِلْها ربَّنا حِبْرا
أسقي به ورقي وقافيتي
علَّ الحروفُ تجوزُ بي عُذرا
ربّي تلطَّفْ في لطائفهم
فبنوكِ جُلَّق في الورى أورى
هم فخرنا في العُرْبِ قاطبةً
يا رب زدهم كَلْكلاً فَخرا
هيِّء لهم في حَيِّهِم عِزَّاً
هانوا فأبدِلْ ذُلَّهُم كِبْرا
بارِكْ لنا فيهم وفي يمنٍ
فالقدسُ كانت موطئَ المسرى
تلكَ الشآم تكلَّلت شرفاً
لمَّا مُحَمَّدُ جاءَ مُتَّجِرا
حتى إذا المِعراجُ موعِدُه
من قُدْسِها للعرشِ قد نفرا
فأفاضَ مقدِمُه سناً ورؤىً
من نوره النبويِّ مُنْحَدِرا
أغدِقْ أماناً ربنا وأحطْ
شامَ الُّدنا بالسِّلمْ مُنتَشِرا
واستثنِ منهم هالِكاً سَمِجاً
في القتلِ والتدميرِ ما وفرا
جَمعَ العِدا الأغرابَ في جيشٍ
بشِعارِه المكلومِ قد مكرا
فاختَطَّ دَرباً عاهراً قذرِاً
وبه استباح النَّبْتَ والبشرا
تبّاً لهُ من حارِقٍ وطناً
ومقتِّلٍ شعباً ومفتخِرا
قسماً سنسقِطُهُ ونوقِفهُ
مهما بغى أو عاث أو عَسُرا
قسماً ولن نلقي بنادِقَنا
حتى نطيحَ برأسه ثأرا
5/6/2013
تعليق