صغيري!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ريم محمد
    عضو الملتقى
    • 28-02-2008
    • 28

    صغيري!!

    -هيا يا صغيري .. هيا فقد سبقتك العصافير إلى المدرسة..
    أفتح النافذة ليلفح وجهي نسيم الصباح مداعباً خصلات شعري..أتجه إليه ..أسحب الغطاء برفق عنه ..أضرب على خده برفق..
    -هيا استيقظ ..لمَ كل هذا الكسل ..؟
    يتململ في سريره ..و يعاود سحب الغطاء على جسده الغض..
    أزيح الغطاء مرة أخرى ..أحادثه بغضب:
    - العصافير أنشط منك!!
    - لا أحب العصافير ..و لا أحب المدرسة .. و لا أحب الأولاد..
    -هل تحبني..؟
    يصمت..ثم يصرخ : أريد أن أنام .. لا أريد المدرسة.
    صوته الصغير يشي بشيء .. لم يكن صغيري هكذا من قبل .. كان صوته دوما ينشر في نفسي الأمل .. و التفاؤل.. أصحو دوما على ابتسامة تنسج في قلبي الحب..صغيري ..لم يعد كما كان.. صغير يتألم ..أشعر به.."حتى و إن لم أكن".. أهز رأسي أحاول إبعاد هذا الهاجس ..فأنا أمه الحقيقية..أنا من حملته بين ذراعي و سهرت الليالي حينما كان يبكي متألما.. أنا أمه..
    أرفع رأسه .. أحتويه بذراعي ..أضمه لصدرٍ طالما ضمه في صغره ليبكي عليه ..أو لعلنا بكينا معا.. ألثم جبينه بقبلة صادقة..بقبلة أم حقيقية..
    - مالذي يغضبك يا حبيبي..
    - ماما.."يقولها بعد صمت"
    - هل للعصفور أب؟
    - نعم.. لماذا تسأل..؟!
    - يعني لكل شيء أب ..أليس كذلك ماما؟
    - صحيح يا حبي؟
    - يستوي جالساً يفرك عينيه الصغيرتين ..يتلعثم المرة بعد الأخرى..
    - ماذا تريد أن تقول..؟ هل تشكو من شيء..هل أغضبك أحد؟
    - ماما..لك أب صحيح..و هو بلحية بيضاء ..و دائما يحمل العصا الغليظة.. يناديني دوما ليعطيني الحلوى..
    ألتزم الصمت و أحدق في وجه صغيري جيداً .. أحاول أن أستشف من تلك الملامح البريئة شيئاً..فقلبي لا يكذب ..طفلي يتألم..
    حينما يلاحظ صمتي..يجهش باكياً بعدما ترتسم علامات الحزن على ملامحه..
    _ لماذا يقول مدير المدرسة "أين أبوك؟" فأين أبي؟ كل شيء له أب ..و أنا ..
    حرقة تنتشر في قلبي .. و ألم يبدو على تقاسيمي.. تمنيت أن يقف الزمن قبل أن ينطق صغيري بهذه الكلمة..تمنيت أن يتوقف الزمن قبل أن يقولها المدير..أن يتوقف الزمن كله قبل أن يسأل طفلي عن والده المجهول..والده الذي لا يُعرف إلا بطفل رماه يوماً أمام مكب النفايات..متخلصاً مع من معه من عار الدنيا..
    أحتوي جسده بذراعي.. نبكي معاً ثم أهمس في أذنه بحب دافئ "أنا أمك و أبوك..أنا لك كل شيء..أنت حبيبي .."
    نبتسم بألم يملأ كوننا الصغير "لا مدرسة اليوم!"
  • فجر عبد الله
    ناقدة وإعلامية
    • 02-11-2008
    • 661

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة ريم محمد مشاهدة المشاركة
    -هيا يا صغيري .. هيا فقد سبقتك العصافير إلى المدرسة..
    أفتح النافذة ليلفح وجهي نسيم الصباح مداعباً خصلات شعري..أتجه إليه ..أسحب الغطاء برفق عنه ..أضرب على خده برفق..
    -هيا استيقظ ..لمَ كل هذا الكسل ..؟
    يتململ في سريره ..و يعاود سحب الغطاء على جسده الغض..
    أزيح الغطاء مرة أخرى ..أحادثه بغضب:
    - العصافير أنشط منك!!
    - لا أحب العصافير ..و لا أحب المدرسة .. و لا أحب الأولاد..
    -هل تحبني..؟
    يصمت..ثم يصرخ : أريد أن أنام .. لا أريد المدرسة.
    صوته الصغير يشي بشيء .. لم يكن صغيري هكذا من قبل .. كان صوته دوما ينشر في نفسي الأمل .. و التفاؤل.. أصحو دوما على ابتسامة تنسج في قلبي الحب..صغيري ..لم يعد كما كان.. صغير يتألم ..أشعر به.."حتى و إن لم أكن".. أهز رأسي أحاول إبعاد هذا الهاجس ..فأنا أمه الحقيقية..أنا من حملته بين ذراعي و سهرت الليالي حينما كان يبكي متألما.. أنا أمه..
    أرفع رأسه .. أحتويه بذراعي ..أضمه لصدرٍ طالما ضمه في صغره ليبكي عليه ..أو لعلنا بكينا معا.. ألثم جبينه بقبلة صادقة..بقبلة أم حقيقية..
    - مالذي يغضبك يا حبيبي..
    - ماما.."يقولها بعد صمت"
    - هل للعصفور أب؟
    - نعم.. لماذا تسأل..؟!
    - يعني لكل شيء أب ..أليس كذلك ماما؟
    - صحيح يا حبي؟
    - يستوي جالساً يفرك عينيه الصغيرتين ..يتلعثم المرة بعد الأخرى..
    - ماذا تريد أن تقول..؟ هل تشكو من شيء..هل أغضبك أحد؟
    - ماما..لك أب صحيح..و هو بلحية بيضاء ..و دائما يحمل العصا الغليظة.. يناديني دوما ليعطيني الحلوى..
    ألتزم الصمت و أحدق في وجه صغيري جيداً .. أحاول أن أستشف من تلك الملامح البريئة شيئاً..فقلبي لا يكذب ..طفلي يتألم..
    حينما يلاحظ صمتي..يجهش باكياً بعدما ترتسم علامات الحزن على ملامحه..
    _ لماذا يقول مدير المدرسة "أين أبوك؟" فأين أبي؟ كل شيء له أب ..و أنا ..
    حرقة تنتشر في قلبي .. و ألم يبدو على تقاسيمي.. تمنيت أن يقف الزمن قبل أن ينطق صغيري بهذه الكلمة..تمنيت أن يتوقف الزمن قبل أن يقولها المدير..أن يتوقف الزمن كله قبل أن يسأل طفلي عن والده المجهول..والده الذي لا يُعرف إلا بطفل رماه يوماً أمام مكب النفايات..متخلصاً مع من معه من عار الدنيا..
    أحتوي جسده بذراعي.. نبكي معاً ثم أهمس في أذنه بحب دافئ "أنا أمك و أبوك..أنا لك كل شيء..أنت حبيبي .."
    نبتسم بألم يملأ كوننا الصغير "لا مدرسة اليوم!"
    ريم محمد قصة ماتعة تحكي حكايا - مرض من أمراض المجتمع - وتلقي الضوء على شريحة مهمة من البراءة التي اغتصبت منها صفة البراءة ..
    ريم الجملة التي لونها بالأحمر هي المفتاح أونافذة على الحكاية لترتسم أحداثا أمام القارئ .. فيها تشويق رائع لولا أنك لم تشرحي الأمر بالجملة التي لونتها بالأزرق .. دعي القارئ يستنبط الأمر من بين السطور ويستمتع بهذا .. والجملة الأخرى التي لونتها فيها الكثير من الألم ومن أسباب هذه الظارة الغريبة عن المجتمع المسلم ..
    قصة طفل يحمل على عاتق طفولته البريئة وصمة عار ربما لن تنمحي أبدا وأمثاله كثيرون في المجتمع كم من طفل تهب عليه رياح الزمن التي تلقي به في براميل النفايات يُتخلّص منه كما يُتخلص من قاذورات .. هناك غيره من تأويه الجمعيات الخيرية ليتكدّس مع أقرانه كما تكدس السلع ليكون منجما للثراء لهم على حساب مشاعره وبراءته ومستقبله .. أن يجد الصغير - بطل القصة - أماً جديدة تحتضنه وتغدق عليه حبا كما أنه ترعرع في رحمها وتغذى من نبضات قلبها فذاك هو الفوزالكبير له ولها ..

    "صغير يتألم ..أشعر به.." هذا شعور الأم التي يربطها حبل الحب الحقيقي بصغيرها حتى لو لم يربطهما من قبل الحبل السّري .. وكم من أم رغم رباط " دي , إن , إن .." لكن لا تشعر بصغيرها ولا بألمه وترميه بين النفايات وقد تنكرت لأمومتها ولإنسانيها ..
    ليس الرجل وحده من يكون السبب في ظاهرة الأطفال الذين يلقون في مكب النفايات بل حتى المرأة لها يد أيضا .. سواء مرغمة أو باختيارها .. والنتيجة واحدة .. اجتياح موجة أطفال الشوارع للمجتمع .. وإن لم تتكاثف الضمائر قبل الأيادي لإنقاذ البراءة المغتصبة .. سيكون هناك تسونامي اجتماعي يغتال المستقبل ..

    نسأل الله السلامة للبراءة الطفولية التي تحتاج أن تمتد إليها أيادي حنونة تمسح عن ملامحها دموع الحرمان
    قصة تحكي الكثير وتعالج قضية مهمة في المجتمع
    شكرا لقلمك الرائع ريم

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #3
      الأستاذة والزّميلة الغالية : ريم محمد...
      سرّني ما قرأت لك من سطورٍ
      تناولتِ مشكلةً غاية في الأهميّة ...
      وكم سمعنا ...ورأينا حالات مشابهة ...
      شعور بالضّياع ينتاب من لفظته الحياة ...
      من أنكرته أيدٍ كان من المفترض أن تكون حانية ...تحميه ، وترعاه ..
      فكانت المدية التي أنزفت الجّرح الذي عاشه طفل الخطيئة طول الحياة ...
      ولولا تلك القلوب الرّحيمة ...لانهارت الإنسانيّة واندثرت ..
      بورك بقلمك أختاه ...
      ومع أطيب أمنياتي ...تحيّاتي ...

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • فوزي سليم بيترو
        مستشار أدبي
        • 03-06-2009
        • 10949

        #4
        [align=center]
        رقيقة وناعمة وصادقة هذه القصة
        وجاء انسيابها عفويا ، فرفع من قيمتها الجمالية
        العزيزة ريم محمد
        أحييك
        أحسنتِ
        فوزي بيترو
        [/align]

        تعليق

        يعمل...
        X