وأخيراً هاهم عصابات الأخوان وزعيمهم يتهاوون عن كراسيهم التي ظلوا يحلمون بها، ويخططون
للجلوس عليها سنين طوال مستخدمين كل ما بحوزتهم من دجل وكذب رخيص وأرهاب فكري وديني
يمارسونه على السذج والبسطاء . مضحين بكل شئ حتى بدينهم الذي لم يحترموا قدسيته...
هاهم يتطايرون تباعاً سراعاً، كأنهم جراد منتشر... بصفعة مدوية وجهها لهم شعب مصر الأبي، الذي
ما قدروه حق قدره. صفعة سيظل صداها يتردد أغنية تتلون على شفاه عشاق الحرية والغد الجميل.
صفعة، لا تطير فقط بمرسي وزمرته المسماة زيفاً، الإخوان المسلمين (وكأن الآخرين ليسوا إخواناً
ولا مسلمين)، فقط، بل هاهي موجاتها الارتدادية تصك أسماع خفافيش الظلام وجنود الشيطان والإرهاب
في الدوحة والرياض وغيرها من مدن الشر والرذيلة، فتنقض غزلها أنكاثا. فمذ انطلقت الملايين تزين
شوراع مصر الكرامة والعزة، خرست ألسنة الشر والفتنة عبر مشروع الإسلام السياسي الذي لم تجن
منه الشعوب التي صدقت به حلما يداعب أجفان قهرها وحرمانها وجوعها الذي لازمها عبر سنوات
الأنظمة السابقة، لم تجن منه إلا كذباً وزيفاً وظلماً وطغياناً أقسى مما عانته وتجرعته من حكامها على
مدى عقود. يضاف إليه تهافتٌ على المناصب والسلطة. مع عدم دراية ولا كفاءة في إدارة هذه السلطة
كاد أن يودي بالدولة وسيادتها وشعبها في نفق من المجهول لا أحد يستطيع التنبؤ بنهايته...
نعم لقد خرست أبواق الشر المنادية بجهاد الذبح والنكاح وتأجيج الفتن الطائفية ضد العراقيين
والسوريين...
وإن شاء الله ستخرس إلى الأبد بعد هذا السقوط المخزي والمدوي، والذي أبان للعالم الحر، وبما لا
يقبل الشك بأنها ليست أكثر من فكرة جهنمية لا علاقة لها بالإسلام وأهله، ولا علاقة لها برغبات
الشعوب وتطلعاتها وحبها للحياة الحرة الكريمة، ولا بالإنسان وحبه الفطري لأخيه الإنسان مهما اختلف
معه في عقيدته ودينه وطريقة عيشه...
لقد كنا نرفض بشكل قاطع إدارة الدولة بالدين. أياً كانت الدولة وأياً كان الدين. لأن النتيجة التي
وصلت إليها مصر الآن كانت ماثلة أمام من ينظر بعقله متجرداً من العاطفة والحنين إلى ماض
ليس مشرِّفاً كما تصوره كراريس المدارس. ولا مقدساً كما تصوره كتب الأحاديث وتاريخ النخاسة
والمتاجرة بالعواطف. وهاهو سقوط مرسي ودولته يثبت صحة ما كنا نراه ونقوله من استحالة حكم
الدول والشعوب بالدين...
فتحية لشعب مصر الذي مازال يعلم البشرية كل آن درساً جديداً في الحرية والرجولة والإباء. وإنه
الوريث عن جدارة، لحضارة أهدت البشرية شموس المعرفة قبل آلاف من السنين. فمحال أن يتسلط
عليه أمثال هؤلاء الجهلة والحمقى الذي خرجوا في غفلة من الزمن من كهوف النسيان والتخلف،
منادين بأفكار لا تتوائم إلا مع مخيلاتهم وعقولهم المغلقة على الماضي السحيق...
ونأمل أن يكون هذا السقوط السريع والمريع، مقنعاً بما يكفي لبعض المتمسكين بنظرية الخلافة
والحكم الديني، أن لا مجال لمثل هذه الأفكار والخيالات والتهويمات، بين أمم أشعلت السماوات فوق
رؤوسنا ساحات حرب ... ومنجزات علم...
تعليق