أبيض وأسود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جلال داود
    نائب ملتقى فنون النثر
    • 06-02-2011
    • 3893

    أبيض وأسود

    إلى تلك الخلاسية التي سألتْني عن تناسخ الألوان في جنس البشر و هي موقنة أن في سحنتها سفْرٌ من إجابة تملأ أضابيرا ..
    قلت لها وأمام ناظري تتراقص صور شتى تتراءى من شوارع المدن المزدحمة وهدوء القرى النائمة على ضفاف الأنهر وصخب التواصل في زماننا هذا بشتى السبل :
    ***
    ذات مزاج راقبتُ بصبر وأناة ما يشفي غليلك.
    فقد ظلَّتْ حبات القهوة تتباهى بلونها الأسمر ونكهتها المفعمة بعبق التلال ...
    عندما دلقوها على سطح ( المحماس ) الساخن .. وفاحت رائحتها ... استكانت لتسُّرب العطر الجديد داخل النتوء الذي يقسم حباتها إلى (إثنين) .. وانتفختْ أوداجها الطرفية وهي تتقافز من لسعات السطح الذي تزايدت حرارته.
    رغم أن لونها اكتسى سواداً أشد حلكة من ذي قبْل .. إلا أنه أعجبها ... ولم تنتبه إلى يد ( المهباج ) ينهال عليها داخل ( الإناء الخشبي ) ويحيلها إلى ذرات دقيقة وناعمة وتندلق عليه حبيبات أخرى بأمزجة مختلفة وألوان متباينة وأحجام متنوعة. ( فاستكانت طائعة لهذا التمدد الذي يزيد من جيناتها ).
    في ذات الوقت ... كان الحليب يتبختر كما الطاؤوس مفاخرا بلونه .. فتارة يقول : أنا ابن الشمس .. وتارة يقول أنا الذي أرضعه القمر في عنفوان استدارته ..
    عندها صاحت حبيبات القهوة السوداء وهي تعاني جراء الذي ينهال عليها : أنا لوني الأسود أصل الأشياء.
    وجاراها الحليب وهو يُغْلى على نار هادئة ليس ببعيد عن الحبيبات : وأنا الأبيض لون الإشراق والإصباح.

    وتعالتْ الأصوات هنا و هناك:
    الأسود
    الأبيض
    أنا الذي
    أنا التي

    وعندما أستقر الاثنان في جوف الإبريق الفضي ... متجاورين في حيز ضيق .. شعرا بأن الحيز أوسع بكثير من الفضاء الرحيب الذي أحتوى المغالطة التي مارساها.

    همدتْ الأصوات .. و تكالب الأبيض على الأسود ..
    وتسرّب الأسود داخل طيات الأبيض ..
    تعانقا كما جذور أشجار الأحراش العتيقة عندما تخالف نواميس الطبيعة وتعانق سيقان الأشجار وفروعها الغليظة ...

    لاحظ الاثنان أنهما اتخذا لوناً ثالثاً ...خُلاسي السحنة ... بأصالة تضاهي كل ما جاء في سِفْر الألوان.
    وعندما اندلقا سوياً على فنجان فخاري ... في هدير متناغم ..
    كانت فقاعات الاندلاق تُشكل وجهاً مبتسماً ابتسامة عريضة ..
    فسَكَن خوف الاثنين ...
    واستقرا بهدوء يحتويهما هذا المتخم دفئاً وترحاباً ..
    خالطهما إحساس بأن هذا الوعاء الطيني هو الملاذ .. وهو جذور أصليهما ...
    وخالطت رائحة الفخار مزيج النكهة الجديدة ..
    وتمايلت سحابة من بخار تتمايل وكأنها تتراقص على أنغام طبول نحاسية ..
    فراحا في إغماضه مستكينة غير عابئين بما يحدث بعد ذلك ...
  • ليندة كامل
    مشرفة ملتقى صيد الخاطر
    • 31-12-2011
    • 1638

    #2
    السلام عليكم
    نص أخدنا الى عالم الأسود والابيض اللونان الأكثر تواجدا فوق الأرض للونان خلاقا فلسفة جديدة انجبا ألونا أخرى كان النص أقرب للقصة الخيالية الماتعة حسب رأي المتواضع
    بوح جميل وفكرة مبتكرة تقديري
    http://lindakamel.maktoobblog.com
    من قلب الجزائر ينطلق نبض الوجود راسلا كلمات تتدفق ألقا الى من يقرأها

    تعليق

    • شيماءعبدالله
      أديب وكاتب
      • 06-08-2010
      • 7583

      #3
      يا لهذا الإبداع
      كنت معك على تفاصيل الوصف وأعدت متكأً لعمق المعنى
      كأني بها عالم بأسره تطاول من صغار غير لافت ليكبر نزاعه ويتعاظم
      فلا شيء يوقف الصراخ الصاخب سوى هدوء لمستقر
      لتنفث التراتيل سحرها الخالد بلا اشتباك هلم لحوار هادئ على فنجان قهوة محلاة بالنقاء ....
      ويا للتحلية الكبيرة الماتعة التي بين يدينا
      للتثبيت حيث تقرأ بإمعان وروية
      سلمت وبوركت أديبنا الراقي جلال داود
      اليوم حظي كبير لأقرأ البدائع هنا في قسمنا الذي يختال بكم فرحا
      تحيتي وتجل التقدير

      تعليق

      • صهيب خليل العوضات
        أديب وكاتب
        • 21-11-2012
        • 1424

        #4

        سيدي
        كلماتك أخذت مني مساحة كبيرة
        كورتني
        دحرجتني
        و قذفتني في عمق الحرف
        و براعة الكلمة
        لا أستطيع أن أقول إبداع
        فهذا الذي هنا يفوق كل إبداع
        سلمت يداك و سلمت و سلمت
        محبتي لك أديبنا جلال داود
        كأخر جندي في ساحة المعركة أحارب هذا الحزن وحدي،

        تعليق

        • أبوقصي الشافعي
          رئيس ملتقى الخاطرة
          • 13-06-2011
          • 34905

          #5
          طوتنا ليالي الوله
          فأعدوا لنا متكأ
          نادوا عذارى اللغة
          تثنى النغم و جنا
          فالخليل جلال المبجل
          سيمطرنا عذوبة
          امتشق رفاهية الوصف
          ومزمار داود
          على رائحة الهيل و الزعفران
          غازلتنا سمروات البن
          و هي تتورم باللذة
          طحنتنا بحكايات السمر
          فجاء ابن القمر الحليب
          برغوة ضياء ..
          قال كلما كان الجمر مستعراً
          ازددت بياضا
          قنصنا هذه الحكمة منه
          و الأماني ربابة توق
          مزجنا هذا بذاك
          و الفخار ممتن ٌ لنا
          هجين لذة ٍ و نقاء
          فهاتها كداءٍ و دواء
          و عربد من الكلمات صورا تزيل
          بعض شوائب الدهر...

          سيدي و جليل البيان / جلال داود
          لله درك...
          نص عميق و جميل و مريح
          ما أروع فكرك و ما أعذب معانيك
          مودتي التي تعلمها
          كن بخير



          كم روضت لوعدها الربما
          كلما شروقٌ بخدها ارتمى
          كم أحلت المساء لكحلها
          و أقمت بشامتها للبين مأتما
          كم كفرت بفجرٍ لا يستهلها
          و تقاسمنا سوياً ذات العمى



          https://www.facebook.com/mrmfq

          تعليق

          • الريحانه
            عضو الملتقى
            • 10-05-2013
            • 54

            #6
            خاطره رائعه
            سلم قلمك للابداع فقد استمتهت كثيرا بهذا البوح الراقي
            دمت بخير وشكرا لك

            تعليق

            • أمنية نعيم
              عضو أساسي
              • 03-03-2011
              • 5791

              #7
              مبدع الهين ...السهل الممتع
              الراقي البسيط ...اللمحة الفنية على نار هادئة
              أديبنا جلال داوووود
              ليس من كلام الا
              روووووووووووووووووعه من رائع

              [SIGPIC][/SIGPIC]

              تعليق

              • سميرة رعبوب
                أديب وكاتب
                • 08-08-2012
                • 2749

                #8
                عندما يظن كل انسان منا أنه الأفضل وأن المخالف له أقل منه في الأفضلية
                قد يتسرب إليه شعور خفي بضخامة الأنا وقد يتوهم عداوة ذلك المخالف فقط لأنه خالفه ..!
                فسنة الاختلاف موجودة ولكن أن نجعلها منبع كل تنازع وخلاف فهذا هو الفشل بعينه
                ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )
                فالحياة لوحة والبشر ألوانها
                ولن يكتمل جمال الصورة إلا بإمتزاج ألوانها
                فكل لون يشكل حيزا مهما لإكتمال جمال اللوحة
                ياليتنا ندرك ذلك جيدا فكرا وسلوكا .. !!!

                شكرا أستاذ جلال ؛
                خاطر من " الأدب الرسالي "
                صيغ بأسلوب سلس مشوق قوي الشكل عميق المضمون

                تحية تليق ~
                رَّبِّ
                ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا




                تعليق

                • جلال داود
                  نائب ملتقى فنون النثر
                  • 06-02-2011
                  • 3893

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ليندة كامل مشاهدة المشاركة
                  السلام عليكم
                  نص أخدنا الى عالم الأسود والابيض اللونان الأكثر تواجدا فوق الأرض للونان خلاقا فلسفة جديدة انجبا ألونا أخرى كان النص أقرب للقصة الخيالية الماتعة حسب رأي المتواضع
                  بوح جميل وفكرة مبتكرة تقديري
                  تحياتي أستاذتنا الراقية ليندة
                  أسعدني مرورك البهي
                  ولك الشكر على التعليق الأنيق


                  ***

                  كان النص أقرب للقصة الخيالية الماتعة حسب رأي المتواضع

                  ما خاب رأيك ، فالخيال يرتاد باحات الحرف ليقوده في دهاليز الخاطرة ثم تتنفس الخاطرة عبْر نوافذ القصة خيالا كان أم واقعا معاشا.

                  دمتم بخير

                  تعليق

                  • محمد مثقال الخضور
                    مشرف
                    مستشار قصيدة النثر
                    • 24-08-2010
                    • 5517

                    #10
                    كثيرة هي الألوان هنا . .
                    لون الجمال
                    ولون العمق
                    ولون الفكرة الجديدة

                    محبتي وتقديري لك أستاذنا الفاضل

                    تعليق

                    • ريما الجابر
                      نائب ملتقى صيد الخاطر
                      • 31-07-2012
                      • 4714

                      #11
                      باحت الحروف بجمال لا يضاهى
                      فلم ترف العين ولا زالت ترقب السطور
                      وتبحر في لؤلؤ منثور
                      نعم إنه الاختلاف لكنه يصنع الروعة عند التمازج
                      لنكن معا لردم هوة الاختلاف والإلتفاف حول كلمة الحق

                      تحيتي وطوق الياسمين أستاذنا الراقي
                      http://www.pho2up.net/do.php?imgf=ph...1563311331.jpg

                      تعليق

                      • جلال داود
                        نائب ملتقى فنون النثر
                        • 06-02-2011
                        • 3893

                        #12
                        أستاذتنا الأديبة شيماء
                        سعيد أنا بهذا المرور المعتق والمعبق بنكهات الصباح
                        أشكر لك هذا التعليق الذي أضاف للنص مزاجية أخرى
                        دمتم بخير

                        تعليق

                        • جلال داود
                          نائب ملتقى فنون النثر
                          • 06-02-2011
                          • 3893

                          #13
                          الأستاذ الأديب صهيب
                          تحايا سامقة
                          تسعدني دائما كلماتك المضمخة بالصدق والحروف الرزينة
                          فلك الشكر على هذا المرور الأنيق
                          دمتم بخير

                          تعليق

                          • جلال داود
                            نائب ملتقى فنون النثر
                            • 06-02-2011
                            • 3893

                            #14
                            أستاذنا بحر الحروف وكنز المعاني قصى

                            تحايا سامقة وتقدير


                            دائما ما يكون تعليقك إطار للنص يحاصره بنفثات تجعله يزدان ويختال
                            لك الشكر على هذه الجدارية الملونة :

                            على رائحة الهيل و الزعفران
                            غازلتنا سمروات البن
                            و هي تتورم باللذة
                            طحنتنا بحكايات السمر
                            فجاء ابن القمر الحليب
                            برغوة ضياء ..
                            قال كلما كان الجمر مستعراً
                            ازددت بياضا
                            قنصنا هذه الحكمة منه
                            و الأماني ربابة توق
                            مزجنا هذا بذاك
                            و الفخار ممتن ٌ لنا
                            هجين لذة ٍ و نقاء
                            فهاتها كداءٍ و دواء
                            و عربد من الكلمات صورا تزيل
                            بعض شوائب الدهر...

                            دمتم بألف خير

                            تعليق

                            • جلال داود
                              نائب ملتقى فنون النثر
                              • 06-02-2011
                              • 3893

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة الريحانه مشاهدة المشاركة
                              خاطره رائعه
                              سلم قلمك للابداع فقد استمتهت كثيرا بهذا البوح الراقي
                              دمت بخير وشكرا لك
                              الأستاذة ريحانة
                              تحياتي وتقديري
                              سعدت بمرورك
                              وأشكرك على تعليقك الباذخ البهي
                              دمتم بخير

                              تعليق

                              يعمل...
                              X