أحزان المثلث القائم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. نديم حسين
    شاعر وناقد
    رئيس ملتقى الديوان
    • 17-11-2009
    • 1298

    أحزان المثلث القائم

    أحزانُ المثلـَّثِ القائـِم !
    - هيَ وطِفلي .. وأنا -


    ( إزميلِيـَّةٌ على صفحةِ الماء )
    د. نديم حسين

    يتخَرَّجُ العُشبُ من هدوئي أشدَّ اخضِرارًا . ويُلقي الغروبُ بخدِّهِ على عاتقِ الأفق لتغفو البيوت . تتنهَّدُ الجِهاتُ ريحًا باردةً وتذهبُ الأنهارُ كلُّها إلى بحري الوحيد فيستزيد . والظلامُ الأعمى يتعثَّرُ في دروبي .. إنهَضْ أيها السَّاكِنُ في شَمالي وارصِف دروبَك ! قلبُكَ جِذعٌ مقتولٌ .. أحجيةٌ هادئةٌ أنتَ ، والريحُ أنا .. أنتَ جسدي الوحيدُ ، وأنا البعيدُ .. أنتَ قَسَمي ، وأنا الخائِنُ القديمُ الجديدُ !
    عندما خلقَ اللهُ الظلامَ ، خَلَقَ القمر ، لكي أرى كم أنا وحيدٌ ! وكم أنا بحاجةٍ إلى قليلٍ من الشمسِ وماءٍ قليلٍ وأرضٍ كثيرةٍ لآتي إليكِ كموسمِ الكَرَز : مفاجِئًا ومؤقَّتًا ومُشبِعًا .. أو كطقسٍ من المُخمَلِ الأحمرَ المتَّكئِ على جدارٍ شائِكٍ ، يمـُدُّ كفَّهُ بموسمٍ إليكِ ، وظَهرُهُ ينزفُ كلَّ صَمتهِ عليكِ .. يجسُّ بإصبعهِ بَردَ الماءِ ، وعَينهُ على نِصفِ السماءِ .. تعيشُ المفرداتُ في ليلهِ السَّكوتْ .. وعندما يقولُها تموتْ .. هدوءُهُ غامقٌ ، طمأنينتُهُ باردةٌ ، فهل تشعلين صيفَكِ كي ينضجَ القلقُ الثرثارُ ؟ وأنا ، كثيرةٌ جنازاتي وقلبي أبيضُ ، فمن أينَ آتي بثَوبِ الحِداد ؟
    أنا بحَّارٌ تنزفُهُ أزقَّةُ غزَّةَ .. يذهبُ إلى البحرِ ليحلِبـَهُ .. يمخُرُ الماءُ المالحُ أخشابَ قاربي المنهَكَة ، فإمـَّا أفوزُ بأسماكٍ قليلةٍ وإمـَّا يفوز بي غرَقي ! مجدافي مُتعَبٌ ، وشِراعي هدَّهُ الدُّوار ..صيَّادٌ مسِنٌّ أنا .. يعمَلُ ويصلـِّي . ويعملُ حتى يتعبَ النهارُ لكي يعودَ لطفلهِ بوجبةِ العشاء . ووعدُ الحُرِّ خبزٌ وقليلٌ من الأسماك الكريمة .. قذائفُ البوارجِ الغريبةِ جائعةٌ .. وطفلُهُ المنتَظِرُ ما أنجبتهُ أمهُ لكي ينامَ جائعًا .. وأنا قاطَعَني البَرُّ ولم يُصادِقني البحرُ تمامًا .. وطفلي يحترفُ الانتظارَ بين بَرٍّ لئيمٍ وبحرٍ بخيلٍ مُذِلٍّ .. لطفلي من المثلَّثِ القائمِ زاويتُهُ القائمة .. ولي التقاءُ ضِلعينِ لزاويةٍ حادَّةٍ كسكينٍ يبحثُ عن كبِدي لأنزفَ ما تيسَّرَ من دمي .. وأنا تنزفُني أزقَّةُ غزَّةَ ، فأذهبُ إلى بحرٍ لأحلبَهُ !!
    يتخرَّجُ العشبُ من هدوئي أخضرًا . فما لونُ عينَي عاصفتي ؟ أهلي منشَغِلون عنـِّي بقَتلي ! عميقٌ ليلُهُم . ونومهم غريق .. ناموا حتى تعِبوا .. فمتى تُراهُم يرتاحون ؟! أنا لا أراهُم ، فهل انتهتْ عيناي ؟ وهل نَذَروا ثمارَ كرومهم لسِوايْ ؟!
    وتظلُّ غزَّةُ عاصمةَ الحزنِ .. كلامُها بُكاءٌ وبُكاؤُها كلامْ .. مَوجوعةٌ هي مثل خطوةِ الوحيدِ في الزِّحامْ .. عِمارةٌ شاهقةٌ يَغُلـُّها الرُّكامْ .. وتظلُّ سنديانَةً باقيَةً تلكِزُ ثلجَ صَحوِها لتَنامْ .. وتظلُّ قلبَ وردةٍ يغفو على أوراقِها حُسامْ .. وتظَلُّ ، تظَلُّ ، تظلُّ مثلَ حمامةٍ زاجِلةٍ تنتظِرُ الرسالةَ التي " يَهْدِلُها " الحَمامْ !!..
    التعديل الأخير تم بواسطة د. نديم حسين; الساعة 17-07-2013, 16:44.
  • شيماءعبدالله
    أديب وكاتب
    • 06-08-2010
    • 7583

    #2
    كلنا ينتظر لسلام لها حيث يغمرها الحمام ببصيص أمل قادم ولا بد
    غزة العزة نسأل الله لها الصمود والسلام والخلاص من كل القيود
    القدير المكرم أ.د. نديم حسين
    حياك وبياك
    حيث أزهر القسم بإطلالة حرفكم وحضوركم الكريم المميز
    خاطر عميق المعنى والمغزى مغمور بالرقي
    رغم مرارته جاء مشوقا مكتمل بدره
    سعدنا بهذا الحضور العبق
    للتثبيت حيث بها يليق
    وكل عام وأنتم بخير رمضان مبارك
    جل تحيتي وفائق تقديري

    تعليق

    • بلقيس البغدادي
      كاتبة
      • 24-09-2012
      • 1086

      #3
      الأستاذ القدير
      د. نديم حسين

      السلام عليك ورحمة الله و بركاته
      رمضان كريم ...
      نص عميق إحساس
      لأمس عنآن السماء
      حروف رائعة وإن تَلَبَّسَها الحزن
      أحببت أن أشيد وبقوة
      بالتمكن من المفردة الملائمة للنص
      وأيضا إحداثك نقلات أدبية لافته للنظر و جميلة جداً بوركت
      وافر الشكر لهذا المتصفح الراقي
      تقدير و احترام
      اوركيدا.

      فليحلق بين خمسة نجوم و اكثر .

      لا أملك سِوَى
      قَلَم
      و
      وَرَقَة مُجّعدة
      في أكفِ خيبةٍ
      يَتَدلى العمر من خطوطِها
      خُصلةٍ بيضاء
      تَشنُق رقاب كلماتي

      تعليق

      • د. نديم حسين
        شاعر وناقد
        رئيس ملتقى الديوان
        • 17-11-2009
        • 1298

        #4
        الأخت العزيزة الأديبة شيماء عبد الله ،

        حضورُكِ راقٍ وأليفٌ ومُسعِد !
        لك شكري واحترامي ..
        ثبَّتَ الله قدميكِ في بلاد السعادة ..
        رمضان كريم .
        التعديل الأخير تم بواسطة د. نديم حسين; الساعة 12-07-2013, 15:20.

        تعليق

        • د. نديم حسين
          شاعر وناقد
          رئيس ملتقى الديوان
          • 17-11-2009
          • 1298

          #5
          الأخت الكريمة الكاتبة بلقيس البغدادي ،

          أسعدني مرورُكِ العميق الراقي !
          لك خالصُ شكري واحترامي ..
          رمضان كريم .

          تعليق

          • أبوقصي الشافعي
            رئيس ملتقى الخاطرة
            • 13-06-2011
            • 34905

            #6
            الزمن جدار ظمأ
            فرفقا بملاحم العزة
            و مدينة ٍ من صلاة
            كلما نقض الليل أنفاسها
            داعبت العزة بلكنة الجمال
            فوق الاحتمال أقشر الفراغ
            فخففي الوطء
            واسي قلوبا تعرت ذات طغيان
            و انتمي لدموعها.

            نص محلق جدا و عميق
            الصور فيه بديعة خلابة
            لله درك
            تقديري أستاذي الكريم
            الأديب الشامخ / د. نديم حسين
            و كل عام و أنتم بعزة و كرامة
            رمضان كريم



            كم روضت لوعدها الربما
            كلما شروقٌ بخدها ارتمى
            كم أحلت المساء لكحلها
            و أقمت بشامتها للبين مأتما
            كم كفرت بفجرٍ لا يستهلها
            و تقاسمنا سوياً ذات العمى



            https://www.facebook.com/mrmfq

            تعليق

            • ريما الجابر
              نائب ملتقى صيد الخاطر
              • 31-07-2012
              • 4714

              #7
              لم تغب غزة الصامدة عن أفكارنا
              ولم تبرح موضعا في قلوبنا
              فيارب في شهر الفتح والنصر انصرهم
              ومكن لهم وأعزهم بعزك

              تحية للقلم الراقي والصور المبدعة
              http://www.pho2up.net/do.php?imgf=ph...1563311331.jpg

              تعليق

              • د. نديم حسين
                شاعر وناقد
                رئيس ملتقى الديوان
                • 17-11-2009
                • 1298

                #8
                أخي الكريم الأديب قصي الشافعي ،
                أمام حضورك العميق والأليف والمحفِّز لا يسعني إلاّ أن أحني هامتي !
                لك خالص شكري واحترامي ..
                رمضان كريم .

                تعليق

                • د. نديم حسين
                  شاعر وناقد
                  رئيس ملتقى الديوان
                  • 17-11-2009
                  • 1298

                  #9
                  الأخت العزيزة الأديبة ريما الجابر ،
                  حضورُكِ أسعدني وشرَّفَ النصَّ !
                  غزة هاشم تقف رغم الألم والحزن ، شامخةً عزيزةً !
                  لكِ القلبُ بكامل نبضه ..
                  رمضان كريم .

                  تعليق

                  • وفاء الدوسري
                    عضو الملتقى
                    • 04-09-2008
                    • 6136

                    #10
                    وتظلُّ غزَّةُ عاصمةَ الحزنِ .. كلامُها بُكاءٌ وبُكاؤُها كلامْ .. مَوجوعةٌ هي مثل خطوةِ الوحيدِ في الزِّحامْ .. عِمارةٌ شاهقةٌ يَغُلـُّها الرُّكامْ .. وتظلُّ سنديانَةً باقيَةً تلكِزُ ثلجَ صَحوِها لتَنامْ .. وتظلُّ قلبَ وردةٍ يغفو على أوراقِها حُسامْ .. وتظَلُّ ، تظَلُّ ، تظلُّ مثلَ حمامةٍ زاجِلةٍ تنتظِرُ الرسالةَ التي " يَهْدِلُها " الحَمامْ !!.


                    نص شاهق الإبداع
                    دمت وغزة الصمود بخير
                    تحية وتقدير

                    تعليق

                    • د. نديم حسين
                      شاعر وناقد
                      رئيس ملتقى الديوان
                      • 17-11-2009
                      • 1298

                      #11
                      الكريمة الشاعرة الأديبة وفاء عرب ،
                      حضورُكِ مبعَثُ اعتزازي دائما !
                      لكِ دائما ما تعرفين من احترامي وشكري ..
                      وغزة هاشم دائما تقرئكِ السلام .
                      رمضان كريم .

                      تعليق

                      • وفاء الدوسري
                        عضو الملتقى
                        • 04-09-2008
                        • 6136

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة د. نديم حسين مشاهدة المشاركة
                        الكريمة الشاعرة الأديبة وفاء عرب ،
                        حضورُكِ مبعَثُ اعتزازي دائما !
                        لكِ دائما ما تعرفين من احترامي وشكري ..
                        وغزة هاشم دائما تقرئكِ السلام .
                        رمضان كريم .
                        أشكرك د. نديم
                        وللحقيقة النص كبير بإذن الله لي عودة
                        كل عام وأنت بخير وغزة بخير وسلام

                        تعليق

                        • محمد مثقال الخضور
                          مشرف
                          مستشار قصيدة النثر
                          • 24-08-2010
                          • 5517

                          #13
                          نصٌّ يحملُ الأرضَ على الأكتاف
                          ويُصيبُ هذا العالمَ المريعَ . . بالخجل !

                          محبتي واحترامي لك أستاذنا العزيز
                          وتحية لتراب غزة

                          تعليق

                          • ياسمين محمود
                            أديب وكاتب
                            • 13-12-2012
                            • 653

                            #14
                            لنا في عروة المجهول براءة
                            ولنا متكأصدق بين أقبية الروح إن ضحت مداركها واكتالت لها من الوجع ما يدمي الحرف ليشفيه .....

                            أيتها الراقية انهال عليَّ المشيب ساعة يقظة دامعة
                            وتسربلت باكيات العودة وعودها فكان للأزقة بعض دمي وجنين معلق الناصية ....
                            آمل أن لا تتستري إلا بين عيني وضمة قسم هانئة حتى نقبِّل للحكمة بقاياها الساكنة .....


                            د / نديم تقديري واعذربقايا الدمع على متصفحك
                            لك الالق والفرح من حيث لا تدري ......


                            تعليق

                            • ليندة كامل
                              مشرفة ملتقى صيد الخاطر
                              • 31-12-2011
                              • 1638

                              #15
                              السلام عليكم
                              خاطرة تفتت قلب الحجر لكن غزة عائدة وإن كانت من تحت الركام
                              نص جميل بلغة قوية كل سنة وانت طيب أستاذي
                              http://lindakamel.maktoobblog.com
                              من قلب الجزائر ينطلق نبض الوجود راسلا كلمات تتدفق ألقا الى من يقرأها

                              تعليق

                              يعمل...
                              X