الحلال والحرام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • يحيى البحاري
    أديب وكاتب
    • 07-04-2013
    • 407

    الحلال والحرام


    تأملها وهي على راحة يده.. فقط عشرة قروش، يمسك بها ويضغط عليها بقوة وفكره مشغول. ما الذي كان سيحدث إن لم يجدها؟ سيحدث الكثير! أهذا لايعني أنه سيحدث الكثير الآن؟ ظل يتقلب على فراشه، ونفسه تتوق إلى الراحة، أن يخلد للنوم ولو قليلًا وأفكاره تطرد النعاس من جفنيه، يحاول أن يجد مبررًا يقنع به ذاته والآخرين، فهو على حق دائمًا طالما أن واحد زائد واحد يساوي اثنين.
    - أبوجلال
    هكذا نادته زوجته وهي في غفوتها وأنفاسها تنخفض.
    - إنتَ نائم؟
    - نعم يا أم جلال
    - طيب نوم يا أخويا
    وبدأتْ أنفاسها تعلو وتهبط في انتظام.
    عبدالهادي الجزولي وكنيته أبوجلال واحد من الذين لفظتهم الوظيفة الحكومية بحجة تدهور صحته أو هذا ما جاء في تقرير لجنة المراجعة السنوية.. مجابهته لتفشي الفساد في الخدمة المدنية كانت وراء فصله من منصبه، واكتفى بما منحته له الدولة من معاش ضئيل، لايكاد يكفيه مع زوجته لشراء ضرورات الحياة، بعد استقلال كل من ولديه بحياته الخاصة، جلال الذي هاجر إلى كندا وظل يرسل إليه من الحين للآخر مبلغًا من المال لإعانته، وسامي الذي تزوج بعد تخرجه من الجامعة، ثم ألهته الحياة مع زوجته. كان عبدالهادي الجزولي قانعًا بما قدمه لأسرته الصغيرة.
    يولي القطعة المعدنية كل اهتمامه ويتساءل ماذا كان سيفعل بها صاحبها؟
    ليتهم تفقدوا خاصتهم، قبل أن ينفض مجلسهم، علَّ شيئًا مهمًا قد قفز من جيب أحدهم.
    السؤال الذي لم يفارقه طوال الليل.. لمن تكون ملكيتها؟ أحمد الثري الذي إن قال له لك عشرة قروش عندي، سخر منه ومن فكره ونعته بالمهووس، أم هي خاصة زميلهما يوسف المتعجرف، الذي إن سأله سينظر إليه بازدراء ثم يقول: أيوجد من يتحدث عن عشرة قروش هذه الأيام؟ حتى الأطفال صاروا أيضًا ممن لايرضون بها. وربما زاد من عجرفته وأسهب في الشرح والتفصيل ولعن الحكومة وتدهور الاقتصاد وزاد من اتهامه له، بأنه يعقد الأمور ويعمل من (الحبة قبة).
    عشرة قروش! ماذا سيفعل بها؟ والحق يجب أن يرجع لأصحابه. قديمًا قيل أن أحدهم عثر على قرش من فضة وبعدها صار من الأغنياء الذين يتحكمون في اقتصاد البلاد! ولايعلم أصله أحد، إن كان طيبًا أو مُرّاً علقمًا، ولكن ماله تنامى وزاد وصار من أصحاب الشركات. وقيل أن جنيّة منحته إياه وقالت له إن أردت الغنى عليك بالاحتفاظ به وإن أضعته ضاعت حياتك وعشت حياتك فقيرًا تسأل الناس إلحافا_ والحياة حظوظ. رنّتْ الجملة الأخيرة في عقله وتخيل نفسه وقد أصبح من الأغنياء، ولكن ثمة خاطر طاف بذهنه أي من صاحبيه ماله طيب؟!
    مواء القطة يأتيه من خلف النافذة المغلقة.. مياااو، مياااو.. كأنما تقول افتح لأدخل فالبرد قارس بالخارج وكومة اللحم إلى جواره تقول:
    أبوجلال إنت نمتَ؟ هِش على القطة
    وتعاود أنفاسها الانتظام
    تزوج أبوجلال كشأن معظم أبناء جيله الذين لايعرفون عن الزوجة غير أنها واحدة من الأقرباء، لابد أن يكون اسمها مقروناً باسم الزوج سواء من ناحية الأب أو الأم ولأن أم جلال ابنة عمه كان هذا هو المحمل الذي
    يدفع بسفينة الأسرة دون أن تتوقف أمام صروف الدهر.
    هجدتْ القطة.. فكانت هي الروح الثالثة التي يضمها سقف المنزل!. الأنفاس التي تتصاعد وتنخفض في انتظام لم تكن هذه المرّة هي تلك الأنفاس التي نعرفها، لأن أم جلال تجلس على السرير وهي تربط الإشارب على رأسها، وتناديه:
    - أبوجلال
    لم يرد
    - يا أبوجلال، ولم يرد عليها.. وتهزّه من كتفه.. أنفاسه تتصاعد في انتظام
    - أبوجلااال
    يهمس بصوت متقطع:
    - القطة؟
    - الصلاة
    نهض متثاقلًا كغير عادته، وهو يتحسس مافي جيبه، ويشرع في استقبال يوم جديد! عندما تعثر في مشيته وهو في طريقه إلى المسجد ظن أن الأمر نذير شؤم يتعلق بالعشرة قروش، تحوقل وتبسمل من همزات الشياطين.. بعد أدائه لصلاة الفجر، وقف الإمام يخطب "إن كان لدى أحدكم شيء لا يخصه، عليه أن يرده لصاحبه." توجس في نفسه كأنما هو المقصود بالنصيحة، فأوشك أن يسأل الإمام:
    - حتى إن كانت عشرة قروش؟
    أرسل في طلب صاحبيه، فأتياه على عجل، كلاهما يحث الآخر على الوصول، علَّ الأمر جلل، عندما دخلا عليه وقف متكدرًا، وأحسّا في نبرات صوته توترًا، ضم يده على القطعة المعدنية، و رفع سبابته في وجهيهما قائلًا:
    - إن كان لأحدكما عندي قطعة من نار فليطفئها.

    الخرطوم/ 1/5/2013
    يحيى البحاري
    التعديل الأخير تم بواسطة يحيى البحاري; الساعة 13-08-2015, 10:19.
  • حسن لختام
    أديب وكاتب
    • 26-08-2011
    • 2603

    #2
    سرد قصصي منساب وسلس، لغة مكثفة وراقية، والحوار مركز وقوي
    أقل ما يمكن أن يقال على هذا النص الممتع والجميل، أنه نص أنيق مصوغ بطريقة احترافية..نص حقّق النسبة الذهبية في الجمال والمتعة
    شكرا لك صديقي، يحيى على هذا الإبداع الراقي
    محبتي وكل التقدير، أيها الجميل

    تعليق

    • يحيى البحاري
      أديب وكاتب
      • 07-04-2013
      • 407

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة حسن لختام مشاهدة المشاركة
      سرد قصصي منساب وسلس، لغة مكثفة وراقية، والحوار مركز وقوي
      أقل ما يمكن أن يقال على هذا النص الممتع والجميل، أنه نص أنيق مصوغ بطريقة احترافية..نص حقّق النسبة الذهبية في الجمال والمتعة
      شكرا لك صديقي، يحيى على هذا الإبداع الراقي
      محبتي وكل التقدير، أيها الجميل
      أهلا ومرحبا بك أخي العزيز حسن
      كل عام وأنت بخير
      كما عهدتك دائما روحك طيبة تبث الفرح بمداخلاتك وتعليقاتك
      أشكرك أخي
      كن بخير

      تعليق

      • وفاء الدوسري
        عضو الملتقى
        • 04-09-2008
        • 6136

        #4
        النص جميل لكنه لا يستحق التثبيت!!
        نريد أن يأتي من ثبت هذه القصة ويخرج لنا من بين اسطرها التفرد الإبداعي!!
        نعم القفله كانت رائعة.. لكن الفكره العامة للنص مستهلكه لا جديد هنا !!
        لا تزعل من صراحتي .. ولن اناقش من يعترض على تعليقي
        القصة لا اعطيها النجوم
        تحية وتقدير
        التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 19-07-2013, 09:01.

        تعليق

        • حسن لختام
          أديب وكاتب
          • 26-08-2011
          • 2603

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عرب مشاهدة المشاركة
          النص جميل لكنه لا يستحق التثبيت!!
          نريد أن يأتي من ثبت هذه القصة ويخرج لنا من بين اسطرها التفرد الإبداعي!!
          نعم القفله كانت رائعة.. لكن الفكره العامة للنص مستهلكه لا جديد هنا !!
          لا تزعل من صراحتي .. ولن اناقش من يعترض على تعليقي
          القصة لا اعطيها النجوم
          تحية وتقدير
          راق لي جدا المبنى الحكائي للنص أي كيفية عرض أحداثه وظهورها بطريقة جد موفقة واحترافية ..كل عناصر القصة القصيرة متوفرة هنا..لغة قوية..حوار مركز..صياغة سردية ممتعة..نهاية متقنة تحدّد معنى النص....خلاصة القول النص يدافع عن نفسه بنفسه..نص يعتبر مرجعا مهما لمن أراد أن يستفيد ويتعلم فن القص القصير. كان لي الشرف أن أقوم بتثبيت هذا النص الراقي والجميل (لفظا ومعنى)
          محبتي الخالصة، أيتها العزيزة وفاء عرب

          تعليق

          • وفاء الدوسري
            عضو الملتقى
            • 04-09-2008
            • 6136

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة حسن لختام مشاهدة المشاركة
            راق لي جدا المبنى الحكائي للنص أي كيفية عرض أحداثه وظهورها بطريقة جد موفقة واحترافية ..كل عناصر القصة القصيرة متوفرة هنا..لغة قوية..حوار مركز..صياغة سردية ممتعة..نهاية متقنة تحدّد معنى النص....خلاصة القول النص يدافع عن نفسه بنفسه..نص يعتبر مرجعا مهما لمن أراد أن يستفيد ويتعلم فن القص القصير. كان لي الشرف أن أقوم بتثبيت هذا النص الراقي والجميل (لفظا ومعنى)
            محبتي الخالصة، أيتها العزيزة وفاء عرب
            احترم رأيك .. أستاذ/حسن
            أنت أدرى أكيد .. لكن استغرب..
            أنه مازال العالم العربي يتكلم بلغة القروش؟..
            تحية وتقدير

            تعليق

            • حسن لختام
              أديب وكاتب
              • 26-08-2011
              • 2603

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عرب مشاهدة المشاركة
              احترم رأيك .. أستاذ/حسن
              أنت أدرى أكيد .. لكن استغرب..
              أنه مازال العالم العربي يتكلم بلغة القروش؟..
              تحية وتقدير
              بدوري احترم رأيك في النص،أختي المبدعة القديرة وفاء. هو حق مشروع لك
              ما يهمني كقارىء أو متلقي هو الصياغة السردية المحبوكة للنص، بعيدا عن لغة القروش أو لغة قريش..استفدت وتعلمت أشياء كانت غائبة عني من خلال هذا النص الرائع..أتمنى أن يروق النص لكل إخوتي المبدعات والمبدعين ولكل عشاق الفن القصصي الجميل
              محبتي الخالصة، أيتها العزيزة

              تعليق

              • ريما ريماوي
                عضو الملتقى
                • 07-05-2011
                • 8501

                #8
                نص قوي ومتين، يحتوي الفكرة..
                يصف أحد الأبطال الغابرين - لم يعودوا موجودين الآن-
                يقبض على قروش وجدها وكأنها قطعة جمر لأنه يعرف بأن مالكها الأصلي قد فقدها، وعانى وخزات الضمير بأنه لا يستحقها...

                أصدقك شخصيا تعرضت لموقف مشابه، لكنني دون تفكير أعطيت العشرة دنانير التي وجدتها على الكرسي في مقعد التاكسي، للسائق فأنا لا أستحقها، لا أدري إن كنت تصرفت بغباء حينئذ؟
                لكن الأمر المؤكد أن تصرفي هذا قد أرضى ضميري تماما...

                اللغة هنا سلسة ومشوقة، شكرا الأستاذ يحيى البحاري استمتعت معك...

                تحيتي وتقديري.


                أنين ناي
                يبث الحنين لأصله
                غصن مورّق صغير.

                تعليق

                • يحيى البحاري
                  أديب وكاتب
                  • 07-04-2013
                  • 407

                  #9
                  أستاذة وفاء.. أسعد الله كل أوقاتك بالخير والجمال
                  راق لي قولك " النص جميل" وهذا مايهمني كصاحب للمحاولة القصصية
                  * أما مايختص بأمر التثبيت فهو متروك للإدارة . علّهم يلبوا طلبك واحترام رغبتك بإزالة التثبيت.
                  تحياتي وتقديري
                  التعديل الأخير تم بواسطة يحيى البحاري; الساعة 19-07-2013, 19:18.

                  تعليق

                  • يحيى البحاري
                    أديب وكاتب
                    • 07-04-2013
                    • 407

                    #10
                    أخي الأديب البارع حسن لختام
                    أشكرك على دفاعك على محاولتي القصصية والثناء عليها
                    وأرجو الفائدة من حضراتكم وستجدوني دائما في انتظار النصيحة منكم.. وآمل أن أكون عند حسن ظنكم بي.
                    لك التجلة والتقدير

                    تعليق

                    • وفاء الدوسري
                      عضو الملتقى
                      • 04-09-2008
                      • 6136

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة يحيى البحاري مشاهدة المشاركة
                      أستاذة وفاء.. أسعد الله كل أوقاتك بالخير والجمال
                      راق لي قولك " النص جميل" وهذا مايهمني كصاحب للمحاولة القصصية
                      * أما مايختص بأمر التثبيت فهو متروك للإدارة . علّهم يلبوا طلبك واحترام رغبتك. بإزالة التثبيت.
                      تحياتي وتقديري

                      أشكرك أستاذ:يحيى على ردك الجميل
                      للحقيقة وصلتني رسالة نقدية على الخاص فيس!..
                      تقول أن نصك هو الأجمل من بين النصوص ولن أقول بعد نصي!!!!!!!
                      ههه
                      ماشاء الله معجبينك مقاتلين ولكن من خلف الستار
                      عموما لديك الأجمل إن شاء الله
                      تقديري لك أيها المبدع

                      تعليق

                      • يحيى البحاري
                        أديب وكاتب
                        • 07-04-2013
                        • 407

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
                        نص قوي ومتين، يحتوي الفكرة..
                        يصف أحد الأبطال الغابرين - لم يعودوا موجودين الآن-
                        يقبض على قروش وجدها وكأنها قطعة جمر لأنه يعرف بأن مالكها الأصلي قد فقدها، وعانى وخزات الضمير بأنه لا يستحقها...

                        أصدقك شخصيا تعرضت لموقف مشابه، لكنني دون تفكير أعطيت العشرة دنانير التي وجدتها على الكرسي في مقعد التاكسي، للسائق فأنا لا أستحقها، لا أدري إن كنت تصرفت بغباء حينئذ؟
                        لكن الأمر المؤكد أن تصرفي هذا قد أرضى ضميري تماما...

                        اللغة هنا سلسة ومشوقة، شكرا الأستاذ يحيى البحاري استمتعت معك...

                        تحيتي وتقديري.
                        أهلا، أهلا بالقديرة ريما
                        حسنا فعلت بإعطاء المبلغ للسائق، وهذا يدل على نقاء سريرتك لاندم مع الاختيار الصحيح
                        وفقك الله وسدد خطاك
                        تحياتي

                        تعليق

                        • يحيى البحاري
                          أديب وكاتب
                          • 07-04-2013
                          • 407

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عرب مشاهدة المشاركة
                          أشكرك أستاذ:يحيى على ردك الجميل للحقيقة وصلتني رسالة نقدية على الخاص فيس!.. تقول أن نصك هو الأجمل من بين النصوص ولن أقول بعد نصي!!!!!!! هههماشاء الله معجبينك مقاتلين ولكن من خلف الستارعموما لديك الأجمل إن شاء الله تقديري لك أيها المبدع
                          أرحب بك مرّة ثانية أستاذة وفاءأحترم رأيك وآراء كل الأصدقاء
                          وأشكر كل من دافع عن النص سواء على الخاص أو العام
                          تحياتي
                          التعديل الأخير تم بواسطة يحيى البحاري; الساعة 20-07-2013, 03:50.

                          تعليق

                          • ربيع عقب الباب
                            مستشار أدبي
                            طائر النورس
                            • 29-07-2008
                            • 25792

                            #14
                            جميل هذا النفس
                            و طيب النكهة
                            راقني ما كتبت أخي يحي

                            كل سنة و أنت طيب
                            محبتي
                            sigpic

                            تعليق

                            • حارس الصغير
                              أديب وكاتب
                              • 13-01-2013
                              • 681

                              #15
                              ماتعة اخي يحي حد التشويق
                              كل عام وانت بخير

                              تعليق

                              يعمل...
                              X