القرار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فاطيمة أحمد
    أديبة وكاتبة
    • 28-02-2013
    • 2281

    القرار




    سوسنتها الصغيرة اليوم تغدو زهرة ولا أروع .. تتمايل رقة وحسناً على أغصان الربيع .. وشذا يفوح أريجاً تنثره أينما تحل ..
    اليوم يأتون طالبين يدها
    ارتباك ينتابها و هي تتذكر زهرة شبابها وذكرياتها ؛ لكنها تبقى سنة الحياة
    فرحتها تعادل شيئاً من حزنها لاقتراب موعد رحيل صغيرتها لعشٍ جديد
    تتداول حديثاً مع والدها يومئ برأسه ..يسأل عنه اليوم التالي .. يأتي بالجواب نعم
    تبتسم ، تغرد في قلبها فرحة وأمل بأن تحتفل بعرس سوسنتها عما قريب
    لكن سوسنتها تطأطئ .. يعلوها شحوب ويكدرها اصفرار ..!
    رُسم على شفتيها حزن لم تعرف الأم مكامن سره
    ــ فسري لي
    ــ آه لا أرغبه فحسب ..
    يبدو العذر غير مقبول !
    احتجاج وتساؤل يباغتها .. تؤجل الحديث معها إلى المساء
    وجدتها تغازل القمر سراً وهي تطالعه من نافذة غرفتها من وراء الستار الذي تهزه الرياح
    كأمواج أفكارها المتلاطمة على شواطئ الحيرة
    تتراص الكلمات في عقل " جميلة " لمَ ؟ ولماذا وكيف وهل ؟ وهي تتلقى من صغيرتها الجواب ..
    ـ نعم لا أريده الخلاصة أني أرغب شخصاً آخر
    ـ منذ متى ! و تباً ومن؟
    تحار الأسئلة المتقاذفة صوبها واحداً تلو الآخر ..علامات استفهام شتى لا تريد أن تقتنع بأي إجابات ..
    تعود بذاكرتها إلى الوراء .. كانت ركنت مشاعرها في ركن قصي من زوايا الفؤاد منذ زمن .. ربما منذ تلك المرة التي لم تجد للمشاعر مكان فسيحاً لتأخذها على أرض الواقع
    مذ يفرض الواقع نفسه ليصبح حالاً معاشة وتغادر الأحلام .. أحلام تظلل سقف بيت آمالها .. لكنها تتداعى لتغادر عبر نافذة مشرعة للريح لتمتطي صهوة خيال جامح يغادر إلى غابات النسيان
    تتنهد .. استيقظت من غفوة ذكريات موصدة فتحت عليها الليلة أشرعة الانطلاق
    تصحو .. لا يقنعها هذا الهراء
    والدها موافق والأخبار التي تتوارد لهم عن الشاب المتقدم لخطبتها سارة
    جلست تلقي عليها مواعظ بحكمة خبير فقيه
    ـ لأنه كذا وكذا يجب أن يكون كذا ولو حصل ذاك لما حصل كذا ..
    لم تلق سوسنتها بالاً للحقائق الافتراضية وللمعلومات المهمة المنطقية فهواها لحبيب أهدته فؤادها غير خاضع للأحكام !
    أخيراً ودعتها على أمل أن تجد في قلبها صدى غداً
    في الصباح باقة ورود رائعة يرسلها البريد أشهى مما يمكن أن يُشتهي؛ لكن سوسنتها لم تلق بالاً
    لعطرها المنثور في الأرجاء ولجمال فاتن يأخذ الألباب .. كأن الباقة لم تكن لها أو تعنيها شيئاً !
    خيبة أمل لجميلة من جديد
    وهي ترى ابنتها تتوشح بوشاح الرفض لخاطب لا يُرفض مثله .. هل يأتي الحظ في العمر مرتين !؟
    لاااا كبيرة هذه المرة تنطلق من شفتي سوسنتها
    ـ لا سأرفض ولن أبالي
    ـ آه تعال وانظر فيما ترى
    عندها نادته الأم ليتدخل فقد أعياها أمر ابنتها
    أستمر الجدال ساعتين
    ـ من أي عرق هو وإلى أي نسب ينتمي من أبوه ومن أمه بل ماذا يعمل ..!؟
    جاء الجواب ..
    رفع الأب أنفه بغيظٍ غاضباً
    في نهاية الجدال ترفض سوسن الخطبة حتى موعد التخرج على الأقل
    وربما حتى تقوم بتحضير درجة الماجستير أو
    الدكتوراة
    يرحل الأب عن غرفتها محبطاً
    ــ أخبريهم باعتذارنا الشديد لزيارتهم القادمة ..
    هكذا خاطب والدتها فيما انكفأت سوسنة إلى غرفتها
    خيم في البيت وجوم
    ولم تنبس جميلة بكلمة
    لكنها تشعر بالغيظ لإذعان زوجها لرغبة ابنتها .." حنانه الزائد دوماً !
    لكن ما كان له أن يلزمها إجباراً .."
    ولم تعرف هي نهاية مغامرة الانتظار لسوسنتها
    تقلب تفكيرها ..
    ذاك الذي تحبه لا يزال في بداية الطريق .. يحتاج لأعوام كثيرة ليبني نفسه ومستقبله
    السبب الوحيد الذي يردعها الآن عن ضربها هو أشباح ماضي أصرت فيه والدتها على زواجها كما تريد ...
    حتى إنها أصرت عليها البقاء عند تعسر بدايات حياتها بمخاض تعذر أن يلد الألفة والمحبة والوئام يسيراً بحجة أنها كانت انجبت سوسنة
    لكن الفتى المتقدم لخطبتها شيء مختلف .. لا ترى إنه تكدره شائبة بل إنه يحمل من الميزات ما لا يقاوم .. حتماً يختلف عمن تقدموا سابقاً لخطبة ابنتها
    "للأنفس هوى وميولاً لا يقاوم .."
    هكذا تخاطب نفسها
    كيف ستستطيع أن تجعلها ترى ما خفى عنها ..أن تطمس نور شعلة الأمل التي انبثقت في فؤادها
    آه لكم تخاف أن تحرقها هذه الشعلة وكم تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن
    ــ سأدعو ألا تغرق سفينتها في بحر الأيام الهادر
    تهمهم ..في غمار الصمت
    .. التاريخ يعيد نفسه .. ستبقى كلاهما ترى من زاوية تختلف
    و من ذا يمكنه أن يرى المستقبل لا يُرى بل يُقدر تقديرا .. حقاً الغيب .. لا يمكن أن نتيقن مجاهله
    في داخلها خصام .."نرى الليل عبر امتداد النهار ونرى القمر بدراً بعد أيام بالحساب
    وإن كنت أرى بعين العقل مالم تره لكني سأتركها ترى من خلال عينيها قبساً أضاء من خلال نور الفؤاد
    وأرجو أن لا تبدده أنوار النهار أو الزوابع "

    تكتسح دمعة لا يظللها رضا جدار الصمت لتنزلق على وجنتي الأم .. تضم ابنتها بقلق
    أمنياتي لكِ حبيبتي
    التعديل الأخير تم بواسطة فاطيمة أحمد; الساعة 28-08-2013, 11:09. سبب آخر: تعديل بعض الهفوات اللغوية والإملائية حسب إرشاد الأخ الفاضل أحمد عكاش رعاه الله مع الشكر لجهد المراجعة


  • ريما ريماوي
    عضو الملتقى
    • 07-05-2011
    • 8501

    #2
    نعم يقولون الزواج كالبطيخة...لا تعرف حقيقتها إلا بشقها...
    بطلتنا ستنتنظر كثيرا ولربما في غير نتيجة..

    لكنني اؤمن بالزواج عن حب لأنه يصمد في كل العواصف
    وعلى الأهل الاكتفاء بتقديم النصح...

    عسى يكون قرارها هو الصحيح...


    شكرا لك، استمتعت معك تحيتي وتقديري.


    أنين ناي
    يبث الحنين لأصله
    غصن مورّق صغير.

    تعليق

    • فاطيمة أحمد
      أديبة وكاتبة
      • 28-02-2013
      • 2281

      #3
      جميل ردك يا ريما ومعك الحق
      الزواج عن حب جميل وإن كان لا بد من خضوعه للعقل على العموم
      وأعتقد أنه " بطيخة " سواء كان بحب أو بدون حب
      ويبقى المودة والتآلف والرحمة والقبول
      الأديبة ريما ريماوي سررت بوجودك في الصفحة ورأيك الرزين
      تحياتي وتقدير أيتها الفراشة


      تعليق

      • أحمد عكاش
        أديب وكاتب
        • 29-04-2013
        • 671

        #4
        الأخت فاطيمة أحمد: سلمت يداك، وبارك الله بك، فكرة القصة ليست جديدة في معظم أفكارها ومراحلها وأحداثها، أجمل ما فيها: خاتمتها وموقف الأم من رأي ابنتها، ..
        الذي أعجب له هو أنَّ لغتك في هذه القصّة تختلف جداً عن لغتك السابقة التي عرفتك بها، لا أدري ما السبب، هل تفرض القصّة على الكاتب مفردات وأسلوباً أخرى غير مفردات وأسلوب (الخاطرة) مثلاً؟.
        على كل حال سأسوق لك بعض إرشادات لغوية، وإذا شئت انتفعي بها ثم احذفي ردّي هذا كلّه.
        1- الشذى: الصواب (الشذا .).
        2-فرحتها تعادل شيء من حزنها: شيئاً.
        3-لكن سوسنتها تطأطي : تطأطئ
        4-يبدو العذر غير مقبولاً: مقبولٍ.
        5- تتقاذفها الرياح: يعني أنَّ الرياح تحمل الستار كلّه وترميه بعيداً، .. والستار يتحرّك فقط ولا يُغادر موضعه، فيمكن أن نقول: تحرّكه - تهزّه -
        6-لم تجد للمشاعر مكان فسيحاً: مكاناً فسيحاً.
        7- ليصبح حالاً معاشاً: مُعاشةً.
        8-تلقي عليها مواعظاً بحكمة: مواعظَ.
        9-استمرّ الجدال لساعتين: ساعتين.
        10-من هم أقلّ تواضعاً: ما معنى هذا ؟ معناه: تواضعهم قليل، فهم متكبّرون إذن .
        11-الدكتوارة ؟!.
        12-انكفأت سوسن في غرفتها: انكفأت إلى غرفتها.
        13- يحمل من الميزات ما لا أن يقاوم: .. ما لا يُقاوم.
        14- للأنفس هوى وميولاً: وميول.
        15- سأدعو أن لا تغرق: سأدعو ألا تغرق.
        16-ما لم تراه: ما لم تَرَهُ.
        17- أرجو أن لا تبدّده: أرجو ألا تبدّده.
        18- لا يظللها رضى : رضا
        بعد نقل هذه التصويبات (ألغي) هذه الرسالة كلّها، أتمنى لك التوفيق.
        يَا حُزْنُ لا بِنْتَ عَنْ قَلْبِي فَمَا سَكَنَتْ
        عَرَائِسُ الشِّعْرِ فِي قَلْبٍ بِلا حَزَنِ
        الشاعر القروي

        تعليق

        • فاطيمة أحمد
          أديبة وكاتبة
          • 28-02-2013
          • 2281

          #5
          الأستاذ أحمد عكاش
          شاكرة لك كثيراً على الإرشاد وسأعدلها بإذن الله ، أشكر لك ردك الذي سآخذه بعين الاعتبار
          وممتنة للتنويهات اللغوية أيها القدير
          والتصويبات مفيدة لي ولبعض من يمر لا أحبذ حذفها
          ولك التوجيه عما تحب هنا أو عن طريق واردي مشكوراً وجزاك الله خيراً

          كتابة الخاطرة والقصة القصيرة جداً ، تختلف في نظري عن القصة أو الراوية التي ينطلق فيهما الكاتب
          بخياله .. لكن لم أعرف رأيك تحديداً .. شعرت أن شيئاً لم يرقك عموماً ..

          طالما أن أجمل شيء خاتمتها فيبدو أن موقف أمها أعجبك
          أعتقد أن قلة من الأهل يرضخون لآراء وتوجهات ابناءهم بسهولة ؛ وابدأ من اختيار مجال الدراسة ..
          أحمد عكاش ..
          هل تعرف أني كتبت هذه القصة بعد ردك على قصتي " رؤية من خلال عينيها" !
          صدقاً
          فقد أحببت أن يرى القارئ وجهة النظر للأخرى للأم !
          فالأم ترى بعين العقل والشباب ينظرون بعين القلب ومن هنا الاختلاف
          والاثنان معاً ما يقودان لبر السلام في النهاية ، لا واحد منهما فقط ، والتوفيق من الله من قبل ومن بعد

          القدير أحمد عكاش سررت بحضورك ها هنا والتصويب وأتمنى قرب تواصلك الأخوي في المنتدى

          تحية تقدير


          تعليق

          • جلال داود
            نائب ملتقى فنون النثر
            • 06-02-2011
            • 3893

            #6
            تحياتي أستاذة فاطيمة

            تملكين مَلَكة رائعة في السرد وتمسكين بناصية اللغة.
            القصة رائعة وهي من صميم تداعيات مجتمعاتنا

            ***
            هنا بيت القصيد ولب الأمر :

            ذاك الذي تحبه لا يزال في بداية الطريق .. يحتاج لأعوام كثيرة ليبني نفسه ومستقبله
            السبب الوحيد الذي يردعها الآن عن ضربها هو أشباح ماضي أصرت فيه والدتها على زواجها كما تريد ...
            حتى إنها أصرت عليها البقاء عند تعسر بدايات حياتها بمخاض تعذر أن يلد الألفة والمحبة والوئام يسيراً بحجة أنها كانت انجبت سوسنة
            لكن الفتى المتقدم لخطبتها شيء مختلف .. لا ترى إنه تكدره شائبة بل إنه يحمل من الميزات ما لا يقاوم .. حتماً يختلف عمن تقدموا سابقاً لخطبة ابنتها
            "للأنفس هوى وميولاً لا يقاوم .."
            هكذا تخاطب نفسها

            ***
            وهنا غوصٌ في أغوار النفس بفلسفة سلسة

            في داخلها خصام .."نرى الليل عبر امتداد النهار ونرى القمر بدراً بعد أيام بالحساب
            وإن كنت أرى بعين العقل مالم تره لكني سأتركها ترى من خلال عينيها قبساً أضاء من خلال نور الفؤاد
            وأرجو أن لا تبدده أنوار النهار أو الزوابع "

            ***

            دمتم بخير

            تعليق

            • فاطيمة أحمد
              أديبة وكاتبة
              • 28-02-2013
              • 2281

              #7
              أستاذ جلال داود
              سرني مرورك العطر وبصمتك الراقية هنا
              تحيات طيبة لإطلالتك البهية


              تعليق

              • فراس عبد الحسين
                أديب وكاتب
                • 18-08-2013
                • 180

                #8
                الاديبة القديرة فاطيمة أحمد, تناولت موضوع تعرفيه جيداً لأنك كاتبة, ربما لم نتعرف على كل ما راود السوسنة من مشاعر. أسلوب رشيق جميل في الكتابة يجذبنا لنهاية القصة بشعريته العالية.
                الشكر الجزيل للأديب أحمد عكاش للتصحيح اللغوي لأنه سينفعنا مستقبلا بالتأكيد, وشكرا جزيلا لك لعد حذف الرسالة لتعميم الفائدة, في ملتقانا نتبادل المنفعة التي تنفع الجميع وتصب في تقويم الثقافة العربية ككل.
                تحياتي للجميع
                فراس العراقي

                تعليق

                • فاطيمة أحمد
                  أديبة وكاتبة
                  • 28-02-2013
                  • 2281

                  #9
                  مرحبا بك أستاذ فراس، سرني حضورك هنا، وأن لاقى النص استحسانك
                  شاكرة هذه الوقفة والالتفاتة، وفي السياق لا يفوتني أن أقدم الشكر لهذا المنتدى
                  ومن فيه ممن قدموا لي الفائدة والنصح والإرشاد من الأساتذة والكتّاب في مجال القصة، بارك الله فيهم
                  الأستاذ أحمد عكاش بصمة أنيقة جادة أتمنى أن أرى استمراريتها في هذا المنتدى
                  بما يحويه هذا القلم من قدرة تعبيرية وصياغية وإبداعية، وبالمناسبة لغتنا تستحق أن نفرد
                  لها بعض وقتنا عندما يسنح وأتمنى أن أفعل، أرجو أن يكون الأخ السوري الغائب أحمد عكاش، وكل السوريين معه بألف خير
                  وأذكر هنا، الأستاذ ربيع عقب الباب ، الذي كان ناصحًا أمينًا في مشاركاته والتوجيه لي في مجال القصة،
                  أحب هذا النوع الأدبي القصصي، لكني قد ألاقي صعوبات، وذكرتني بقصص لي، سأهديك هاتين، إذا أحببت القراءة، ومن أحب من القراء الكرام
                  سراج الشمس
                  ، وتسألينني كل يوم/ أقصوصة.

                  بعد أكثر من سنة على هذا النص، القرار، من الجميل أني لو أعدت كتابته لأمكنني أن أعدل من الصياغة بحمد الله

                  الأستاذ فراس، مثلك، كثيرًا ما أستفدت من التصويبات وكذلك الآراء عندما مررت في نصوص الآخرين
                  وأسعدني أنك وجدت ورأيت في المشاركات فائدة
                  أتمنى أن أقرأ المزيد لقلمك..
                  بوركت أ. فراس، وأشكرك لهذه القراء، وأتمنى لك وللعراق الشامخ الفلاح والتقدم

                  تحياتي وتقديري واحترامي.


                  تعليق

                  يعمل...
                  X