دموع تحت الصفيح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فراس عبد الحسين
    أديب وكاتب
    • 18-08-2013
    • 180

    دموع تحت الصفيح

    دموع تحت الصفيح
    قرب احدى اشارات المرور في احدى الظهاري كأنها تموزيه, كان يتنفس بصعوبة وهو يحمل اكياس المناديل الصحية. ويتفيأ بصوره عملاقة لاحد مرشحي مجلس المحافظة من الشمس القاسية التي تكاد تذيب رأسه الصغير وريح السموم تلفح وجهه كسياط لجلاد حاقد,
    كانت اهون عليه من نضرات الاستحقار التي يراها بعيون بعض المارة..
    ينضر للسيارات وهي تجئ وتذهب. ويأتي غيرها طوال اليوم كالقطار الطويل بلا نهاية. ينظر لمن فيه بعيون متوسله عسى ان يشتري احدهم من علبه البائسة, وهم غير مبالين لحالته ينعمون ببرد سياراتهم القارص.
    احيانا يشتري البعض منه لعطفهم عليه بعد رؤيه نظراته المستجديه بألم وانكسار. او لجسمه النحيف وملابسه الرثة المرقعة. وربما لأنه كان حافيا والحرارة قد تجاوزت ال40 مئوية. ويضحك البعض على حالته باستهزاء واستكبار, يحسهم يكرهوه بلا سبب.
    كان ينظر بعين الحسد لقطه بقربه وهي تأكل من كومه للقمامة بهدوء بلا مذله و الم, بلا استحقار الناس ونظراتهم السخيفة, يا ليتني خلقت مثلكن ولم اخلق بين هؤلاء الوحوش, فلا يوجد بينكن اغنياء ولا فقراء تتوسل لقمه العيش.
    شاهد احد الابوين يضلل لطفله من حراره الشمس اللاهبة, ويتابع بنظره بعض الأطفال وهم عائدون من مدارسهم برفقه ابائهم والبسمة تملئ وجوههم البريئة, وهم مجتمعون يشترون من محل المرطبات القريب تمنى ان يكون بينهم.. بعد ان احس بألم الجوع وحراره العطش..
    حتى سقطت عيناه مصادفة بعيني صبي بعمره تقريبا يحدق به من نافذه السيارة المكيفة بعد ان توقف والده ليشتري علبة المناديل. اطالا النظر بعيني بعض على طول الطريق لحين ان توارت السيارة عن الأنظار مع نضرات الصبي الغريب.
    بعد ان اصبح لهيب السموم لا يحتمل, ذهب يتفيئ ظل شجره قريبه ليتناول وجبه غدائه, قطعه من الخبز مع حبه طماطم, شعر فجاه بيد تضغط على فمه بقوة والاخرى حول عنقه تكاد تقطع انفاسه, احس بأنفاس حاره تخترق اذنه, لمح وجه طويل اسود مصفر تملئه البثور يكبره بخمس سنوات او اكثر سحبه الى بيت غير مكتمل البناء داخل طريق فرعي, قبل ان يبعثر طعامه على الارض مع علب المناديل الصحية, والشارع يخلو من المارة.
    اخذ كل نقوده القليلة من جيبه بعد ان احس بضربه على راسه اخلت بتوازنه, وهو يحاول ان يسحب بجامته من عليه بقوه بعد ان قلبه على بطنه ونام عليه, صرخ... بكى توسله ان لا يفعل, قبل ان يمسك سكيناً صغيره كانت بجيبه وطعن بها خاصره الصبي الغريب, نفر منه دم غزير مع صرخات الالم, استطاع الهرب والافلات من يديه.
    عاد مضطرباً لمكانه يبحث عن علٌب المناديل الصحية لم يجدها, اضطر للركض والسير احيانا لساعات طويلة, بعد ان سُرق كل ما لديه من نقود, وصل لمنطقته وهو يلهث متعبا خائفا ممزق الروح فاقد الامل والدمع يترقرق في عينيه.
    قبل وصوله لغرفه علب الصفيح صادف مجموعه من الكلاب السائبة المنشرة على اكوام القمامة, طاردته وسط الظلام وهي مكشره عن انيابها بنباح شرس تلهث والزبد يسيل من فمها, نهشته من ساقه طرحته ارضا اجتمعت فوقه وهو يصرخ ويبكي ويحاول صدها بأطرافه, كادت ان تمزقه اربا لولا وصول احد المارة.
    حدج امه العجوز العمياء من بعيد وهي جالسه بالباب تنتظر وصوله, ركض اليها رغم الامه سقط والدم ينزف من جروحه, نهض من جديد حتى انكب بأحضانها شعر بالأمان صمت والعبرة تختلج في صدره, ثم بكى بكاءً مريراً بدموع من دم, احتضنته قبلته شمت راحه دمه تلمست جروحه, فزعت لحاله وشهقت من الاعماق, اختلط عويلهما حتى وصل لأعناق السماء.
    هجع مع همس انين امه وابتلعه النوم وهو مكور كأنه عاد جنين في رحمها, صحا في دجى الليل وسط الظلام الحالك, انتزع نفسه من بين يديها وهي لم تزل جالسه على حالها. لامس اصابع يدها متصلبة بارده.
    - امي....امي .... امي حبيبتي, ردي ارجوكِ. سقطت بأحضانه والدموع لم تزل تغطي وجهها المصفر.


    فراس عبد الحسين.

    التعديل الأخير تم بواسطة فراس عبد الحسين; الساعة 29-08-2013, 07:46.
    فراس العراقي
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    قاسية .. مؤلمة فراس صديقي
    أظنها لم تكن القصة الأولى لك فقد لمحت دربه و قدرة على البناء
    و إدارة القص باقتدار
    زادت محبتي لك هنا
    و رأيت التزامك المشهود هنا
    و لكن اللغة صديقي هي أداتك التي سوف تصل بك إلي القارئ
    و عليك أن تراجع و بقوة
    أرجو أن يتسع صدرك
    سوف أعود من خلال رسالة خاصة لأكون معك

    محبتي
    sigpic

    تعليق

    • خديجة راشدي
      أديبة وفنانة تشكيلية
      • 06-01-2009
      • 693

      #3
      التُقطت القصة من زوايا مؤثرة جدا معتمدة على مفارقات عدة

      منبثقة من عمق الواقع

      مثقلة بالوجع

      تكشف مدى التناقضات التي تئن تحت وطأتها الفئة المهمشة

      والمقْصية من نعيم الحياة....

      نسج سردي

      مميز، لبنته صلبة

      وأسلوبه رشيق خالي من الحشو

      أخي فراس

      يبقى الأمر بالنسبة للغة هناك بعض

      الأخطاء اللغوية، ربما راجعة للسرعة عند لحظة

      الكتابة

      يجب الانتباه إليها

      موفق دائما
      التعديل الأخير تم بواسطة خديجة راشدي; الساعة 30-08-2013, 09:03.

      تعليق

      • فراس عبد الحسين
        أديب وكاتب
        • 18-08-2013
        • 180

        #4
        الاديب الرائع الاستاذ ربيع عقب الباب.
        تأثرت بأسلوبك في كتابه القصص الرائعة.. شكرا لدخولك...شكرا لمتابعتك...سعيد جدا بأرائك التي سأخذ بها حتما وانا بانتظارها دائما.. اعلم باني ليس متمكن من الغه تماما ومنذ فتره ليست بالقصيرة وانا احاول معالجه الامر بقراءة القواعد والنحو وسأتمكن عاجلا ام اجلا كوني لم اعرض ما اكتب على أي احد, لذا بانتظار تحديد اخطائي ومكانها, لضمان عدم الوقوع بها مره اخرى..
        كتبت اكثر من عشرة قصص في طور نشرها في ملتقاكم تباعا...
        باقة ورد ملونة لك استاذ مع تحياتي......ومودتي
        التعديل الأخير تم بواسطة فراس عبد الحسين; الساعة 31-08-2013, 08:34.
        فراس العراقي

        تعليق

        • فراس عبد الحسين
          أديب وكاتب
          • 18-08-2013
          • 180

          #5
          الاديبة المبدعة والفنانة الرائعة خديجه راشدي
          شكرا لدخولك ولتواصلك الدائم...شكرا جزيلا لمتابعتك ...قرات لكي الكثير واستفد من اسلوبك اكثر...اتمنى تحديد الاخطاء ومكانها لعدم الوقوع بالخطأ مره اخرى
          تقبلي شكري وتقديري وامتناني .....سيدتي المبدعة.
          فراس العراقي

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة فراس عبد الحسين مشاهدة المشاركة
            الاديب الرائع الاستاذ ربيع عقب الباب.
            تأثرت بأسلوبك في كتابه القصص الرائعة.. شكرا لدخولك...شكرا لمتابعتك...سعيد جدا بأرائك التي سأخذ بها حتما وانا بانتظارها دائما.. اعلم باني ليس متمكن من الغه تماما ومنذ فتره قصيرة وانا احاول معالجه الامر بقراءة القواعد والنحو وسأتمكن عاجلا ام اجلا كوني لم اعرض ما اكتب على أي احد, لذا بانتظار تحديد اخطائي ومكانها, لضمان عدم الوقوع بها مره اخرى..
            كتبت اكثر من عشرة قصص في طور نشرها في ملتقاكم تباعا...
            باقة ورد ملونة لك استاذ مع تحياتي......ومودتي
            و أنا أنتظر كتبك التي سوف تحمل أعمالك من الآن !
            كلنا نخطئ
            حتى بعد كل هذا العمر نخطئ
            و لكن علينا ان نستفيد في كل مرة نرتكب الكتابة
            لنكون أجمل في عين القارئ الذي نريد و نستهدف
            بوركت أخي الفاضل

            محبتي
            sigpic

            تعليق

            • نادية البريني
              أديب وكاتب
              • 20-09-2009
              • 2644

              #7
              أخي فراس
              ليت هذه الدّموع تغسل أدران مجتمعاتنا التي كثرت شرورها بسبب أنانيّة أفرادها
              أراك جادّا في الكتابة أو بالأحرى أراك تكتب بحبّ وهذا كفيل بجعلك تجوّد أعمالك
              كلّنا وجدنا من أحاط بأقلامنا
              أشكر دوما فضل أستاذنا القدير ربيع الذي حفّز أقلاما كثيرة في الملتقى
              اللغة هي التي تحتاج منّا إلى متابعة .توجد أخطاء لغويّة يمكن تجاوزها تدريجيا أخي فراس .لا أبخل عليك بنصح يتعلق باللغة فهي مادّة تخصّصي.
              دمت بخير

              تعليق

              • فراس عبد الحسين
                أديب وكاتب
                • 18-08-2013
                • 180

                #8
                اختي العزيزة الاديبة نادية البريني.
                شكراً لرايك ولتعليق الذي يشد من الازر ويحمل القلم مسئولية كبيرة. سعيد جداً بمتابعتك
                انا شديد الطمع لكل نصيحة تقوم وتصحح اللغة وخصوصا من اديبة رائعة مثلك سيدتي العزيزة.
                نعم هناك بعض الاخطاء اللغوية, واعتقد هي نتيجة شخصيتي المتمردة على القوالب والاسس ومنها النحو وهذا خطأ كبير جدا اعترف به. ذكرتني بأخي وصديقي واستاذي العزيز الذي يعجز السان عن وصفه تحياتي له.
                باقة ورد ملونة لك.... وكوني بخير سيدتي
                فراس العراقي

                تعليق

                يعمل...
                X