ألم ألامل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فراس عبد الحسين
    أديب وكاتب
    • 18-08-2013
    • 180

    ألم ألامل

    ألم الأمل
    فراس عبد الحسين
    بعد عودته من (حركة الانصار)* في كردستان, نزل من سيارة التاكسي, في عتمه ليلة باردة ممطرة من ليال كانون الثاني. استشرف شقته التي بالكاد تعرف عليها بعد ان هجرها لأكثر من عشرة اعوام.
    بعد دخوله الشقة أشعل رأس الشمعة الوحيدة التي وجدها, ازال الغبار عن سريره ورتب ما يمكن ترتيبة على عجل واضطجع في فراشه, اخذ ينظر من نافذته الصغيرة لضوء البرق وزخات المطر في الخارج.
    اخذته احلام اليقظة لمدينته الفاضلة التي يحلم بها منذ الطفولة, واصبحت هدف حياته الوحيد الذي يعيش لأجله ومن اجله, أيتحقق الحلم البشرية بيوم ويكون الناس سواسية بلا فقراء جائعين ولا أغنياء مترفين.
    ساد ظلام النوم بعينه, مع لحن قطرات المطر وهي تضرب زجاج النافذة ويتساقط على اسفلت الشارع بغزارة.. وأخذه لعالم أخر.
    استيقظ على وقع اقدام بعيدة تقترب إليه, فزع عندما شعر بشي غريب يحاول كتم أنفاسه, فتح عينيه بصعوبة كان شخصاً يضغط على عنقه وفوهة المسدس على رأسه, لم يستطع تمييز وجهه لشده الظلام, لمح ملامحه بصعوبة انه أبو عروبة مسئول امن المنطقة وبصحبته رجلاً لا يعرفه.
    وهو يصرخ بوجهه - كيف تعود للموت وتعلم نحن نترقب عودتك منذ سنين طويلة. لم يستطع إن ينطق بكلمة بعد إن اقتادوه للخارج والركلات تتوالى عليه من كل جانب.
    في فرصه بلمح البصر اتاحت له اثناء خروجهم, استطاع جعفر نطح أبو عروبة برأسه وأسقطه ارضاً. ركض هاربا بكل ما أؤتي من قوة, سمع الصوت المدوي خلفه وشعر بألم قوي وحرارة رهيبة في ساقه, سقط على الارض نهض مجدداً, استطاع الإفلات والهرب منهما بأعجوبة.
    تاه في طرقات المدينة وسط الظلام وضاع بين دروبها الضيقة, لكن إلى أين يذهب.؟ وليس له أقارب او احداً من المعارف. جلس جانباً وفكر طويلا حتى تذكر صديقه القديم احمد الذي لم يره منذ أكثر من ست سنوات, لكنه سمع عنه بأنه أصبح احد رجال الأمن... ماذا يفعل.؟
    وصل لبيت صديقه حاول إن يقرع الباب تردد كثيرا, تنبه لألم اصابته ولمح بركه الدم بدأت تتشكل من ساقه, كاد ان يغمى عليه. لم يكن له خيار اخر نقر الباب بخوف وحذر, ودقات قلبه تكاد تكون اعلى من نقره.
    سمع صوت يعرفه جيداً من داخل البيت ينادي - من الطارق ..من الطارق؟ - افتحي الباب يا سعاد انا جعفر. اندهشت حين سماع صوته ورؤية وجهه, سقط عليهم مطر كثير وهم ينظرون بعيون بعضهم, نعم أنا جيفارا لقد عدت يا سعاد.
    دخلت مضطربة ونادت لأخيها احمد بصوت مرتفع.. ساوره الخوف والشك فكر بالهرب قبل ان يخرج لكن جرحه منعه من ذلك.
    خرج احمد مستغربا - اين كنت وكيف رجعت وما الذي جاء بك الى هنا مع هذا المطر وبهذه الساعة المتأخرة من الليل...؟ أبصر نظرات حقد خبيثة تلمع من عينيه أرعبته, قبل ان يحملوه للداخل.
    أبصر ساقه وهي تنزف, سأجلب لك من يعالجك ويخرج الرصاصة علينا إسعافك فوراً والا ستموت في الحال.
    نفض المكان قبل ان يطرحوه على الاريكة , أحس بألم فضيع في رأسه وأصيب بالدوار, قامت سعاد بإسعافه وحاولت قطع نزيف الدم بيديها البيضاء الناعمة, وهو يرنو لملامحها كيف ازدادت جمال وبانت عليها رقه الأنوثة, بوجهها الابيض وخدودها الوردية, والخال الاسود أسفل شفتها الحمراء المتوهجة مع عيونها السوداء الواسعة الداكنة وجسدها الرشيق الممشوق المتفجر بالأنوثة.
    حب طفولتنا لم يفارق بالي للحظة يا سعاد, بسماتكِ همساتك لمسات يديك لون عينيكِ, رشاقتك وكل مفاتنك تجول في خاطري طول تلك السنين, تبادلا ابتسامة عاشقيَن قبل ان تنهض, ثم ساد الصمت والعتمة بعينيه وفقد وعيه تماماً...
    صحا على صوت احمد ومعه أبو عروبة والعشرات من رجال الأمن دعك عينيه ولم يصدق ما يراه . تذكر حينها مقوله قرأها لمكسيك غوركي (لا تخافوا شيئا، إذ لا يوجد حياة أشقى و أتعس من حياتكم التي تعيشونها).
    ركلوه عصبوا عيونه وسحلوه إلى مديريه الأمن ادخلوه(المسلخ)*. تفاجئ واندهش عندما ابصرَ صديقه احمد وهو يستعد لتعذيبه بيديه, جلده بوحشية لم يعهدها به من قبل, كيف تغير احمد وأصبح وحش هكذا. كيف تحول الدنيا الحمل الوديع إلى ذئب كاسر مفترس؟
    عذبوه أبشع اساليب التعذيب, نزف كثيرا وهو يصرخ من جرح ساقه, جلب احمد ( الساطور) رفعه للأعلى وهوى على ساقه بوحشيه, لحظ بعينيه ساقه المقطوعة سقطت للأرض والدم ينفر منها. ضاق نفسه وشعر ببرودة غريبة تجري في عروقه وصلت لراسه, فقد احساسه بالألم وبكل شيء من حوله, اعتقدَ انه مات وتمنى ذلك بقوة.
    فزع عندما سمع صوت احمد من بعيد وبدء يقترب يناديه - انهض .. انهض بسرعة يا جيفارا فقد أصبح الفطور جاهزاً, لقد نزفت كثيراً من ساقك ليلة البارحة أثناء العملية.
    فتح عينيه مذهولا بعد صحوته وكانه في عالم اخر, كان احمد واخته سعاد جالسين امام المائدة.. تحسس جسده, تلمس ساقيه وباقي اطرافه, ثم ابتسم بوجه صديقه واخبرهما بما حلم به ليله البارحة... ضحكوا كثيرا مثل أيامهم الانفة.
    - كيف استطع خيانة من حلمت معه بالمدينة الفاضلة وبالوطن الحر والشعب السعيد منذ أيام الطفولة.....؟





    *حركة الانصار/ حركة الكفاح المسلح للشيوعيين في كردستان(1979-1989)
    *المسلخ/ تسمية لغرف التعذيب في الامن العامة سابقاً
    التعديل الأخير تم بواسطة فراس عبد الحسين; الساعة 04-09-2013, 10:04.
    فراس العراقي
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    مساء جميل أخي فراس
    قرأت هذا العمل المدهش
    فصممت على الدخول
    لأبدي اعجابي و فرحتي به

    فقط أيضا يحتاج مراجعة بسيطة
    تقبل خالص احترامي

    يثبت للجمال
    sigpic

    تعليق

    • فراس عبد الحسين
      أديب وكاتب
      • 18-08-2013
      • 180

      #3
      اجمل المساءات اتمناها لك استاذي ربيع المبدع...
      شكراً لمتابعتك...شكراً لدخولك الجميل ....سعيد جداً بتعليقك...سأتقن اللغة قريبا جدا....كن بخير عزيزي ربيع الرائع.
      فراس العراقي

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة فراس عبد الحسين مشاهدة المشاركة
        ألم الأمل
        فراس عبد الحسين
        بعد عودته من (حركة الانصار)* في كردستان وفي عتمه ليلة باردة ممطرة من ليال كانون الثاني. استشرف شقته التي بالكاد تعرف عليها بعد ان هجرها لأكثر من عشرة اعوام.
        أشعل رأس الشمعة الوحيدة التي وجدها, ازال الغبار عن سريره ورتب ما يمكن ترتيبة على عجل واضطجع في فراشه, اخذ ينظر من نافذته الصغيرة لضوء البرق وزخات المطر في الخارج.
        اخذته أحلام اليقظة لمدينته الفاضلة التي يحلم بها منذ الطفولة, واصبحت هدف حياته الوحيد الذي يعيش لأجله ومن اجله, أيتحقق حلم البشرية بيوم ويكون الناس سواسية بلا فقراء جائعين ولا أغنياء مترفين.
        ساد ظلام النوم بعينه, مع لحن قطرات المطر وهي تضرب زجاج النافذة ويتساقط على اسفلت الشارع بغزارة.. وأخذه لعالم أخر.
        استيقظ على وقع اقدام بعيدة تقترب إليه, فزع عندما شعر بشي غريب يحاول كتم أنفاسه, فتح عينيه بصعوبة كان شخصاً يضغط على عنقه وفوهة المسدس على رأسه, لم يستطع تمييز وجهه لشده الظلام, لمح ملامحه بصعوبة انه أبو عروبة مسئول امن المنطقة وبصحبته رجلاً لا يعرفه.
        وهو يصرخ بوجهه - كيف تعود للموت وتعلم نحن نترقب عودتك منذ سنين طويلة. لم يستطع إن ينطق بكلمة بعد إن اقتادوه للخارج والركلات تتوالى عليه من كل جانب.
        في فرصه بلمح البصر اتاحت له اثناء خروجهم, استطاع جعفر نطح أبو عروبة برأسه وأسقطه ارضاً. ركض هاربا بكل ما أؤتي من قوة, سمع الصوت المدوي خلفه وشعر بألم قوي وحرارة رهيبة في ساقه, سقط على الارض نهض مجدداً, استطاع الإفلات والهرب منهما بأعجوبة.
        تاه في طرقات المدينة وسط الظلام وضاع بين دروبها الضيقة, ( لكن إلى أين يذهب.؟ واحتار أين يذهب ) وليس له أقارب او احداً من المعارف. جلس جانباً وفكر طويلا حتى تذكر صديقه القديم احمد الذي لم يره منذ أكثر من ست سنوات, لكنه سمع عنه بأنه أصبح احد رجال الأمن... ماذا يفعل.؟
        وصل لبيت صديقه حاول إن يقرع الباب تردد كثيرا, تنبه لألم اصابته ولمح بركه الدم بدأت تتشكل من ساقه, كاد ان يغمى عليه. لم يكن له خيار اخر نقر الباب بخوف وحذر, ودقات قلبه تكاد تكون اعلى من نقره.
        سمع ( صوتا من داخل البيت، يعرفه جيدا) ينادي - من الطارق ..من الطارق؟ - افتحي الباب يا سعاد انا جعفر. اندهشت حين سماع صوته ورؤية وجهه, سقط عليهم مطر كثير وهم ينظرون بعيون بعضهم, نعم أنا جيفارا لقد عدت يا سعاد.
        دخلت مضطربة ونادت لأخيها احمد بصوت مرتفع.. ساوره الخوف والشك فكر بالهرب قبل ان يخرج لكن جرحه منعه من ذلك.
        خرج احمد مستغربا - اين كنت وكيف رجعت وما الذي جاء بك الى هنا مع هذا المطر وبهذه الساعة المتأخرة من الليل...؟ أبصر نظرات حقد خبيثة تلمع من عينيه أرعبته, قبل ان يحملوه للداخل.
        أبصر ساقه وهي تنزف, سأجلب لك من يعالجك ويخرج الرصاصة علينا إسعافك فوراً والا ستموت في الحال.
        نفض المكان قبل ان يطرحوه على الاريكة , أحس بألم فضيع في رأسه وأصيب بالدوار, قامت سعاد بإسعافه وحاولت قطع نزيف الدم بيديها البيضاء الناعمة, وهو يرنو لملامحها كيف ازدادت جمال وبانت عليها رقه الأنوثة, بوجهها الابيض وخدودها الوردية, والخال الاسود أسفل شفتها الحمراء المتوهجة مع عيونها السوداء الواسعة الداكنة وجسدها الرشيق الممشوق المتفجر بالأنوثة.
        حب طفولتنا لم يفارق بالي للحظة يا سعاد, بسماتكِ همساتك لمسات يديك لون عينيكِ, رشاقتك وكل مفاتنك تجول في خاطري طول تلك السنين, تبادلا ابتسامة عاشقيَن قبل ان تنهض, ثم ساد الصمت والعتمة بعينيه وفقد وعيه تماماً...
        صحا على صوت احمد ومعه أبو عروبة والعشرات من رجال الأمن دعك عينيه ولم يصدق ما يراه . تذكر حينها مقوله قرأها لمكسيك غوركي (لا تخافوا شيئا، إذ لا يوجد حياة أشقى و أتعس من حياتكم التي تعيشونها).
        ركلوه عصبوا عيونه وسحلوه إلى مديريه الأمن ادخلوه(المسلخ)*. تفاجئ واندهش عندما ابصرَ صديقه احمد وهو يستعد لتعذيبه بيديه, جلده بوحشية لم يعهدها به من قبل, كيف تغير احمد وأصبح وحش هكذا. كيف تحول الدنيا الحمل الوديع إلى ذئب كاسر مفترس؟
        عذبوه أبشع اساليب التعذيب, نزف كثيرا وهو يصرخ من جرح ساقه, جلب احمد ( الساطور) رفعه للأعلى وهوى على ساقه بوحشيه, لحظ بعينيه ساقه المقطوعة سقطت للأرض والدم ينفر منها. ضاق نفسه وشعر ببرودة غريبة تجري في عروقه وصلت لراسه, فقد احساسه بالألم وبكل شيء من حوله, اعتقدَ انه مات وتمنى ذلك بقوة.
        فزع عندما سمع صوت احمد من بعيد وبدء يقترب يناديه - انهض .. انهض بسرعة يا جيفارا فقد أصبح الفطور جاهزاً, لقد نزفت كثيراً من ساقك ليلة البارحة أثناء العملية.
        فتح عينيه مذهولا بعد صحوته وكانه في عالم اخر, كان احمد واخته سعاد جالسين امام المائدة.. تحسس جسده, تلمس ساقيه وباقي اطرافه, ثم ابتسم بوجه صديقه واخبرهما بما حلم به ليله البارحة... ضحكوا كثيرا مثل أيامهم الانفة.
        - كيف استطع خيانة من حلمت معه بالمدينة الفاضلة وبالوطن الحر والشعب السعيد منذ أيام الطفولة.....؟





        *حركة الانصار/ حركة الكفاح المسلح للشيوعيين في كردستان(1979-1989)
        *المسلخ/ تسمية لغرف التعذيب في الامن العامة سابقاً

        الزميل القدير
        فراس عبد الحسين
        ومضة النهاية كانت هي النص الكبير
        أحدثت بعض التغييرات ولونتها لك ربما ستعجبك وأنت حر بهذا مؤكد فرؤيتي تبقى قاصرة تقبل الخطأ قبل اليقين
        تحياتي ومحبتي لك
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • فراس عبد الحسين
          أديب وكاتب
          • 18-08-2013
          • 180

          #5
          الاديبة المبدعة عائده محمد نادر
          شكرا لاهتمامكِ ومتابعتكِ.
          وبخصوص التغيرات التي نبهتني عنها مشكورة سأغيرها حتما لأنها اخطاء املائية واضحة..
          سعيد جداً بمتابعاتكم وتنبيهاتكم التي تعمل على تقويم النص بالشكل الصحيح
          شكراً لك سيدتي الجميلة.... والاديبة الرائعة/ عائده
          فراس العراقي

          تعليق

          • خديجة راشدي
            أديبة وفنانة تشكيلية
            • 06-01-2009
            • 693

            #6
            من منا لم يحلم يوما

            بالمدينةالفاضلة وبالوطن الحر والشعب السعيد

            دلالةالقصة عميقة

            ومكثفة

            تتميز نصوصك بقيمة الفكرة

            والقفلة الذكية

            أسلوب سلس اعتمد

            على التبسيط

            لايلْبسه الغموض

            خالي من الحشو

            شكرا على متعة القراءة

            أخي فراس

            سلم يراعك المبدع

            بالتوفيق الدائم
            التعديل الأخير تم بواسطة خديجة راشدي; الساعة 04-09-2013, 18:10.

            تعليق

            • فراس عبد الحسين
              أديب وكاتب
              • 18-08-2013
              • 180

              #7
              سعيد جداً برأيك اختي العزيزة خديجة راشدي... وهذا يزيدني امل بالكتابة والسرد والتطور اكثر... ويزيدني مسئولية في تدقيق وفحص كل حرف قبل ان يُكتب... شكراً لرأيكِ الذي اعتز به كثيراً
              كوني بخير من اجل ابداعك الدائم اختي المبدعة العزيزة....خديجة راشدي
              فراس العراقي

              تعليق

              يعمل...
              X