حكايته معي فيها كل العجب هذا الغريم.
طوال عمري جعلني أحس بأنني عربة وهو الحصان الذي يجر هذه العربة.
مُجاوَرة تدعو إلى العجب.
دائما ما يسبقني بخطوة.
فهو الأول بالمدرسة وأنا الذي يليه بالترتيب.
وهو الحائز على درجة ممتاز وأنا الدرجة التي تليها.
حتى في فريق الكرة،، كنت أجلس في مقاعد الاحتياط حتى يخرج هو فيستبدلوني به.
لماذا كنت أنا بديله ؟ لم أدرِ.
وكأنه قرين لصيق.
تخرجنا سويا من نفس الكلية.
نلت شهادة عليا فلحقها بواحدة مثلها ثم أتْبعها بدرجة أعلى.
توظفت في وظيفة مرموقة في بلد أجنبي ،، فنال أرفع منها بمسقط رأسي.
وها هو الآن يسبقني بخطوات واسعة لا إلتقاء بعدها.
وهي السبب.
فقد ضربتْ بعصاها لُجة حبنا فإنفلق ليعبر هذا الغريم اللدود،،
وها هي اللجة تنطبق على روحي لتأخذ بخناقي وأكون من المُغْرَقين.
ألم يكن حبي كافياً ؟ ألم تحس بزفراتي وعبراتي الكامنة خلف تلهفي عليها ؟
أكان يجدر بي أن أقول لها إنتظريني إلى أن أعود ؟ ألم تفهم مغزى كل كلامي و تصرفاتي خلال كل هذه الأعوام؟؟؟
ألم تحدق في عيني وترى فيهما كوامن اللوعة وتلال الشجون؟
لقد كنت أعتقد أنني مسنود إلى جدار حب متين و هو اعتقاد أقنعني بأن هناك حبا تبادلني إياه، ولكن يبدو أنـه كان جــدارا مشـــــروخــا ومائلا ومنخورا بالسوس،، أسقطني أرضا عند أول إتكاءة عليه.
أحس أنني في حلم طويل لا فكاك منه.
لقد ركنْتُ إلى حدسي الذي يقول أنها تحبني وتبادلني الشعور ذاته،، فكل شيء كان يوحي بحبها، حديثها، مقابلتها، سؤالها عني، زيارتها لي متلهفة بمجرد حضوري للإجازة ،، ردودها على خطاباتي الهادئة التي كنت أقرأ بين سطورها ما يطفيء لهيبي ويبرد نيران جوفي،، فألوذ بها في قيظ الغربة،، ولكن يبدو أنه كان حدسا اختلقته من شعور يكتنفه الوهم،، فسدَ عليه منافذ التمييز وتحسس الطريق.
***
رفضتُ كل توسلات أصدقائي المنادية بأن لا أحضر حفل زفافها.
ولكنني عاندت وذهبت،، وأنا بكامل الهندام والتأنق وكأنني ذاهب إلى حفل عرسي.
خُيِّل إلى إن جلستُ إلى نفسي،، سأصاب بلوثة.
كنت أحدث نفسي بصوت عال كالمخبول :
إليك يا غريمي..
ماذا تقول لها يا هادم مسرتي ؟
بماذا تهمس في أذنها يا قاتل حلمي الوحيد؟
حاولت أن أتصرف وكأن الأمر صار لا يعنيني ،، ولكن بدواخلي تتقد شعلة من نار ومراجل تغلي.
ذهبت لكي أتحدى تعاطف الناس، وأناطح كلمات الشفقة، وأسبح عكس تيار إحساسي بالصدمة.
جلست في الصفوف الأولى،، مناكفاً نفسي،، في تحدٍ لا طائل منه.
لم أستطع أن أفرز الوجوه التي أمامي.
شاهدتها وهي تتقدم بخطى شبه متعثرة على أنغام موسيقى الزفة وهو يتأبط ذراعها مبتسماً.
شيطان مستفز يفرهد في جزء من عقلي بأن أقوم بخنقه أمام ناظريها وتحت سمع وبصر الجميع.
ثم قررت فجأة أن أتقدم مهنئاً كفارس نبيل يتلقى الهزيمة بروح عالية.
تراجعت عن هذه الفكرة.
كنت لا أدري كيف هي قسمات وجهي وقتها. ولكنني أحسست بأن كل الحضور يحملقون فيه.
كانت الموسيقى وكأنها طبول مزعجة يتناغم أزيزها مع دقات قلبي المتسارعة.
هل شاهدتني وهي تدخل؟
هل لمحتْ هذا الكائن الذي كان مجنوناً بها ولا زال؟
لا أظن ذلك،، فهي في عالم آخر.
بم كانت تفكر وقتها ؟
تمتمتُ : تقدمي يا قاتلتي نحو سعده وسعدك،، لا يهمك شيء من أمري. تقدمي معذبتي نحو مذبحي......
وبإصرار لا أدري كنهه،، تابعتها بنظري بكل تمعن.
يا لهذا الثوب الأبيض الذي يعانقها بفرح أليف.
لم أستطع أن أنظر إليه هو،، لم أستطع أن أضع نفسي مكانه حتى في خيالي، فعقلي يرفض السباحة مرة أخرى في حلم خادع.
ركزت نظري عليها فقط وكأنها تسير وحدها رغم كل المحيطين بها.
للحظة ،، صمتت الموسيقى واختفى الناس و لم أعد أسمع شيئا أو أرى شيئا.
خلوة زائفة رسمها عقلي المرهق.
وقفتْ هي وحدها وكأنها في إطار كبير يحفها من كل جانب.
يا لهذا الوجه الملائكي الذي صابحته كثيرا ،، وعاش معي صقيع غربتي وكأنه مرسوم على وسادتي وجدران بيتي..
لا أصدق أن يدها الصغيرة تعانق يده.
كم تابعتُ هذه الأنامل وهي تكتب عند استذكارنا لدروسنا سويا .
قلت لها ذات مرة :
لا بد أن تكوني عازفة بيانو .
فمدتْ يديها لترتاح أناملها على راحة يدي، فأحسست بنغم أخاذ ينساب في جسدي،، فسرحتُ وقتها مهوّما،، وكأنني أستمع إلى تراتيل بعيدة.
ضحكتْ هي بسعادة ،، وهي تنظر إلى ،، فقلت لها :
لك ابتسامة غير مفهومة كابتسامة الموناليزا.
كنت أكتفي بأن أرى السعادة تملؤها عندما أصفها وأبثها نجواي.
لمحتُ غريمي يمسك بيدها.
يا لهذه الزغاريد التي تلهب رأسي بآلاف السياط ،، ليتني لم أحضر ،، هاهو يحيط بها إحاطة السوار بالمعصم في رقصة حميمة،، فانتشرتْ شحنة غيرة تغرز آلاف السهام في جسدي،، وأهازيج الفرح كأنها تقول الموت لك أيها الحاسد ،، وأعين الناس كأنها تحدجني بنظرات الشفقة والشماتة معا.
صوت الفنان أندلق في رأسي فأصابني بغثيان ودوار .
أردت أن أخرج دون أن يلحظني أحد ،، أردت أن أستنشق هواءا نقيا،، فقد كدت أن أختنق.
ولكن خيل إلي بأنني ما أن أقوم من على الكرسي فسيلاحقني الناس بسخرية ممزوجة بحكاية فشلي وخيبتي وهزيمتي النهائية من غريمي.
عندما تقدم لخطبتها، ظننت أنها سترد طلبه بإعتذار لطيف وتخبره بأنها مرتبطة بي ارتباطا لا تنفصم عراه،، رباط الحب.
ولكنها قبلتْ به حتى دون أن تخبرني،، قبلت به دون تردد،، لم أجد شيئا أوصف به هذا التحول المفاجئ والإنكفاءة المميتة.
لا أدري ما الذي حدث.
انطلقت زخات من الزغاريد وكأنها تصفعني.
تصبّبتُ عرقا باردا بلل عنقي وظهري
تضاءلتْ نفسي حتى خيل إلى أنني يمكن أن أحشر نفسي في حذائي.
تمنيت أن أستطيع الغوص في الأرض من تحتي،، فقد أتى غريمي بوجهه منشرح وبابتسامة عريضة،، مع نفر من أصدقائه لتحية الضيوف،، تحاشيت النظر إليهم،، وكأنني كنت أنتظر جلادي لينفذ حكمه.
رقدت ابتسامة دون مغزى على طرف شفتي و لكنها كانت لحظة كافية بأن أتخيل بأنني أشم عبقها من خلاله،، إنه الجنون بعينه،، أوهمت نفسي بأنها تنقل لي عبره إعتذارها عن هذه الطعنة النجلاء،، وما جدوى اعتذارها؟
ثم انطلقت مني زخات من لعنات صببتها على نفسي :
صه أيها القلب الأعمى
أخرسي أيتها المشاعر الضالة المضلة
إلى متى هذا العبث المجنون ؟
لقد أرضعتموني شعورا هلاميا حتى تشبعت به روحي وسكن أوصالي وترعرع في كل ذرة من كياني.
ثم بعد كل هذا،، أمازلت أيها القلب ترنو إلى زيف من صنع أوهامك ونسيج خيالاتك؟
صه أيها القلب الأعمى،، و لُذْ بإستكانة أبدية،، فلن أستجيب لوجيبك وخفقانك مرة أخرى.
أخفق لوحدك،، فهذه المرة،، سأغمض أنا عيني وأدوس عليك بكل كبرياء ودون أن يرمش لي جفن.
***
ونجحتُ أخيرا في الخروج من الحفل،، ووقفت وحيدا،، بكيت بحرقة،، بكاءا مكتوما أهتز له كياني،، وأطلقت لبكائي العنان،،
وضاعت شهقاتي وسط أهازيج الفرح والزغاريد فلم يسمعني أحد،، أشفقت على روحي،، وخرجتْ مني زفرة حارة .
وصرت أربت على كتف نفسي مواسيا،، محاولا إقناعها بأنني عشت سعيدا بهذا الوهم لفترة طويلة، فكفكفت بقايا الدموع ،، ونظرت خلفي،، وألقيت نظرة على سيارة الزفاف المزينة بالورود،، تخيلت أنها ما زالت بالسيارة تنظر خلفها لتودعني،، وتواريت يلفني الظلام.
طوال عمري جعلني أحس بأنني عربة وهو الحصان الذي يجر هذه العربة.
مُجاوَرة تدعو إلى العجب.
دائما ما يسبقني بخطوة.
فهو الأول بالمدرسة وأنا الذي يليه بالترتيب.
وهو الحائز على درجة ممتاز وأنا الدرجة التي تليها.
حتى في فريق الكرة،، كنت أجلس في مقاعد الاحتياط حتى يخرج هو فيستبدلوني به.
لماذا كنت أنا بديله ؟ لم أدرِ.
وكأنه قرين لصيق.
تخرجنا سويا من نفس الكلية.
نلت شهادة عليا فلحقها بواحدة مثلها ثم أتْبعها بدرجة أعلى.
توظفت في وظيفة مرموقة في بلد أجنبي ،، فنال أرفع منها بمسقط رأسي.
وها هو الآن يسبقني بخطوات واسعة لا إلتقاء بعدها.
وهي السبب.
فقد ضربتْ بعصاها لُجة حبنا فإنفلق ليعبر هذا الغريم اللدود،،
وها هي اللجة تنطبق على روحي لتأخذ بخناقي وأكون من المُغْرَقين.
ألم يكن حبي كافياً ؟ ألم تحس بزفراتي وعبراتي الكامنة خلف تلهفي عليها ؟
أكان يجدر بي أن أقول لها إنتظريني إلى أن أعود ؟ ألم تفهم مغزى كل كلامي و تصرفاتي خلال كل هذه الأعوام؟؟؟
ألم تحدق في عيني وترى فيهما كوامن اللوعة وتلال الشجون؟
لقد كنت أعتقد أنني مسنود إلى جدار حب متين و هو اعتقاد أقنعني بأن هناك حبا تبادلني إياه، ولكن يبدو أنـه كان جــدارا مشـــــروخــا ومائلا ومنخورا بالسوس،، أسقطني أرضا عند أول إتكاءة عليه.
أحس أنني في حلم طويل لا فكاك منه.
لقد ركنْتُ إلى حدسي الذي يقول أنها تحبني وتبادلني الشعور ذاته،، فكل شيء كان يوحي بحبها، حديثها، مقابلتها، سؤالها عني، زيارتها لي متلهفة بمجرد حضوري للإجازة ،، ردودها على خطاباتي الهادئة التي كنت أقرأ بين سطورها ما يطفيء لهيبي ويبرد نيران جوفي،، فألوذ بها في قيظ الغربة،، ولكن يبدو أنه كان حدسا اختلقته من شعور يكتنفه الوهم،، فسدَ عليه منافذ التمييز وتحسس الطريق.
***
رفضتُ كل توسلات أصدقائي المنادية بأن لا أحضر حفل زفافها.
ولكنني عاندت وذهبت،، وأنا بكامل الهندام والتأنق وكأنني ذاهب إلى حفل عرسي.
خُيِّل إلى إن جلستُ إلى نفسي،، سأصاب بلوثة.
كنت أحدث نفسي بصوت عال كالمخبول :
إليك يا غريمي..
ماذا تقول لها يا هادم مسرتي ؟
بماذا تهمس في أذنها يا قاتل حلمي الوحيد؟
حاولت أن أتصرف وكأن الأمر صار لا يعنيني ،، ولكن بدواخلي تتقد شعلة من نار ومراجل تغلي.
ذهبت لكي أتحدى تعاطف الناس، وأناطح كلمات الشفقة، وأسبح عكس تيار إحساسي بالصدمة.
جلست في الصفوف الأولى،، مناكفاً نفسي،، في تحدٍ لا طائل منه.
لم أستطع أن أفرز الوجوه التي أمامي.
شاهدتها وهي تتقدم بخطى شبه متعثرة على أنغام موسيقى الزفة وهو يتأبط ذراعها مبتسماً.
شيطان مستفز يفرهد في جزء من عقلي بأن أقوم بخنقه أمام ناظريها وتحت سمع وبصر الجميع.
ثم قررت فجأة أن أتقدم مهنئاً كفارس نبيل يتلقى الهزيمة بروح عالية.
تراجعت عن هذه الفكرة.
كنت لا أدري كيف هي قسمات وجهي وقتها. ولكنني أحسست بأن كل الحضور يحملقون فيه.
كانت الموسيقى وكأنها طبول مزعجة يتناغم أزيزها مع دقات قلبي المتسارعة.
هل شاهدتني وهي تدخل؟
هل لمحتْ هذا الكائن الذي كان مجنوناً بها ولا زال؟
لا أظن ذلك،، فهي في عالم آخر.
بم كانت تفكر وقتها ؟
تمتمتُ : تقدمي يا قاتلتي نحو سعده وسعدك،، لا يهمك شيء من أمري. تقدمي معذبتي نحو مذبحي......
وبإصرار لا أدري كنهه،، تابعتها بنظري بكل تمعن.
يا لهذا الثوب الأبيض الذي يعانقها بفرح أليف.
لم أستطع أن أنظر إليه هو،، لم أستطع أن أضع نفسي مكانه حتى في خيالي، فعقلي يرفض السباحة مرة أخرى في حلم خادع.
ركزت نظري عليها فقط وكأنها تسير وحدها رغم كل المحيطين بها.
للحظة ،، صمتت الموسيقى واختفى الناس و لم أعد أسمع شيئا أو أرى شيئا.
خلوة زائفة رسمها عقلي المرهق.
وقفتْ هي وحدها وكأنها في إطار كبير يحفها من كل جانب.
يا لهذا الوجه الملائكي الذي صابحته كثيرا ،، وعاش معي صقيع غربتي وكأنه مرسوم على وسادتي وجدران بيتي..
لا أصدق أن يدها الصغيرة تعانق يده.
كم تابعتُ هذه الأنامل وهي تكتب عند استذكارنا لدروسنا سويا .
قلت لها ذات مرة :
لا بد أن تكوني عازفة بيانو .
فمدتْ يديها لترتاح أناملها على راحة يدي، فأحسست بنغم أخاذ ينساب في جسدي،، فسرحتُ وقتها مهوّما،، وكأنني أستمع إلى تراتيل بعيدة.
ضحكتْ هي بسعادة ،، وهي تنظر إلى ،، فقلت لها :
لك ابتسامة غير مفهومة كابتسامة الموناليزا.
كنت أكتفي بأن أرى السعادة تملؤها عندما أصفها وأبثها نجواي.
لمحتُ غريمي يمسك بيدها.
يا لهذه الزغاريد التي تلهب رأسي بآلاف السياط ،، ليتني لم أحضر ،، هاهو يحيط بها إحاطة السوار بالمعصم في رقصة حميمة،، فانتشرتْ شحنة غيرة تغرز آلاف السهام في جسدي،، وأهازيج الفرح كأنها تقول الموت لك أيها الحاسد ،، وأعين الناس كأنها تحدجني بنظرات الشفقة والشماتة معا.
صوت الفنان أندلق في رأسي فأصابني بغثيان ودوار .
أردت أن أخرج دون أن يلحظني أحد ،، أردت أن أستنشق هواءا نقيا،، فقد كدت أن أختنق.
ولكن خيل إلي بأنني ما أن أقوم من على الكرسي فسيلاحقني الناس بسخرية ممزوجة بحكاية فشلي وخيبتي وهزيمتي النهائية من غريمي.
عندما تقدم لخطبتها، ظننت أنها سترد طلبه بإعتذار لطيف وتخبره بأنها مرتبطة بي ارتباطا لا تنفصم عراه،، رباط الحب.
ولكنها قبلتْ به حتى دون أن تخبرني،، قبلت به دون تردد،، لم أجد شيئا أوصف به هذا التحول المفاجئ والإنكفاءة المميتة.
لا أدري ما الذي حدث.
انطلقت زخات من الزغاريد وكأنها تصفعني.
تصبّبتُ عرقا باردا بلل عنقي وظهري
تضاءلتْ نفسي حتى خيل إلى أنني يمكن أن أحشر نفسي في حذائي.
تمنيت أن أستطيع الغوص في الأرض من تحتي،، فقد أتى غريمي بوجهه منشرح وبابتسامة عريضة،، مع نفر من أصدقائه لتحية الضيوف،، تحاشيت النظر إليهم،، وكأنني كنت أنتظر جلادي لينفذ حكمه.
رقدت ابتسامة دون مغزى على طرف شفتي و لكنها كانت لحظة كافية بأن أتخيل بأنني أشم عبقها من خلاله،، إنه الجنون بعينه،، أوهمت نفسي بأنها تنقل لي عبره إعتذارها عن هذه الطعنة النجلاء،، وما جدوى اعتذارها؟
ثم انطلقت مني زخات من لعنات صببتها على نفسي :
صه أيها القلب الأعمى
أخرسي أيتها المشاعر الضالة المضلة
إلى متى هذا العبث المجنون ؟
لقد أرضعتموني شعورا هلاميا حتى تشبعت به روحي وسكن أوصالي وترعرع في كل ذرة من كياني.
ثم بعد كل هذا،، أمازلت أيها القلب ترنو إلى زيف من صنع أوهامك ونسيج خيالاتك؟
صه أيها القلب الأعمى،، و لُذْ بإستكانة أبدية،، فلن أستجيب لوجيبك وخفقانك مرة أخرى.
أخفق لوحدك،، فهذه المرة،، سأغمض أنا عيني وأدوس عليك بكل كبرياء ودون أن يرمش لي جفن.
***
ونجحتُ أخيرا في الخروج من الحفل،، ووقفت وحيدا،، بكيت بحرقة،، بكاءا مكتوما أهتز له كياني،، وأطلقت لبكائي العنان،،
وضاعت شهقاتي وسط أهازيج الفرح والزغاريد فلم يسمعني أحد،، أشفقت على روحي،، وخرجتْ مني زفرة حارة .
وصرت أربت على كتف نفسي مواسيا،، محاولا إقناعها بأنني عشت سعيدا بهذا الوهم لفترة طويلة، فكفكفت بقايا الدموع ،، ونظرت خلفي،، وألقيت نظرة على سيارة الزفاف المزينة بالورود،، تخيلت أنها ما زالت بالسيارة تنظر خلفها لتودعني،، وتواريت يلفني الظلام.
تعليق