وظيفة الشعر والنثر
لقد قسّم كثيرمن علماء النفس و نقاد الأدب، و كذلك الشاعر الأمريكي إدجار الن بو وهو من أفذاذ الشعراء والنقاد العالميين الطبيعة الإنسانية إلى عقل وضمير ونفس وأن الأخيرة هي وحدها المسؤولة عن الشعر، ذلك لأنه يصدرعن النفس وغايته كشف الجمال والإبداع داخل النفس البشرية، ونفوا الالتزام في الشعر ورفضوا اشتماله على الحكم و الأساليب النثرية والخطابة كما نراها في أشعار كثير من الشعراء وجعلوا كل ذلك مختصا ً بالناثر، لأنه إذا كان الشاعرمفكرا منطقيا أو حكيما المعياً أو خطيباً مفوها فماذا يتبقى للناثر. إذ لا فرق بين الشاعر والناثر إلا الوزن العروضي.
وكما قلنا سابقاً في دراساتنا عن الشعر و النثر، الأدب له جناحان هما جناح الشعر و جناح النثر ، إذ ليس بمقدور الجناحين أن يلتقيا مع بعضهم البعض في مكان واحد. إلا أننا نعتبر شعراء التراث العربي القديم من عصر ما قبل الإسلام وما بعده من العصور الزاهرة، العصر الأموي والعباسي والأندلسي جميع هؤلاء الشعراء نعتبرهم شعراء بحق من الطراز الأول، ذلك لأنهم مبدعوا عصرهم لأن كل ما قالوه من الشعر ما هو إلا انفتاح زماني ومكاني، وإنه بحق تفاعل زماني ومكاني مع اللحظة الحضارية التي عاشوها لأنه قادر على استيعاب تجربة العصر، عصر البساطة والوضوح والوثوقية المحيطة بعوالمهم.
وكما يقول نقاد الشعر أن اللحظة الحضارية هي التي تحكم النظام الداخلي في رأس المبدع شاعرا كان أم فقيها قانونيا أم فقيها دينيا أم خطيبا. ترى لو شاءت الأقدار أن يكون الإمام مالك أندلسيا وابن حزم هو إمام دار الهجره ، هل كانت الرؤيه لتكون مختلفة عند كل منهما ؟؟؟ أكيد. لو حاول احدهم محاكاة المتنبي في عصرنا هذا ، في نفس الفكر والثقافة والافق - ولا اقول المعرفة- هل كان ليكون له شأن المتنبي ؟؟ لا أعتقد ، كان سيكون أضحوكة. لو جاء زعيم سياسي اليوم وكان خطيبا مفوها على طريقة جمال عبد الناصر مثلا ، هل كان سيكون له نفس التاثير في الجماهير ؟؟ لا اعتقد المتبصر يرى حتى في المناخ تأثيرا : فتجد مثلا البلاد الحارة الغناء فيها يميل للطول والهدوء الشديد ، بعكس البلاد الباردة.
لذلك نقول ونؤكد أن لكل زمان أفكاره ومبادئه ونظرياته. فالعالم عبارة عن حقائق
سيالة كل حقيقة لها زمانها ومكانها ونظرياتها.
تعليق