أنا وهذه النّفس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نادية البريني
    أديب وكاتب
    • 20-09-2009
    • 2644

    أنا وهذه النّفس

    "نفسي حبلى بأحلام تقتات من خيالات تبحر بي بعيدا.تلوذ بي هذه الأحلام من جحيم نفسي التي كثرت هواجسها.ترافق صباحاتي ومساءاتي صور من الماضي الذي سجنني داخله.أحفر عميقا في أغوار نفسي.أنبش عن تفاصيل حياتي.أحدث المقاربات. أكسر الأضداد.لا أرى غير دوائر تغرقني في دوّامتها.تريد روحي أن تتنفّس الصّعداء،تلك الرّوح التّي أوهنها إحساس بالفشل يلاحقها أينما حلّت ومنذ زمن بعيد.
    نفسي تتخفّى عنّي .تتمنّع.تتبدّى لي شبه عارية وعندما توقعني في شباكها تهجرني وتتركني في حيرة مقيتة".
    أنت الآن تقفين أمام مرآة نفسك.تجلينها.تعرّين مكامنها.تصفعين الألم الذي يغادرها مكرها...
    "لم يذقني يوما رحيق الأبوّة.لم تعانقه فرحة ولادتي هكذا أخبرتني أمّي ذات شجن.قذف بي في رحمها فتشكّلت نطفة موجعة تذكّرها دوما أنّها يوم احتضنته لأوّل مرّة احتضنت الوهم وفي اعتقادها أنّها احتضنت السّعادة.
    اغتصب أنوثتها على عتبات رجولته.غرقت في وحل هذه الرّجولة التّي اقتصّت لنفسها بتعذيبها.لا يصلها غير فتات قليل من رجولة خرساء.فراشها المقفر إلاّ من خيالاته يقضّ حاجتها إليه.لياليها الجدباء تبحث عن الارتواء من عشق موؤود.
    ألقمتني ثديها ومعه عذاباتها وانكساراتها.ترعرت على وقع أوجاعها.كثيرا ما ذرفت الدّمع فانحدرت رغما عنها بعض قطراته على جبيني الغضّ وهي تذيب عواطفها في جسدي.تضمّني إليها بقوّة.تغرقني في لجّ حنان تراه تعويضا عن خسارات طفولة بريئة وأنوثة منهوكة.
    أقرأ في نظراتها ظمأها المتواصل.عيناها سطور تختفي وراءهما قصص عذاب".
    تتحامل عليّ أوجاع نفسي فتديبني في أتّونها وتغرقني في بحر لا قرار له.أنا ثمرة خطيئة القدر.أسلم جسد أمّي لمن تواطأ ضدّها فانتهك إنسانيّتها.
    يصلني صوته من عمق الماضي موجعا:سيّجت أحلامي،أهدرت مساحات أنسي،جعلت لياليّ لوحات رماديّة موحشة.
    تلطم هذه الكلمات أذني أمّي فتلوذ بالصّمت.
    هذه الفصول تحيا في ذاكرة أيّامي.تصيبني بعتمة أغرق فيها.
    "كنت قد بدأت أتعلّم المشي .أمشي على عتبات طفولتي فأرتقي الدّرجات أمّا عتبات نفسي فقد كان المشي عليها مضنيا.أصطدم بصراخ أبي المتواصل فأتعثّر.يتآكل الجدار الذّي أستند عليه.أجدني ملقاة في هوّة مظلمة والكدمات تلقي زرقتها على روحي فتزداد احتقانا.
    رأيته ينهش أنوثتها بيديه القاسيتين.يتناهى إليّ أنينها بين وجع ووجع.افتضّ بكارة أحلامها منذ افتضّ عذريّتها.فرضتها التّقاليد عليه فأذاب خيبته في روحها حتّى أدماها".
    أنا يا أمّي الوجع الذي قتل نفسك،الجرح الغائر في متاهات الزّمن.أنا ابنة الهزيمة،هزيمة صرعت قلبك فأردته قتيلا وكنت قد أشعلته فتيلا في محراب عشق والدي.لم يبادلك حرارته بل اقتصّ لنفسه منه.
    "نور خافت ينبعث من حطام ذاكرتي...بالكاد يضيء غرفتها.أتسلّل إليها في هدوء.في ناحية من الفراش جسد ذابل فقد نضارته،فقد عنفوانه،جمّده صقيع العاطفة.
    وعيي بمأساة أمّي يكبر يوما بعد آخرويكبر معه إحساسي بالعجز عن كسر صنم التّضحية التّي تحنّطتْ داخله".
    لم تتمرّدي يا أمّي .لم تثوري .لم تكسري الصّنم بل أسرتك أمومتك فضحّيت من أجلي...تهوي روحي حتّى تكاد تحملني إليك هناك حيث تعانقين أحلامك الأبديّة.
    إنّه يصرّ على بقائي معه.يلملم جروحي.يزرع فيّ أمل النّجاة لكنّني أخاف أن يكون صورة من والدي.أخاف من المستقبل يا أمّي...
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    نحن نتاج ما أدمت و ندبت الأيام و السنين
    نحن لم نكن في تكويننا بمنأى عن قسوة الوقت
    و تجليات القبح
    و ايضا الجمال
    أفرزنا اليومي عبر السنين
    و أنتج تلك النفس الممتلئة / الفارغة
    القوية / الضعيفة
    الكسيرة / المنطلقة
    مع بالطبع تبادل الأمكنة من حيث الشساعة أو الضيق

    قصة رائعة
    هادئة
    رزينة اللغة
    متقنة الحرف
    لها سمتك أيتها البهية
    شكرا كثيرا أستاذتي " نادية " على تلك الوجبة التي كنت في حاجة إليها
    فمازلت أنتصر لكل معاني الجمال و الحق و الخير رغم الأمراض التي تسكن نفسي

    كوني بخير

    محبتي
    sigpic

    تعليق

    • بسباس عبدالرزاق
      أديب وكاتب
      • 01-09-2012
      • 2008

      #3
      الأستاذة نادية البريني

      قصة ممتعة و رائعة و لغة جميلة جدا
      غصت كثيرا في نفسك و كنت هنا إنسانة رائعة
      دائما ما تستهويني القصص التي تحكي الإنسان و تنتصر له

      جميل نصك فاضلتي و أبارك لك هذا الجمال


      تقديري و احتراماتي فاضلتي
      السؤال مصباح عنيد
      لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

      تعليق

      • مهدية التونسية
        أديبة وكاتبة
        • 20-09-2013
        • 516

        #4
        صرخة لطفلة داخل جسد امراة ترفض
        ان تلبس ما لبسته والدتها ان تتقيد بالظلم وتسكت عنه
        لا لشيء سوى انها امراة
        ارى الخوف ونوع من التمرد الخفي بين سطورك
        ارى صرخة تحاول ان تخرج لثتبت قوتها وسط ظلام التقاليد
        كنت أكثر من رائعة رغم الألم الذي اعتلى الحرف
        استاذتي لك السعادة لقلبك حتى ترضين


        http://www.youtube.com/watch?v=RkH_701__k0











        لاتسأل القصيدة عن دمها عن حرفها المغدور بهجر المكان
        لاتسأل فويلها الكلمات حين يسيل دمعها على خد الورق!

        تعليق

        • نادية البريني
          أديب وكاتب
          • 20-09-2009
          • 2644

          #5
          نحن نتاج ما أدمت و ندبت الأيام و السنين
          نحن لم نكن في تكويننا بمنأى عن قسوة الوقت
          و تجليات القبح
          و ايضا الجمال
          أفرزنا اليومي عبر السنين
          و أنتج تلك النفس الممتلئة / الفارغة
          القوية / الضعيفة
          الكسيرة / المنطلقة
          مع بالطبع تبادل الأمكنة من حيث الشساعة أو الضيق

          قصة رائعة
          هادئة
          رزينة اللغة
          متقنة الحرف
          لها سمتك أيتها البهية
          شكرا كثيرا أستاذتي " نادية " على تلك الوجبة التي كنت في حاجة إليها
          فمازلت أنتصر لكل معاني الجمال و الحق و الخير رغم الأمراض التي تسكن نفسي

          كوني بخير

          محبتي

          وهذه شهادة تأتيني من مبدع يجمع بين فنّ القصّ وفنّ النّقد بحرفيّة عالية
          شكرا أستاذي الفاضل لأنّك ما فتئت ترعى قلمي وتسعدني بنقدك
          هي الحياة فعلا في جلبابها نجد المتناقضات: الفرح والحزن، القوّة والضّعف،الوفاء والخيانة...فقط علينا أن نصمد أمام تقلّباتها.لكنّنا في هذا الزّمن المحتقن بتنا نعاني الهشاشة
          دمت بخير أستاذي المبدع وشكرا لأنّك ترعى الأقلام في هذا الملتقى فتنصح وتوجّه دون كلل

          تعليق

          • محمد عبد الغفار صيام
            مؤدب صبيان
            • 30-11-2010
            • 533

            #6
            لم تتمرّدي يا أمّي .لم تثوري .لم تكسري الصّنم بل أسرتك أمومتك فضحّيت من أجلي...تهوي روحي حتّى تكاد تحملني إليك هناك حيث تعانقين أحلامك الأبديّة.

            كُثرٌ هُنّ اللائى يضحين لأجل فلذات أكبادهن !!
            ينزفن العمر رخيصا عن طيب نفس فداء لأبنائهن ، يتنفسن العطاء اللا محدود ، يقايضن أحلام العمر
            بسويعات أمان يجدن أثرها فى لمعة عين بريئة !
            سموت باقتدار أ / نادية البرينى و أزعم أنك بلغت الذرى .
            دام إبداعك .

            "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ"

            تعليق

            • نادية البريني
              أديب وكاتب
              • 20-09-2009
              • 2644

              #7
              الأستاذة نادية البريني

              قصة ممتعة و رائعة و لغة جميلة جدا
              غصت كثيرا في نفسك و كنت هنا إنسانة رائعة
              دائما ما تستهويني القصص التي تحكي الإنسان و تنتصر له

              جميل نصك فاضلتي و أبارك لك هذا الجمال


              تقديري و احتراماتي فاضلتي

              أخي المبدع بسباس
              وهل تكبر نصوصنا دون قرّاء متمكّنين من القراءة الدّقيقة الواعيّة؟
              كم أسعدتني شهادتك أخي الفاضل،هذه الشهادة التي ستكون محفّزا على المزيد من الإبداع
              أراك تبذل مجهودا في ملتقى القصّة وتقدّم قراءات عميقة. لك كلّ الشكر على هذا الجهد
              دمت بخير وعافية
              تحيّاتي من تونس

              تعليق

              • نادية البريني
                أديب وكاتب
                • 20-09-2009
                • 2644

                #8
                صرخة لطفلة داخل جسد امراة ترفض
                ان تلبس ما لبسته والدتها ان تتقيد بالظلم وتسكت عنه
                لا لشيء سوى انها امراة
                ارى الخوف ونوع من التمرد الخفي بين سطورك
                ارى صرخة تحاول ان تخرج لثتبت قوتها وسط ظلام التقاليد
                كنت أكثر من رائعة رغم الألم الذي اعتلى الحرف
                استاذتي لك السعادة لقلبك حتى ترضين


                أختي الطيّبة مهديّة
                مرحبا بك في رحاب حرفي
                دقيقة قراءتك للعمل
                شهادتك هذه أعتزّ بها كثيرا وأراها محفّزا يدعوني إلى إرضاء ذائقة القرّاء
                دمت بخير يا ابنة بلدي
                لك كلّ الخير

                تعليق

                • نادية البريني
                  أديب وكاتب
                  • 20-09-2009
                  • 2644

                  #9
                  لم تتمرّدي يا أمّي .لم تثوري .لم تكسري الصّنم بل أسرتك أمومتك فضحّيت من أجلي...تهوي روحي حتّى تكاد تحملني إليك هناك حيث تعانقين أحلامك الأبديّة.

                  كُثرٌ هُنّ اللائى يضحين لأجل فلذات أكبادهن !!
                  ينزفن العمر رخيصا عن طيب نفس فداء لأبنائهن ، يتنفسن العطاء اللا محدود ، يقايضن أحلام العمر
                  بسويعات أمان يجدن أثرها فى لمعة عين بريئة !
                  سموت باقتدار أ / نادية البرينى و أزعم أنك بلغت الذرى .
                  دام إبداعك .

                  وهل تكبر أعمالنا دون شهادات مبدعينا؟
                  أعتزّ بشهادتك كثيرا أخي المبدع محمّد عبد الغفّار
                  أمّهات كثر يضحّين من أجل فلذات أكبادهنّ فيدفعن سعادتهنّ ثمنا لراحة أبنائهنّ.
                  ومازالت نساء عديدات يعانين من قسوة الرّجل الشّرقيّ ومن قسوة العادات والتّقاليد المجحفة
                  دمت مبدعا أخي محمّد
                  أفتقد حضورك هذه الأيّام في الملتقى أرجو أن تكون بخير

                  تعليق

                  • مجدي السماك
                    أديب وقاص
                    • 23-10-2007
                    • 600

                    #10
                    المبدعة نادية البريني
                    استمتعت بابداعك..
                    نص يمازج بين طموح مشروع..وبين معاناة النفس التي تتوق الى الحرية..
                    معاناة ومظالم فرضها المجتمع بقيمه التي هي مقدسة.
                    لغتك جميلة وقصك ممتع
                    دام ابداعك
                    عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

                    تعليق

                    • عائده محمد نادر
                      عضو الملتقى
                      • 18-10-2008
                      • 12843

                      #11
                      نادية الغالية
                      نص أغرقني بوجعه حتى سكن بين أضلعي
                      من أين أتيت بكل هذا الكم الهائل من الشجن وأسكنته سطورك فسكن روحي
                      يااااه كم كان قاسيا ومؤلما أن نعيش المعاناة بلحظات بسيطه ونحس الوجع فما بالك بكل تلك السنين
                      نص جميل
                      موجع
                      سرد سلس
                      نص دسم أبصم له بعشرة أصابعي
                      ناديه
                      هل لنا أن يكون العنوان ( أنا وهذي النفس ) فقد أحسست ببعض الثقل ب ( هذه ) ولك الأمر طبعا
                      أحسنت غاليتي
                      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                      تعليق

                      • ريما ريماوي
                        عضو الملتقى
                        • 07-05-2011
                        • 8501

                        #12
                        جميل نصك ..
                        شدني الإيقاع الحزين في تصوير الأم ..
                        وتحملها البرود العاطفي وإصرارها على
                        البقاء مع زوج بارد وتضحيتها من أجل ابنتها،
                        شكرا لك تحيتي وتقديري..

                        فتديبني في أتّونه_____ فتذيبني؟


                        أنين ناي
                        يبث الحنين لأصله
                        غصن مورّق صغير.

                        تعليق

                        • حسن لختام
                          أديب وكاتب
                          • 26-08-2011
                          • 2603

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
                          "نفسي حبلى بأحلام تقتات من خيالات تبحر بي بعيدا.تلوذ بي هذه الأحلام من جحيم نفسي التي كثرت هواجسها.ترافق صباحاتي ومساءاتي صور من الماضي الذي سجنني داخله.أحفر عميقا في أغوار نفسي.أنبش عن تفاصيل حياتي.أحدث المقاربات. أكسر الأضداد.لا أرى غير دوائر تغرقني في دوّامتها.تريد روحي أن تتنفّس الصّعداء،تلك الرّوح التّي أوهنها إحساس بالفشل يلاحقها أينما حلّت ومنذ زمن بعيد.
                          نفسي تتخفّى عنّي .تتمنّع.تتبدّى لي شبه عارية وعندما توقعني في شباكها تهجرني وتتركني في حيرة مقيتة".
                          أنت الآن تقفين أمام مرآة نفسك.تجلينها.تعرّين مكامنها.تصفعين الألم الذي يغادرها مكرها...
                          "لم يذقني يوما رحيق الأبوّة.لم تعانقه فرحة ولادتي هكذا أخبرتني أمّي ذات شجن.قذف بي في رحمها فتشكّلت نطفة موجعة تذكّرها دوما أنّها يوم احتضنته لأوّل مرّة احتضنت الوهم وفي اعتقادها أنّها احتضنت السّعادة.
                          اغتصب أنوثتها على عتبات رجولته.غرقت في وحل هذه الرّجولة التّي اقتصّت لنفسها بتعذيبها.لا يصلها غير فتات قليل من رجولة خرساء.فراشها المقفر إلاّ من خيالاته يقضّ حاجتها إليه.لياليها الجدباء تبحث عن الارتواء من عشق موؤود.
                          ألقمتني ثديها ومعه عذاباتها وانكساراتها.ترعرت على وقع أوجاعها.كثيرا ما ذرفت الدّمع فانحدرت رغما عنها بعض قطراته على جبيني الغضّ وهي تذيب عواطفها في جسدي.تضمّني إليها بقوّة.تغرقني في لجّ حنان تراه تعويضا عن خسارات طفولة بريئة وأنوثة منهوكة.
                          أقرأ في نظراتها ظمأها المتواصل.عيناها سطور تختفي وراءهما قصص عذاب".
                          تتحامل عليّ أوجاع نفسي فتديبني في أتّونها وتغرقني في بحر لا قرار له.أنا ثمرة خطيئة القدر.أسلم جسد أمّي لمن تواطأ ضدّها فانتهك إنسانيّتها.
                          يصلني صوته من عمق الماضي موجعا:سيّجت أحلامي،أهدرت مساحات أنسي،جعلت لياليّ لوحات رماديّة موحشة.
                          تلطم هذه الكلمات أذني أمّي فتلوذ بالصّمت.
                          هذه الفصول تحيا في ذاكرة أيّامي.تصيبني بعتمة أغرق فيها.
                          "كنت قد بدأت أتعلّم المشي .أمشي على عتبات طفولتي فأرتقي الدّرجات أمّا عتبات نفسي فقد كان المشي عليها مضنيا.أصطدم بصراخ أبي المتواصل فأتعثّر.يتآكل الجدار الذّي أستند عليه.أجدني ملقاة في هوّة مظلمة والكدمات تلقي زرقتها على روحي فتزداد احتقانا.
                          رأيته ينهش أنوثتها بيديه القاسيتين.يتناهى إليّ أنينها بين وجع ووجع.افتضّ بكارة أحلامها منذ افتضّ عذريّتها.فرضتها التّقاليد عليه فأذاب خيبته في روحها حتّى أدماها".
                          أنا يا أمّي الوجع الذي قتل نفسك،الجرح الغائر في متاهات الزّمن.أنا ابنة الهزيمة،هزيمة صرعت قلبك فأردته قتيلا وكنت قد أشعلته فتيلا في محراب عشق والدي.لم يبادلك حرارته بل اقتصّ لنفسه منه.
                          "نور خافت ينبعث من حطام ذاكرتي...بالكاد يضيء غرفتها.أتسلّل إليها في هدوء.في ناحية من الفراش جسد ذابل فقد نضارته،فقد عنفوانه،جمّده صقيع العاطفة.
                          وعيي بمأساة أمّي يكبر يوما بعد آخرويكبر معه إحساسي بالعجز عن كسر صنم التّضحية التّي تحنّطتْ داخله".
                          لم تتمرّدي يا أمّي .لم تثوري .لم تكسري الصّنم بل أسرتك أمومتك فضحّيت من أجلي...تهوي روحي حتّى تكاد تحملني إليك هناك حيث تعانقين أحلامك الأبديّة.
                          إنّه يصرّ على بقائي معه.يلملم جروحي.يزرع فيّ أمل النّجاة لكنّني أخاف أن يكون صورة من والدي.أخاف من المستقبل يا أمّي...
                          جميل هذا السرد المسكون بضمير المتكلم، الذي يبوح ويتوغل داخليا إلى أعماق النفس المعذبة والمقهورة، ويكشف أغوارها، ومكنونانها، وآلامها، وهواجسها ومخاوفها...سرد ممتع يقدّم الذات الإنسانية على حقيقتها بعيدا عن كل تصنّع
                          محبتي وكل التقدير، أختي المبدعة نادية البريني

                          تعليق

                          • عبد الاله اغتامي
                            نسيم غربي
                            • 12-05-2013
                            • 1191

                            #14
                            الأستاذة القديرة نادية البريني ، جعلتني أتتبع مراحل قصتك ومضة ومضة ،تذوقتها جرعة جرعة، فاستمتعت خلالها بأسلوب سردي رائع شوقني حتى النهاية. مأساة المجتمع العربي أو الأسرة العربية حاضرة بكل قوة حتى في أيامنا هذه ، والضحية الأولى هي الطفولة البريئة ثم بعد ذلك الأم أو الأب. الأسباب متعددة والموت واحد . كوني بخير أستاذتي الراقية ، لك مودتي وكل التقدير...تحياتي...
                            sigpic
                            طرب الصبا وأطل صبح أجمل*** بصفائه وزها الشباب الأكمل
                            متلهفا لقطاف ورد عاطر ***عشق الندى وسقاه ماء سلسل
                            عزف الهوى لربيعه فاستسلمت*** لعبيره قطرات طل تهطل
                            سعد اليمام بقربه مستلهما ****لنشيده نغمات وجد تهدل

                            تعليق

                            • أمنية نعيم
                              عضو أساسي
                              • 03-03-2011
                              • 5791

                              #15
                              العزيزة الجميلة نادية
                              ذهبت معك في قصتك نحو الوجع
                              ألم ورّثته الام لبنتها الصغيرة فبات جرح لا يندمل
                              كيف تكون التضحية من ماذا ؟ولماذا؟
                              إن كان الصغار يكبرون وهم يرون هذا التشوه!
                              فلماذا دائماً تقنع المرأة نفسها بأنها إن تحملت أذى الرجل فهو من اجل صغارها؟
                              وهل جل الرجال لا يملكون حس الأبوة؟؟؟ أم أن هذةحالة فردية ؟
                              أجدني بالرغم من تعاملي شبه اليومي مع مثيلات هذة القصة
                              ما زلت أكره الخنوع بحجة التضحية ؟؟؟

                              سعيدة كوني هنا سيدتي الحبيبة فكم في مفرداتك يكمن الألق .
                              [SIGPIC][/SIGPIC]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X