الظلّ الأبيض/بسمة الصيادي/إليها..تلك المرأة الوطن..أينما كانت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسمة الصيادي
    مشرفة ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3185

    الظلّ الأبيض/بسمة الصيادي/إليها..تلك المرأة الوطن..أينما كانت


    الظلّ الأبيض ....

    ولأن ظلالنا بيضاء مثل مساحة الفراغ في وجوهنا، وقلوبنا، وأيدينا ..أقدّم اعتذارا للمرأة السورية .. ولكل امرأة تهجّرت، حملت الوطن في ثناياها وآمالها .. فلم تجد مكانا له في الغربة ، أو سرقوه منها في الطريق الأسود ...


    لوحة : الداخل


    ...صرتُ مهووسة بالنظافة إذا! لا شيء يهمّني غير تلك المربّعات البيضاء الصغيرة، أتأملها كأنّني في معرض لفنان لم يمسّ لوحاته بغير الأبيض أو بأيّ سوء، ليظنّ الناس في الوهلة الأولى أنه قرّر الاعتزال .. وقد يعي بعضهم أنه كان فقط يرسمهم!
    تلك المربعات المرصوفة بشكل متناسق تبدو حذرة تماما، كأنها لا تثق بخطواتي، ولا تنسجم مع جلدي..
    الأقفاص غالبا ما تكون مربّعة، أما الدائريّة فهي فقط لمن لديهم هاجس البحث عن الزوايا، وعن كل ما لا يوجد إلا في داخلهم ... ليس لديّ أي هواجس ... !
    السجين يتمنى لو أنه عصفور ولد في قفص فلا يحنّ إلى السماء، لكنّي أظن أن الحرية غريزة، وأنّ العصفور يولد من أجل السماء ويعرف بالفطرة تلك النسائم والغمائم الناعمة ... فلا فرق بين عصفور ولد بقفص وآخر ولد فوق غصن إلا الندم. الأخير يجلد كل ليلة نفسه "كانت لديّ فرصة ... رصاصة الصيّاد .. الموت الرحيم ...!"

    أذكر بستاننا، ذلك الذي يبعد سنتين وعمر شجرة التين التي اخترقت ،في ليلة عيدٍ، جدارنا المتشقق المطل على البستان. يومها فقط أدركنا أنّ الجدران في الوطن مهما تصدّعت لا تسقط فوق رؤوسنا، وتورق مهما اصفرّت. وبينما كنا نتأملها بدهشة، كان والدي يواري فأسه عن الأنظار خجلا. كانت حجّته أن شجرة التين تجلب الأفاعي حتى غمزته أمّي وقالت بصوت أعلى من العادة، "لا أفاعي في أرضنا... ".

    في ذلك البستان الذي حُرِم من الاحتفال بثمار التّين، لتردم آماله وريقاتها الصّغيرة.
    لم يكن أبي من تجرأ على فعل ذلك، كذلك لم تكُ تلك الأفاعى التي تصدر رنين جرس كلما دخلت كوابيسي ..
    ولا العاصفة التي تحوّل الموت إلى مشهد مغرٍ بالحياة، والترابَ إلى عطر للانبعاث...

    كان التراب يرقص كلما مرّغت به قدميّ. يتنفس بي حقا، يشعر بي وبنعومة جلدي، ورائحة الولادة التي تجمعنا..
    هناك حيث لم تفقد الأرض أمومتها كنت طفلة التراب، الزهر، الورد الجوري والمطر ... كنتُ فعلا كائنا بشريّا بحواس خمس!

    اليوم لا تستفزني سوى ذرّات الغبار، والدّخان، وآثار الأنفاس على النافذة العارية...
    لو كنتُ أملك ستارا لكان أبيض حتما، ولولا أن السّنانير التي كنت أستعيرها من جارتنا العجوز ،
    لم يحوّلها ابنها لسلاح سمّاه "أبيض"،رأيته بأمّ عينيَ مصبوغا بالأحمر، لكنت أحضرتها معي وحكت غطاء للطاولة ... أيضا أبيض..!

    الأبيض يريحني، يحاكي الخواء في داخلي، ولا يطلب منّي أن أشعر بشيء، أو أن أُجبر على التعبير عن شيء.

    عندما حملنا أجسادنا الثقيلة في رحلة التشرّد التي لا تنتهي، صرخت بنا امرأة لا أعرفها " لا يجدر بنا البكاء.. إيماننا أقوى.. ممنوع أن تبكوا"
    وبالرغم من أنها انهارت بعدها بالبكاء المرير، كانت امرأة ثكلى ترمي منديلها أرضا، وتحجّر الدمع في عينيها...
    ... هكذا أكملنا طريقنا كألواح خشبيّة تدفعها الريّاح نحو مكان مجهول، الأخشاب لا تُكسر ، وحدها الأرواح قابلة للكسر.
    كانت مدينتنا تصغر كلما ابتعدنا، وبعد كلام تلك السيدة لم نلتفت إلى الخلف،
    ولم نسترح لبرهة... الأخشاب لا تتألم .. عرفت لماذا لا تصرخ الأبواب والجذوع حين تنهال عليها الفؤوس!
    كذلك جدران بيتنا لم تصرخ ...

    كل ما كنتُ أفكر به، أنّ أمي دفعت ثمن كذبتها غاليا، وسبقتني الحقيقة إليها قبل أن أواجهها.
    أذكر أنّها اعترفت يوما دون أن تقصد حين اقترحت عليّ أن أختار أثاث منزلي يوم أصبح عروسا باللون الأبيض، كما الطرحة..
    لو تدرين أمي أيّ طرحة أسدل الزمان على وجهي!
    نعم هكذا هو الأمر، كنّا نشعر بأن الغد بيت مؤثث باللون الأبيض، بالأكفان، المناديل، وقطع بلاط مربّعة مرصوفة بحذر...

    في المدينة التي قذفتنا إليها الأمواج - بعد أن صار وطننا الجزيرة المحظورة، الممسوسة بالشياطين، بالكائنات الفضائية، الغارقة بالخرافات والأساطير- خدعتنا الشوارع المرسومة بخطيّن متوازيين، والأرصفة المتشابهة...كل شيء كان يوحي بالدّقة والثبات !
    كان الدرب واحدا، مفتوحا في الاتجاهين.. أيّ خدعة بصرية كانت تلك!
    لا أفهم كيف تتلوى طرقات مرسومة بالمسطرة، ويُمحى الطريق بعد اجتيازه!
    كما لا أدري كيف وصلتُ لهذا البيت الصّغير!
    وكيف أصبح هذا الرجل الغريب، الذي لا تتضح لي ملامحه مهما حاولت، زوجا لي ... ولماذا يصرّ على استفزازي بلفافات تبغه، التي لا تنطفئ، ولا تنفك تسقِط رمادها وجمرها .. على مربعاتي البيضاء المرصوفة بحذر !
    .
    .
    4/10/2013

    في انتظار ..هدية من السماء!!
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    أهلا ببسمة الملتقى و كل النت

    أول مرة ارى لك توقيعا أسفل العمل
    هل اصبحت موضة هذه الأيام ؟
    طيب لو موضة قولي لي كي أفعل مثلكن و مثلهم !!

    قرأت عملا كبيرا
    يحتاج مني لقراءة أخرى
    كي أفك بعض جمالياته السردية و الشعرية

    تقبلي خالص احترامي

    يثبت
    sigpic

    تعليق

    • بسمة الصيادي
      مشرفة ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3185

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
      أهلا ببسمة الملتقى و كل النت أول مرة ارى لك توقيعا أسفل العمل هل اصبحت موضة هذه الأيام ؟طيب لو موضة قولي لي كي أفعل مثلكن و مثلهم !!قرأ عملا كبيرا يحتاج مني لقراءة أخرى كي أفك بعض جمالياته السردية و الشعرية تقبلي خالص احترامييثبت
      صدقني يا ربيعنا لم أنتبه أنني كتبته أو لم أكتبه قبل الآن ..لم يكن الأمر ببالي .. ربما لأني وجدت بعض القصص المنسوخة في مواقع أخرى دون اسمي ههه لا يهم ... حالا سيختفي .. شكرا لأنك نبهتني .. أنتظرك .. لا تتأخر عليّ كل التقدير
      في انتظار ..هدية من السماء!!

      تعليق

      • بسباس عبدالرزاق
        أديب وكاتب
        • 01-09-2012
        • 2008

        #4
        نص جميل

        الإتجاهات فيه لا تنتهي

        أعجبني كثيرا

        حيث استمتعت فيه بلغة شاعرية عالية الذوق

        أعجبني كذلك تلك الومضات التي كنت تطلقينها على طول السرد و التي أتت مترابطة و بقوة لتؤدي دور القصة بقوة كبيرة



        تقديري فاضلتي و احتراماتي
        السؤال مصباح عنيد
        لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة بسمة الصيادي مشاهدة المشاركة
          صدقني يا ربيعنا لم أنتبه أنني كتبته أو لم أكتبه قبل الآن ..لم يكن الأمر ببالي .. ربما لأني وجدت بعض القصص المنسوخة في مواقع أخرى دون اسمي ههه لا يهم ... حالا سيختفي .. شكرا لأنك نبهتني .. أنتظرك .. لا تتأخر عليّ كل التقدير
          لالالالالالالالالا
          لا تحذفيه
          يبدو جميلا و مدهشا
          أرجوك
          اتركيه كما هو
          أهلا بك بسمة بعد غياب طال كثيرا
          sigpic

          تعليق

          • نادية البريني
            أديب وكاتب
            • 20-09-2009
            • 2644

            #6
            بسمتي الحلوة
            ها أنا على موعد مع جمال حرفك وشاعريّته
            تدفّقت المشاعر المرهفة عبر حرفك لتجلي أحزان وطن كبير يضمّنا من المشرق إلى المغرب
            وذاك البياض الذي نراه أمنا وسلاما بات أكفانا تبتلع أحلام المهجّرين
            رائع ما كتبت بسمة الغالية
            تحتاج القصّة إلى وقفة عمييقة
            دمت بهذا الألق
            لا تغيبي عنّا،نشتاق إليك دوما
            محبّتي التي تعرفين

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              هو الماء
              أكثر مراوغة من تلك المدينة و إن تشابها
              كلما أمسكت ببعضه ..
              لا أجد بيدي سوى الشجن الآسر
              و بعض ذكرى
              أهي طبيعة المدن
              أم حقيقة البشر ؟
              و كيف ظل الوعي مغتالا في الضمائر ،
              و ظل الأبيض هو لعبة الاقناع .. فلا شيء أبيض سوى سذاجتنا
              و ربما ما نتوهم .. و فقط
              كنت شجية سابحة في قلب المعنى
              و كانت الذاكرة على كف العطاء قادرة على منحك القدر المطلوب
              فلم تسترسل و لم تثرثر
              فقط ما سمحت أنت به
              عشت حالة شعرية شديدة الرهافة
              و إن كانت قاسية الجدلية !

              شكرا لك كثيرا .. قليلة تلك الأعمال التي تفتح طريقا لنهر بات خاملا
              بتأثير الاعتياد و المكرور !

              تقديري و احترامي
              sigpic

              تعليق

              • عائده محمد نادر
                عضو الملتقى
                • 18-10-2008
                • 12843

                #8
                بسمة الصيادي
                أيتها المتوشحة بالرقة والقوة
                بسمة أتذكرين حين تعرفت بك من خلال كتاباتك وما قلته لك حول مسيرتك
                أنت ستكونين صاحبة بصمة صدقيني
                اليوم أنت متعملقة هنا
                أجدك وقد دخلت في أعماق النفس وصرت تخرجين الدرر من هناك
                صارت لك فلسفة خاصة وعمق أجدني بين السطور أمعن النظر والفكر فيه
                أنت تدخلين مرحلة جديدة من عمرك الأدبي صدقيني وهذا ما لمسته من خلال طرحك
                نص جميل عميق رائع
                اسمعيني بسمه أرجوك ثابري أكثر وغوصي بين جحور جمجمتك واخرجي منها البواطن فهناك المزيد صدقيني
                بالمناسبه كنت هنا أمس وكتبت لك مداخلة غير هذه لكن النت انقطع عنا ولم يعيدوه إلا اليوم
                محبتي لك غاليتي
                الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                تعليق

                • حسن لختام
                  أديب وكاتب
                  • 26-08-2011
                  • 2603

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة بسمة الصيادي مشاهدة المشاركة

                  الظلّ الأبيض ....

                  ولأن ظلالنا بيضاء مثل مساحة الفراغ في وجوهنا، وقلوبنا، وأيدينا ..أقدّم اعتذارا للمرأة السورية .. ولكل امرأة تهجّرت، حملت الوطن في ثناياها وآمالها .. فلم تجد مكانا له في الغربة ، أو سرقوه منها في الطريق الأسود ...


                  لوحة : الداخل


                  ...صرتُ مهووسة بالنظافة إذا! لا شيء يهمّني غير تلك المربّعات البيضاء الصغيرة، أتأملها كأنّني في معرض لفنان لم يمسّ لوحاته بغير الأبيض أو بأيّ سوء، ليظنّ الناس في الوهلة الأولى أنه قرّر الاعتزال .. وقد يعي بعضهم أنه كان فقط يرسمهم!
                  تلك المربعات المرصوفة بشكل متناسق تبدو حذرة تماما، كأنها لا تثق بخطواتي، ولا تنسجم مع جلدي..
                  الأقفاص غالبا ما تكون مربّعة، أما الدائريّة فهي فقط لمن لديهم هاجس البحث عن الزوايا، وعن كل ما لا يوجد إلا في داخلهم ... ليس لديّ أي هواجس ... !
                  السجين يتمنى لو أنه عصفور ولد في قفص فلا يحنّ إلى السماء، لكنّي أظن أن الحرية غريزة، وأنّ العصفور يولد من أجل السماء ويعرف بالفطرة تلك النسائم والغمائم الناعمة ... فلا فرق بين عصفور ولد بقفص وآخر ولد فوق غصن إلا الندم. الأخير يجلد كل ليلة نفسه "كانت لديّ فرصة ... رصاصة الصيّاد .. الموت الرحيم ...!"

                  أذكر بستاننا، ذلك الذي يبعد سنتين وعمر شجرة التين التي اخترقت ،في ليلة عيدٍ، جدارنا المتشقق المطل على البستان. يومها فقط أدركنا أنّ الجدران في الوطن مهما تصدّعت لا تسقط فوق رؤوسنا، وتورق مهما اصفرّت. وبينما كنا نتأملها بدهشة، كان والدي يواري فأسه عن الأنظار خجلا. كانت حجّته أن شجرة التين تجلب الأفاعي حتى غمزته أمّي وقالت بصوت أعلى من العادة، "لا أفاعي في أرضنا... ".

                  في ذلك البستان الذي حُرِم من الاحتفال بثمار التّين، لتردم آماله وريقاتها الصّغيرة.
                  لم يكن أبي من تجرأ على فعل ذلك، كذلك لم تكُ تلك الأفاعى التي تصدر رنين جرس كلما دخلت كوابيسي ..
                  ولا العاصفة التي تحوّل الموت إلى مشهد مغرٍ بالحياة، والترابَ إلى عطر للانبعاث...

                  كان التراب يرقص كلما مرّغت به قدميّ. يتنفس بي حقا، يشعر بي وبنعومة جلدي، ورائحة الولادة التي تجمعنا..
                  هناك حيث لم تفقد الأرض أمومتها كنت طفلة التراب، الزهر، الورد الجوري والمطر ... كنتُ فعلا كائنا بشريّا بحواس خمس!

                  اليوم لا تستفزني سوى ذرّات الغبار، والدّخان، وآثار الأنفاس على النافذة العارية...
                  لو كنتُ أملك ستارا لكان أبيض حتما، ولولا أن السّنانير التي كنت أستعيرها من جارتنا العجوز ،
                  لم يحوّلها ابنها لسلاح سمّاه "أبيض"،رأيته بأمّ عينيَ مصبوغا بالأحمر، لكنت أحضرتها معي وحكت غطاء للطاولة ... أيضا أبيض..!

                  الأبيض يريحني، يحاكي الخواء في داخلي، ولا يطلب منّي أن أشعر بشيء، أو أن أُجبر على التعبير عن شيء.

                  عندما حملنا أجسادنا الثقيلة في رحلة التشرّد التي لا تنتهي، صرخت بنا امرأة لا أعرفها " لا يجدر بنا البكاء.. إيماننا أقوى.. ممنوع أن تبكوا"
                  وبالرغم من أنها انهارت بعدها بالبكاء المرير، كانت امرأة ثكلى ترمي منديلها أرضا، وتحجّر الدمع في عينيها...
                  ... هكذا أكملنا طريقنا كألواح خشبيّة تدفعها الريّاح نحو مكان مجهول، الأخشاب لا تُكسر ، وحدها الأرواح قابلة للكسر.
                  كانت مدينتنا تصغر كلما ابتعدنا، وبعد كلام تلك السيدة لم نلتفت إلى الخلف،
                  ولم نسترح لبرهة... الأخشاب لا تتألم .. عرفت لماذا لا تصرخ الأبواب والجذوع حين تنهال عليها الفؤوس!
                  كذلك جدران بيتنا لم تصرخ ...

                  كل ما كنتُ أفكر به، أنّ أمي دفعت ثمن كذبتها غاليا، وسبقتني الحقيقة إليها قبل أن أواجهها.
                  أذكر أنّها اعترفت يوما دون أن تقصد حين اقترحت عليّ أن أختار أثاث منزلي يوم أصبح عروسا باللون الأبيض، كما الطرحة..
                  لو تدرين أمي أيّ طرحة أسدل الزمان على وجهي!
                  نعم هكذا هو الأمر، كنّا نشعر بأن الغد بيت مؤثث باللون الأبيض، بالأكفان، المناديل، وقطع بلاط مربّعة مرصوفة بحذر...

                  في المدينة التي قذفتنا إليها الأمواج - بعد أن صار وطننا الجزيرة المحظورة، الممسوسة بالشياطين، بالكائنات الفضائية، الغارقة بالخرافات والأساطير- خدعتنا الشوارع المرسومة بخطيّن متوازيين، والأرصفة المتشابهة...كل شيء كان يوحي بالدّقة والثبات !
                  كان الدرب واحدا، مفتوحا في الاتجاهين.. أيّ خدعة بصرية كانت تلك!
                  لا أفهم كيف تتلوى طرقات مرسومة بالمسطرة، ويُمحى الطريق بعد اجتيازه!
                  كما لا أدري كيف وصلتُ لهذا البيت الصّغير!
                  وكيف أصبح هذا الرجل الغريب، الذي لا تتضح لي ملامحه مهما حاولت، زوجا لي ... ولماذا يصرّ على استفزازي بلفافات تبغه، التي لا تنطفئ، ولا تنفك تسقِط رمادها وجمرها .. على مربعاتي البيضاء المرصوفة بحذر !
                  .
                  .
                  4/10/2013

                  لقد غرقنا في فراغ مظلم، فراغ ملأ الروح حدّ الثمالة بالظلال الموحشة...
                  لغة شعرية راقية، وسرد رشيق يتغلغل في أعماق الروح البشرية المقهورة
                  شكرا لك، أختي المبدعة بسمة الصيادي، على هذا النص الروحاني القوي والعميق، ذو أبعاد نفسية ووجودية
                  محبتي الخالصة

                  تعليق

                  • بسمة الصيادي
                    مشرفة ملتقى القصة
                    • 09-02-2010
                    • 3185

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                    لالالالالالالالالا
                    لا تحذفيه
                    يبدو جميلا و مدهشا
                    أرجوك
                    اتركيه كما هو
                    أهلا بك بسمة بعد غياب طال كثيرا
                    يكفيني اسمك هنا أستاذي
                    هل هناك ما هو أجمل .. !
                    محبتي التي تعرفها والتي لا ينقص الغياب منها شيئا
                    في انتظار ..هدية من السماء!!

                    تعليق

                    • بسمة الصيادي
                      مشرفة ملتقى القصة
                      • 09-02-2010
                      • 3185

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة بسباس عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
                      نص جميل

                      الإتجاهات فيه لا تنتهي

                      أعجبني كثيرا

                      حيث استمتعت فيه بلغة شاعرية عالية الذوق

                      أعجبني كذلك تلك الومضات التي كنت تطلقينها على طول السرد و التي أتت مترابطة و بقوة لتؤدي دور القصة بقوة كبيرة



                      تقديري فاضلتي و احتراماتي
                      الأستاذ القدير بسباس عبد الرزاق
                      سعدت بحضورك الراقي وكلامك اللطيف
                      أشكرك وأهلا بك دائما
                      كل الود
                      في انتظار ..هدية من السماء!!

                      تعليق

                      • بسمة الصيادي
                        مشرفة ملتقى القصة
                        • 09-02-2010
                        • 3185

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
                        بسمتي الحلوة
                        ها أنا على موعد مع جمال حرفك وشاعريّته
                        تدفّقت المشاعر المرهفة عبر حرفك لتجلي أحزان وطن كبير يضمّنا من المشرق إلى المغرب
                        وذاك البياض الذي نراه أمنا وسلاما بات أكفانا تبتلع أحلام المهجّرين
                        رائع ما كتبت بسمة الغالية
                        تحتاج القصّة إلى وقفة عمييقة
                        دمت بهذا الألق
                        لا تغيبي عنّا،نشتاق إليك دوما
                        محبّتي التي تعرفين
                        ناديا غاليتي
                        كم أشتاق إليك ولروحك الرقيقة
                        نعم عزيزتي إنه البياض المخادع والسلام الكاذب الذي نعيش فيه
                        اه من هذا الوطن ناديا
                        تحوّل إلى طفل بين أيدينا ونحن في قمة عجزنا
                        .
                        .
                        انت في القلب دائما ... وحاضرة حتى في غيابك
                        أشكرك لأنني أجدك دائما إلى جانبي
                        محبتي وأكثر
                        وكل عام وأنت بألف ألف خير
                        في انتظار ..هدية من السماء!!

                        تعليق

                        • محمد فطومي
                          رئيس ملتقى فرعي
                          • 05-06-2010
                          • 2433

                          #13
                          نصّ قادر على مُراقصة أيّ موسيقى توضع خلفيّة لقراءة تجهر بالصّوت..مهما كان نوع الموسيقى التي ترافق قراءته، سيعيد تشكيل نفسه كما يليق بحفلة ..
                          حفلة تترك أثرا حزينا و إحساسا بالظّفر في آن، فيما تتيحه لي اللغة للتّعبير، أقول فقط، بهذا الشّكل استمتعت به. .

                          كنتِ امرأة عربيّة قويّة بسمة..أتدرين ما معنى أن تكوني كذلك بورقة و قلم حتّى في نظر من لا يعرفونك، و أن يرافق نصّك برشاقة كلّ الموسيقات مهما كان نوعها؟
                          يعني أنّّه لم يعد يحقّ لك أن تتركينا نشتاق لأدبك الكبير.
                          مدوّنة

                          فلكُ القصّة القصيرة

                          تعليق

                          • بسمة الصيادي
                            مشرفة ملتقى القصة
                            • 09-02-2010
                            • 3185

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                            هو الماء
                            أكثر مراوغة من تلك المدينة و إن تشابها
                            كلما أمسكت ببعضه ..
                            لا أجد بيدي سوى الشجن الآسر
                            و بعض ذكرى
                            أهي طبيعة المدن
                            أم حقيقة البشر ؟
                            و كيف ظل الوعي مغتالا في الضمائر ،
                            و ظل الأبيض هو لعبة الاقناع .. فلا شيء أبيض سوى سذاجتنا
                            و ربما ما نتوهم .. و فقط
                            كنت شجية سابحة في قلب المعنى
                            و كانت الذاكرة على كف العطاء قادرة على منحك القدر المطلوب
                            فلم تسترسل و لم تثرثر
                            فقط ما سمحت أنت به
                            عشت حالة شعرية شديدة الرهافة
                            و إن كانت قاسية الجدلية !

                            شكرا لك كثيرا .. قليلة تلك الأعمال التي تفتح طريقا لنهر بات خاملا
                            بتأثير الاعتياد و المكرور !

                            تقديري و احترامي
                            أستاذي القدير وربيعنا الغالي
                            كل كلمة منك تعني لي الكثير
                            النص يكتمل بك سيدي
                            سعيدة أنك أحببته
                            أعدك أن مشوار الأدب لا نهاية لك
                            المهم أن تكون معنا
                            أشكرك كثيرا ... لأنك أنت
                            كل التقدير ..... والمحبة
                            لا تغب عنّا كثيرا
                            في انتظار ..هدية من السماء!!

                            تعليق

                            • نجاح عيسى
                              أديب وكاتب
                              • 08-02-2011
                              • 3967

                              #15
                              موجع هذا العزف على أوتار الغربة والهجرة يا بسمة ..
                              وليس أوجع من الضغط على جرح مفتوح على المزيد من نزف ..وألم ..
                              صور ..وذكريات حميمية ..دموع ..وانين ..واشجار عتيقة ..وجدران
                              متهالكة صدّعتها الوحدة ..وحيرة وضياع ..ونفوس تائهة في دهاليز الغربة ..
                              كل هذا تجمع في تلك اللوحة التي رسمها البياض بألوان وظلال موحشة ..
                              ×××
                              أهلا بك يا بسمة ..
                              اهلا بالقمر الذي خرج عن قوانينه ..وبات يُطل بضع مرات في السنه ..
                              اسلوب سلس جميل ومفردات ناعمة هامسة رغم الأنين الموجوع ..
                              وقلم متمكن مما يقول ..وفكرٌ واثق مما يطرح ..
                              مبدعة واكثر
                              تحياتي والتقدير ..

                              تعليق

                              يعمل...
                              X