الجزء الخامس محطات تاريخية لماتلين التونسية/بقلم حاتم سعيد -ابوهادي-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حاتم سعيد
    رئيس ملتقى فرعي
    • 02-10-2013
    • 1180

    الجزء الخامس محطات تاريخية لماتلين التونسية/بقلم حاتم سعيد -ابوهادي-

    ماتولي أو ماتالي (نسبة لماتلين)...
    بحث حول أسباب التسمية من عمق التاريخ التونسي
    vue chatt marsa el oued.jpg
    sidi bouch.jpg
    [BIMG]https://fbcdn-sphotos-g-a.akamaihd.net/hphotos-ak-frc1/387751_553994784613959_928826207_n.jpg[/BIMG]
    ماتو/ماثو/ماطو/ماجو/ماكو( MATHO ) :كل هذه الاسماء قد تعني شيئا واحدا و لكن اختلفت بحسب الكتابات و النقل من مصدر الى آخر ولكنها تجمع على محارب افريقي وقع تأجيره من قبل القرطاجيين للمشاركة مع جيشهم في صقلية خلال الحرب البونية الاولى مع روما .
    و الثابت أنه محارب قوي و شجاع و ايضا متكلم جيّد و مقنع و لخطاباته تأثير قوي في كل من يستمع إليه .
    أصبح القائد الرئيسي لثورة الجنود المرتزقة المطالبين بحقوقهم من قرطاج و بأجورهم من القمح لثلاث سنوات كاملة من الخدمة تحت لواء هذه الامبراطورية .
    سعى القائد ماتو /ماطو صاحب الجذور النوميدية الى توحيد المدن الافريقية التى تحمل نفس الاصل ، حول فكرة رئيسية وهي عدم الخضوع مجددا لدولة هؤلاء التجار الفينيقيين الذين لاهم لهم غير الاثراء ، على حساب أبناء هذه الارض ، لقد مثل ثورة حقيقية على مصالح قرطاج التي ارتبطت بالتزامات مهينة أمام الرومان بدفع غرامة مالية كبيرة لقاء خسارتها الحرب في صيقلية ابان الحرب البونية الاولى فعمدت الى اثقال كاهل السكان بالضرائب .
    تمكن في مدة وجيزة من جمع الالاف حوله من السكان الغاضبين وضمهم الى صفوف الجنود المرتزقة الثائرين و قد ساهمت كل مكونات الجتمع النوميدي في هذه الثورة حتى النساء فرطن في حليهن من اجل دعم أزواجهن و شراء العتاد و تجهيز الجيش و تأمين المؤونة وذلك في سنة 239 ق م .
    تجمع جيش ماتو في الانحاء الشمالية للبلاد ما بين اوتيك و بنزرت حسب العديد من المصادر التاريخية و لكن هنالك من حدد المكان بدقة أكبر ليذكر أن المنطقة هي المعروفة برأس العنب (رأس الزبيب) في المرتفعات المطلة على ذلك الموقع لما يتوفر عليه من ماء و غذاء و حطب و قدرة على كشف تحركات الأعداء في حالة مهاجمتهم من اي اتجاه .
    (أجدني في كثير من الاحيان مجبرا على فتح قوس بخصوص الاحداث التاريخية التي ينقلها المؤرخون و الكتاب وهو سطحيتهم في تناول مثل هذه المواضيع حيث يخلطون بين اسماء المناطق و يسارعون الى اعلان انتصارات قرطاج و يهملون الكثير من التفاصيل الهامة التي تبين أن قرطاج هي دولة قمعية مستعمرة لا تتوانى عن استعمال مختلف الاساليب في سبيل تحقيق اهدافها وهذه الثورة أو هذه الحرب من الداخل تمثل صورة واضحة ،حقيقة إن التاريخ يكتب للملوك و المنتصرين .)
    لا شك أن قضية ماتو و رفقائه كان لها من المشروعية الشيء الكثير ، وكان من الممكن أن تحطم أسطورة قرطاج قبل أن يفعل ذلك الرومان بعديد السنين و لكن مكر الفينيقيين ألهمهم طريقة مثلى للخلاص بالتحالف مع الملك النوميدي نارفاس وتزويجه بالاميرة (صلامبو) ابنة القائد أميلكار برقة مما منحهم جيشا من الخيالة النوميديين الاشداء لفك الحصار .
    انتهت هذه الحرب بتفوق القرطاجيين و القبض على ماتو و اعدامه في عام 237 ق .م .
    · قصة حرب المرتزقة على قرطاج
    وردت هذه الاحداث التاريخية مفصلة في كتاب باللغة الفرنسية(FASTES CHRONOLOGIQUES DE LA VILLE D'ORAN) تحت عنوان تونس الخلابة (LA TUNISIE PITTORESQUE) للكاتب (René Basset) .

    1- حرب المرتزقة في سنة 241 ق م

    في عام 241 قبل الميلاد عاد جيش المرتزقة الذين وقع جمعهم من مختلف البلدان و تاجيرهم من قبل قرطاج من مقاطعة صيقلية على خطى اميلكار،حيث نصبوا خيامهم تحت اسوار العاصمة البونية و انتشروا في ضاحية ميغارا (المرسى)، كان همهم انتظار سداد متأخرات رواتبهم لمدة 3 سنوات من التجنيد .
    وكانت قرطاج في خلال ذلك الانتظار تحاول أن تجد طريقة للتخلص منهم و من الوعود الكثيرة التي طمأنتهم بها وهي تدرك أن مزيدا من الوعود لن ينفع مع هذه العصابات من الماجورين المتالفين من عديد الجنسيات (البربر،الليغوريين،الاغريق،الزنوج...)
    كان المرتزقة في اشد الحنقة على أسيادهم السابقين من التجار الجشعين الذين لاهم لهم سوى مزيد الاثراء فقاموا بالتمرد ومحاصرة قرطاج لمطالبتها بخلاص أجورهم .
    بعد العديد من المشادات والكثير من الوعود التي لم يقع الايفاء بها، أفرج المرتزقة عن المدينة وتحولت الاحداث إلى مسرح جديد في منطقة أوتيكا وهيبودياريتوس .
    تجمع المرتزقة من كل المناطق المجاورة و شرعوا في النهب ، أقسموا على الانتقام من قرطاج ، كان يقودهم ماطوس و سبانديوس من العبيد الكامبانيين المنشقين .
    كان القرطاجيون بقيادة اميلكار برقة والد حنبعل المعروف بأمير البحار محاصرين في الجبال الواقعة بين أوتيكا و هيبو دياريتوس .
    تتالت رسائل أميلكار لقرطاج طلبا للتعزيزات والمؤونة، كل المؤشرات كانت تدفعه للاعتقاد أنه لا محالة مهزوم أمام هؤلاء المرتزقة وانهم قادرون على سحقه في أية لحظة .
    انعقد مجلس قرطاج وخرج بقراره المتمثل في الضغط على المدن الساحلية و الحصول على تحالفها لمقاومة ثورة هؤلاء المرتزقة و مطاردتهم .
    لكن اوتيك و هيبو دياريتوس قررتا البقاء على الحياد و التزمتا الصمت حيال مقترحات قرطاج ، خاصة و ان خلف جدرانهما كان الخطر يهددهما في كل لحظة و أي خطوة يقدمان عليها قد تمثل الكارثة الكبرى سواء بنصرة هذا الطرف أو ذاك من المتحاربين .
    قرر مجلس قرطاج أن يجند كل الرجال القادرين على حمل السلاح فاستطاعت خلال فترة وجيزة تأمين جيش قوامه 5000 محارب جاهزين للحرب .
    اتجه الجيش ناحية اوتيك محاذيا الشريط الساحلي ليتخذ موقعا من خلف المدينة ،في حين ركب 3000 من اشجع المحاربين القوارب للنزول قرب هيبو دياريتوس آملين في بث الرعب في صفوف الثائرين وخنقهم في مواقعهم بتكوين 3 جبهات لمحاصرتهم برّا و بحرا .
    قبل حنون (Hannon )أن يكون قائد هذه العمليات ولكنه أمّر الملازم مكداسان (Magdassin )بقيادة جيوش البر ليقود بنفسه اسطول البحر .
    هيبو دياريتوس لم تول اهتماما إلى تحذيرات حنون، ولا أولئك الثائرين، ولكن في كل صباح كان الاهالي يحضرون سلال الطعام وينزلونها من داخل الاسوار و الابراج معلنين عن اسفهم و اعتذارهم من عدم نصرة جمهورية قرطاج و مناشدة قائدهم الابتعاد .
    كانت خطة حنون هي اغلاق ميناء هيبودياريتوس و تكوين حامية بها فعمل على اقناع رؤساء المدينة باستقبال 300 جندي من أتباعه وهو ماتم القبول به ،عندئد أبحر الى رأس العنب (رأس الزبيب) متخذا طريقا التفافيا طويلا لتحديد موضع الثوار و المرتزقة الذين كانوا يعدون عدتهم في تلال رؤوس جبل التوشلة و رأس الزبيب و سيدي على المكي و الفرطاس وغيرها ولكنه لم يتمكن من الاقتراب لوعورة هذه السواحل و تمكن العدوّ من رصده بكل سهولة .
    نعود الى مدينة هيبودياريتوس التي ترصدت رحيل حنون عنها لتدبر مكيدة ،حيث قام مواطنوها باطلاق انذار وهميّ مدّعين تعرضهم لهجوم ، طالبين من الحامية القرطاجية المكونة من 300 جندي أن يصعدوا الاسوار لاستجلاء الامر مبيّتين لهم الغدرو ما إن فعلوا حتى قاموا بدفعهم من ذلك العلوّ و القائهم خارجا فوق الصخور الشاطئية ،أما الناجون منهم فتم ملاحقتهم و اغراقهم في البحر .
    عادت المبادرة مرة أخرى لجيش المرتزقة فدفعوا جيش أميلكار و حنون للتقهقر نحو أسوار قرطاج، ومن جديد أضحت المدينة الفينيقية محاصرة بجحافل المتمردين .
    وهكذا بدأت معركة ملحمية جديدة استمرت عدة أشهر .قام فيها القرطاجيون بترميم جيشهم ومعداته الدفاعية. وفي اخراج لا ينسى من العام 238 قبل الميلاد، لعبت فيه الفيلة التي كان عددها 200،الدور الرئيسي في انهاء الصراع لصالح قرطاج و تدمير جيش المتمردين المرتزقة وطردهم من أراضي قرطاج و أوتيك وهيبو دياريتوس .
    (الترجمة بتصرف حاتم سعيد أكتوبر 2013)

    2- أهمية هذه الاحداث في تاريخ ماتلين

    إن كل حدث يشير اليه التاريخ في منطقة من المناطق يمكن أن يقودنا الى معرفة جزئيات و تفاصيل لا يمكن أن يفصح عنها الكثير من الكتاب و الباحثين لأنهم لا يهتمون بالجزئيات بل بالخطوط العريضة للمدن الهامة وفي حالتنا هذه (مدينة قرطاج صاحبة الاشعاع في البحر المتوسط وصراعها مع روما) ولكن بالنسبة لنا تمثل الخيط الرفيع لمحاولة فهم الادوار التي لعبتها تلك المدن المسكوت عنها (أوتيك ، تينيسة ، هيبو دياريتوس...) وخاصة تينيسة في منطقة الماتلين التي لا يمكن أن نجد لهل تفاصيل دقيقة عن نشأتها أو تاريخ زوالها أو تغيير تسميتها .
    وانني أستقرأ التاريخ بحثا عن مثل هذه الجزئيات التي يمكن من خلال ربطها ببعضها أن تساهم في معرفة ما لا يمكن أن يقدر أي كاتب أو باحث على قوله إذا لم يكن أصيل هذه الانحاء .
    لقد عرفنا تينيسة ذلك الميناء التجاري الصغير الذي قام بتموين أوتيك بالحجارة لعمارة المدينة ووجدنا ازدهارا لصناعة الفخار وصيد الاسماك قبل هذه الفترة ولكننا أيضا وجدنا تحصينات دفاعية فوق جبل التوشلة كما تعرفنا على هذا الموقع الاستراتيجي الذي لا يمكن اهماله و المطل على خليج ممتد من رأس الطرف الى الرأس الأبيض ، وها نحن نتعرف أن هذه المدينة احتضنت ثورة السكان الاصليين وقدمت نساؤها التضحيات في سبيل هذه القضية ضد استبداد الاسياد الفينيقيين ، كل هذا قد لا يمثل شيئا أمام المعطى الجديد الذي نبهني اليه صديقي الدكتور حافظ حمزة من حيث لا يشعر حين ذكر لي أن الاتراك كانوا يقومون باضافة بعض الصيغ على اسماء المدن ك(أزمير يسمون ساكنها ازميرلي ) هذه (لي) أوحت إلي بسؤال قد يبدو غريبا و لكنه مفيد .

    هل يكون تسمية الماتلين قد جاء انطلاقا من تخليد اسم (ماتو)؟

    metline.jpg
    هذا المحارب الذي قال لقرطاج كفاك ظلما و تعسفا... نحن أحرار و لسنا عبيدا... فأدّي لنا حقوقنا ...
    إن القصة الشعبية المتالية تقدم لنا مثل هذا الاستنتاج ولكن بصيغة تبدو غير منطقية حين ذكرت أن هنالك سيدا اسمه( لين ) قد مات ...فسميت المدينة باسمه ، انني لا أستطيع أن استبعد أن هذا الرجل لما كسبه من حب و عطف الاهالي و تمركزه بجيشه في هذه الانحاء قد جعل الناس تتيمن باسمه فتخلده ... نعم لقد مات (ماتو) اعدمته قرطاج ، لقد كان أملهم في الخلاص من الاستبداد و دفع تكاليف حرب خاسرة باثقال كاهلهم بالضرائب ...أقول ربما كان الامر كذلك فلما قدم العثمانيون سموا سكانها (ماتولي) و بالتعبير الذي نعرفه (ماتالي)... ان قصة كهذه قد تكون أقرب الى التصديق من أن يكون الاسم قد قدم من أنحاء بعيدة كجزيرة يونانية ...
    هو مجرد تساؤل قد ينكره البعض و قد يقبله الاخر و لكنه يمثل فرصة جديدة للبحث .
    (الباحث حاتم سعيد / أبو هادي (الماتولي – المتالي بتاريخ أكتوبر 2013)
    التعديل الأخير تم بواسطة حاتم سعيد; الساعة 24-11-2013, 20:07.

    من أقوال الامام علي عليه السلام

    (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
    حملت طيباً)

    محمد نجيب بلحاج حسين
    أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
    نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

  • عطاء الله اليزيدي
    عضو الملتقى
    • 02-10-2013
    • 50

    #2
    اطلعت على مجمل هذه البحوث لمدينة ماتلين التونسية و قد وجدتها قيمة و تستحق الاهتمام . الأستاذ الباحث الكريم حاتم سعيد ( أبو هادي) تحية لك و كل التقدير

    تعليق

    • حاتم سعيد
      رئيس ملتقى فرعي
      • 02-10-2013
      • 1180

      #3
      مع الشكر الجزيل اخي عطاء
      سعدت بمروركم
      ابو هادي

      من أقوال الامام علي عليه السلام

      (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
      حملت طيباً)

      محمد نجيب بلحاج حسين
      أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
      نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

      تعليق

      يعمل...
      X