{{ عكــــاظ }}
هي سوق كانت معروفة للعرب ، من أعظم مواسمهم وأسواقهم ، وتمثل أحد الآثار والمآثر العربية الخالدة .
قال عنها الأصمعي عبد الملك بن قريب رحمه الله تعالي :
نخل في واد ، بينه وبين الطائف ليلة ، وبينه وبين مكة ثلاث ليال ، وبه كانت تقام سوق العرب ( عكاظ ) ، بموضع منه يقال له ( الايثداء ) ، وبه كانت أيام الفجار .
وقد حدد الدكتور عبد الوهاب عزام رحمه الله موقع عكاظ بالاشتراك مع المؤرخ الشاعر الشيخ محمد بن بلهيد رحمه الله ، وعلق على ذلك الأستاذ حمد الجاسر ، وانتهوا بتحقيقهم إلى أنه يقع على مسافة 12 كم ، شرقي مطار الطائف الآن .
وقبل أن نركز القول في عكاظ ، يجدر بنا أن نذكر أسماء بعض أسواق العرب الأخري ، التي كانوا يبتاعون فيها ويبيعون ، وقد كانت ذات أماكن و مواعيد محددة تقام فيها .
1. سوق ذي المجاز : مكانه قرب عرفة ، وكان يقام في يوم التروية ، ( أي في الثامن من ذي الحجة ) .
2. سوق مجنة : قرب مكة ، ويعقد في العشر الأواخر من ذي القعدة .
وفي المجنة وذي المجاز على الترتيب ، يتم العرب ما فاتهم في سوق عكاظ ، باعتبار أن هذه الأسواق الثلاث في منطقة مكة .
3. سوق حباشة : بمنطقة تهامة ، وقد أرسلت السيدة خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق حباشة ، قبل البعثة في تجارتها .
4. سوق حزورة : كانت سوق مكة ، بل كانت أقدم الأسواق بها ، ودخلت في المسجد ، لما زيد فيه .
5. وعي الحجاز : ذكرها الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي رحمه الله مع مجنة بقوله : وهما من أسواق العرب ، وتقعان في ضواحي مكة المكرمة القريبة .
6. سوق دبي .
7. سوق عدن .
8. سوق الرابية وحضر موت .
9. سوق بصرى : بالشام ، وقد وافاه رسول الله صلى الله عليه وسلم تاجرا .
10. سوق بدر : من المدينة على ثمانية عشر فرسخا ، أسفل وادي الصفراء .
11. المربد مربد البصرة : في الجهة الغربية منها مما يلي البادية ، على بعد نحو ثلاثة أميال ، وقد سارت في الإسلام صورة معدلة لسوق عكاظ في الجاهلية ،
إلى غير ذلك من الأسواق ، و التي نسب بعضها إلى رحلتي الشتاء والصيف .
وأما سوق عكاظ ، فكانت تجتمع فيها القبائل مدة عشرين يوما ، بداية من هلال ذي القعدة ( الشهر الحرام ) ، وحتى العشرين منه في كل عام ،
وكانت فضلا عن كونها تمثل سوقا يبتاعون فيها ويبيعون ، ذات خصوصية أدبية أكثر من غيرها ، إذ يحضر إليها الشعراء ، فينشدون ما جد لهم من أشعار في مختلف النواحي في حياتهم .
ويأتي إليها كل خطيب بليغ فصيح ، فيلقي خطبة فصيحة بليغة .
وكانوا يحتكمون في ذلك إلى حكم خبير بجيد الشعر ومهزوله ، مرضي بحكمه وتقريره ، إلى جانب تمييز وتقريظ الخطب البليغة التي يلقيها الخطباء والبلغاء .
ومن ثم تنتشر بضاعتهم العظيمة قولا ، بشعرها ونثرها ، في القبائل العربية المختلفة .
ويذكر أن قس بن ساعدة الإيادي ، كان خطيب العرب وشاعرها وحكيمها وحكمها في عصره ، وقد سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه وهو يخطب في سوق عكاظ ، فكان يأثر عنه كلاما سمعه منه ، فقال :
" يحشر أمة وحده " .
إذ كان يؤمن بالتوحيد ، ويدعو إلى ذلك ، ويضرب به المثل في البلاغة ،
وقيل إن له أوليات ،،
فهو أول من قال " أما بعد "
وهو أول من علا على شرف وخطب عليه ،
وهو أول من اتكأ على سيف وهو يخطب ،
وقد عمرهذا الرجل كثيرا .
وفي سوق عكاظ ، كانت تضرب قبة حمراء متميزة للنابغة الذبيانى ، كحكم بين الشعراء ، مرضى بحكمه بينهم ، وهو أحد أشراف قبيلة ذبيان ، وأحد فحول الشعراء في الجاهلية ، وهو الرائد الأول المبدع في فن الإعتذاريات في الشعر العربي القديم ، وذلك لعكوفه الطويل على النخل والتجويد والتهذيب لأشعاره ، وهو أحد شعراء المعلقات ، إذ هو صاحب المعلقة التي بلغت خمسين بيتا ، والتي كان مطلعها :
يا دار مية بالعلياء فالسند **** أقوت وطال عليها سالف الأمد
والشاهد مما سبق ، أن عكاظ كانت مناسبة محددة الزمان والمكان والهدف يعرض فيها العرب بضاعتهم التي سبقوا إليها ، و تفردوا فيها ، وهي الكلمة شعرا ونثرا .
فكانت بذلك ظرفا لتخليد الروائع من أدب العرب ، والتي لم يصلنا منها إلا القليل ، بما يثير فينا الآن العجب والفخار ، وبما يشهد بحق بعظمة اللغة العربية وثرائها وخلودها ، والتي يزعم المبطلون زورا وبهتانا وافتراء أنها لا تصلح لمحاريب العلم ومعاهد الأبحاث المعاصرة ، فيزعمون أنها قاصرة دون ذلك !!
إن اللغة العربية مفرداتها تزيد على 12 مليون مرادفا ، وهي بذلك لا تدانيها أية لغة أخرى من لغات البشر في دنيا الناس ، ولها من الميزات الكثيرة والمتعددة ، ما يجعلها تتفرد دون غيرها بثراء وعظمة ، لا يتسع المجال في عجالتنا هذه لمجرد التلميح إليها ،
وهذا كله ،،، بالإضافة إلي خصيصة تخليدها بخلود القرآن الكريم ، الذي نزل عربيا لقوله تعالى :
" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " . الحجر 9 ،
وقوله تعالى :
" إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون " . يوسف 2 ،
ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم ، إذ قال بلسان حالها :
وسعت كتاب الله لفظا وغاية **** وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة **** وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن **** فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
فهل من إحياء لعكاظ القرن الخامس عشر الهجري في دنيا العرب والمسلمين أجمعين ، أسوة بالأولمبياد العالمي الذي يقام كل أربع سنوات ،
اللهم آمين ......
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
صلاح جاد سلام
هي سوق كانت معروفة للعرب ، من أعظم مواسمهم وأسواقهم ، وتمثل أحد الآثار والمآثر العربية الخالدة .
قال عنها الأصمعي عبد الملك بن قريب رحمه الله تعالي :
نخل في واد ، بينه وبين الطائف ليلة ، وبينه وبين مكة ثلاث ليال ، وبه كانت تقام سوق العرب ( عكاظ ) ، بموضع منه يقال له ( الايثداء ) ، وبه كانت أيام الفجار .
وقد حدد الدكتور عبد الوهاب عزام رحمه الله موقع عكاظ بالاشتراك مع المؤرخ الشاعر الشيخ محمد بن بلهيد رحمه الله ، وعلق على ذلك الأستاذ حمد الجاسر ، وانتهوا بتحقيقهم إلى أنه يقع على مسافة 12 كم ، شرقي مطار الطائف الآن .
وقبل أن نركز القول في عكاظ ، يجدر بنا أن نذكر أسماء بعض أسواق العرب الأخري ، التي كانوا يبتاعون فيها ويبيعون ، وقد كانت ذات أماكن و مواعيد محددة تقام فيها .
1. سوق ذي المجاز : مكانه قرب عرفة ، وكان يقام في يوم التروية ، ( أي في الثامن من ذي الحجة ) .
2. سوق مجنة : قرب مكة ، ويعقد في العشر الأواخر من ذي القعدة .
وفي المجنة وذي المجاز على الترتيب ، يتم العرب ما فاتهم في سوق عكاظ ، باعتبار أن هذه الأسواق الثلاث في منطقة مكة .
3. سوق حباشة : بمنطقة تهامة ، وقد أرسلت السيدة خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق حباشة ، قبل البعثة في تجارتها .
4. سوق حزورة : كانت سوق مكة ، بل كانت أقدم الأسواق بها ، ودخلت في المسجد ، لما زيد فيه .
5. وعي الحجاز : ذكرها الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي رحمه الله مع مجنة بقوله : وهما من أسواق العرب ، وتقعان في ضواحي مكة المكرمة القريبة .
6. سوق دبي .
7. سوق عدن .
8. سوق الرابية وحضر موت .
9. سوق بصرى : بالشام ، وقد وافاه رسول الله صلى الله عليه وسلم تاجرا .
10. سوق بدر : من المدينة على ثمانية عشر فرسخا ، أسفل وادي الصفراء .
11. المربد مربد البصرة : في الجهة الغربية منها مما يلي البادية ، على بعد نحو ثلاثة أميال ، وقد سارت في الإسلام صورة معدلة لسوق عكاظ في الجاهلية ،
إلى غير ذلك من الأسواق ، و التي نسب بعضها إلى رحلتي الشتاء والصيف .
وأما سوق عكاظ ، فكانت تجتمع فيها القبائل مدة عشرين يوما ، بداية من هلال ذي القعدة ( الشهر الحرام ) ، وحتى العشرين منه في كل عام ،
وكانت فضلا عن كونها تمثل سوقا يبتاعون فيها ويبيعون ، ذات خصوصية أدبية أكثر من غيرها ، إذ يحضر إليها الشعراء ، فينشدون ما جد لهم من أشعار في مختلف النواحي في حياتهم .
ويأتي إليها كل خطيب بليغ فصيح ، فيلقي خطبة فصيحة بليغة .
وكانوا يحتكمون في ذلك إلى حكم خبير بجيد الشعر ومهزوله ، مرضي بحكمه وتقريره ، إلى جانب تمييز وتقريظ الخطب البليغة التي يلقيها الخطباء والبلغاء .
ومن ثم تنتشر بضاعتهم العظيمة قولا ، بشعرها ونثرها ، في القبائل العربية المختلفة .
ويذكر أن قس بن ساعدة الإيادي ، كان خطيب العرب وشاعرها وحكيمها وحكمها في عصره ، وقد سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه وهو يخطب في سوق عكاظ ، فكان يأثر عنه كلاما سمعه منه ، فقال :
" يحشر أمة وحده " .
إذ كان يؤمن بالتوحيد ، ويدعو إلى ذلك ، ويضرب به المثل في البلاغة ،
وقيل إن له أوليات ،،
فهو أول من قال " أما بعد "
وهو أول من علا على شرف وخطب عليه ،
وهو أول من اتكأ على سيف وهو يخطب ،
وقد عمرهذا الرجل كثيرا .
وفي سوق عكاظ ، كانت تضرب قبة حمراء متميزة للنابغة الذبيانى ، كحكم بين الشعراء ، مرضى بحكمه بينهم ، وهو أحد أشراف قبيلة ذبيان ، وأحد فحول الشعراء في الجاهلية ، وهو الرائد الأول المبدع في فن الإعتذاريات في الشعر العربي القديم ، وذلك لعكوفه الطويل على النخل والتجويد والتهذيب لأشعاره ، وهو أحد شعراء المعلقات ، إذ هو صاحب المعلقة التي بلغت خمسين بيتا ، والتي كان مطلعها :
يا دار مية بالعلياء فالسند **** أقوت وطال عليها سالف الأمد
والشاهد مما سبق ، أن عكاظ كانت مناسبة محددة الزمان والمكان والهدف يعرض فيها العرب بضاعتهم التي سبقوا إليها ، و تفردوا فيها ، وهي الكلمة شعرا ونثرا .
فكانت بذلك ظرفا لتخليد الروائع من أدب العرب ، والتي لم يصلنا منها إلا القليل ، بما يثير فينا الآن العجب والفخار ، وبما يشهد بحق بعظمة اللغة العربية وثرائها وخلودها ، والتي يزعم المبطلون زورا وبهتانا وافتراء أنها لا تصلح لمحاريب العلم ومعاهد الأبحاث المعاصرة ، فيزعمون أنها قاصرة دون ذلك !!
إن اللغة العربية مفرداتها تزيد على 12 مليون مرادفا ، وهي بذلك لا تدانيها أية لغة أخرى من لغات البشر في دنيا الناس ، ولها من الميزات الكثيرة والمتعددة ، ما يجعلها تتفرد دون غيرها بثراء وعظمة ، لا يتسع المجال في عجالتنا هذه لمجرد التلميح إليها ،
وهذا كله ،،، بالإضافة إلي خصيصة تخليدها بخلود القرآن الكريم ، الذي نزل عربيا لقوله تعالى :
" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " . الحجر 9 ،
وقوله تعالى :
" إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون " . يوسف 2 ،
ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم ، إذ قال بلسان حالها :
وسعت كتاب الله لفظا وغاية **** وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة **** وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن **** فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
فهل من إحياء لعكاظ القرن الخامس عشر الهجري في دنيا العرب والمسلمين أجمعين ، أسوة بالأولمبياد العالمي الذي يقام كل أربع سنوات ،
اللهم آمين ......
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
صلاح جاد سلام
تعليق