قام الاتراك بقيادة خير الدين خليفة أخيه بوعروج بالجزائر بمناورات تضليلية على السواحل الشمالية التونسية بوحدة من بحريته الحربية لكي لا يتم التعرف على مقصده الحقيقي .
اقترب في بادىء الأمر بأسطوله من سواحل بنزرت ، وقام بنشر شائعة تقول أنه جاء لاستعادة ملك السلطان الحفصي المخلوع من قبل أخيه الحسن الذي أصبح الحاكم .
كان التونسيون كما لو أنهم ينتظرون بفارغ الصبر فرصة كهذه للتخلص من هذا الامير الغاصب فقاموا بتنحيته من الحكم وفتحوا الابواب للاتراك ، انتشر جيش خير الدين داخل الاسوار و سرعانما أعلن عن هدفه الحقيقي و المتمثل في حكم المدينة نيابة عن السلطان العثماني سليمان .
عبّر التونسيون عن سخطهم لهذا التصريح المفاجيء و نكث خير الدين لوعوده التي سبقت دخوله تونس ،ولكن فات الاوان و أصبحت تونس خاضعة للعثمانيين في سنة (1534).
توجه الامير الحسن بعد طرده من تونس الى شارل الخامس ليدعمه في استرجاع عرشه كما توسل للبابا أن يضع حدا لعمليات النهب التي يمارسها القراصنة على سواحل البحر الابيض المتوسط ومتظلما من سعي الاتراك لاحتلال تونس ،لقي خطاب الامير صدى طيبا لدى الجانبين و قاما باعداد حملة كبيرة و قوية ضمت قوات برتغالية ومالطية و ايطالية و تذرعت فرنسا بمعاهداتها مع سلطان القسطنتينية لعدم المشاركة في هذه القوة .
تم الاختيار على منطقة بورتو فارينا للانزال وتمت العملية بدون صعوبة سنة (1535) و أنشئ المعسكر على مقربة من قرطاج أين نزلت قوات سانت لويس .
سقطت المدينة في أيدي الاسبان بعد بضعة ايام من الحصار و المعارك فأحرقوا البيوت و انتشرت ابشع مظاهر النهب و القتل . بقي الاسبان مهيمنين على المدينة لأكثر من 33 سنة إلى أن تم طردهم من جديد من قبل الاتراك .
لم يتقبل السلطان العثماني هذه الهزيمة و لا تدخل شارل الخامس في مجريات الامور في تونس و عزم على فتح تونس من جديد و طرد الاسبان فقام بتكليف القائد المحنك سنان باشا بانفاذ أمره و القضاء على تلك القوات .
لم يكن من السهل أن تقبل المناطق الافريقية الشمالية احتلال الاسبان لتونس فاجتمعت فيالق من الجزائر و طرابلس و القيروان و انضمت الى جيش سنان باشا لازالة ما تبقى من الممتلكات الاسبانية في سنة 1573 .
سارع الكونت (سيربالون) حاكم تونس للابلاغ عن هذا الانزال التركي و انقاذ المناطق المهددة و أمر باخلاء حصون بنزرت و جمع قواته في حلق الوادي بقيادة الضابط (بورتو كاريرو) .
لكن الاسبان بعددهم المحدود هزموا شر هزيمة و تم سحقهم من جحافل المسلمين الذين غذى وازعهم الديني الاسلامي حربهم أمام ما يعتبرونه مدا مسيحيا وانتصر سنان باشا معلنا ضم تونس للامبراطورية العثمانية .
كان ذلك سنة 1574 ميلادي (981 هجري) حيث تم تدمير جميع التحصينات في حلق الوادي و بنزرت ،ومنذ تلك السنة خضعت منطقة بنزرت نهائيا لوصاية تونس .
ترجمة من كتاب سواحل تونس الشمالية بتصرف / حاتم سعيد (ابو هادي) 15 أكتوبر 2013