تدفع بابا حديديا بتثاقل واضح ، تدفعه دائما منذ اخترت هذا المكان . تظهر أدراج كثيرة متشابهة ، قديمة ، تجبرك على تسلقها كل يوم . قدماك الآن لا تحتاج لكل هذا الأدراج الرتيبة الصاعدة إلى قبة السماء ، لكنك ستركبها مرغما لأنها ستفضي بك إلى سرير قديم . سريرك أصبح يعرف رائحتك جيدا ، فقد تعلم كيف يستقبل جسدك المتشقق . أصبح السرير مقبرة لأحلامك التي وأدتها الذكريات البعيدة ، وصديقتك التي لا تخونك أبدا .
تحمل ما تبقى من قوتك لأنك تؤمن أن بداية الدرب خطوة . لكن الخطوة أصبحت ثقيلة مع مرور الوقت ، ورغم ذلك ستجبرها على البداية ، وستتوكأ على حائطك الصغير وتصعد هناك ... رائحة الغرفة ، رائحة الكتب ، رائحة الرطوبة ورائحة الماضي ، كلها تفوح عند انفتاح الباب الخشبي . ها أنت تحس بشرايينك تهتز من جديد ، تحس بأن الغرفة تستنسخك بأشكال كثيرة ، وكأنك لست وحدك ، فتبتسم للجميع وتدعوهم لكأس شاي من مطبخك الصغير .
ها أنت تعود إلى محرابك ، تبتهل لحكاياتك المعلقة على الرفوف ، ترحب بالنسخ الجالسة في زوايا الغرفة ، وتفتح كتابك للصلاة . لم تكن أبدا ، أيها الرجل البديع ، سقط زند ولا خريطة للضياع ، لم تكن إلا ما تريد ، وما نريد . كنت تمر من أزقة تسكنها أشباح جميلة ، فاتنة ، لا تظهر للجميع ، كنت تعرف أن الطريق الذي زينته المصابيح سينتهي عند حافة الموت ، وكنت دائما تهرب إلى تلك الأزقة حيث تنام أميرة وحيدة ، تحرسها أطياف ملونة ، فتفك طلاسم نومها ، وتحملها إلى سريرك الدافئ لتحولها إلى حكاية أخيرة تساعدك على ركوب أدراج أخرى ستحملك إلى أعلى ، إلى الأعلى ، وهناك فقط ، ستعرف أن اللوحة التي كنت بداخلها قد تحولت إلى سرب من الحكايا التي سينام على وقع لذتها أطفال ولدوا ليعيشوا هناك .
3
تعليق