لم أر رجلا في حياتي كرجل أيار
يعلن نهاره بذكر الله قوت الأخيار
يصافح خيوط الشمس بتحية الإعمار
يبدي كفاحا ويهم في الكفاح ولا يحتار
فيختال ولا يحتال ويكتال ولا يغتال
يجوب الفيافي ويصعد قمم الجبال
لا لأجل جاه ولا سلطان بل حبا بالحلال
يقطع غصنا غيرحي ولايقرب حرمة الأشجار
وبحرفة يجعلها سهاما لصيد عاجل لأطفاله الصغار
يكتفي من صيده ويشتفي من قده ويقتفي أدق الآثار
يساند الضعيف ويعاند الخريف وعزمه دليل انتصار
عيناه جادتان أذناه حادتان يداه كادتان لدرء الأخطار
يرد مستنقع الضباب بلا خوف أو تموج أهداب
ليسعف شاة سقطت في الماء لا حول لها ولا أنصاب
يخرجها مبتلة ويخرج محاطا بطحالب الضباب
فيتركها لتجف ويكمل سيره دون أن يجف فذويه بانتظار
يكتنّ صبره بحدة جبره فيعترضه صوت الآذان الطيار
يؤجل ترحاله ويوقن احتماله في صلاة بخشوع وافتخار
ينهي صَلاته وينئى عن صِلاته ويصرف لربه الأذكار
تحاذيه الأخطار فتناديه الأنهار فيقفز قفزة انبهار
تطارده سمكة ضخمة فيراها وليمة فخمة فيحسن الاختيار
يستل سهما من خمسة سهام فتكون ضحيته ولا تلوذ بالفرار
يحملها على كتفه فتهتف له الصخور والحشائش والثمار
إنه رجل أيار وليس كل الرجال كرجل أيار
بيته متواضع رزقه متعاقب ولا يخاف إلا الجبار
زوجه صبور لربها شكور لا يتخللها فتور من صلب أحرار
عفيفة المصدر رقيقة المنظر حسنة المعشر تعشقه عشق الأمطار
تعينه فيستهويها وتدق له جوزا فيستحويها وتصونه في الغياب
يقتاتون على القليل متكلين على الجليل دون أفٍ أو أعذار
لله درك أيها المغوار
ذلك هو رجل أيار
تعليق