في انتظار الشروق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • اماني مهدية الرغاي
    عضو الملتقى
    • 15-10-2012
    • 610

    في انتظار الشروق

    اتخذ سعيد مكانا بين كُثر من الناس ،منهم من ألف رؤيتهم ،وجُدد لفظتهم دروب الحياة على قارعة الطريق ،يصُفون بها كل عدته على حدة، إنه ًالموقف . تأمل في معنى هذه الكلمة أبعادها ، ومضامينها..
    أهو موقف من لهم موقف ؟
    أو من ليس لهم موقف ؟
    أو من أُتخذ ضدهم موقف ؟
    أو من ليس لهم فيهم موقف ؟
    او من لم يك لهم موقف من أي موقف ؟
    فأُوقفت بهم عجلة الحياة،وأخمدت جذوتها في دواخلهم . و اختزلت في هذه الأحايين الصباحية لسوق عمل أسود، سـواد الآفاق المصطبغة بقطران البطالة وزفت الفقر ، وطين ضيق ذات اليد.
    من حوله أنماط من البشر،لا يجمع بينهم سوى التبغ الرديء ،يستف ما تبقى من نضارة في الوجوه ، ونفس بين الضلوع ،وبيصارة وشاي بابا عزوز العسكري،ونظرة ترقب تضيء وتخبو بعدها ،حين لا يكون أحدهم من ذوي ًالتخصص.
    يهرعون للسيارات الفارهةالمتوقفة حداهم طمعا في الفوز بعمل يقيهم ذل السؤال وقرص الجوع ،وبكاء العيال ،وسخط النساء.قلة منهم يحالفهم الحظ .
    أسند حائطا آيلا للسقوط بظهره الشاب ، وحملق في كأس شايه، تساءل .. أيجب أن يرى نصفها المملوءة أم النصف الفارغة.... ؟؟
    طرق باله من يديرون البلاد وعلماء النفس الذين قرأ لهم طافت بسمة سخرية على تخوم شفتيه وهو يتخيلهم منكبين على مكاتبهم او دراساتهم يفتون في شيء لم يختبروه ، وعلماء اجتماع اكتفوا بالمقدم والمؤخر وتجاهلوا ما يمور في الوسط.
    قرر أن يكتفي بما بينهما، ًكشكوشةً ورغوة ً شايه تضارب فيها البني و الأسود و اعتلتها فقاعات من كل الأحجام ، التقطت شعاع شمس فاستحالت ألوانا قزحية زاهية .أدنى الكأس من أذنه ، استمع لفرقعتها الصامتة, صمت الحيوات الذي يستهلكها الزمن من حوله. استبشر خيرا كونه لا زال يرى الجمال في أقل الأشياء روعة ،شعر بزخم الأمل يؤجج دمه وأحس بطعم كرامة افتقدها وهو يلوح بدبلومه المطبوع بخط قوطي منمق،أمام ..ًبرـ ليـس ـ بأمان ًولسعة الهراوات تكوي جسده وتخرس صوته.انتهى معلقا على جدار مجذوم يطالعه كل صباح كقرار إعدام.
    ترحم على روح والده ، مستحضرا صوته الهادئ المتزن ..
    - أكملت استظهار دروسك أويلدي ... أسعيد ؟؟؟ يا للاه اتبعني ، حرفة ابوك ، لا يغلبوك ..
    لم يغلبوه .. ولن يغلبوه .. إنه جباص بدرجـــــــة دكتــــوراه..في انتظار غد أفضـــل.

    توقفت سيارة لا يظهر من وراء سواد زجاجها شيء,هرع الكل إليها كخلية نحل مدندة ,طقطقة وقرقعة الأدوات تصاحب لهات الجري للفوز بالعمل . بقي هو جالسا فلم يكمل بعد وجبة فطوره قائلا في نفسه رزقي لن يأخده غيري .. تفاجأ بتقهقر السيارة الى أن صارت بموازته وبالسائق يشير إليه أن يركب فهو المطلوب , بسمل وتوكل على الله فتح بابها الخلفي وجلس , غاص في مقعد فاخر تفوح منه رائحة الغنى , انطلقت السيارة تاركة وراءها فرحا وبعضا من حزن في القلوب الطيبة المؤمنة , وغضبا وحسدا في قلوب ملأها الغل وغاض صفاؤها . بعد لأي , توقفت أمام منزل فخم تحوطه حدائق غناء وتظلله أشجار باسقة , فتحت البوابة تلقائيا واستمر السفر لمدة غير قصيرة .. اومأ له السائق أن إنزل دون أن يكلمه..
    تركه هناك وانصرف من حيث أتى ..

    توجس خيفة مما يجري فلم يفهم شيئا ولا رأى أحدا ولا عرف طبيعة الترميم أو العمل المراد إنجازه , وضع عدته على الأرض , جلس وانتظر.. مرت الدقائق عليه كالساعات . انتابه استياء شديد من استهتار الخلائق بالخلائق ومن قلة احترامهم لمن دونهم مكانة . فكر أن يدق باب المنزل لكنه تراجع , التقط عدته وتوجه الى باب مدخل تفرقه وإياه عدة مئات من الأمتار.لكن ما كاد يخطو بضع خطوات حتى وجد نفسه محاطا بثلاث كلاب من نوع البيتبول الشرسة وقد كشرت عن أنيابها,وتوجهت نحوه في عدوانية بادية, ظن أنها النهاية ويالها من نهاية كوجبة لكلاب , صدر صفير ملحن من بين الأشجار فانبطحت الوحوش الضارية في وداعة قطط وبدت امرأة في ريعان الشباب , بثياب وحذاء رياضة, حيته في اقتضاب وأشارت اليه أن يتبعها , غض بصره وخفض رأسه ناظرا إلى الأرض فالصبية كاملة الحسن والبهاء والفتنة والجمال . استمرت في عدوها إلى حيث الباب فتحته تاركة دفتيه مشرعتين ,,دخل حاملا عدته وانتظر . عادت وأقفلت الباب وأمرته أن يرتاح حتى تغير ملابسها.
    ويبدو أن أيامه كلها ستكون انتظارات ..لشيء قد يأتي او لآ يأتي او يتأخر او يأبى المجيء...لقد ألف الإنتظار ولم يعد يزعجه .إيمانه بالله وبالقضاء والقدر يجعله قويا متمساكا إزجاء للوقت تطلع إلى سقف المنزل سواريه ونقوشاته وراقه ما رأى ..عمل احترافي متقن غاية في الجمال وتجانس ألوان بديع..تساءل ما عساه الجباص البسيط أن يضيف إليه ..وإن وجدت هناك إصلاحات فأين هي فكل شيء يبدو على ما يرام ..تملكه العجب ..لكنه تريث, لن يكون من يدحر رزق يومه بيده..إلا إن كان ما يطلب منه من عمل يفوق قدراته ومعرفته فلن يجازف بمس عمل رائع كهذا بترميم قد يشوهه ..سيعتذر أكيد.. سيعتذر ويوصي بمن هم أتقن منه للحرفة ..

    طرق سمعه صوت كعب عال آت ..يسبقه عبق " بارفان" لم يشم أعطر منه في حياته ..وأنى يتسنى له ذلك ؟؟ فلم يصادف أنفه سوى العطور الرخيصة لبنات الجامعة أو
    عطر" الريف دور "الذي تتضمخ به والدته ليمتزج مع روائح الحناء والريحان والورد البلدي على شعرها أو رائحة القطران الذي تضعه على أرنبة أنفها كلما انتابتها نوبة
    صداع نصفي..شتان ما بين ذلكم وهذا الذي دغدغ حواسه واستنفر مجسات رجولته ..

    بقي مطرقا لا يتزحزح من مكانه , إلى أن قطعت مسار رؤياه ربلتا ساقين يكاد بياضهما يفوق بياض الرخام , ورجلان في غاية الدقة والصغر ..تذكر كلام أستاذ الرياضيات وهو يضاحكهم في خبث لطيف ..لما يجمح بكم الخيال او تستثار هرموناتكم ركزوا على الأرقام والمعادلات لتنضبط أدمغتكم ..فكر أن مقاس الحذاء لا يتجاوز 35 وطول الصبية استنادا لما ظهر منها مترا وستة وستين سنتمتر ووزنها ..ربما اخطأ في تقديره نظرا لعبولة الساق يقل عن الستين كيلو ..أراد ان يخمن دورة الخصر ..استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ورفع بصرا أراده ان يكون محترفا محايدا يخترقها دون أن يستقر عليها وسأل عن مكان وطبيعة العمل المطلوب منه ..
    نظرت إليه ..وفي الجزء من الثانية الذي تقاطعت فيه عيناهما تهيأ له استشفاف استهجان أو غضب أو شيء من هذا القبيل في نظرتها..لم يبال ..مد يده إلى عدته ووقف معيدا السؤال.
    رد عليه صوت كشدو البلابل..
    - ما الضرورة في الإستعجال يا ....؟؟
    - سعيد يا سيدتي ..إسمي سعيد
    - يا سعيد .هل تسمح بمشاطرتي فطوري ...فلم أفطر بعد ؟؟
    فاجأه الطلب ..فليس من عادة مستخدميه حتى الرجال منهم دعوته لطعام أو شراب..أخذت سكوته على محمل الرضى أو الخجل..التقفت العدة من يد ارتخت من شدة ما ألم به وما اختبره في هذا اليوم العصيب..ركنتها جانبا ووضعت أناملها في لطف على ذراعه لتقوده إلى حيث مائدة تكاد تنهار مما صف عليها..قهوة شاي عصائر حلويات وسلة فواكه لم ير مثلها إلا في مسلسل فجر الإسلام أو صدره او... أمام أبي لهب أو أبي جهل فقد استشكل عليه الأمر..مرر أصابعه في كثافة شعره في محاولة يائسة للتخلص من لمسة زرعت دفئا غريبا في أوصاله ..بسمل وحاول أن يأكل .علقت اللقمة في حلقه الناشفة ..عالجها بشربة من كوب عصير قبل أن يختنق ,لم يستمرأه فلم تعرفه حليمات لسانه ابدا..في حين بقيت قبالته صامتة تراقبه ,تأكل كعصفوروتفكر كيف تكسر الجليد بينهما..وتستغرب لم ليس كالشبان الآخرين .فكثر منهم كانوا لينبسطوا معها في الكلام وربما مروا للتغزل في أنوثتها الطاغية وجمالها وأناقتها ..وما السر في انجدابها إليه مذ رأته أول مرة متكئا على الحائط ذاك , قبل أن تبعث بعد تفكير طويل سائقها ليستدرجه إلى منزلها بحجة الشغل ..؟؟وكيف واتتها الجرأة ؟؟ ولم هو بالذات من حرك مشاعرها التي حافظت على تحجرها وكتمتها ولجمتها كل هذه السنين؟؟ وهناك طوابير من الشباب من مستواها وطبقتها يستجدون نظرة رضا واحدة للإنبطاح تحت قدميها ؟؟ وكيف ملأ عليها حياة كانت فارغة تصفر الرياح في جنباتها افتقرت لحنان الأم منذ الطفولة وتعرضت لقسوة أب كان ينتظر إبنا فأتت هي ..فمرت جلها في تعب وشقاء وعمل ودراسة وتفوق لتبرهن له أن في مقدورها أن تكون الإبنة والإبن في آن ..ولما استلمت عمله في إدارة الشركة إبان مرضه وفترة تمريضه إلى حين وفاته ..اكتشفت أنه ترك لها كل شيء وسجله بإسمها بيعا وشراء لقطع دابر المطالبات ..أورثها ثروته وبخل عليها بحب الأب وإكباره وتشجيعه.. فرت دمعة من مقلتها وانزلقت على أسالة خدها ..وفي فورة شباب وفراغ قلب يحتاج حنانا واهتماما .. هبت من مكانها وألقت بنفسها عليها مجهشة بالبكاء .
    كان الأمر مفاجئا وفي غفلة منه انزلق من على الكرسي تحت ثقلها ,حاول يائسا أن يتمسك بشيء لاستعادة توازنه , جر سماط المائدة فسقط كل ما عليها أرضا محدثا أصوات تكسر وتهشم .. انتابهه خوف شديد ..استجمع نفسه ,دحرجها جانبا ,وفر لا يلوي على شيء..هناك, باب يواجهه ,فتح ,دخل وأقفل عليه بالمزلاج .
    بقي خلف الباب لا يعرف ما يفعل ولا ما يجري وراءه ..السكون يعم المكان ..لا يسمع إلا لهاثه من البغثة والخوف وكعب حذاء يطقطق في نرفزة ذهابا وإيابا ..خطرت بباله قصة الشاب الورع التقي الذي وقع في نفس المشكلة طلب أن يستحم قبلا ..لكنه عكس ما تنتظر المرأة طلى نفسه بفضلاته فعافته وتركته ينصرف..عدل عن الفكرة نفورا منها ..ولأن زمن المعجزات قد ولى ولن تنبعث منه رائحة المسك وهو في طريقه إلى العودة إن عاد ..
    افترش أرضية المكان وجال ببصره فيه عله يجد له بابا أو نافذة يهرب منها ..فمثل هاته الدورلها عدة مخارج على جميع الفضاءات لكنه اصطدم بجدران صماء..استنتج أنها ربما دورة مياه الخدم ..صغيرة بالقياس لشساعة البيت تحتوي على بعض مستلزمات التنظيف والتجميل فوطا ومرآة وحيدة.. أسقط في يده وتنبأ لنفسه بمصير لا يسر عدوا..مخنوقا هنا أو مدفونا في الحدائق أو أكلة شهية للكلاب ..مرت أمام ناظريه صورة أمه وهي تلطم وتصرخ وتبكي إبنا وحيدا خرج ولم يعد..أشفق على شيبتها من الحزن والثكل فانقبض قلبه .لبث هناك شاردا ما شاء له الله متكوما على نفسه في استسلام لقدره ..مرت عليه غفوة ..أيقظه منها طرق عنيف على الباب وصوت الفتاة يهدد بكسره أو استدعاء الشرطة..
    أجابها مغتاظا ..
    - استدعيها يا محترمة .. فالسجن أحب إلي ما أنا فيه...
    سمع تأففا وصوت ركلة على الباب ,وبعدها أعاد الصمت اطباقه على الفضاء وبدأ عقله المحموم في الإستنتاجات ثانية ومر على جميع الإحتمالات ..وأمرها الموت.
    فقال لنفسه معاتبا ومشجعا..
    - متى كنت يا رجل خوافا جبانا رعديدا أمام الموت أو الحياة أو حتى الكلاب..؟؟
    فكم مرة اعتقلت وكم مرات أطلقت على جمعكم الجامعي المعطل الكلاب البوليسية ومخبري البوليس المتكالبين..وما نفع عقلك الفذ هذا إن لم يخرجك من هذه الورطة وما جدواه ؟؟؟
    نهض وصار يقلب في أدوات التنظيف والتجميل القليلة المرصوفة على النضد..هناك جيل من النوع الذي يستعمله المراهقون لتتبيث الشعر وإيقافه على الراس كعرف الديكة..فكر أن يصب منه على على شعره وينفشه ليبدو كمخبول ..لكن وإن كانت تملك سلاحا فمن تعيش في هذا الخلاء والغنى أكيد تحمل ترخيصا للحماية وإخافتها بطريقة سلبية سيجعلها تلجأ إليه ويضيع عمره وحقه لوكتبت له الحياة بحجة الدفاع عن النفس ..لم تبد الفكرة مجدية ..سقط سنون من نوع سينجال على الأرض في غضم حمى بحثه في الأغراض تلك..التمعت أخرى في عقله وطرقت للمرة الأولى ابتسامة مبسمه مذ وجد نفسه يتخبط في مشكل لم يخطر له يوما على بال..
    أخذ منه , أضاف ماء وصار يتمضمض حتى سالت رغوته البيضاء على ذقنه وغمرت شعيرات لحيته المشذبة بإتقان فحتى في وضعيته الحياتية المزرية لم يكن يتساهل في أناقته وحسن مظهره. فتح مزلاج الباب دون أن يحدث صوتا..وسقط أرضا يركل في جميع الإتجاهات كمن يتخبطه مس ويصدر أنينا وحشرجة وغرغرة محتضر..عاضا على لسانه ممثلا أزمة صرع تماما كما درس أعراضها في كلية الطب..
    سيكون الخوف هذه المرة إيجابيا وتستدعي إسعافا يكون فيه خلاصه..بعد فترة سمع الكعب يطقطق في ستعجال على الرخام والباب يرج بقوة ليفتح على المنظر المخيف..صرخت الصبية ...
    - "اوه ماي كود ..ماي كود "..!!!!
    لم يعرف ماذا دار في راسه حينها لكنه استوى قاعدا ..بصق السنون من فمه مسح بقاياه بظاهر يده ورد عليها بإنجليزية لندنية سلمية طالما غبطه عليها أترابه وحسده عليها أعداؤه وسر منها أساتذته الإنجليز.
    - لو كنت تخافين "يور كود" لما فعلت فعلتك هذه يا محترمة..!!!!
    اختفى الخوف فجأة من عيني الفتاة وحل محله فرح صبياني ..فطفقت تصفق وترفع يديها عاليا..تدور حول نفسها وتتمايل بقدها المياس رقصا مرددة ..واو..واو..واو..
    فغر فمه ينظر في استغراب إلى استعراضها فسال ما بقي من معجون وتكونت فقاعات على شفتيه الفتيتين..نظرت إليه وقالت في نفسها ..
    - حبيبي يشبه طفلا أفلت ثدي أمه للتو..
    هدأت رقصة الهنود الحمر تلك فجأة كما بدأت..هو قاعد في بلاهة على أرضية غريبة وهي وافقة كغصن بان يظلل على حيرته..استدارت مدبرة ..أخرجت من جيبها جوالا همست فيه شيئا واختفت..
    زحف على بطنه وأطل في حذر شديد ..جاب بنظره الأرجاء ..لا أحد..تنفس الصعداء..استجمع نفسه ..بحث عن فردة حذاء انخلغت حين ركله وتشنجه المفتعل نط على رجل واحدة محاولا انتعالها وعينه على الباب الذي فتح تلقائيا ..التقط عدته وخرج...هناك وياللصدفة ..أو أنها ليست كما ظنها ..السائق يشير له أن يركب..لم يصدق ما يحدث..!!!!

    مرت أسابيع على مغامرته..احتفظ بها لنفسه ..وكلما خلد إلى النوم بعد عناء يومه وجافاه النوم يستعيد شريط أحداثها ..وكل يوم تسقط منها تفاصيل تتلوها أخرى إلا الفتاة فقد أبى عقله وقلبه أن يكنا لها ضغينة واحتفظا بذكراها تقاسيمها وشذا عطرها...
    في إحدى الصباحيات...وهو ينتظر كما العادة ..توقفت سيارة يكاد طولها يعادل باصا..وترجلت منها الفتاة في ثوب بسيط لم ينتقص من جمالها وبهائها وأناقتها شيئا ..لم تلتفت إليه بل إلى من هرعوا إليها والتفوا حولها طامعين في شغل ..توجهت صوبه ..تبعها الحشد إلى حيث يقعد وحيدا محاديا للحائط..سقط قلبه في ركبتيه من الفرق..وتساءل ..ما عساها تفعل هذه الغنية المجنونة ؟؟ أستقول انه تهجم عليها وأقل ادبه ؟؟ ستدمر سمعته الطيبة ..والكل يشهد له بالإستقامة والتدين وحسن الخلق..
    رفعت يديها كمن يريد أن يلقي خطبة ...تسكت الههمات والطلبات والتساؤلات ثم ضمتهما في تضرع على صدرها وقالت...
    - إخواني...أرجوكم......أطلبوا من هذا الرجل أن يتزوجني .....
    التعديل الأخير تم بواسطة اماني مهدية الرغاي; الساعة 02-11-2013, 15:47.
  • حسن لختام
    أديب وكاتب
    • 26-08-2011
    • 2603

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة اماني مهدية الرغاي مشاهدة المشاركة
    اتخذ سعيد مكانا بين كُثر من الناس ،منهم من ألف رؤيتهم ،وجُدد لفظتهم دروب الحياة على قارعة الطريق ،يصُفون بها كل عدته على حدة، إنه ًالموقف . تأمل في معنى هذه الكلمة أبعادها ، ومضامينها..
    أهو موقف من لهم موقف ؟
    أو من ليس لهم موقف ؟
    أو من أُتخذ ضدهم موقف ؟
    أو من ليس لهم فيهم موقف ؟
    او من لم يك لهم موقف من أي موقف ؟
    فأُوقفت بهم عجلة الحياة،وأخمدت جذوتها في دواخلهم . و اختزلت في هذه الأحايين الصباحية لسوق عمل أسود، سـواد الآفاق المصطبغة بقطران البطالة وزفت الفقر ، وطين ضيق ذات اليد.
    من حوله أنماط من البشر،لا يجمع بينهم سوى التبغ الرديء ،يستف ما تبقى من نضارة في الوجوه ، ونفس بين الضلوع ،وبيصارة وشاي بابا عزوز العسكري،ونظرة ترقب تضيء وتخبو بعدها ،حين لا يكون أحدهم من ذوي ًالتخصص.
    يهرعون للسيارات الفارهةالمتوقفة حداهم طمعا في الفوز بعمل يقيهم ذل السؤال وقرص الجوع ،وبكاء العيال ،وسخط النساء.قلة منهم يحالفهم الحظ .
    أسند حائطا آيلا للسقوط بظهره الشاب ، وحملق في كأس شايه، تساءل .. أيجب أن يرى نصفها المملوءة أم النصف الفارغة.... ؟؟
    طرق باله من يديرون البلاد وعلماء النفس الذين قرأ لهم طافت بسمة سخرية على تخوم شفتيه وهو يتخيلهم منكبين على مكاتبهم او دراساتهم يفتون في شيء لم يختبروه ، وعلماء اجتماع اكتفوا بالمقدم والمؤخر وتجاهلوا ما يمور في الوسط.
    قرر أن يكتفي بما بينهما، ًكشكوشةً ورغوة ً شايه تضارب فيها البني و الأسود و اعتلتها فقاعات من كل الأحجام ، التقطت شعاع شمس فاستحالت ألوانا قزحية زاهية .أدنى الكأس من أذنه ، استمع لفرقعتها الصامتة, صمت الحيوات الذي يستهلكها الزمن من حوله. استبشر خيرا كونه لا زال يرى الجمال في أقل الأشياء روعة ،شعر بزخم الأمل يؤجج دمه وأحس بطعم كرامة افتقدها وهو يلوح بدبلومه المطبوع بخط قوطي منمق،أمام ..ًبرـ ليـس ـ بأمان ًولسعة الهراوات تكوي جسده وتخرس صوته.انتهى معلقا على جدار مجذوم يطالعه كل صباح كقرار إعدام.
    ترحم على روح والده ، مستحضرا صوته الهادئ المتزن ..
    - أكملت استظهار دروسك أويلدي ... أسعيد ؟؟؟ يا للاه اتبعني ، حرفة ابوك ، لا يغلبوك ..
    لم يغلبوه .. ولن يغلبوه .. إنه جباص بدرجـــــــة دكتــــوراه..في انتظار غد أفضـــل.

    توقفت سيارة لا يظهر من وراء سواد زجاجها شيء,هرع الكل إليها كخلية نحل مدندة ,طقطقة وقرقعة الأدوات تصاحب لهات الجري للفوز بالعمل . بقي هو جالسا فلم يكمل بعد وجبة فطوره قائلا في نفسه رزقي لن يأخده غيري .. تفاجأ بتقهقر السيارة الى أن صارت بموازته وبالسائق يشير إليه أن يركب فهو المطلوب , بسمل وتوكل على الله فتح بابها الخلفي وجلس , غاص في مقعد فاخر تفوح منه رائحة الغنى , انطلقت السيارة تاركة وراءها فرحا وبعضا من حزن في القلوب الطيبة المؤمنة , وغضبا وحسدا في قلوب ملأها الغل وغاض صفاؤها . بعد لأي , توقفت أمام منزل فخم تحوطه حدائق غناء وتظلله أشجار باسقة , فتحت البوابة تلقائيا واستمر السفر لمدة غير قصيرة .. اومأ له السائق أن إنزل دون أن يكلمه..
    تركه هناك وانصرف من حيث أتى ..

    توجس خيفة مما يجري فلم يفهم شيئا ولا رأى أحدا ولا عرف طبيعة الترميم أو العمل المراد إنجازه , وضع عدته على الأرض , جلس وانتظر.. مرت الدقائق عليه كالساعات . انتابه استياء شديد من استهتار الخلائق بالخلائق ومن قلة احترامهم لمن دونهم مكانة . فكر أن يدق باب المنزل لكنه تراجع , التقط عدته وتوجه الى باب مدخل تفرقه وإياه عدة مئات من الأمتار.لكن ما كاد يخطو بضع خطوات حتى وجد نفسه محاطا بثلاث كلاب من نوع البيتبول الشرسة وقد كشرت عن أنيابها,وتوجهت نحوه في عدوانية بادية, ظن أنها النهاية ويالها من نهاية كوجبة لكلاب , صدر صفير ملحن من بين الأشجار فانبطحت الوحوش الضارية في وداعة قطط وبدت امرأة في ريعان الشباب , بثياب وحذاء رياضة, حيته في اقتضاب وأشارت اليه أن يتبعها , غض بصره وخفض رأسه ناظرا إلى الأرض فالصبية كاملة الحسن والبهاء والفتنة والجمال . استمرت في عدوها إلى حيث الباب فتحته تاركة دفتيه مشرعتين ,,دخل حاملا عدته وانتظر . عادت وأقفلت الباب وأمرته أن يرتاح حتى تغير ملابسها.
    ويبدو أن أيامه كلها ستكون انتظارات ..لشيء قد يأتي او لآ يأتي او يتأخر او يأبى المجيء...لقد ألف الإنتظار ولم يعد يزعجه .إيمانه بالله وبالقضاء والقدر يجعله قويا متمساكا إزجاء للوقت تطلع إلى سقف المنزل سواريه ونقوشاته وراقه ما رأى ..عمل احترافي متقن غاية في الجمال وتجانس ألوان بديع..تساءل ما عساه الجباص البسيط أن يضيف إليه ..وإن وجدت هناك إصلاحات فأين هي فكل شيء يبدو على ما يرام ..تملكه العجب ..لكنه تريث, لن يكون من يدحر رزق يومه بيده..إلا إن كان ما يطلب منه من عمل يفوق قدراته ومعرفته فلن يجازف بمس عمل رائع كهذا بترميم قد يشوهه ..سيعتذر أكيد.. سيعتذر ويوصي بمن هم أتقن منه للحرفة ..

    طرق سمعه صوت كعب عال آت ..يسبقه عبق " بارفان" لم يشم أعطر منه في حياته ..وأنى يتسنى له ذلك ؟؟ فلم يصادف أنفه سوى العطور الرخيصة لبنات الجامعة أو
    عطر" الريف دور "الذي تتضمخ به والدته ليمتزج مع روائح الحناء والريحان والورد البلدي على شعرها أو رائحة القطران الذي تضعه على أرنبة أنفها كلما انتابتها نوبة
    صداع نصفي..شتان ما بين ذلكم وهذا الذي دغدغ حواسه واستنفر مجسات رجولته ..

    بقي مطرقا لا يتزحزح من مكانه , إلى أن قطعت مسار رؤياه ربلتا ساقين يكاد بياضهما يفوق بياض الرخام , ورجلان في غاية الدقة والصغر ..تذكر كلام أستاذ الرياضيات وهو يضاحكهم في خبث لطيف ..لما يجمح بكم الخيال او تستثار هرموناتكم ركزوا على الأرقام والمعادلات لتنضبط أدمغتكم ..فكر أن مقاس الحذاء لا يتجاوز 35 وطول الصبية استنادا لما ظهر منها مترا وستة وستين سنتمتر ووزنها ..ربما اخطأ في تقديره نظرا لعبولة الساق يقل عن الستين كيلو ..أراد ان يخمن دورة الخصر ..استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ورفع بصرا أراده ان يكون محترفا محايدا يخترقها دون أن يستقر عليها وسأل عن مكان وطبيعة العمل المطلوب منه ..
    نظرت إليه ..وفي الجزء من الثانية الذي تقاطعت فيه عيناهما تهيأ له استشفاف استهجان أو غضب أو شيء من هذا القبيل في نظرتها..لم يبال ..مد يده إلى عدته ووقف معيدا السؤال.
    رد عليه صوت كشدو البلابل..
    - ما الضرورة في الإستعجال يا ....؟؟
    - سعيد يا سيدتي ..إسمي سعيد
    - يا سعيد .هل تسمح بمشاطرتي فطوري ...فلم أفطر بعد ؟؟
    فاجأه الطلب ..فليس من عادة مستخدميه حتى الرجال منهم دعوته لطعام أو شراب..أخذت سكوته على محمل الرضى أو الخجل..التقفت العدة من يد ارتخت من شدة ما ألم به وما اختبره في هذا اليوم العصيب..ركنتها جانبا ووضعت أناملها في لطف على ذراعه لتقوده إلى حيث مائدة تكاد تنهار مما صف عليها..قهوة شاي عصائر حلويات وسلة فواكه لم ير مثلها إلا في مسلسل فجر الإسلام أو صدره او... أمام أبي لهب أو أبي جهل فقد استشكل عليه الأمر..مرر أصابعه في كثافة شعره في محاولة يائسة للتخلص من لمسة زرعت دفئا غريبا في أوصاله ..بسمل وحاول أن يأكل .علقت اللقمة في حلقه الناشفة ..عالجها بشربة من كوب عصير قبل أن يختنق ,لم يستمرأه فلم تعرفه حليمات لسانه ابدا..في حين بقيت قبالته صامتة تراقبه ,تأكل كعصفوروتفكر كيف تكسر الجليد بينهما..وتستغرب لم ليس كالشبان الآخرين .فكثر منهم كانوا لينبسطوا معها في الكلام وربما مروا للتغزل في أنوثتها الطاغية وجمالها وأناقتها ..وما السر في انجدابها إليه مذ رأته أول مرة متكئا على الحائط ذاك , قبل أن تبعث بعد تفكير طويل سائقها ليستدرجه إلى منزلها بحجة الشغل ..؟؟وكيف واتتها الجرأة ؟؟ ولم هو بالذات من حرك مشاعرها التي حافظت على تحجرها وكتمتها ولجمتها كل هذه السنين؟؟ وهناك طوابير من الشباب من مستواها وطبقتها يستجدون نظرة رضا واحدة للإنبطاح تحت قدميها ؟؟ وكيف ملأ عليها حياة كانت فارغة تصفر الرياح في جنباتها افتقرت لحنان الأم منذ الطفولة وتعرضت لقسوة أب كان ينتظر إبنا فأتت هي ..فمرت جلها في تعب وشقاء وعمل ودراسة وتفوق لتبرهن له أن في مقدورها أن تكون الإبنة والإبن في آن ..ولما استلمت عمله في إدارة الشركة إبان مرضه وفترة تمريضه إلى حين وفاته ..اكتشفت أنه ترك لها كل شيء وسجله بإسمها بيعا وشراء لقطع دابر المطالبات ..أورثها ثروته وبخل عليها بحب الأب وإكباره وتشجيعه.. فرت دمعة من مقلتها وانزلقت على أسالة خدها ..وفي فورة شباب وفراغ قلب يحتاج حنانا واهتماما .. هبت من مكانها وألقت بنفسها عليها مجهشة بالبكاء .
    كان الأمر مفاجئا وفي غفلة منه انزلق من على الكرسي تحت ثقلها ,حاول يائسا أن يتمسك بشيء لاستعادة توازنه , جر سماط المائدة فسقط كل ما عليها أرضا محدثا أصوات تكسر وتهشم .. انتابهه خوف شديد ..استجمع نفسه ,دحرجها جانبا ,وفر لا يلوي على شيء..هناك, باب يواجهه ,فتح ,دخل وأقفل عليه بالمزلاج .
    بقي خلف الباب لا يعرف ما يفعل ولا ما يجري وراءه ..السكون يعم المكان ..لا يسمع إلا لهاثه من البغثة والخوف وكعب حذاء يطقطق في نرفزة ذهابا وإيابا ..خطرت بباله قصة الشاب الورع التقي الذي وقع في نفس المشكلة طلب أن يستحم قبلا ..لكنه عكس ما تنتظر المرأة طلى نفسه بفضلاته فعافته وتركته ينصرف..عدل عن الفكرة نفورا منها ..ولأن زمن المعجزات قد ولى ولن تنبعث منه رائحة المسك وهو في طريقه إلى العودة إن عاد ..
    افترش أرضية المكان وجال ببصره فيه عله يجد له بابا أو نافذة يهرب منها ..فمثل هاته الدورلها عدة مخارج على جميع الفضاءات لكنه اصطدم بجدران صماء..استنتج أنها ربما دورة مياه الخدم ..صغيرة بالقياس لشساعة البيت تحتوي على بعض مستلزمات التنظيف والتجميل فوطا ومرآة وحيدة.. أسقط في يده وتنبأ لنفسه بمصير لا يسر عدوا..مخنوقا هنا أو مدفونا في الحدائق أو أكلة شهية للكلاب ..مرت أمام ناظريه صورة أمه وهي تلطم وتصرخ وتبكي إبنا وحيدا خرج ولم يعد..أشفق على شيبتها من الحزن والثكل فانقبض قلبه .لبث هناك شاردا ما شاء له الله متكوما على نفسه في استسلام لقدره ..مرت عليه غفوة ..أيقظه منها طرق عنيف على الباب وصوت الفتاة يهدد بكسره أو استدعاء الشرطة..
    أجابها مغتاظا ..
    - استدعيها يا محترمة .. فالسجن أحب إلي ما أنا فيه...
    سمع تأففا وصوت ركلة على الباب ,وبعدها أعاد الصمت اطباقه على الفضاء وبدأ عقله المحموم في الإستنتاجات ثانية ومر على جميع الإحتمالات ..وأمرها الموت.
    فقال لنفسه معاتبا ومشجعا..
    - متى كنت يا رجل خوافا جبانا رعديدا أمام الموت أو الحياة أو حتى الكلاب..؟؟
    فكم مرة اعتقلت وكم مرات أطلقت على جمعكم الجامعي المعطل الكلاب البوليسية ومخبري البوليس المتكالبين..وما نفع عقلك الفذ هذا إن لم يخرجك من هذه الورطة وما جدواه ؟؟؟
    نهض وصار يقلب في أدوات التنظيف والتجميل القليلة المرصوفة على النضد..هناك جيل من النوع الذي يستعمله المراهقون لتتبيث الشعر وإيقافه على الراس كعرف الديكة..فكر أن يصب منه على على شعره وينفشه ليبدو كمخبول ..لكن وإن كانت تملك سلاحا فمن تعيش في هذا الخلاء والغنى أكيد تحمل ترخيصا للحماية وإخافتها بطريقة سلبية سيجعلها تلجأ إليه ويضيع عمره وحقه لوكتبت له الحياة بحجة الدفاع عن النفس ..لم تبد الفكرة مجدية ..سقط سنون من نوع سينجال على الأرض في غضم حمى بحثه في الأغراض تلك..التمعت أخرى في عقله وطرقت للمرة الأولى ابتسامة مبسمه مذ وجد نفسه يتخبط في مشكل لم يخطر له يوما على بال..
    أخذ منه , أضاف ماء وصار يتمضمض حتى سالت رغوته البيضاء على ذقنه وغمرت شعيرات لحيته المشذبة بإتقان فحتى في وضعيته الحياتية المزرية لم يكن يتساهل في أناقته وحسن مظهره. فتح مزلاج الباب دون أن يحدث صوتا..وسقط أرضا يركل في جميع الإتجاهات كمن يتخبطه مس ويصدر أنينا وحشرجة وغرغرة محتضر..عاضا على لسانه ممثلا أزمة صرع تماما كما درس أعراضها في كلية الطب..
    سيكون الخوف هذه المرة إيجابيا وتستدعي إسعافا يكون فيه خلاصه..بعد فترة سمع الكعب يطقطق في ستعجال على الرخام والباب يرج بقوة ليفتح على المنظر المخيف..صرخت الصبية ...
    - "اوه ماي كود ..ماي كود "..!!!!
    لم يعرف ماذا دار في راسه حينها لكنه استوى قاعدا ..بصق السنون من فمه مسح بقاياه بظاهر يده ورد عليها بإنجليزية لندنية سلمية طالما غبطه عليها أترابه وحسده عليها أعداؤه وسر منها أساتذته الإنجليز.
    - لو كنت تخافين "يور كود" لما فعلت فعلتك هذه يا محترمة..!!!!
    اختفى الخوف فجأة من عيني الفتاة وحل محله فرح صبياني ..فطفقت تصفق وترفع يديها عاليا..تدور حول نفسها وتتمايل بقدها المياس رقصا مرددة ..واو..واو..واو..
    فغر فمه ينظر في استغراب إلى استعراضها فسال ما بقي من معجون وتكونت فقاعات على شفتيه الفتيتين..نظرت إليه وقالت في نفسها ..
    - حبيبي يشبه طفلا أفلت ثدي أمه للتو..
    هدأت رقصة الهنود الحمر تلك فجأة كما بدأت..هو قاعد في بلاهة على أرضية غريبة وهي وافقة كغصن بان يظلل على حيرته..استدارت مدبرة ..أخرجت من جيبها جوالا همست فيه شيئا واختفت..
    زحف على بطنه وأطل في حذر شديد ..جاب بنظره الأرجاء ..لا أحد..تنفس الصعداء..استجمع نفسه ..بحث عن فردة حذاء انخلغت حين ركله وتشنجه المفتعل نط على رجل واحدة محاولا انتعالها وعينه على الباب الذي فتح تلقائيا ..التقط عدته وخرج...هناك وياللصدفة ..أو أنها ليست كما ظنها ..السائق يشير له أن يركب..لم يصدق ما يحدث..!!!!

    مرت أسابيع على مغامرته..احتفظ بها لنفسه ..وكلما خلد إلى النوم بعد عناء يومه وجافاه النوم يستعيد شريط أحداثها ..وكل يوم تسقط منها تفاصيل تتلوها أخرى إلا الفتاة فقد أبى عقله وقلبه أن يكنا لها ضغينة واحتفظا بذكراها تقاسيمها وشذا عطرها...
    في إحدى الصباحيات...وهو ينتظر كما العادة ..توقفت سيارة يكاد طولها يعادل باصا..وترجلت منها الفتاة في ثوب بسيط لم ينتقص من جمالها وبهائها وأناقتها شيئا ..لم تلتفت إليه بل إلى من هرعوا إليها والتفوا حولها طامعين في شغل ..توجهت صوبه ..تبعها الحشد إلى حيث يقعد وحيدا محاديا للحائط..سقط قلبه في ركبتيه من الفرق..وتساءل ..ما عساها تفعل هذه الغنية المجنونة ؟؟ أستقول انه تهجم عليها وأقل ادبه ؟؟ ستدمر سمعته الطيبة ..والكل يشهد له بالإستقامة والتدين وحسن الخلق..
    رفعت يديها كمن يريد أن يلقي خطبة ...تسكت الههمات والطلبات والتساؤلات ثم ضمتهما في تضرع على صدرها وقالت...
    - إخواني...أرجوكم......أطلبوا من هذا الرجل أن يتزوجني .....
    ياالله، على هذا القصة الشيّقة والممتعة..بناء درامي محكم، أسلوب سردي جميل،وصف دقيق ولغة أدبية راقية وأنيقة..مواقف وأحداث تتحرّك بعفوية وانسيابية وعنوان مرتبط بمتن النص أيما ارتباط.. ونهاية مباغتة ، سعيدة ومشرقة..هنيئا لسعيد بتلك الفاتنة ..تلك الشمس التي أشرقت في حياته .إنها المتعة..أحييك، أيتها الأنيقة
    شكرا لك، أيتها المبدعة الأنيقة على هذا الإبداع الجميل..شكرا لك على لذّة القراءة
    محبتي وكل التقدير والاحترام

    تعليق

    • اماني مهدية الرغاي
      عضو الملتقى
      • 15-10-2012
      • 610

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة حسن لختام مشاهدة المشاركة
      ياالله، على هذا القصة الشيّقة والممتعة..بناء درامي محكم، أسلوب سردي جميل،وصف دقيق ولغة أدبية راقية وأنيقة..مواقف وأحداث تتحرّك بعفوية وانسيابية وعنوان مرتبط بمتن النص أيما ارتباط.. ونهاية مباغتة ، سعيدة ومشرقة..هنيئا لسعيد بتلك الفاتنة ..تلك الشمس التي أشرقت في حياته .إنها المتعة..أحييك، أيتها الأنيقة
      شكرا لك، أيتها المبدعة الأنيقة على هذا الإبداع الجميل..شكرا لك على لذّة القراءة
      محبتي وكل التقدير والاحترام
      اخي الرقيق حسن لختام
      تصفحك بالدنيا وردك الأنيق المشجع
      أسعدني كثيرا..وأبهجني أن سرديتي راقت ذوقك
      وأمتعتك..يقال أخطب لإبنتك تربت يداك لكن اتظن أن بطل القصة
      سيرضى في ظروفه تلك وهو المعتز في أنفة
      ...إنتظر التتمة هههه
      مودتي والتقدير والاحترام
      أماني

      تعليق

      • وسام دبليز
        همس الياسمين
        • 03-07-2010
        • 687

        #4
        كنت اهرول بين السطور فهنا حبكة محكمة وأسئلة تتداخل ونحن في النص ،نص جميل ولغة بسيطة سلسة
        في انتظار الشروق؟؟؟؟؟لكن هل الشروق بزواج ،برأي وصفتي الفتاة كملاك لكن هناك مواصفات اخرى أو حب كان عليك تعزيزه أكثر بين الطرفين ليكون فعلا الشروق في عودتها وطلبها
        تقبلي مروري

        تعليق

        • مهدية التونسية
          أديبة وكاتبة
          • 20-09-2013
          • 516

          #5
          السلام عليكم
          لا انكر ان الاسم ادخلني اولا فيه اسمي
          لكن تفاجأت بحبر لايجف حين يكتب اول الحرف لآخر السطر
          استمتعت جدا لقراءتي هذا النص الجميل
          الاديبة الراقية اماني مهدية
          تقبلي مروري البسيط مع باقة من الياسمين كل الود والتقدير


          http://www.youtube.com/watch?v=RkH_701__k0











          لاتسأل القصيدة عن دمها عن حرفها المغدور بهجر المكان
          لاتسأل فويلها الكلمات حين يسيل دمعها على خد الورق!

          تعليق

          • اماني مهدية الرغاي
            عضو الملتقى
            • 15-10-2012
            • 610

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة وسام دبليز مشاهدة المشاركة
            كنت اهرول بين السطور فهنا حبكة محكمة وأسئلة تتداخل ونحن في النص ،نص جميل ولغة بسيطة سلسة
            في انتظار الشروق؟؟؟؟؟لكن هل الشروق بزواج ،برأي وصفتي الفتاة كملاك لكن هناك مواصفات اخرى أو حب كان عليك تعزيزه أكثر بين الطرفين ليكون فعلا الشروق في عودتها وطلبها
            تقبلي مروري
            الجميل وسام ممتنة على التصفح والتفاعل البهيين
            القصة وما فيها أنه لم تكن هناك مقابلة أخرى ليتكون حب
            الحب من طرف الفتاة واستلطاف من طرف شخص القص
            لكن الفوارق الإجتماعية بينهما ستكون المشكلة فالشروق بالنسبة
            لرجل في أنفة البطل واعتزازه بنفسه لن يرضى ان يلتقط من على الرصيف
            ماذا سيكون طرطور ؟؟؟ ما يوحي به القص ليس ذلك كما أن له بقية
            أرجو أن تنتظرها مشكورا
            مودتى لك تلك والإحترام
            أماني
            التعديل الأخير تم بواسطة اماني مهدية الرغاي; الساعة 03-11-2013, 10:52.

            تعليق

            • اماني مهدية الرغاي
              عضو الملتقى
              • 15-10-2012
              • 610

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مهدية التونسية مشاهدة المشاركة
              السلام عليكم
              لا انكر ان الاسم ادخلني اولا فيه اسمي
              لكن تفاجأت بحبر لايجف حين يكتب اول الحرف لآخر السطر
              استمتعت جدا لقراءتي هذا النص الجميل
              الاديبة الراقية اماني مهدية
              تقبلي مروري البسيط مع باقة من الياسمين كل الود والتقدير
              وعليكم السلام ورحمة منه تعالى وبركات
              هلا بك توأمي في الإسم
              رائع ان نحمل نفس إسم مشتق من الهداية
              ومرورك المضمخ بعطر الياسمين عطر يومي وأبهج روحي
              شكرا جزيلا على التشجيع سرني ان حرفي امتعك واستهواك
              مودتي لك والتقديروشتائل ورد جوري احمر
              اماني
              التعديل الأخير تم بواسطة اماني مهدية الرغاي; الساعة 03-11-2013, 10:48.

              تعليق

              • أمينة اغتامي
                مشرفة ملتقى صيد الخاطر
                • 03-04-2013
                • 1950

                #8
                في انتظار الشروق...مزيج من متعة الحكي وانسيابية اللغة
                وركوب المستحيل من المقاصد والنهايات
                كنت هنا مع قلم شامخ يقف باعتزاز وثقة بالغة
                ومخزون ثر من القيم والمفاهيم الاجتماعية التي
                قلبها النص رأسا على عقب،لتستوي الصورة بين آدم وحواء
                على قواعد جديدة وغير مستبعدة الوقوع
                اختي الأديبة الراقية أماني مهدية الرغاي
                سعدت بهذا اللقاء بك على عجل
                وأنتظر حرفك البهي بفارغ الصبر
                باقة ورد جوري لك سيدتي

                تعليق

                • ربيع عقب الباب
                  مستشار أدبي
                  طائر النورس
                  • 29-07-2008
                  • 25792

                  #9
                  أستاذة أماني
                  صباح جميل
                  أعجبني كثيرا هذا النص الوارف و الرؤية التي قدمتها
                  و التي كنت تحاولين فيها الانتصار للسحرية في زمن بلا أنبياء

                  لكن الجزء الأول يحتاج منك إلي رعاية خاصة
                  من حيث التكثيف
                  و الاقلال من الحديث المجاني عن العمل و سوقه ؛ فلنترك الشخصية تتحدث ، و لكن بلا مغالاة حتى لا نفسد الثمرة !

                  تقبلي خالص احترامي


                  لنبحث عن اسم أكثر جذبا
                  sigpic

                  تعليق

                  • اماني مهدية الرغاي
                    عضو الملتقى
                    • 15-10-2012
                    • 610

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة أمينة اغتامي مشاهدة المشاركة
                    في انتظار الشروق...مزيج من متعة الحكي وانسيابية اللغة
                    وركوب المستحيل من المقاصد والنهايات
                    كنت هنا مع قلم شامخ يقف باعتزاز وثقة بالغة
                    ومخزون ثر من القيم والمفاهيم الاجتماعية التي
                    قلبها النص رأسا على عقب،لتستوي الصورة بين آدم وحواء
                    على قواعد جديدة وغير مستبعدة الوقوع
                    اختي الأديبة الراقية أماني مهدية الرغاي
                    سعدت بهذا اللقاء بك على عجل
                    وأنتظر حرفك البهي بفارغ الصبر
                    باقة ورد جوري لك سيدتي

                    الاخت الرشيقة القلم امينة
                    سعدت كثيرا بتواجدك الألق واهتمامك
                    بنصيصي قراءتك زانته واظفت عليه رونقا وبهاء
                    ان تختاريه لذوقك فخر لي
                    مودتي لك دائمة وحقل ورود
                    اماني

                    تعليق

                    • اماني مهدية الرغاي
                      عضو الملتقى
                      • 15-10-2012
                      • 610

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                      أستاذة أماني
                      صباح جميل
                      أعجبني كثيرا هذا النص الوارف و الرؤية التي قدمتها
                      و التي كنت تحاولين فيها الانتصار للسحرية في زمن بلا أنبياء

                      لكن الجزء الأول يحتاج منك إلي رعاية خاصة
                      من حيث التكثيف
                      و الاقلال من الحديث المجاني عن العمل و سوقه ؛ فلنترك الشخصية تتحدث ، و لكن بلا مغالاة حتى لا نفسد الثمرة !

                      تقبلي خالص احترامي


                      لنبحث عن اسم أكثر جذبا
                      الاخ المبدع الرقيق ربيع
                      شكرا لهذا التواجد الوارف والاهتمام بحرفي المتواضع
                      دعني بعد اذنك اخالفك الرأي حول مجانية ما تعلق بسوق العمل
                      الوارد في القصة فقد اعتبرته نافذة للولوج الى مجرياتها ان يعمل دكتور
                      في عمل بعيد كل البعد عما درسه وما كان المجتمع سيسيتفيذ منه ليس بالشيء الهين
                      وبما انها ق ق فالوصف والاسهاب لا يضيرها في شيء ولم يفسد الثمرة
                      بما انك اخترتها لطبف تصفحك مشكورا
                      مع المودة والتقدير اماني
                      التعديل الأخير تم بواسطة اماني مهدية الرغاي; الساعة 07-11-2013, 14:08.

                      تعليق

                      يعمل...
                      X