صباح جميل
**************
صباح جميل لك .. سيدتي .. أبتدأتها أنا .. رفعت رأسها .. طوت الكتاب .. وبثغر باسم وعيون ضاحكة .. قالت : صباحك أجمل .. لا أدري كيف تضحك العيون ولكن هكذا بدت لي .. جلست على الطرف الآخر للمقعد الخشبي وأنا أمسك بكوب قهوتي الصباحية .. في الحديقة أمام الفندق في يوم صيفي مشرق معتدل .. سماء صافية .. زروع ونخيل وأشجار وارفة .. وخرير ماء و تغريدات طير ناعمة .. أخترت بنطلون الجينز الأزرق الفاتح و قميصا أبيضَ بأكمام قصيرة يتدلى فوق البنطلون .. وحذاء رياضي أبيضاً بخطوط زرقاء .. عطري اليوم بارد فيه من أزهار اللافندر وأزهار برية، أختلطت بفاكهة الصيف .. في العادة أختار لكل رحلة عطراً، لتبقى بصمة محفورة أستدعي عبقها في أوقات الصمت والتأمل .. وأستدفئ بها في صقيع الوحدة ..
لابد أنني محظوظ ومحظوظ جداً أن أعيش أوقاتا سعيدة كهذه، تظن أن الدنيا كلها تواطأت و تناغمت كي تمنحك الفرح والحبور .. وفي لحظات تمر خواطر تشعرك بالأنانية وانت تعرف ان أناساًً هناك يعيشون جحيم الظلم وتقطعت بهم الأسباب وازكمت أنوفهم رائحة الموت .. إن كنت من هؤلاء وتقرأ الان وصوفي .. أقدم إعتذاري عن تقاعسي لمد يد العون لك .. و لكن أرجو ان تجد في ثنايا كلماتي دفقات من أمل وسعادة الاحلام ..
كانت سيدة في العقد السابع او يزيد قليلا .. قميصها ابيض ذو اكمام طويلة وبنطلون اسود فضفاض، زينت يدها اليمنى باسوارة من ذهب مبروم ومن جيدها تدلى عقد من حبات لؤلؤ منتظم وضعت شالا احمرَ على كتفيها رغم ان الدفء في اوائل الصيف ..
قبل ان تبدأ الحديث كنا ننظر انا وهي الى مشهد غير بعيد .. هناك جلست فتاة اظن انها لم تتجاوز العشرين بفستانها الأصفر مشرّب ببياض اكمامه قصيرة تدلى الى اسفل من ركبتيها بقليل وحذاء ابيض خفيف وانسدل شعرها الأصفر الناعم على كتفيها .. و عند قدميها جثا شاب في نفس عمرها تقريبا على ركبتيه وقد امسك بيدها يمسدها يحاول تهدئتها من نشجيج بكاء كنا نسمعه ..
**************
صباح جميل لك .. سيدتي .. أبتدأتها أنا .. رفعت رأسها .. طوت الكتاب .. وبثغر باسم وعيون ضاحكة .. قالت : صباحك أجمل .. لا أدري كيف تضحك العيون ولكن هكذا بدت لي .. جلست على الطرف الآخر للمقعد الخشبي وأنا أمسك بكوب قهوتي الصباحية .. في الحديقة أمام الفندق في يوم صيفي مشرق معتدل .. سماء صافية .. زروع ونخيل وأشجار وارفة .. وخرير ماء و تغريدات طير ناعمة .. أخترت بنطلون الجينز الأزرق الفاتح و قميصا أبيضَ بأكمام قصيرة يتدلى فوق البنطلون .. وحذاء رياضي أبيضاً بخطوط زرقاء .. عطري اليوم بارد فيه من أزهار اللافندر وأزهار برية، أختلطت بفاكهة الصيف .. في العادة أختار لكل رحلة عطراً، لتبقى بصمة محفورة أستدعي عبقها في أوقات الصمت والتأمل .. وأستدفئ بها في صقيع الوحدة ..
لابد أنني محظوظ ومحظوظ جداً أن أعيش أوقاتا سعيدة كهذه، تظن أن الدنيا كلها تواطأت و تناغمت كي تمنحك الفرح والحبور .. وفي لحظات تمر خواطر تشعرك بالأنانية وانت تعرف ان أناساًً هناك يعيشون جحيم الظلم وتقطعت بهم الأسباب وازكمت أنوفهم رائحة الموت .. إن كنت من هؤلاء وتقرأ الان وصوفي .. أقدم إعتذاري عن تقاعسي لمد يد العون لك .. و لكن أرجو ان تجد في ثنايا كلماتي دفقات من أمل وسعادة الاحلام ..
كانت سيدة في العقد السابع او يزيد قليلا .. قميصها ابيض ذو اكمام طويلة وبنطلون اسود فضفاض، زينت يدها اليمنى باسوارة من ذهب مبروم ومن جيدها تدلى عقد من حبات لؤلؤ منتظم وضعت شالا احمرَ على كتفيها رغم ان الدفء في اوائل الصيف ..
قبل ان تبدأ الحديث كنا ننظر انا وهي الى مشهد غير بعيد .. هناك جلست فتاة اظن انها لم تتجاوز العشرين بفستانها الأصفر مشرّب ببياض اكمامه قصيرة تدلى الى اسفل من ركبتيها بقليل وحذاء ابيض خفيف وانسدل شعرها الأصفر الناعم على كتفيها .. و عند قدميها جثا شاب في نفس عمرها تقريبا على ركبتيه وقد امسك بيدها يمسدها يحاول تهدئتها من نشجيج بكاء كنا نسمعه ..
بدات هي الحديث وقالت : تعرف يا بني .. عندما كنت في التاسعة او العاشرة من العمر رأيت مشهدا مثل هذا دونما قصد .. كانت الفتاة التى رايتها تتحدث بصوت صبياني وتبكي تقول ان ذلك ليس منصفا و كأنما كل شئ غير منصف يحدث لك ليس عدلا !! لم استطع تحديد ما حل بها .. على أية حال لم تكن فتاة جميلة بالنسبة لي !! .. و لكن ما اثار دهشتي هو تعامل ذلك الشاب معها وكانها لا تستحق ان تحزن او تعيش اي صعوبة، وان الظروف يجب عليها العمل لاسعادها وتنحني في حضرتها .. ماذا حل بها ؟ لا اعرف !! .. و ربما لم يكن لدي فضول لان اعرف .. فانا كنت حساسة جداً وابكي بسرعة ربما مثلها .. بكيت عندما عاتبتني معلمتي امام البنات واتصلت بأمي .. وعندما طاردني اولاد الحي وضربوني .. ربما حدث لها مثل هذا وهي حساسة مثلي لذلك كانت تبكي .. هكذا فكرت ..
صمتت قليلا .. ثم تابعت القول : لم تكن الفتاة ما اثار اهتمامي ، ليست دموعها او وجهها الحزين، انما ذلك الشاب الذي كان يواسيها ويهدئ من روعها وذلك الخضوع في حضرتها .. لم يقل شيئا غير عادي .. كان يردد ان كل شئ سيكون على ما يرام فقط !! ..
وضعت يدها على خدها مرتكزة على ذراع المقعد الخشبي وقالت : لا ادري كم مر من الزمن بعد ذلك ومخيلتي لا تكف تستدعي ذلك المشهد في ظلمة غرفة نومي لاشاهد شريط الاحداث مرة بعد مرة .. و مع الزمن اختفى وجه الفتاة من المشهد واستبدلته بنفسي فكانت يداه تلمسان يديّ ويجثو عند قدميّ انا.. يحدثني حديث الحنان .. فانا استحق ذلك أيضاً .. لم تكن في ذلك الوقت هرموناتي الأنثوية قد نضجت بعد لتثير في أحاسيس اخرى ..
رشفت رشفات من قهوتي المرة نظرت اليها ونظرت هي إليّ في صمت .. ابتسمت وغادرت المكان وتركتني وحدي بدهشتي .. أعتصر حكمة اللحظة أحاول ان افهم أحجيات النفس البشرية ..
في اليوم التالي كان يوم التكريم بالجائزة الكبرى .. و كانت هي الفائزة ..
انتهت ..
صمتت قليلا .. ثم تابعت القول : لم تكن الفتاة ما اثار اهتمامي ، ليست دموعها او وجهها الحزين، انما ذلك الشاب الذي كان يواسيها ويهدئ من روعها وذلك الخضوع في حضرتها .. لم يقل شيئا غير عادي .. كان يردد ان كل شئ سيكون على ما يرام فقط !! ..
وضعت يدها على خدها مرتكزة على ذراع المقعد الخشبي وقالت : لا ادري كم مر من الزمن بعد ذلك ومخيلتي لا تكف تستدعي ذلك المشهد في ظلمة غرفة نومي لاشاهد شريط الاحداث مرة بعد مرة .. و مع الزمن اختفى وجه الفتاة من المشهد واستبدلته بنفسي فكانت يداه تلمسان يديّ ويجثو عند قدميّ انا.. يحدثني حديث الحنان .. فانا استحق ذلك أيضاً .. لم تكن في ذلك الوقت هرموناتي الأنثوية قد نضجت بعد لتثير في أحاسيس اخرى ..
رشفت رشفات من قهوتي المرة نظرت اليها ونظرت هي إليّ في صمت .. ابتسمت وغادرت المكان وتركتني وحدي بدهشتي .. أعتصر حكمة اللحظة أحاول ان افهم أحجيات النفس البشرية ..
في اليوم التالي كان يوم التكريم بالجائزة الكبرى .. و كانت هي الفائزة ..
انتهت ..
تعليق