الرحيل إلى الغروب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • اماني مهدية الرغاي
    عضو الملتقى
    • 15-10-2012
    • 610

    الرحيل إلى الغروب

    حجزته في غرفة .تروم تخليصه من
    السموم المجروعة والمحقونة في جسمه الشاب..آلام مبرحة ...قيء ..عرق وهلوسة
    -أين أبي صرخ ..أريد أبي.
    - سيعود.. تماسك بني ..لن أتركك أنا بجانبك..مسحت على رأسه في حنان أم ..تتبعت تقاطيع وجه كان بضا فتيا لم تتبق منه سوى نتوءات وحفر ..جفون
    ظللها السواد وحواف فم مزموم عليها بياض زبد..بكت من حرقتها ووحدتها، لامت نفسها.كيف لم تستشعر مجسات أمومتها إشارات معاناته .؟؟.
    أخذتها تصاريف الحياة والجري وراء لقمة العيش وألهتها عنه ,لم ترض أن تمد يدها أو تطلب عطف أحد ...هدهدته كما كانت تفعل وهو طفل, هدأ رعاشه وغفا.
    أوصدت الباب وخرجت تتزود بما يكفي لأيام..
    وقت عادت وجدت باب الغرفة مخلوعا ..سقط قلبها بين ضلوعها ...التاعت من فرقها عليه..انتظرت طويلا تحت نهش أنياب الهواجس عله يعود كما تعود أن يفعل كل مرة ..أسدل الليل ستاره على الوجود ،فتكثل الظلام على قلبها..انحبس نفسها ,اتجهت إلى النافذة تستجدي لرئتيها بعضا من هواء ..لطمها الخواء.. تضاءل أملها اطفأت الأضواء وبقيت مستيقظة يحفها اليأس والأسى..تتضارب الأفكار في رأسها المحموم..تتساءل أين عساه يهيم على وجهه في هذا الليل القارس المخيف ؟؟
    مرت ليلتها بطول سنة , لم يغمض لها جفن ولا سكن خاطر ،ومرت حياتها كشريط أمام عينيها ..حياة عز وصفاء ودلال.. حتى أحبت من لم ترضه عشيرتها، ضحت بكل شيء وعاشت حلما وأدته الهجرة الى المجهول ..تاركة في أحشائها بذرة منه تتنامى وتخرج لحياة لم تخترها ..تعهدت بارقة الأمل المتبقية لسنين قبل أن تنطفيء وتخبو كقنديل جف زيته ..لم تأل جهدا لرعايته لكن مكان الأب بقي شاغرا في قلب ابنها..فراغا مهولا تسرب من فجه الإدمان فعصف بكل جميل فيه ..تذكرت كم كان وسيما ولطيفا و كم أحبت شغبه و..أحب البحر وشقشقة الشفق على جبين الأفق صبحا ،وحمرة الغسق
    على خد البحر وقت المغيب .. جزعت .. تمالكت نفسها واتجهت صوب المحيط تتقاذفها أزقة المدينة القديمة ,تطبق عليها حيطانها التي تآكلها الملح وأحماض نفايات
    الآدمين..وتفزعها جثت أشباه أموات مكورة على بقايا علب كارتون وألحفة متهرئة ..
    صفعتها برودة المحيط الشاسع واجتاحها هديره الغاضب
    هناك ،
    وجدته ساندا ظهره للصخرة الملساء الندية ..احتضنت يده الباردة.. نفثت فيها من دفئها ..
    نظرت في عينيه المشرعتين على اللآمتناهي الآزوردي..
    فأطل عليها من عمقهما ...شبح شمس آفلة.

    التعديل الأخير تم بواسطة اماني مهدية الرغاي; الساعة 08-11-2013, 10:27.
  • حسن لختام
    أديب وكاتب
    • 26-08-2011
    • 2603

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة اماني مهدية الرغاي مشاهدة المشاركة
    حجزته في غرفة .تروم تخليصه من
    السموم المجروعة والمحقونة في جسمه الشاب..آلام مبرحة ...قيء ..عرق وهلوسة
    -أين أبي صرخ ..أريد أبي.
    - سيعود.. تماسك بني ..لن أتركك أنا بجانبك..مسحت على رأسه في حنان أم ..تتبعت تقاطيع وجه كان بضا نديا لم تتبق منه سوى نتوءات وحفر ..جفون
    ظللها السواد وحواف فم مزموم عليها بياض زبد..بكت من حرقتها ووحدتها، لامت نفسها.كيف لم تستشعر مجسات أمومتها إشارات معاناته .؟؟.
    أخذتها تصاريف الحياة والجري وراء لقمة العيش وألهتها عنه ,لم ترض أن تمد يدها أو تطلب عطف أحد ...هدهدته كما كانت تفعل وهو طفل, هدأ رعاشه وغفا.
    أوصدت الباب وخرجت تتزود بما يكفي لأيام..
    وقت عادت وجدت باب الغرفة مخلوعا ..سقط قلبها بين ضلوعها ...التاعت من فرقها عليه..انتظرت طويلا تحت نهش أنياب الهواجس عله يعود كما تعود أن يفعل كل مرة ..أسدل الليل ستاره على الوجود ،فتكثل الظلام على قلبها..انحبس نفسها ,اتجهت إلى النافذة تستجدي لرئتيها بعضا من هواء ..لطمها الخواء.. تضاءل أملها اطفأت الأضواء وبقيت مستيقظة يحفها اليأس والأسى..تتضارب الأفكار في رأسها المحموم..تتساءل أين عساه يهيم على وجهه في هذا الليل القارس المخيف ؟؟
    مرت ليلتها بطول سنة , لم يغمض لها جفن ولا سكن خاطر ،ومرت حياتها كشريط أمام عينيها ..حياة عز وصفاء ودلال.. حتى أحبت من لم ترضه عشيرتها، ضحت بكل شيء وعاشت حلما وأدته الجهرة الى المجهول ..تاركة في أحشائها بذرة منه تتنامى وتخرج لحياة لم تخترها ..تعهدت بارقة الأمل المتبقية لسنين قبل أن تنطفيء وتخبو كقنديل جف زيته ..لم تأل جهدا لرعايته لكن مكان الأب بقي شاغرا في قلب ابنها..فراغا مهولا تسرب من فجه الإدمان فعصف بكل جميل فيه ..تذكرت كم كان وسيما ولطيفا و كم أحبت شغبه و..أحب البحر وشقشقة الشفق على جبين الأفق صبحا ،وحمرة الغسق
    على خد البحر وقت المغيب .. جزعت .. تمالكت نفسها واتجهت صوب المحيط تتقاذفها أزقة المدينة القديمة ,تطبق عليها حيطانها التي تآكلها الملح وأحماض نفايات
    الآدمين..وتفزعها جثت أشباه أموات مكورة على بقايا علب كارتون وألحفة متهرئة ..
    صفعتها برودة المحيط الشاسع واجتاحها هديره الغاضب
    هناك ،
    وجدته ساندا ظهره للصخرة الملساء الندية ..احتضنت يده الباردة.. نفثت فيها من دفئها ..
    نظرت في عينيه المشرعتين على اللآمتناهي الآزوردي..
    فأطل عليها من عمقهما ...شبح شمس آفلة.

    ياالله، بؤس الواقع يعلقم حياة هذه الأم وذاتها. كُتب عليها أن تجترّ هذا البؤس إلى ما لانهاية، بفقدها فلذه كبدها وإبنها الوحيد..
    نص موجع يقطر وجعا ومرارة.. يروق لي أسلوبك الأدبي الراقي والجميل
    محبتي وتقديري، أختي المبدعة اماني

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      أستاذة أماني
      في هذه أستاذة سوف أطالبك ببعض ألوان الطيف
      و ليس الاختصار و التكثيف
      لم جعلت الأمر يبدو وكأنه صفحة من مذكرات .. هكذا أحسستها برغم أنك عنيت بالختامة فجاءت جميلة
      و على قدر كونها نهاية مفتوحة إلا انها احتملت الرحيل أكثر !
      سوف أطالبك ببعض الاهتمام بالنص ، و أنت الشاعرة ، و ضخه بما يستلزم لأن نقول : الله عليك !

      شكرا لك

      تقديري و احترامي
      sigpic

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        الزميلة القديرة
        اماني مهدي الرغاي
        نص جميل بكل هذا الوجع الساكن بين السطور
        ومضة النهاية سكبت الشجن على روحي فندت من عيني دمعة سخية
        أخاف فقدان الأحبة لأني فقدت الكثيرين منهم
        لي رأي بشأن الفلاش باك الذي جاء وكأنه حشر داخل النص وكنت أفضل الغور بين بطون نصك بسرد شفاف حول الأم والإبن وذاك الخوف الكبير وربما بعض أمنيات وهي تجده في مكان ما لتصحو على فاجعتها الكبيرة.
        رؤيتي لن تقلل من قوة النص خاصة وأنت ما شاء الله عليك تمتلكين أدوات القص الجميل وطريقتك سلسة ومحببة وشجنها كبير.
        ليتك تشاركين زميلاتك وزملائك نصوصهم وتتركين لهم من رؤاك مما يكسبهم ويكسبك خبرة وقوة فتبادل الخبرات من أدوات النجاح سيدتي فالمشاركة تجعلنا نكتسب رؤى
        سعيدة أني تعرفت بك من خلال نصك
        تحياتي ومحبتي
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • كريم قاسم
          أديب وكاتب
          • 03-04-2012
          • 732

          #5
          نص جميل .. استمتعت هنا .. سلمت يداك ..
          تحية طيبة

          تعليق

          • اماني مهدية الرغاي
            عضو الملتقى
            • 15-10-2012
            • 610

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
            أستاذة أماني
            في هذه أستاذة سوف أطالبك ببعض ألوان الطيف
            و ليس الاختصار و التكثيف
            لم جعلت الأمر يبدو وكأنه صفحة من مذكرات .. هكذا أحسستها برغم أنك عنيت بالختامة فجاءت جميلة
            و على قدر كونها نهاية مفتوحة إلا انها احتملت الرحيل أكثر !
            سوف أطالبك ببعض الاهتمام بالنص ، و أنت الشاعرة ، و ضخه بما يستلزم لأن نقول : الله عليك !

            شكرا لك

            تقديري و احترامي
            حاضر اخي ربيع ساحاول وعفوا لأنها لم تنل اعجابك الكبير
            فأنا لا ارضى به إلا كاملا غير منقوص هههه
            مع المودة
            اماني

            تعليق

            • اماني مهدية الرغاي
              عضو الملتقى
              • 15-10-2012
              • 610

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
              الزميلة القديرة
              اماني مهدي الرغاي
              نص جميل بكل هذا الوجع الساكن بين السطور
              ومضة النهاية سكبت الشجن على روحي فندت من عيني دمعة سخية
              أخاف فقدان الأحبة لأني فقدت الكثيرين منهم
              لي رأي بشأن الفلاش باك الذي جاء وكأنه حشر داخل النص وكنت أفضل الغور بين بطون نصك بسرد شفاف حول الأم والإبن وذاك الخوف الكبير وربما بعض أمنيات وهي تجده في مكان ما لتصحو على فاجعتها الكبيرة.
              رؤيتي لن تقلل من قوة النص خاصة وأنت ما شاء الله عليك تمتلكين أدوات القص الجميل وطريقتك سلسة ومحببة وشجنها كبير.
              ليتك تشاركين زميلاتك وزملائك نصوصهم وتتركين لهم من رؤاك مما يكسبهم ويكسبك خبرة وقوة فتبادل الخبرات من أدوات النجاح سيدتي فالمشاركة تجعلنا نكتسب رؤى
              سعيدة أني تعرفت بك من خلال نصك
              تحياتي ومحبتي
              المبدع المقتدر نادر
              سررت بمرورك وتصفحك الجميلين
              الفلاش بك تبئير للنص اخي اظن لم لم يكن لأتي النص مسطحا
              لكن رأيك يحترم
              وانا احاول ان اتفاعل مع نصوص زملائي المبدعين قدر المستطاع
              لقد غبت مطولا عن المنتدى وهو زاخر تبارك الله ما شاء الله بالنصوص
              ويلزمني الكثير من الوقت للمرور عليها كلها ومن اسبوع وانا اقرأ ما فاتني
              هنا وفي اماكن اخرى واقسم مجهودي بالتساوي .
              مودتي وتقديري
              اماني

              تعليق

              • اماني مهدية الرغاي
                عضو الملتقى
                • 15-10-2012
                • 610

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة كريم قاسم مشاهدة المشاركة
                نص جميل .. استمتعت هنا .. سلمت يداك ..
                تحية طيبة
                اخي الجميل كريم
                تصفحك شرف للنص ولشخصي المتواضع
                بوركت وسلم التفاعل المشجع
                مودتي والتقدير
                اماني

                تعليق

                • وسام دبليز
                  همس الياسمين
                  • 03-07-2010
                  • 687

                  #9
                  كثيرا ما تجتمع المأسي دفعة واحد وكان الموت والحزن غاية عند البعض هي حكمة إلهية لاختبار الصبر
                  قصة جميلة وسرد جميل
                  لك مودتي

                  تعليق

                  • نواف الملاحي
                    أديب وكاتب
                    • 23-03-2012
                    • 24

                    #10
                    نص بديع وخاتمة أجمل
                    راقتني الخاتمة كثيراً بقدر ما أوجعتني

                    كل الشكر

                    تعليق

                    • اماني مهدية الرغاي
                      عضو الملتقى
                      • 15-10-2012
                      • 610

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة وسام دبليز مشاهدة المشاركة
                      كثيرا ما تجتمع المأسي دفعة واحد وكان الموت والحزن غاية عند البعض هي حكمة إلهية لاختبار الصبر
                      قصة جميلة وسرد جميل
                      لك مودتي
                      اخي المبدع وسام صباحك بركة
                      قرأت ردك مع انبلاج الفجر ورفع الآذان
                      فرفعت دعاء لله ان يفرج على كل مكروب
                      ويجزيه بصبره خير الجزاء
                      ولك مني الف تحية وسلام انرت نهاري بطلتك
                      البهية
                      مودتي والتقدير
                      اماني

                      تعليق

                      يعمل...
                      X