حكاية الظل .. الذي لم يكن ظلا ( أوراق نيلية )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    حكاية الظل .. الذي لم يكن ظلا ( أوراق نيلية )

    حكاية الظل .. الذي لم يكن ظلا !
    يا ربى . كيف تاهت عيني ، و كامل جوارحي .. عن صاحبتي ؟ كيف ، و أي درب عبرت ، وخلفتني ألف حول نفسي . العتمة قاسية .. أتفتت ، أتحلل . أتلمس طريقي ، خلفها مرة ، أمامها مرة ، إلى جانبها أخرى ، أعانقها مرة ، و معها أتوحد ، أتلاشى فيها . على امتداد الطريق أشاكسها ، أحتضنها على ضوء قمر ، أذوب بين شفتيها مثل قطعة سكر. و مثلي تذوب ، تتلاشى في . يا لصوتها الحلم .. حين يخترق هيكلي ، يعبر أوردتي ؛ أتهاطل مطرا ، و في دوامات جنوني أنط ، أتشقلب ، كطائر مغرد أطلقوا سراحه بغتة . كم أحبها ، أعشقها ، لولاها ما كنت ، ولا كانت لي حياة ! منذ أيام .. و أنا تائه : أين اختفت ، أي طريق تسللت ؟ أتراها ضاقت بي .. أنا .. أنا ظلها ؟! هل أصابها مكروه ؟!! أصرخ . لا من مجيب . أترجى ، أتوسل هذه الظلال المعربدة والهائمة من حولي . لا من مجيب .. لا ...! أصنع دائرة كبيرة . متسعة هي ، بشموع ممتدة أحيطها ، أغرسها ظلالا ، ثم بعود ثقاب أشعلها جميعا ، أدبدب . بين فراشات و هوام تدنو ، تحول المكان لمدينة خرافية . زفيف ورفيف ، طنين و هسيس . تلون الكون ، تنسل خيوطا من زبرجد وعقيق . أرقص بين دموع نوازف ، أكون ماردا مصبوبا . ومن الدائرة أغادر ، أراقب الظلال . كثيرة هي ، متطاولة كغابة استوائية ، ربما كانت بينها . لا أجد لها شبيها ، أطفئ خطا مستقيما ، أعبره ، أتمدد فيه ، أراقب اللهب ؛ وهو يتهالك ضحكا منى ، و قد نهشت هيكلي خيوط الضوء ، عبرتني ؛ كأني مشدود على صليبها .. أين أنت ؟! أطيح بالدائرة ، بكل الظلال ، أعبرها ، ثم أسويها ، أحتضن تراب الأرض ، مشحون بطاقة سحرية ، من نور يتوهج ، أضاء عتمات أوردتي ، أشم فيه رائحة أنفاسها ! أتراها تحللت منى ، و اصطفت ظلا غيري . مستحيل تفعل ، لن تستطيع لو أرادت ..نعم . لو أرادت ، كيف تصطنع ظلا غير ظلها ؛ إلا أن كانت هي الأخرى ظلا ؟! أمامي تعرت . قاسمتها الرقص و الفرح ، الحزن ، والركض . ضرب من محال ، أن تتخلى عني ؛ ليست ممن يعبرون ظلهم ، و عن بدائل يبحثون! كم أحبها ، أعشق كل شيء فيها : وجهها ، عينيها ، شعرها المسترسل ، شفتيها ، عودها ، حديثها ، غضبها ، فرحها .. كل ما هي و ما هو ! تعبت من اللف ، تعبت من الموت .ما عادت لي عينان لتريا . كثيرا بكيت . هاهو ظل يقترب مني ، يحتك بي ، صارخا يلطمنى ، يغيظني ، بله يركلني .. وهو يتبع سيدته :" يا أبله ..كيف ضيعت صاحبتك ..أكيد أنت .... ! ". :" حقا .. كيف .. كيف ؟!! آن معاودة الموت . كثيرا اشتقتها. غير قادر على الحركة ، عاجز تماما ، فلأتحامل على نفسي .. هيا ، الآن . ممعن أنت في وجعك ، كلعنة تتحرك . لابد تعرف ، تتأكد أولا ، أنها بغزلها تحيك أسوارك . نعم .. هيا أيها الظل الكسول . كان يجب أن تكون مثلها جميلا. هيا وفض هذا النواح ، فتش كل الدروب عنها ، في أوجه العابرات حدق.. واحدة .. واحدة . حتى تدركها ، و تصل إليها . اسأل الطير ، الوحش ، الشجر ، البحر ، لا تبتعد ، لا تتوقف ! مرّ بي ظل يرتجف :" هل أدلك على طريق أصوب للوصول ؟!" :" ليتك تفعل .. ليتك سيدي ". :" من نقطة الابتداء ، من أين تخلقت ، وكان لكما وجود ؟!". :" هناك ..نعم . على مشارف حبوها ، كانت بدايتي ". :" هيه . مالك تنسى بسرعة ، هيا أيها المأفون ". :"يا ربي .لكن الطريق طويلة ، طويلة ومضنية ..مضنية ! ". :" لو كنت مكانك محبوبا ومطلوبا ؛ لركبت الريح ، و الموج ، و الطير ، كنت هناك ". وجدتني أخلفه ، وقد اشتط عقلي ، تعملق ، أصبح في حجم كرة أرضية ، تدور فيه رحى تواريخ قديمة . كان الفراعين ملوكا وسحرة ، يرفعون صولجاناتهم في بأس . هاهو أحدهم ، يلقيه ، يرتطم بالأرض ، فإذا هو رخ . صوته يهز أركان المعمورة ، و هو يزفزف بجناحيه . يعتليه الفرعون ، يحلق به . شعرت أنى لم أكن يوما خائرا ، و لا متخاذلا . تسحبت في الهواء ، حلقت .. حلقت عاليا ، ركبت ريحا و بحرا . صوتها يناديني . تصك أذني خفقات قلبها ، حنانها يدفئني . أصبحت هناك ، قرب أقطارها .. لن أستطيع عبورا إلا بسلطانها . صرخت ، دبدبت ، تهاطلت . من الداخل صوتها يأتي قطرات ، رذاذا طريا . يا ربى .. إنها بلا أجنحة ، تعاني . آه .. آه . أنا و ما أملك فدى آهتك .. أبص من فتحات الغيم الضيقة . يا الله . ها هي تتوسد فراشها . صوت أنفاسها يمزقني ، يقتلني . نار يعلو سعيرها ، تمتد ، تسحقني : ما العمل إذن .. ؟ هل أظل معلقا هنا ، دون أن تشعر ، أني هنا ، على نفس خط وجعها ، في ذات السماء و السحاب ؟ أصاعد صوب سماء تالية ، أتوسلها . تحت عرشه أركع : يارب . خذني مني ، أقل عثرتها . أتهاطل كدمع العين . ما يملك ظل ، ما يملك ؟! لا أريد أن أظل ظلا . أنا حقيقة . نعم . لن أكون ظلا ، لن أظل عبدا لتقلبات الوقت والريح . أنا . هاهي تصحو ، ترفع وجها شاحبا . أكاد أتحلل ، أتفكك نتفا . تعالي ، انهضي سيدتي . كأنها تسمعني ، تبارح فراشها ، تستشعر اختناقا ، تتأرجح ، تكاد تقعى ، تنهار ، تتماسك ، تأخذ رأسها بين كفيها ، تصرخ كوجع يتلوى ، تدنو من الريح .. مني . أنا هنا ، معك أينما كنت ، اقتربي ، لا تتوقفي سيدتي . تشرع جناحي فورتها بيد ضعيفة ، نصبح وجها لوجه ، كمرايا تسكن مرايا ، سحابا يلوك سحابا . :" من .. أنت .. متى وصلت هنا .. متى ؟!!". :" أنا .. هنا منذ قديم ، ولدت معك ، كبرت معك ، لعبت معك ، شربت ، أكلت معك ، و حين يأتي الليل ، أذوب بين أحضانك ، كم ذبت في أصائل النهارات ، تقزمت أمام روعتك ، تعملقت مع استدارة شمسك ، من ظل أنفاسك ، تطيرت ، هربت منك إليك ! :" أنت .. كم ناديت عليك ، و دائما ما كنت تردد : مسافات ، سفر ، و ترسم اعتلالك بحيلولة ما ". :" ها أنا سيدتي ، معك هنا ". لم أستطع صبرا ، تجاوزت ديمة نابحة ، بين ذراعي لملمتها بحنان ، أنبتها أريجا . و هي تكاد تصرخ ألما .. يا ربى .. لن أتوه عنك .. لن . :" أخيرا .. أخيرا . أكان لا بد أن أشكو الريح والشجر كطائر جريح ، أكان عليك ......؟!!". :" لا .. كنت دائما معك ، لم أفارقك ، كنت ظلك .. كنت ظلك . ألم تشعري بي سيدتي ، ألم..... ؟!!". :" مستحيل .. مستحيل ؟!!". :" المستحيل ألا أكون هنا ، أن أظل ظلا و أنا مصدر الظل فيك". فجأة أكتشف ، لست وحدي . كانت القلعة بالظلال تختلج . يا ربى .. من هؤلاء ، من أين أتت ، من أين هي ؟!! دارت بي الأرض ، طرقت بعضي ببعضي ، فاحترقت كورقة في رحابة الهواء . الظلال تطاردني ، تسعى لبلوغ رمادي . أنيابها مشهرة ، قاسية ، قاتل لهاثها .. قاتل . له رائحة يود قابضة . صرخت بسقطة الفرعون . في لمح البصر أتى ، يخترق أحشائي ، يخرج من بين ضلوعي . حملني على ظهر ارتباك ، طرق رأسي بعصاه . تهت عن نفسي ، ما عدت أرى .. ما عدت . هزني بقوة ، أز جسدي ، هتف بصوت رخامي :" لست ظلا من الآن ، أنت أنا ، سحابا و غيثا تكون ، قويا ، فيك ما أحمل من نيل . هيا .. إياك و هذه الترهات .. لست ظلا ". أوقعني ، فانبسطت أديما ، و نهرا ، و هو يقهقه بغطرسة . في دوامة ، ألف عبر مغاليق الصحاري ، داخلي قوة لم أحسها من قبل ، جذرت بها اتجاهي .. نعم . صغت وجهتي ، مابين أسفاري و هطولي ، كنت هناك ، موجا يعلو موجا ، أزيح كل الظلال ، أكنسها كأوراق خريفية ، ممزقا كل أشباحها ، وئيدا أتهادى في قيعانها ، جفافها ، حنينها . كانت ما تزال تتوجع . انحنيت فانتهيت إليها ، بيدي تلمست السحر ، فغدوت ساحرا . صحت ، تأملتني ، فتهالكت كجنين . قشرت بطن عجزه ، فذاب في لجتي ، و ذبت . استبقني لدي أوبتي ، بعد سبع نوازف :" هكذا أردتك ، هكذا دائما .. ضمني بقوة ".


    ( أوراق نيلية )
    sigpic
  • كريم قاسم
    أديب وكاتب
    • 03-04-2012
    • 732

    #2
    قصة ظل .. أليمة .. يا ويح الظلال اذا تاهت عن اصولها ..
    رمزية فائقة العمق .. تحتمل كل المعاني ..
    تحية لك ولقلمك المحترف ..

    تعليق

    • بسباس عبدالرزاق
      أديب وكاتب
      • 01-09-2012
      • 2008

      #3
      الله الله الله
      عليك يا ربيع القصة و الشعر
      ما فعل النيل فيك هذا اليوم و قد جعلك تشرب و تسقي قرائك شعرا
      قصة نيلية من التاريخ
      نص أهرامي بجدارة يليق بك أن تحتضنه بقوة

      قراءات عدة جالت بخاطري بعد قرائتي الأولى

      هل كنت تتحدث عن حب باغتك حين حلم
      أم عن وطن يضم النيل

      نص عميق يحتاج لقراءة متأنية
      أولا لجمال لغته
      و ثانيا لبعد أبعاده و مراميه


      محبتي أستاذي ربيع
      السؤال مصباح عنيد
      لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

      تعليق

      • نادية البريني
        أديب وكاتب
        • 20-09-2009
        • 2644

        #4
        فرحت عندما وجدت هذه الأوراق النّيليّة.ما دمت تكتب فأنت بخير والحمد لله هكذا أرى الأمر
        وأيّ ظلّ هذا؟ العمل عميق عميق وجميل جميل يستحقّ النّجوم
        لي عودة بإذن الله لقراءات أخرى لأنّه من النّصوص التي تشدّنا إليها وهي تحكي مصر الحاضر والماضي ومنهما ننفتح على المستقبل
        القلم مبدع ماشاء الله
        تصبح على خير

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة كريم قاسم مشاهدة المشاركة
          قصة ظل .. أليمة .. يا ويح الظلال اذا تاهت عن اصولها ..
          رمزية فائقة العمق .. تحتمل كل المعاني ..
          تحية لك ولقلمك المحترف ..
          أخي كريم .. شكرا لزيارتك الكريمة
          و قراءة هذا النص
          منكم و لكم اخي الطيب

          محبتي
          sigpic

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة بسباس عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
            الله الله الله
            عليك يا ربيع القصة و الشعر
            ما فعل النيل فيك هذا اليوم و قد جعلك تشرب و تسقي قرائك شعرا
            قصة نيلية من التاريخ
            نص أهرامي بجدارة يليق بك أن تحتضنه بقوة

            قراءات عدة جالت بخاطري بعد قرائتي الأولى

            هل كنت تتحدث عن حب باغتك حين حلم
            أم عن وطن يضم النيل

            نص عميق يحتاج لقراءة متأنية
            أولا لجمال لغته
            و ثانيا لبعد أبعاده و مراميه


            محبتي أستاذي ربيع
            لم تتعدى ما قلت أخي الجميل بسباس
            هكذا كانت .. تجربة لا تشبه إلا أنفاسي
            و كلماتي العتيقة الضاربة في عمق الوجع

            زيارتك دائما لها شأن آخر
            و مذاق مختلف !

            محبتي
            sigpic

            تعليق

            • أم عفاف
              غرس الله
              • 08-07-2012
              • 447

              #7
              دخلت يملؤني فضول خاص
              في الحقيقة أحببت كثيرا القراءة لك سيدي
              كان استعدادي النفسي يصور لي نصّا بنكهة الشوق إلى الأشياء التي نحبها
              لم يكن ما توقعت
              كانت مراوغة جميلة منك
              ربما لأنها خاتلت انتظاري أو لأنها زئبقية تأخذ أشكالا عدة على حيز غير ثابت
              السؤال لماذا اخترت قناعا من الظلال .
              الظل عادة شفاف ومن يحمل كل هذه الحيرة وكل هذا الضياع لابدّ يلبس أردية الحزن العاتمة
              حتّى الحزن في حضرة البوح شفيف وجميل
              حاولت مراقصة اللغة التي بدت في حركة مدّ وجزر متناغمين
              كأنني أصغي إلى الموسيقى التي كتبت على إيقاعها نصك
              تحياتي
              التعديل الأخير تم بواسطة أم عفاف; الساعة 11-11-2013, 18:40. سبب آخر: حذف نقطة زائدة

              تعليق

              • ربيع عقب الباب
                مستشار أدبي
                طائر النورس
                • 29-07-2008
                • 25792

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
                فرحت عندما وجدت هذه الأوراق النّيليّة.ما دمت تكتب فأنت بخير والحمد لله هكذا أرى الأمر
                وأيّ ظلّ هذا؟ العمل عميق عميق وجميل جميل يستحقّ النّجوم
                لي عودة بإذن الله لقراءات أخرى لأنّه من النّصوص التي تشدّنا إليها وهي تحكي مصر الحاضر والماضي ومنهما ننفتح على المستقبل
                القلم مبدع ماشاء الله
                تصبح على خير
                أستاذتي / نادية
                لا تدرين مبلغ سعادتي لمرورك من هنا
                و مجرد الإحساس بان العمل نال اعجابك ، هذا في حد ذاته تكريم لي
                فأنا أنا هذا الشخص الذي يكتب و كأنه يكتب لأول مرة
                و ينتظر رأيا فيما كتب ؛ فما باله وقد أتي منك أنتِ ؟!

                أنتظر بالطبع مرورك ، لآستفيد و أتعلم من إنارتك المأمولة للعمل !

                ليتني بالفعل أكون على ذات الفرحة ، و خط العمر الذي كتبت به قصتي الأولى !
                الحمد لله على كل حال

                تقديري و محبتي
                sigpic

                تعليق

                • عائده محمد نادر
                  عضو الملتقى
                  • 18-10-2008
                  • 12843

                  #9
                  يارب السموات والأرض
                  كم تعملقت هنا ربيع
                  أخذتني السطور لأغيب بينها وكأني هي وكأني الظل
                  وكم أحسست بروح تستبيحني حد الإستحواذ
                  أي روح تمتلكتك حظة الكتابة ربيع
                  أي رياح عاصفة اجتاحتك حد الغوص عميقا لتخرج الؤلؤ بنفس واحد وكأنك ما استرجعت أنفاسك حتى انتهيت منه.
                  هذا نص اختزلت فيه رحلة العمر أجمعها وسجرت تنور الروح ونفحت فيه روحا أخرى
                  أنا كنت الظل وكنت هي وكنت الكاتب الذي احترقت أضلعه قهرا بين السطور
                  نيلية هي ونبتة ربانية
                  جميلة وأكثر وفيها أكثر مما أستطيع ولوجه
                  كبير أنت وستبقى
                  وسنبقى نأخذ الدروس من منهلك العذب الرقراق
                  الله عليك
                  الله عليك
                  الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                  تعليق

                  • ربيع عقب الباب
                    مستشار أدبي
                    طائر النورس
                    • 29-07-2008
                    • 25792

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة أم عفاف مشاهدة المشاركة
                    دخلت يملؤني فضول خاص
                    في الحقيقة أحببت كثيرا القراءة لك سيدي
                    كان استعدادي النفسي يصور لي نصّا بنكهة الشوق إلى الأشياء التي نحبها
                    لم يكن ما توقعت
                    كانت مراوغة جميلة منك
                    ربما لأنها خاتلت انتظاري أو لأنها زئبقية تأخذ أشكالا عدة على حيز غير ثابت
                    السؤال لماذا اخترت قناعا من الظلال .
                    الظل عادة شفاف ومن يحمل كل هذه الحيرة وكل هذا الضياع لابدّ يلبس أردية الحزن العاتمة
                    حتّى الحزن في حضرة البوح شفيف وجميل
                    حاولت مراقصة اللغة التي بدت في حركة مدّ وجزر متناغمين
                    كأنني أصغي إلى الموسيقى التي كتبت على إيقاعها نصك
                    تحياتي
                    الله .. كم أنا سعيد بهذه المداخلة
                    و كم ممتن لهذا النص الذي أتى بك أستاذتي الطيبة
                    لأقرأ توقيعك بعد غياب طويل
                    مازال يستهويني البحث عن علاقة الأشياء و الكائنات و البشر
                    و كيف ننظر إليها و تنظر إلينا
                    كيف نراها و ترانا
                    ما حصة الظل من صاحبه أو صاحبته
                    وما حصة صاحب الظل او صاحبته منه
                    ما حدود العلاقة بينهما دون التطرق إلي مسائل فيزيقية أو ما ورائية قد لا تجد بابا مشرعا أمامها
                    فكانت هكذا انفعالية إلي حد ، وجدانية في ابسط صورها
                    ما بين عاشق ومعشوق
                    نهر و فضاء أنثوي قادر على التناسل و العطاء

                    شكرا كثيرا على جميل ما جملت به هذا المتصفح
                    و آسف أن خيبت بعض توقعك ونلت من جذوة حية تبحث عن غنى الأرواح !

                    تقديري و محبتي
                    sigpic

                    تعليق

                    • ربيع عقب الباب
                      مستشار أدبي
                      طائر النورس
                      • 29-07-2008
                      • 25792

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                      يارب السموات والأرض
                      كم تعملقت هنا ربيع
                      أخذتني السطور لأغيب بينها وكأني هي وكأني الظل
                      وكم أحسست بروح تستبيحني حد الإستحواذ
                      أي روح تمتلكتك حظة الكتابة ربيع
                      أي رياح عاصفة اجتاحتك حد الغوص عميقا لتخرج الؤلؤ بنفس واحد وكأنك ما استرجعت أنفاسك حتى انتهيت منه.
                      هذا نص اختزلت فيه رحلة العمر أجمعها وسجرت تنور الروح ونفحت فيه روحا أخرى
                      أنا كنت الظل وكنت هي وكنت الكاتب الذي احترقت أضلعه قهرا بين السطور
                      نيلية هي ونبتة ربانية
                      جميلة وأكثر وفيها أكثر مما أستطيع ولوجه
                      كبير أنت وستبقى
                      وسنبقى نأخذ الدروس من منهلك العذب الرقراق
                      الله عليك
                      الله عليك
                      الكرسي الذي يئن من ضمور الوقت
                      لم يعد يشتهي سوى إسبال جفونه
                      على ما تبقى من صور أدمنته استعمالا
                      دون تطور يذكر ..
                      إلا كسر أنفه ..
                      و النظر بسخرية إلي ذات السؤال : إلي متى ؟
                      المكان يظن أنه وحيد في رسم الخارطة
                      و نسي كونه محض مكان مستقطع بين أزمنة تتناولها
                      الوحوش في وجباتها اليومية
                      سواء كانت أم راكمت وجودها في الكتب الصفراء
                      هذه الغرفة شأنها كأي مكان
                      عبثت أعشاب الصمت في ثباته
                      ضمخته أنفاس الاعتياد
                      مسخت ألوانه الزاهية منذ فقد الكرسي بكارته
                      و أهلكه حزن شاغره !

                      و انت جنونة إبداع رائعة
                      أتمسك بها لأنها تنتمي
                      إلي الجمال بقدر انتمائها لوطن !!


                      sigpic

                      تعليق

                      • نادية البريني
                        أديب وكاتب
                        • 20-09-2009
                        • 2644

                        #12
                        كان ظلاّ ولم يعد
                        رحلة في أعماق الذّات وفي أعماق الوجود
                        في الذات عشق وشوق وتوق صوّرته كأقدر ما يكون
                        وفي الوجود تقلّبات ومدّ وجزرأبحر بنا الحرف إليه
                        كان ظلّها فأصبح هي.توّحد معها وانصهر
                        لن يكون ظلاّ لأحد لكنّه مصدر الظلّ
                        هي المرأة دوما في توهّجها تذيب نفسها فيه
                        هي الوطن في شموخه تذيب جمالها فيه
                        هي الأسطورة الخالدة" النّيل الذي تقبّل القرابين"
                        أنت منصهر في ماضيها وحاضرها وآتيها
                        قرأتها أستاذي ربيع لكّنها أسرت فكري
                        ومادمت أسيرة الفكر فأنا أنتظر إطلاق سراح حتى يجود عليّ فكري فأقرأ هذه الرّائعة
                        سأعود إليها بإذن الله وأقرأها مرّة أخرى
                        أرجو أن تكون بخير
                        القلم شااااامخ تبارك الله

                        تعليق

                        • بسمة الصيادي
                          مشرفة ملتقى القصة
                          • 09-02-2010
                          • 3185

                          #13
                          ليس ظلا أبدا... لكنه سلّم نفسه قليلا للوهم
                          لأولئك الذين يحاولون ملأ فراغهم بما يملك ..
                          ويحاصرونه بظلمتهم ليخال نفسه ظلّا ..
                          ضع يديك فوق حروفك سيدي ..وستعرف ما الحقيقة ...

                          أتعلم أ. ربيع
                          لم يؤلمني نص كما فعلت قصتك اليوم ...
                          أتعبتني ... وشعرت بك ...
                          الذكريات قد تحاصرنا ...
                          ولكن لا يجب أبدا أن نصدّق وجوه الماضي ..
                          لأنها لا تعود إلا لتخدعنا مرة أخرى .. أو لتسخر منا ..
                          لو أنها تعرف الحبّ ..ما رحلت أول مرة!
                          هكذا هو الأمر ...
                          قاسية هي الحياة ... والشكّ لعنة وظلام ...
                          فانظر إلى حروفك مجددا .. كل حرف منها شمعة ...
                          وما ظلّ إلا وهج يحيط بك ...
                          ما أروعك ربيعنا ...
                          هذا العزف الذي يبدو للوهلة الأولى منفردا كان بمثابة سنفونية
                          لرجل يعيش بملء روحه وحواسه ..
                          رجل لم يفقد أبدا إحساسه بما حوله من أشياء ووجوه

                          كل الامتنان والتقدير والود
                          في انتظار ..هدية من السماء!!

                          تعليق

                          • ربيع عقب الباب
                            مستشار أدبي
                            طائر النورس
                            • 29-07-2008
                            • 25792

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
                            كان ظلاّ ولم يعد
                            رحلة في أعماق الذّات وفي أعماق الوجود
                            في الذات عشق وشوق وتوق صوّرته كأقدر ما يكون
                            وفي الوجود تقلّبات ومدّ وجزرأبحر بنا الحرف إليه
                            كان ظلّها فأصبح هي.توّحد معها وانصهر
                            لن يكون ظلاّ لأحد لكنّه مصدر الظلّ
                            هي المرأة دوما في توهّجها تذيب نفسها فيه
                            هي الوطن في شموخه تذيب جمالها فيه
                            هي الأسطورة الخالدة" النّيل الذي تقبّل القرابين"
                            أنت منصهر في ماضيها وحاضرها وآتيها
                            قرأتها أستاذي ربيع لكّنها أسرت فكري
                            ومادمت أسيرة الفكر فأنا أنتظر إطلاق سراح حتى يجود عليّ فكري فأقرأ هذه الرّائعة
                            سأعود إليها بإذن الله وأقرأها مرّة أخرى
                            أرجو أن تكون بخير
                            القلم شااااامخ تبارك الله
                            أنا الظل في ثنايا رياضها
                            في أنهارها
                            عسل وخمر و لبن
                            آية تتلى ..
                            في أروقة التشظي ..
                            على أضرحة من مروا بضفافها
                            و انا المريد و المراد
                            قبلة الروح ..
                            بقطيف عزتها ..
                            و صليل جموحها
                            ظل في التباريح
                            عسجد بين ألوان صفائها
                            شجر في الأوردة
                            في الأنسجة
                            في الريح التي تسلك الرئة لمستقر لها
                            لا منتبذ
                            و لا جاف
                            و لا رجف
                            لأكون ظلا
                            يأخذ بيد النصل
                            يجندل صاحبه عند انفلاق القلوب
                            بما ران
                            و ما هان !

                            بل كنت سيدتي كبحار
                            يصيد المحار ..
                            بشباك الروح
                            و خضرا .. يكشف ألوان الغيابات القادمات !

                            لك القلب مهد
                            و الروح ماء حين يكون الظمأ في الأرض اليباب !

                            محبتي و تقديري
                            sigpic

                            تعليق

                            • خديجة راشدي
                              أديبة وفنانة تشكيلية
                              • 06-01-2009
                              • 693

                              #15
                              قد أخذتنا معك في رحلة إبداعية
                              زاخرة بالمشاعر
                              تتطايرأوراقها واحدة تلو الأخرى
                              فنهيم وراءها نشتسف
                              روعة الجمال اللغوي والروحي
                              والعمق الفكري الذي لم يخلو من نظرة فلسفية
                              شكرا لك على هذا الألق
                              احترامي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X