سيارة رباعية الدفع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسباس عبدالرزاق
    أديب وكاتب
    • 01-09-2012
    • 2008

    سيارة رباعية الدفع

    يعلو وجهه الغضب، كلمات ترعد بالسب و الشتم يتمتم بها ، حالة من الهستيريا تملكته عندما شاهد سيارته و قد شوهها أحدهم بمسمار معدني، تمنى معرفة من قام بهذه الفعلة المشينة، ليدق المسمار في عينيه، يظنه حسود أو حاقد مثل الذين يعرفهم من جيرانه.

    تذكر كلمات والدته، و هي تلف يديها حوله، و تتمتم بكلمات غامضة حتى هي لا تفهم معانيها؛ مجرد همهمات هكذا بدى له صوتها و هي ترمي الملح في إثره؛ لحمايته من حسد الناس، عقب كل خروج من البيت؛ فهذه السيارة جلبت له غيرة الناس ممن يعرفونه، في عادات منطقتهم العين تستحق زيارة ضريح ولي المدينة أو استشارة شيخ يستحضر قوى خارقة يسمونها بركة
    .


    يحدث نفسه بسخرية:

    ،16=4×4
    و ما شأنه هذا المهووس أن يكتمل طرفي المعادلة؟ و كل معادلات السياسة طرف واحد، دون أن نعرف أين تؤول نتيجتها، فلو كانت مهمةً هذه المساواة، حتما كان سيضعها صانعها كاملة.

    ينظر إلى سيارته من الخلف، حيث صممت 4×4 بمعدن فضي في مؤخرها بطريقة جميلة، تزيد من بريقها، دالة على رفاهيتها و قيمتها المالية، قال و هو يكاد يختنق : هذا المغفل يريد أن يريني قدراته الرياضية، حسنا..لو كان رجلا فليريني وجهه لأعلمه الضرب و الطرح و كل فنون القتال الرياضية.

    توجه نحو صديقه -صاحب مرآب تصليح السيارات-؛ ليدهن مكان الخدوش. بعدما انتهى من تصليحها توجه للعمل. محله غير بعيد، ركن السيارة قريبا منه، دخل المحل، و بدأ بتمرير توجيهاته للعمال: ضع هنا، غير مكان البطاريات هناك، أمام الواجهة، إرفع حافظات النقال فوق في الرف و بطاقات الذاكرة أنزلها تحت.

    قارب الوقت موعد الغداء، توجه خارجا بعد أن مرر أوامره حتى حين عودته. مرة أخرى يعيد هذا الأحمق فعلته، دائما يخدشها و بنفس الطريقة، مرتين كل يوم، فعلا أصبح هذا الأمر لا يطاق، و استغرق يفكر كيف يخرج من هذا الكابوس. جاب شوارع المدينة نحو المنزل بسرعة، تائها في عدد لا يحصى من الحلول، خرج منها كلها خالي الوفاض. دخل البيت شاحب الوجه، أنفه يصل السماء و عينيه حمراوين و كأنه خرج لتوه من شجار، تنبهت والدته لحالته الكئيبة، فبادرته بالحوار لتفهم سر تغير ملامح وجهه
    .

    -ماذا هناك يا ولدي؟
    -سيارتي أصبحت سبورة تجوب الشوارع.

    لم تفهم والدته شيئا، و واصلت بشيء من الحنان تساؤلاتها؛ لتفهم سر هذا الغضب و السخرية.

    -و هل أصبحت معلما؟
    -أنت أيضا تسخرين مني، ألأنني طردت من المدرسة تتهكمين علي، و لكن يبدو أنني أصبحت مدرسا متنقلا.
    ...أول شخص شك به؛ هو أستاذه الرياضيات في الثانوي؛ فهو أكبر حاقد عليه حسب اعتقاده؛ الذي ما يزال فقيرا رغم ما يعرفه من الرموز الرياضية ، و بالمقابل تلميذه الغبي الذي لم يستوعب دروسه الحسابية، أصبح يعد المال فوق ما يطيق جيب معلمه ، كان واحدا من بين المتهمين الذين فكر فيهم. أهل الحارة أيضا، دخلوا دائرة اتهاماته الكبيرة فكلهم فقراء؛ و الحسد يراه ينطق عن لسان حالهم، و الشرر يتطاير من أعينهم كلما رأوه يجوب بسيارته الحارة، كلهم شك فيهم واحدا واحدا لم يلغي أحدا منهم.


    بعد وجبة دسمة، لم يهنأ بها، خرج من بيته متجها نحو صديقه لإصلاحها مرة أخرى، عندما رآه صاحبه انفجر ضحكا عليه، ما زاد من غضبه، حاول صديقه تهدئته قليلا دون أن يفلح، تنبه لفكرة لامعة جابت رأسه.

    أتعرف محمود؟
    ماذا؟
    أكتب أمامها = 16.
    رائع.
    هكذا تنتهي من هذا الأحمق.


    بعد إصلاحها خرج منتفخ الصدر و هو يجوب شوارع المدينة، بعد نهاية عمله قفل عائدا للبيت أين أوقف السيارة أمام البيت في زقاق ضيق حيث يسكن، عندما نزل من سيارته أصابته كرة طائشة على وجهه ، حيث كان يلعب بها الأطفال في الزقاق، فالمدينة تندر فيها أماكن اللعب و التنزه ، ثار و استشاط غضبا، و راح يكيل الأطفال بسلسلة شتائم تشبه الشعر.

    أخذ الكرة معه للداخل، ليخرج إليهم بعد لحظات قليلة جدا و قد شقها نصفين و الخنجر بين يديه يسخر من الأطفال، لاحظ الأطفال كيف اغتيلت فرصة اللعب هذا المساء فوق حد خنجر غادر، انغرس فيهم قبل الكرة. تجمعوا بعيدا عنه و هو يراقبهم، و قاموا بتشكيل جلسة طارئة لهم. لم يفهم سر اجتماعهم العفوي السريع دون تخطيط، يشاهدهم و قلبه ممتلئ بالغضب ، افترقوا ليعودوا في لحظات، و هم يجمعون بضع دراهم، قام أحد الأولاد الذي تبدوا عليه علامات الإصرار على توجيه ضربة قوية له، انصرف من مكان اجتماعهم ليعود في لحظات و هو يحمل كرة جديدة.

    ابتسم لهم و مرر لهم تحية عسكرية و هويدخل بيته.

    صباحا و مع انطلاق منبهه كان أول ما فكر فيه سيارته، خرج ليرى انفعال الأحمق و كيف استطاع هذه المرة أن يتخلص منه، نظر للمعادلة و هو يقول:
    • 4×4=16 ....ممتاز واصل...

    قهقه وسع غضبه عندما رأى خربشة جديدة تحت علامة السيارة.
    التعديل الأخير تم بواسطة بسباس عبدالرزاق; الساعة 12-11-2013, 20:04.
    السؤال مصباح عنيد
    لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    صديقي .. لم غادرت المتصفح
    و القصة في حاجة إليك
    لرفع الاصر عنها
    و هذا التكرار الذي لا يمكن أن تكون قصدته !!

    أنتظرك
    محبتي
    sigpic

    تعليق

    • بسباس عبدالرزاق
      أديب وكاتب
      • 01-09-2012
      • 2008

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
      صديقي .. لم غادرت المتصفح
      و القصة في حاجة إليك
      لرفع الاصر عنها
      و هذا التكرار الذي لا يمكن أن تكون قصدته !!

      أنتظرك
      محبتي
      الأستاذ ربيع

      أتعرف عندما أتت الفكرة كتبت و بسرعة قبل تحليقها بعيدا

      طبعا سأعود إليها لأنها تحتاج لبعض مني
      فقد وجدت أخطاءا مطبعية كثيرة و تكرار أيضا أوهن شيئا ما النص

      سأتفرغ لها لأعدلها جيدا

      شكرا أستاذ ربيع

      النت أحيانا لا يمنحني حتى فرص التعديل

      محبتي أستاذي و هذا الروح الذي تحمله
      السؤال مصباح عنيد
      لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        سيارة رباعية الدفع

        يعلو وجهه الغضب ، و كلمات السب و الشتم تخرج من فمه على شكل همسات . بهستيريا يرقب سيارته رباعية الدفع ، و قد شوهها أحدهم. ليته يعرف من قام بهذا الفعل.ربما حاسد أو حاقد!
        يتذكر كلمات والده . و هي تلف يديها حوله ، تتمتم بكلمات مبهمة ؛ حتى هي لا تعرف ما معناها، بل هي مجرد همهمات . هكذا بدا له صوتها ، و هي ترمي الملح في إثره ؛ لحمايته من حسد الناس ، عندما يخرج من البيت متوجها للعمل.

        4×4= 16
        ما شأنه هذا المهووس ، أن يكمل المعادلة ، دون أن يراعي شكل السيارة ؟ لو كانت تعني شيئا، ما تركها صانعها دون إكمالها!
        يجوب هذا التساؤل رأسه . ينظر إلي سيارته ، و قد خدشت من الخلف حيث كتبت 4×4 في مؤخرها، بطريقة جميلة ، تزيد من بريقها.
        توجه نحو صديقه - صاحب مرآب تصليح السيارات -؛ ليدهن مكان الخدوش . بعدما انتهى من تصليحها توجه للعمل. محله غير بعيد. ركن السيارة قريبا منه، دخل المحل ، و بدأ بتمرير توجيهاته للعمال: ضع هنا
        : غير مكان البطاريات هناك أمام الواجهة
        : ارفع حافظات النقال فوق في الرف و بطاقات الذاكرة

        قارب الوقت موعد الغداء . توجه خارجا بعد أن مرر أوامره حتى حين عودته.
        مرة أخرى يعيد هذا الأحمق فعلته، دائما يخدشها ، و بنفس الطريقة . مرتين كل يوم، فعلا هذا أمر لا يطاق. دخل البيت شاحب الوجه.

        -
        ماذا هناك؟
        -
        سيارتي أصبحت سبورة تجوب الشوارع.

        لم تفهم والدته شيئا ، واصلت بشيء من الحنان تساؤلاتها؛ لتفهم سر هذا الغضب و السخرية.

        -
        و هل أصبحت معلما ؟
        -
        أنت أيضا تسخرين مني ، ألانني طردت من المدرسة تتهكمين علي؟

        ...
        ربما هو أستاذي ؛ فهو أكبر حاقد علي . كان واحدا من بين المتهمين الذي نفكر فيهم. أهل الحارة كلهم فقراء ، و الحسد يخرج من أعينهم ؛ كلما رأوني أجوب الحارة بسيارتي.

        خرج من بيته متجها نحو صديقه لإصلاحها مرة أخرى، عندما وصل للمرآب ، و رآه صاحبه . انفجر ضحكا عليه، مما زاد من غضبه. حاول صديقه تهدئته قليلا دون أن يفلح، تنبه لفكرة لامعة جابت رأسه.

        : أتعرف محمود؟
        : ماذا؟
        : أكتب أمامها =16
        : رائع.
        : و هكذا تنتهي من هذا الأحمق.

        بعد إصلاحها خرج منتفخ الصدر و هو يجوب شوارع المدينة، بعد نهاية عمله قفل عائدا للبيت أين أوقف السيارة أمام البيت في زقاق ضيق حيث يسكن، عندما نزل من سيارته أصابته كرة طائشة على وجهه ، حيث كان يلعب بها الأطفال في الزقاق ، ثار و استشاط غضبا، وراح يكيل للأطفال سلسلة شتائم تشبه الشعر.

        أخذ الكرة معه للداخل، ليخرج إليهم بعد لحظات قليلة جدا و قد شقها نصفين و الخنجر بين يديه يسخر من الأطفال، لاحظ الأطفال كيف اغتيلت فرصة اللعب ذا المساء فوق حد خنجر غادر، انغرس فيهم قبل الكرة . تجمعوا بعيدا عنه و هو يراقبهم ، قاموابتشكيل جلسة طارئة . لم يفهم سر اجتماعهم العفوي السريع دون تخطيط ، يشاهدهم و قلبه ممتلئ بالغضب ،افترقوا ليعودوا في لحظات، و هم يجمعون بضع دراهم، قام أحد الأولاد الذي تبدو عليه علامات الإصرار على توجيه ضربة قوية له، انصرف من مكان اجتماعهم ليعود في لحظات و هو يحمل كرة جديدة.

        ابتسم لهم و مرر لهم تحية عسكرية و هو يدخل بيته.

        صباحا و مع انطلاق منبهه كان أول ما فكر فيه سيارته، خرج ليرى انفعال الأحمق و كيف استطاع هذه المرة أن يتخلص منه، نظر للمعادلة و هو يقول:



        : 4×4= 16
        ممتاز واصل...
        قهقه وسع غضبه عندما رأى خربشة جديدة تحت علامة السيارة.


        الفكرة جميلة جدا
        و تحافظ على سمة رئيسية في أعمالك
        البراءة
        و العذوبة و الشجن الدفين
        فلا أقل من أن توليها عنايتك
        أكثر و أكثر
        لتصبح اللغة أكثر عذوبة
        لأن اللغة في أعمالك تمثل كائنا عضويا حاسما كما الشعر !
        أنتظر .. لأرى " بسباس " الرهيف
        بدون جمل التفهم و القياس و اليقين

        محبتي
        sigpic

        تعليق

        • بسباس عبدالرزاق
          أديب وكاتب
          • 01-09-2012
          • 2008

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة


          الفكرة جميلة جدا
          و تحافظ على سمة رئيسية في أعمالك
          البراءة
          و العذوبة و الشجن الدفين
          فلا أقل من أن توليها عنايتك
          أكثر و أكثر
          لتصبح اللغة أكثر عذوبة
          لأن اللغة في أعمالك تمثل كائنا عضويا حاسما كما الشعر !
          أنتظر .. لأرى " بسباس " الرهيف
          بدون جمل التفهم و القياس و اليقين

          محبتي

          أستاذي ربيع

          أن تنجب نصا فهذا صعبا
          والأصعب منه أن تجعل منه كائنا يؤمن بك

          إنني أحاول قدر جهدي و بروية تعديله
          و عندما أقوم بذلك سأعيد نشر التعديل هنا

          محبتي لأديب ماتع و شاعر مثلك
          آه كم أحب رؤيتك دائما


          محبتي و تقديري
          السؤال مصباح عنيد
          لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

          تعليق

          • عواطف ابو حمود
            كاتبة .
            • 08-11-2013
            • 567

            #6
            الخدوش على السيارات .. انها لعنة تصيب كل مالك سيارة ..

            في الماضي السعيد كانوا يكتفون بامرار اصابعهم على الهيكل .. والان من النادر ان تعثر على الهيكل نفسه ..

            سعادتي بقراءة القصة تساوت مع حزني على صاحبها المسكين .. أعانه الله .

            .
            .



            .

            تعليق

            • خديجة راشدي
              أديبة وفنانة تشكيلية
              • 06-01-2009
              • 693

              #7
              يعجبني إبداعك لأنك
              تقتنص الصورة من عمق الواقع
              المثقل بأعباء الحياة أو الطاعن في تضارب النفس وصراعاتها للخروج من شرنقة الضياع
              إنك تتوغل في العمق لتجعل الرؤية الفكرية تستصاغ بطريقة مختلفة بطريقة أرقى

              لعل وعسى نصير مجتمعات تٌعرِّف أفرادها معنى التعامل الإنساني والسمو الأخلاقي.....

              تعليق

              يعمل...
              X