معبر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    معبر

    نص

    انتصبت أمام مرآتها بزهو، ألقت نظرة على نفسها، انفلت طائر الزهو من عينيها، إنها كالقشدة الطرية، مربربة، بل أحلى، فهي ترتدي فستانا أحمر فاتنا، و تمتلك وجها مدورا كالقمر، سهرت على تزيينه بأقلام الفرح، و قواما ساحرا، إنها الآن، جذابة و فاتنة، تقطر غواية و إغراء، قامت بالروتوشات الأخيرة، صففت شعرها من جديد، و أعادت خصلاتها المتمردة إلى الجموع..
    جلست إلى مائدتها العامرة بشهي الطعام و لذيذ الشراب، و بقيت تنتظر..
    أثناء ذلك، تابعت شريطها المفضل، مأخوذة باللقطة الرومانسية، حيث تظهر بطلها الوسيم و هو يمسك بحنو يد حبيبته، يهامسها، فتنطلق الضحكات منهما كما شلال عاشق للانبساط، تغرد الفرحة من عيونهما، و ترفرف فيصدح المكان روعة..
    تسمع جلبة آتية من الخارج، تنظر باستغراب، تجد خصاما، سرعان ما يتحول إلى عراك فقذف بالحجارة، لا تنجو نافذتها من إحداها، تخترقها بقوة و عنف، و تسير قدما باتجاه الشاشة، ترتطم بها كما ذبابة، تسقط أرضا ، فيعم الشاشة السواد..
    تتجه الحسناء باتجاه القبو، تفتحه و تنادي على الرجل القابع بداخله، تدعوه ليقاسمها المائدة، تأخذه من يده ، تمسكه بقوة، يعدها بألا يحاول الهرب ثانية، يجلس إلى المائدة، ينظر إلى الشاشة المنطفئة، يلتقط الحجر، يضعه إلى جانبه، ثم يهجم على الطعام يأكله بشراهة رجل ما تذوق الطعام دهرا..
    يتجشأ، ثم ينهض داعيا إياها إلى السرير..
    لم يكن المشهد إلا من اختلاق ذهن الرجل المتعب، فالمكان فارغ إلا من برودته الجارحة، فلا امرأة، و لا مائدة، و لا شاشة، لقد تعود أن يصنع لنفسه أوهاما دافئة.
    ثم، إنه لم يتجه صوب غرفة النوم، فلا وجود لها أصلا،و لا وجود لأي سرير، بل اتجه صوب قبوه الكئيب، فهو يؤمن إيمان العجائز أن نهاية العالم وشيكة، إما بحرب نووية، و إما بارتطام جرم سماوي سيقضي على الأرض، و يمحق من عليها..
    يفتحه، ينزل إلى داخله، يقفل عليه بإحكام..
    تخبرني جارته التي إلى يمينه، أنها تسمع كل يوم جلبة آتية من تحت بيتها..
    تنتصب أمام مرآتها، بزهو، تلقي نظرة على نفسها، ينفلت طائر الزهو من عينيها، فهي كالقشدة الطرية، مربربة، بل أحلى ، فهي ترتدي فستانا أحمر فاتنا، و تمتلك وجها مدورا كالقمر، سهرت على تزيينه بأقلام الفرح، و قواما ساحرا، إنها الآن، جذابة و فاتنة، تقطر غواية و إغراء، قامت بالروتوشات الأخيرة، صففت شعرها من جديد، و أعادت خصلاتها المتمردة إلى الجموع..
    جلست إلى مائدتها العامرة بشهي الطعام و لذيذ الشراب، و بقيت تنتظر..
    يأتي على رؤوس أصابعه حتى يفاجئها بحضوره الآسر، يجلس إلى المائدة، يلتهم الطعام بشراهة من لم يتذوقه دهرا، ثم يدعوها إلى السرير، فتستجيب له كالمسحورة..
    تستيقظ، فلا تتذكر أي شيء، إلا هذا اليوم، فهي تتذكر كل شيء بتفاصيله المملة، تمسح على بطنها، الشيء الوحيد الذي أعاد إليها ذاكرتها، الشئ الحقيقي في حياتها، هو هذا الجنين الذي يتكون على مهل، و يمنحها السعادة و الامتلاء..
    تتركني، ترتقي أدراج العلية بسرعة، و تغلق الباب عليها بإجكام، تخبرني أنها تهرب من أيد تريد ما بأحشائها..
    أصنع معبرا بين الحكايتين، و أنصرف ..
  • فايزشناني
    عضو الملتقى
    • 29-09-2010
    • 4795

    #2
    القدير عبد الرحيم التدلاوي تحية عاطرة
    في ظلمات النفس أوهام كثيرة تتحصن خلف أبواب مغلقة باحكام
    هي أول مرة أقرأ نصاً بهذا التداخل والخطف خلفاً والعودة إلى خاتمة تطرح أكثر من سؤال بهيئة سؤال
    لفتني في الحكايتين الحجر الذي يخترق نافذتها فهل هو اختراق الواقع لخرافة ما ؟؟
    هنا أشبههما بقصة الحسناء والوحش
    في الحكايتين للحسناء سطوة كبيرة التي حظيت في النهاية بجنين
    هو في القبو وهي في العلية وكل منهما في خوف شديد
    صديقي :
    حاولت أن أفتح معبراً ففشلت ولكني ما أحببت أن يترك هذا النص منسياً
    أنتظر تفاعل الاخوة
    مع كل التقدير

    هيهات منا الهزيمة
    قررنا ألا نخاف
    تعيش وتسلم يا وطني​

    تعليق

    • عبدالرحيم التدلاوي
      أديب وكاتب
      • 18-09-2010
      • 8473

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة فايزشناني مشاهدة المشاركة
      القدير عبد الرحيم التدلاوي تحية عاطرة
      في ظلمات النفس أوهام كثيرة تتحصن خلف أبواب مغلقة باحكام
      هي أول مرة أقرأ نصاً بهذا التداخل والخطف خلفاً والعودة إلى خاتمة تطرح أكثر من سؤال بهيئة سؤال
      لفتني في الحكايتين الحجر الذي يخترق نافذتها فهل هو اختراق الواقع لخرافة ما ؟؟
      هنا أشبههما بقصة الحسناء والوحش
      في الحكايتين للحسناء سطوة كبيرة التي حظيت في النهاية بجنين
      هو في القبو وهي في العلية وكل منهما في خوف شديد
      صديقي :
      حاولت أن أفتح معبراً ففشلت ولكني ما أحببت أن يترك هذا النص منسياً
      أنتظر تفاعل الاخوة
      مع كل التقدير

      أخي البهي، فايز شناني
      أشكرك على إتحافي بهاته القراءة المتنورة.
      كما أشكرك على اهتمامك و إبعاد بوردة التجاهل..
      سرني تفاعلك، و هذا يكفيني.
      بوركت
      مودتي

      تعليق

      • عاشقة الادب
        أديب وكاتب
        • 16-11-2013
        • 240

        #4
        صراحة كلما حاولت اختراق النص وجدته انه لوحة تجريدية غامضة صعب فك طلاسيمها الا من خبير متمكن في علوم الفن . ا
        لعلك فتحت نوافد مغلقة في دواخلنا نعيش فيها حياة غير التي نضهرها وشهوتنا للاكل كشهوتنا للجنس وهوسنا بالممنوع تجعله مرغوب لحد احلام اليقضة .
        اتحفتنا بنص جميل باسلوبه وجمالية حروفيته
        تحياتي

        تعليق

        • عبدالرحيم التدلاوي
          أديب وكاتب
          • 18-09-2010
          • 8473

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عاشقة الادب مشاهدة المشاركة
          صراحة كلما حاولت اختراق النص وجدته انه لوحة تجريدية غامضة صعب فك طلاسيمها الا من خبير متمكن في علوم الفن . ا
          لعلك فتحت نوافد مغلقة في دواخلنا نعيش فيها حياة غير التي نضهرها وشهوتنا للاكل كشهوتنا للجنس وهوسنا بالممنوع تجعله مرغوب لحد احلام اليقضة .
          اتحفتنا بنص جميل باسلوبه وجمالية حروفيته
          تحياتي
          أختي الكريمة، عاشقة الأدب
          أشكرك على المجهود المبذول من أجل فتح نوافذ للنص.
          سرني تفاعلك القيم.
          بوركت
          مودتي

          تعليق

          يعمل...
          X