معظمنايعلم بأن الدين هو شكل من اشكال الخطاب الألهي الموجّه للبشر لبناء نظام حياتي ولأتباع قواعد السلوك الأخلاقيّ في الحياة , وأنه أحد أهم مصادر القيم والمثل العليا التي يسعى الانسان اليها من أجل سعادته. ولكن الأنحطاط الحضاري لأمتنا قد ألقى بظلاله على النظرة الى الدين, وأصبح الدين في بعض الاحيان معوّقا وليس كما أراده الله ورسوله محفّزأ حضاريا له دور أساسي في بناء أنسان ذو قيم عليا . وقد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم "أنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق". لذا علينا القيام بالكثير للوصول الى مكارم الاخلاق لخلق جو حضاري ملائم وتوفير زخم مناسب لتدويرعجلة التغيير والنهضة أذا حصلت أو حتى أن مكارم الاخلاق ستساهم مساهمة فاعلة في أنطلاق شرارة التغيير لعلاقتها بالإيمان الحقيقي والقيم الأخلاقية اللذين يشكلان حجر الأساس في توجيه وتشكيل سلوك الإنسان في تعامله مع الاحداث وأستجابته للمؤثرات الأجتماعية . لذلك كله علينا أن نتبع بعض من الخطوات و منها:-
1-
لنغيّرفهمنا ورؤيتنا للدين ولنجعله أكثر واقعية ولنقنع أجيالنا بأن الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم والمؤمنين يريدون لنا أن نعمل وننتج ونبدع بدل أن نتجادل ونتخاصم ونتقاتل, وأن الدين هو سلم وأمان وعمل, وأن العمل عبادة (وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون (التوبة105) ، وكذلك قوله صلى الله عليه واله وسلم:((من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له)) ,فلنعلّم انفسنا وأهلينا أن نعمل ونخلص في العمل ولنترك التواكل والتكاسل وتبديد الوقت ولنعمل خيرا ولننتج خيرا ولنبدع خير.
ولنقنع أجيالنا الجديدة بترك القشور والاهتمام بجوهرالدين.. فالدين يدعو لتحريرالانسان من عبودية الانسان وعبودية التقاليد المتهرئة والقيم الفاسدة . وحتى التاريخ وخاصة الجانب المأساوي منه فأنه مجموعة أحداث و أفعال وقعت في الماضي لانستطيع التأثير فيها وأنما نستفيد من عبرها للتقارب والتاّلف بدل التباعدوالتباغض. والدين لا يقتصر على إقامة الشعائر الدينية والعبادات، ولكنه يشمل أعمال الشخص وأقواله وتصرفاته في حياته اليومية، سواء كان ذلك في بيته أو عمله، وهو يعدعنصراً أساسياً من عناصر تنشئة المجتمع تنشئة مستقيمة. فالدين والأخلاق يؤثران عل ىسلوك الفرد وطبيعته ويحققان له السعادة الأبدية. وإذا تمكن الإيمان في قلب الفرد فإنه يجعل منه خلقاً جديداً يهذب سلوكه وينقيه من الشوائب ويجعله سمحاً متسامياً محباً للخير لنفسه ولمجتمعه نابذاً أعمال الفسق والرذيلة.
-2
- أن تعاظم شأن الفكرالسلفي التكفيري المتطرف في السنوات الاخيرة جعل من شعوب الشرق عامة تعاني من الاثار التدميرية لعاصفة هوجاء من الأفكار المسمومة التي تدعولتكفير الناس وسبيهم وتهجيرهم وقتلهم بطرق فنية بشعة يمارسها شباب غيّبت عقولهم وأوهموا بأنهم فقط على حق وكل الناس باطل عن طريق مسوخ لا يفقهون من الدين شيئا وأنما هم مجرد أدوات لنفخ بوق العصبية وبث الفرقة والعنصرية ووهم التفوق المذهبي لحرف تعاليم الإسلام الحنيف عن تعاليمه الأصيلة. لهذا كله, لا بد لرجال الدين من المذاهب عامة ومن المذهب السني خاصة أن يقفوا بكل شجاعة بوجه المد التكفيريالشيطاني المرعب, وأن يبينوا للناس جميعا وخاصة للجمهور السني مثالبه وخطورته على الدين وعلى المجتمع.
3
- لنغير فهم الشباب لبعض المصطلحات والمفاهيم المتداولة ..مثل مفهوم الجهاد..ولنبين لهم ان مبدأ الجهاد هو لخدمة الناس ولرفاهيتهم وليس لقتلهم, وأن الجهادالأصلي والأكبر انما المقصود به هو جهاد النفس وتنظيفها من أدران الكبر والحقد والاثام , أما الجهاد بمعنى القتال وهو الجهاد الأصغر فله ضوابطه الشرعية القاسيةوالدقيقة . ولنقنع شعبنا واجيالنا الجديدة بأن مفهوم المجاهدة بالسلاح هو أضيق المفاهيم وأن الجهاد المعاصر هو جهاد العلم .. وان العقيدة الحديثة هي عقيدةالمعرفة, وأن الحرية هو تحرير العقول من الاستعباد الفكري والثقافي لقيم قد ولّت وعفا عليها الزمن , وأن الشعارات الرنانة أصبحت عديمة الجدوى أمام الثورةالتكنولوجية الهائلة, وأن أوان العمل قد حان, و أوان القول فقط قد ولّى.
4-
لنقم بحملة وطنية شاملة لمحاربة الفساد الاداري وتعاطي الرشوة والهدايا والهبات والعمولات داخل أروقة دوائر الدولة والشركات والمستشفيات والمدارس والسجون والمنافذ الحدودية والمطارات والمحاكم . ولنوقف نظام الوساطات والمعارف في التعيينات. وليقود رجال الدين هذه الحملة الشاملة مستغلين المناسبات الدينيةالكثيرة والمتكاثرة لتحقيق الغرض المنشود. أن الفساد الاداري والفساد الذي يسببه تعاطي الهبات والعمولات لهو سرطان مرعب ينخر في جسد الدولة العراقية مسببا خرابا للضمائر والنفوس ومحققا أعلى درجات الانحطاط الأخلاقي والحضاري.
5-
فلنغير موقفنا العدائي للدول المتحضرة ولكل ماهو أجنبي ولنتصالح معها ونستفيد من تجاربها في بناء الدولة العصرية وفي نظام حقوق الإنسان, ولنقنع شبابنا بأن ديننا الحنيف يأمرنا بالأنفتاح على الاخرين والتواصل مع الحضارات الاخرى والأستفادة منها. ولنترك جانبا الدعوات التي تطرحها الجماعات الأصولية المتخلفة بالأنعزال وترك التفاعل مع الاخرين. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍوَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير) الحجراتٌ13
6-
فلندعو الى توحيد صف المسلمين الذين يشكلون الاكثرية المطلقة لشعبنا ولنسعى للتقارب بين مذاهبهم وانتهاج أسلوب الوسطية في التعامل فيما بينهم وكذلك مع معتنقي الأديان الأخرى . ولنقم بحملة شاملة يقودها المتنورين من رجال الدين لأطفاء نار الفتنة الطائفية البغيضة التي أشعلها المتطرفين بين المسلمين من المذهبين السني والشيعي ولنبيّن لمواطنينا بان الشيعة والسنة هما أخوين لأب واحد هو الأسلام,لافرق بينهما ولا تعارض ولا تناحر بل توافق وتحابب وأنسجام . ولتقم حملة كبرى حقيقية وليست صورية للتقريب والوسطية يقودها رجال الدين من مختلف الأديان والمذاهب. ولنثقف أجيالنا على مبدأان الأسلام هو دين الوسطية أي المنهج الوسط المعتدل وأن هذه الأمة هي أمة أرادهاالله أن تكون وسطا في كل شيء الأية ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةًوَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾-البقرة 143
7-
ولنستنكر العنف جميعا ونشيع ثقافة السلام والتسامح ولنؤكد على الايات القرانيةالتي تدعو للتسامح والتوادد والتواصل مع الاخرين, حيث يقول الله تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه واله وسلم: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}( سورة الأنبياء:[الآية: 107].)، فكان الرحمةَ المهداةَ من السماء لسلام أهل الأرض، ولسعادتهم الخالدة، ماداموا متمسكين بتشريع السماء، ذلك التشريع الذي جعل المؤمنين به إخوة متحابين في الله، متعاونين على الخير، متسابقين إلى العلم والحكمة، باذلين كل غال ونفيس، في سبيل إسعاد إخوانهم وكلّ أبناء البشرية، تحت شعار قول نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم :(الخلق كلهم عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله)) ، وقوله تعالى:{إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم}(سورة الحجرات: [الآية: 10].)، وتحت شعارقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً مؤاخياً بين أنبياء الديانات السماوية: ((الأنبياءإخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد))
يتبع
تعليق