كان يا مكان .. ياسعد يا اكرام ، و ما يحلى الكلام .. الا بذكر النبى عليه الصلاة والسلام .....
وتوته توته فرغت الحدوتة ...
بقلمى : أحمدخيرى
وتوته توته فرغت الحدوتة ...
بقلمى : أحمدخيرى
كان هكذا تبتديها جدتى او " ستى ام ابويا الله يرحمها " وهكذا تختمها ...
ورثت عن جدتى حب حكاية الحواديت لـ الاطفال ، وربما لـ الكبار إيضا .. فـ المعروف ان من فطم على حدوتة او حواديت فـ هو لا يمل سماعها ، وان اختلف مذاقها ، واسلوبها وخيالها .. لانها تبقى داخله .. مثلها مثل روح الطفل التى نحارب حتى تبقى فى داخلنا ... ربما لانها الشىء الوحيد الذى يذكرنا بـ البراءة المفقودة ..
الحودتة كانت بالنسبة لنا هى الخيال الذى نعيشه مع صوت الجدة .. فـ نخرج بـ عقولنا ونحلم ، ونتخيل ونطير ....
،
و لكن ...
اثبتت التجربة إن المنطق قد يغلب الحدوتة ...
"مافائدة الحواديت ؟
- ولماذا تحكى لنا الحواديت ؟
- هل تعرف الإجابة ؟
اسئلة جعلتنى اتوقف عن تترات الحدوتة او " كان يا مكان التى ورثتها عن الجدة "
فنظرت إلى الصغيرة ، وانا مستغرب هذه الاسئلة وابحث عن اجوبة لها .. فلم اجد الا سؤال ارد به ...
" هل تغارين من اختك لانى احكى لها ... انتى من ترفضين الحكايات منذ فترة وتقولين انك كبرت ....
فقالت فى سخرية ازعجتنى :
" انا لا اغار من احد .. ونعم انا كبرت ولا احتاج لـ الحواديت والخرافة ، ولا اؤمن "بالشاطر حسن ولا امنا الغولة ولا الذئب ، ولا عروسة البحر " ، وانت بنفسك من قلت لى من قبل" كلها اساطير متوراثة وليست حقيقية "...
- اذن انت تعترف انها خرافة .. فـ لماذا تتمسك بها ولماذا تسردها وتعيدها .. وانت تعرف انها اشياء لا وجود لها ..
تأخرت فى الاجابة وانا اركز فى الكلمات المنطقية التى تخرج من شفاة لاتزال الثانية عشر من عمرها ..
ولكنها فاجآتنى بـ ما هو اكثر اثارة لـ الدهشة عندما اردفت قائلة ...
" هل تعلم لماذ يحب الاطفال الحواديت ؟
ولم تنتظر الإجابة وإنما افاضت :
" لانهم يحبون ان يستمعوا لـ اصوات الاباء أكثر من حبهم لـ الحدوتة ..
الحدوتة فى حد ذاتها وسيلة لـ الطفل حتى يجلس والده او امه بجواره ..
ويحكى معه ويتحدث ، واخيرا يسأل الطفل وحتى ، ولو لم تكن له رغبة فى السؤال .. حتى يستمع إلى الاجابة حتى ولو خاطئة ... المهم انه سيسمع اجابة من والديه عن سؤاله ..
- هل تذكر سؤالي القديم " عن اسم ذكر النمل " وكنت كل يوم تخترع له اسم جديد ..
خرجت عن دهشتى لـ اسألها:
" إين قرأت هذه المعلومات ؟
فردت بهدوء عجيب :
" انا لم اقرأها ، ولكن هذا ما كنت اشعره واحسه وانت تحكى لى الحكايات ..
" والان انتى لا تحبى ان تستمعى لى ؟!
" لا طبعا احب ان اسمعك فى كل وقت ... ولكنى كبرت ، واحب ان اسمعك تتحدث عن اشياء أخرى .خارج حدود الخيال الذى تخرجه لنا الحدوتة ..
دعنا نتحدث عن عملك ومشاريعك ، وإلى اين سـ نسافر بعد العيد .. او فى الاجازة الصيفية
و
الخ
تركتها وانا اتذكر هذا الوقت الذى خرجت من فترة الحكايات لـ انخرط مع ابناء الجيران فى لعب الكرة والبلى والطيارات الورقية ... وقتها لم نكن نعرف الكمبيوتر ، وآخرنا مجلات ميكى المصورة اذا اردنا القراءة او التسلية ... لم نكن نعرف المنطق او نقرأ فيه .. حتى اصبح مقرر علينا فى ثانوى ضمن مادة الفلسفة .. كنا نعيش الخيال ونحلمه ونتوهمه ، وكل منا يحلم بـ ان يكون شىء فى مستقبله .. الان اصبح كل شىء منطقى .. وكل شىء يقتل هذا الطفل الذى نحارب لـ نعيشه داخلنا ..
قد يعتبرنى البعض مبالغا اذ قلت ان النضوج المبكر " سلاح ذو حدين" قد ينقلب إلى ضرر ..
فـ هذا النوع من النضوج .. يجعل الصغار يخرجون عن براءتهم الطبيعية .. بل ربما ويحاربون حتى يخرجوا عن طول الطفولة وبـ اقصى سرعة ..
...
رجعت إلى الصغيرة التى لاتزال طفلة لـ اقص عليها حدوتة جديدة .. فـ لمحتنى الصغيرة الناضجة وقالت :
" هل لازلت تحكى الحواديت ..
فرددت عليها :
" نعم يا انستى " هكذا قلتها ولم اقل صغيرتى او حبيبتى كالمعتاد " ...
- نعم سـ اقص عليها ولن اخبرها انها خرافات واساطير حتى تكتشفها بنفسها عندما تكبر ..
- ونعم لن امل حكاية الحواديت .. فـ إننا هرمنااا .. ... على سماع الحواديت وقصها ثانية .
تعليق