بقايا حبوب وقش
وأقدام متعبة مرهقة
صوت الحداء لا يغادر المكان
فرغم الشقاء الظاهر للعيان
ما يزال هذا الشيخ ينتظر المواسم
يعرف أن الخصب كامن في القلب
وما تلك الخشونة في يديه
إلا آثار فأسه العتيقة على أرض جدب
ضوء خافت يلمع في عيونه
يخبر عن حضوره
ويختفي وراء كومة من تراكمات
كست جسده الضعيف من كل صوب
راح يسترجع ما كان بصمت الكهولة
وقد رأى جدار مدينته قد تم
أضاع عشبة الحياة لغفلة منه
ظن أن الحظ سيلازمه
وتناسى أن أصل الوجود حفنة من رمل!
هاهو يجلس فوق أحزانه من جديد
يقلب الفكر فيما حصل وتم ...
كان عيب "انكيدو" الوحيد
تركه الوحش والطير
واللحاق بالبشر
حتى لو كانوا انصاف آلهه
هو ما أدرك
أن ما يحكم الإنسان الهوى
لحظة يعشق حد الجنون
وأخرى تراه يلقي بمن أحب
نحو غابات الارز وحيداً
يصارع الأفكار والأخطارعارياً
إلا من شغف استوطن القلب
العذر كان دائماً حاضر ٌ
غلبتني نفسي "أنكد " الحبيب
ومن عطاء روحك أردت المزيد
لم تشفع دعوات "ننسن"
لقلبه البرئ الملئ بحب الصديق
رائحة البخور وتمتمات الصلاة
كلها تبخرت في الهواء
ما اعترف بها ذو الخوار
حين قرر ت " عشتار" الانتقام
"انكيدو" حين قرر المسير
نحو من أحب وآلف
كان اهل "الوركاء"
في غمرة الأحزان تتخالف
كيف يقنعون القدير الجبار
ليترك لهم ما بنوه من الجدار
ليتمتع الرجال بزوجاتهم
ويكبرالصغار بلا شقاء؟
وَهَب من قلبه كل ممكن
وأكثر من العطاء حد الفناء
على حفاف الغدير ألقى نفسه
واستسلمت أوصاله لدفق الماء
هجرته أسراب الطيور الصديقة
وهو غارق في لذة عميقة
بحر من الأشواق والعناق
وكل ظنه أنه قد ملك الآفاق
وفي طبيعة البشر
يرنون للأكثر والأكثر
ولا يدركون ان
في حضرة القيود
هنالك لكل شئ حدود
فلا السعادة إن لم نصنها تدوم
ولا الحنان نبع سرمدي الأصول
يغيب عن سمائنا القمر
إن كدرته الغيوم السود ليلة السهر
يرحل بلا عودة ترتجى
إن طولب من عليائه بالنزول
تعود كبد السماء له منزلا
فكيف يرتضي في سبخة الوحول الحلول !
أيها الشاطئ الفاصل بيننا
ايها السر الغارق في الموت
خذ من الحياة ما تهبك
فليس بعد الحياة صوت ...
أمنية نعيم 22.11.13
تعليق