لسعات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    لسعات

    و إذ أودع الصراف الآلي بطاقتي في بطنه، و أبى أن يرجعها لي، بعد أن رأى أني قد استنفدت كل المحاولات في إدخال رمزي السري، فإنه قد أوقعني في فم زوابع الحيرة التي أحاطت بي من كل جانب؛ فحرت كيف أجد لنفسي مخرجا..من غير المعقول أن أبرر ما وقع لي لحبيبتي التي ألتقي بها لأول مرة، بعد تعارف افتراضي دام سنة، تخللتها رسائل مشبوبة، و كلمات حارقة تتميز بالعشق، و وعود بلقاءات مشرقة ..و لما حصل التلاقي، و فكرت في الذهاب صحبتها إلى أحد المطاعم الفاخرة لتناول وجبة الغداء، ها إني في ورطة تصحر جيبي، و خيبة أملي في فعل الصراف البليد..
    عدت إلى السيارة، و كانت بانتظاري، لم ألمح على وجهها ما يدل على الارتياب، فلما اقترحت عليها الذهاب في نزهة، لم تمانع، بل أبدت رضى أشعرني بالارتياح..
    توجهت صوب غابة، و بإحدى فسحها فرشت غطاء على الأرض، و جلسنا جنبا إلى جنب، لم يكن الكلام معينا، بل اعتمدنا الصمت لغة تواصل، و امتدت يدي إليها، و كانت كريمة، فقد قدمت لي نفسها الطازجة بكل أريحية..
    و استلقينا، بعد اتصال حار مشبوب بعواطف الحب، على ظهرينا، و قد شعرنا باسترخاء لذيذ، بعد إشارقة التحام معطر بشمس الصدق ، و تركنا لأنفسنا فسحة السفر في جنان المتعة، غير آبهين بالزمن، و خطواته السريعة..
    لا أعرف كم من الوقت بقينا على هاته الحال، و إذا بجماعة من الشباب تحيط بنا، شاهرة سيوفها في وجهينا؛ تم تكبلي، وربطي إلى شجرة بعيد قليلا عن مكان الفتنة، وتم حمل حبيبتي إلى مكان آخر..
    تمكنت من فك قيودي، و للحق، لم تكن محكمة، ربما بسبب تسرع من تكفل بربطي، و استعجاله اللحاق بزملائه..داهمتني رغبة الانفلات من المحنة التي وقعت فيها، و صرت أسير "انج بنفسك"، فلا يهم إن بقيت هي، مادامت تمنح جسدها بسهولة..و لأمر ما راودتني فكرة المجازفة، لكني فرد، و العدو جماعة، و شتان بين المفرد و القوة،ثم إني لست أحمق لأقامر بحياتي. وصلت سيارتي التي ركنتها بعيدا، و كأني كنت أتوقع حدوث مثل هذا الأمر، أو لأني ، منذ البداية، وجدت المكان المختار غير مناسب،يثير في النفس الخوف، لكن حضورها أنساني كل المخاوف، و أسكن قلبي شجاعة لا أمتلكها، شغلت المحرك بسرعة، و حركت عمود السرعة، فصرت العجلات، و كان لصريرها وقع الألم في نفسي، فقد كان شبيها باستغاثة قادمة من أعماق قلبها إلى أعماق قلبي، تنهض فيه العزة و الإباء..
    استرجعت صورتها، هى شابة ممتلئة الجسم، وصاحبة قوام جميل، وخدَّين مُفعمين بالحيوية، وعينين مُشرقتَين.. يتوفَّر فيها، إلى جانب جمالها الأخّاذ، سمو الروح وقوة العاطفة، و كرم العطاء..
    و استرجعت الالتحام الذي منحني متعة لم أشعر بها طوال حياتي، فقد لملمت شتات روحي، و أنعشت نفسي و ملأتني بالسعادة ؛ فشعرت بنخوة، و ركبتني الشجاعة . أوقفت السيارة، حملت سيفي، و انطلقت بحذر بحثا عنها لأخلصها..وجدت القوم حولها يختصمون حول من يكون له شرف البدء، حمدت الله على سلامتها من مكروه الاغتصاب، تسللت، محتميا بالأشجار، إلى أن وصلت إلى أقرب فرد منهم، ورفعت سلاحي إلى أعلى ثم هويت به على عنقه، فطارت رأسه بعيدا، و طار صواب الجمع الذي تفرق شذر مذر. حملتها بين ذراعي و كانت قد فقدت وعيها، و انطلقنا بعيدا في السيارة عن المكان المشؤوم..
    اليوم، و نحن فوق فراشنا و قد صنعنا اللذة من جديد، و أشعلنا الغرفة بنور التحامنا؛ و قد تعمدت أن يكون لقاؤنا بمنزلي حتى لا أكرر مفاجآت غير سارة، تابعت على الشاشة الصغيرة خبر إلقاء القبض على المشتبه في قيامه بقطع رأس أحد الأشخاص بالغابة القريبة من المدينة. أصبت بدهشة إن لم أقل دوخة، ذلك أن المعتقل رجل يشبهني تماما. يا ألله، لا يمكن، إنه توأمي، هذا الذي بحثت عنه زمنا طويلا، و لم تخبرني أمي عنه إلا في وقت متأخر، بعد أن تركها أبي تتخبط في تحمل أعباء تربيتنا، مما دفع بها إلى أن تمنح أخي التوأم لإحدى الأسر الغنية..و هي تقوم بذلك، كانت تشعر بألم فظيع، هكذا قالت لي، بعد أن لامت أبي على ضعفه و هروبه من تحمل المسؤولية..و لما ضبطتني أمارس العادة، ثارت ثائرتها، و أنزلت علي سبابها، قائلة : هذا ما تفلحون فيه، لا يمكنكم التفكير في شيء آخر غيره، تبا لكم، تبحثون عن إشباع رغباتكم، ثم تهربون كالجبناء ..
    و تضيف الأخبار: لقد تم القبض عليه و هو عائد من الخارج، بعد أن تم التعرف على صورته التقريبية المرسومة من أفواه الشهود !..
    بقيت أصارع رغبات متضاربة، و في الأخير، قررت الذهاب إلى قسم الشرطة لأعترف لهم بذنبي، و أبرئ أخي، و أسمح لنفسي بمعانقته بحرارة......
  • بسباس عبدالرزاق
    أديب وكاتب
    • 01-09-2012
    • 2008

    #2
    عبدالرحيم التدلاوي

    ماذا اقول
    صدمتني جدا جدا
    كل شيء معك له نكهة خاصة

    نص جميل جدا

    و قص ممتع لأقصى حد
    استمتعت بك صاحبي

    رائع


    محبتي و تقديري استاذي
    السؤال مصباح عنيد
    لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

    تعليق

    • عبدالرحيم التدلاوي
      أديب وكاتب
      • 18-09-2010
      • 8473

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة بسباس عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
      عبدالرحيم التدلاوي

      ماذا اقول
      صدمتني جدا جدا
      كل شيء معك له نكهة خاصة

      نص جميل جدا

      و قص ممتع لأقصى حد
      استمتعت بك صاحبي

      رائع


      محبتي و تقديري استاذي
      صديقي البهي، بسباس عبدالرزاق
      خفت أن تكون الصدمة بفعل فشل النص.
      شكرا لك على التعليق الذي أعاد لي اطمئناني.
      بوركتمو
      دتي

      تعليق

      • بسباس عبدالرزاق
        أديب وكاتب
        • 01-09-2012
        • 2008

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحيم التدلاوي مشاهدة المشاركة
        صديقي البهي، بسباس عبدالرزاق
        خفت أن تكون الصدمة بفعل فشل النص.
        شكرا لك على التعليق الذي أعاد لي اطمئناني.
        بوركتمو
        دتي
        فاشل

        ناجح و جدا

        أتعرف أخي أعجبني كل شيء فيه من البداية الجد ساخرة و غير متوقعة تماما
        الساحب الآلي الذي أخجلك أمام حبيبة من عالم الإفتراضي
        ثم تعريجك على قضية مهمة
        الشجاعة ، الإغتصاب،
        ثم ماذا تعريجك و بطريقة صادمة
        أخ توأم و هروب الوالد من المسؤولية و تصرف الوالدة

        نهاية جدا رائعة

        أحببت النص كثيرا اخي الجميل عبدالرحيم

        محبتي
        السؤال مصباح عنيد
        لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

        تعليق

        • حارس الصغير
          أديب وكاتب
          • 13-01-2013
          • 681

          #5
          أخي عبدالرحيم
          أناعن نفسي أحمل في جيبي أكثر من خمس بطاقات حتى لأقع في الورطة
          نص ثري ملئ بالشجن والألم وعالم الافتراضيات.
          صنعت لنفسك عالما وعشنا معك فيه.
          القلم قدير وكذلك صاحبه.
          تحيتي وتقديري

          تعليق

          • عبدالرحيم التدلاوي
            أديب وكاتب
            • 18-09-2010
            • 8473

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة بسباس عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
            فاشل

            ناجح و جدا

            أتعرف أخي أعجبني كل شيء فيه من البداية الجد ساخرة و غير متوقعة تماما
            الساحب الآلي الذي أخجلك أمام حبيبة من عالم الإفتراضي
            ثم تعريجك على قضية مهمة
            الشجاعة ، الإغتصاب،
            ثم ماذا تعريجك و بطريقة صادمة
            أخ توأم و هروب الوالد من المسؤولية و تصرف الوالدة

            نهاية جدا رائعة

            أحببت النص كثيرا اخي الجميل عبدالرحيم

            محبتي
            لا قيمة لأي نص إلا بقرائه.
            و حين أنشر نصا ما، أعيش حالة اضطراب، و أنتظر بشوق رد فعل المتلقي
            و تعليقك هذا، سرني كثيرا، لكون النص نال رضاك. فإعجابك به شهادة أعتز بها، لأنها من أخ رائع، يمتلك ذائقة أدبية جيدة..
            شكرا لك، أخي البهي، بسباس عبدالرزاق، على جميل تعليقك، و طيب تشجيعاتك.
            مودتي

            تعليق

            • أمنية نعيم
              عضو أساسي
              • 03-03-2011
              • 5791

              #7
              بعد زماااااان أديبنا التلاوي عن ابداعاتك هنا وفي الخاطرة ؟
              للقصة اكثر من دلالة واكثر من بعد زمني
              الصراف الآلي والسيف؟
              بيع البشر والتأديب
              غضب الام والزوجة
              العلاقة المحرمة والتبرير ,,,
              ماذا أيضاً ...رأيت عالم من الصور قي لسعاتك سيدي
              وما زلت تثير دهشتي كلما حاولت فهم القصد...
              ظل بخير طاب مساؤك .
              [SIGPIC][/SIGPIC]

              تعليق

              • عبدالرحيم التدلاوي
                أديب وكاتب
                • 18-09-2010
                • 8473

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة حارس الصغير مشاهدة المشاركة
                أخي عبدالرحيم
                أناعن نفسي أحمل في جيبي أكثر من خمس بطاقات حتى لأقع في الورطة
                نص ثري ملئ بالشجن والألم وعالم الافتراضيات.
                صنعت لنفسك عالما وعشنا معك فيه.
                القلم قدير وكذلك صاحبه.
                تحيتي وتقديري
                أخي الجميل، حارس الصغير
                أشكرك على تعليقك المزن، طيبت خاطري بكلماتك الرائعة، و شهادتك القيمة.
                بوركت
                أرجو أن أظل عند حسن ظنك/كم بي
                مودتي

                تعليق

                • عبدالرحيم التدلاوي
                  أديب وكاتب
                  • 18-09-2010
                  • 8473

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة أمنية نعيم مشاهدة المشاركة
                  بعد زماااااان أديبنا التلاوي عن ابداعاتك هنا وفي الخاطرة ؟
                  للقصة اكثر من دلالة واكثر من بعد زمني
                  الصراف الآلي والسيف؟
                  بيع البشر والتأديب
                  غضب الام والزوجة
                  العلاقة المحرمة والتبرير ,,,
                  ماذا أيضاً ...رأيت عالم من الصور قي لسعاتك سيدي
                  وما زلت تثير دهشتي كلما حاولت فهم القصد...
                  ظل بخير طاب مساؤك .
                  أختي الرائعة، أمنيه نعيم
                  أشكرك على تعليقك الذي طيب خاطري، و أنار نصي.
                  كلماتك العذبة فاعل تشجيع، بوركت
                  مودتي

                  تعليق

                  • عائده محمد نادر
                    عضو الملتقى
                    • 18-10-2008
                    • 12843

                    #10
                    الزميل القدير
                    عبد الرحيم التدلاوي
                    وضحكت من كل قلبي
                    متأكدة أنك كتبت النص وأنت تضحك
                    وأنك كتبته لتمازحنا وتلقي بعض الأريحية علينا بعد عناء وتعب
                    فهذا المغوار الذي فك أسر نفسه بنفسه لأن المغتصبين لم يقيدوه بشكل محكم ثم السيف وضربة العنق السريعة وكأننا في فيلم أكشن وحمل الحبيبة والذهاب بها للبيت ( وممارسة الحب ) بعد كل تلك الأهوال ثم عودة الأخ من السفر الذي جاء توأما للبطل كلها أحداث سكبت على الروح دعابة.
                    شكرا لأنك كنت هنا وكنت متعبة جدا وهذه الساخرة جدا التي قللت من همي وجعلتني أحس ببعض الرفاهية.
                    لك قلم يستطيع أن يسخر الأحداث لصالحه وهذا لم يأت من فراغ مطلقا
                    تحياتي ومحبتي
                    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                    تعليق

                    • حسن لختام
                      أديب وكاتب
                      • 26-08-2011
                      • 2603

                      #11
                      راق لي جدا هذا السرد المحكم ،السلس والرشيق، وراقت لي لغته الأدبية الجميلة والمنسابة
                      أدهشتني طريقة السرد الممتعة والشيّقة
                      شكرا لك، صديقي التدلاوي على لذة القراءة
                      محبتي وتقديري

                      تعليق

                      • عبدالرحيم التدلاوي
                        أديب وكاتب
                        • 18-09-2010
                        • 8473

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                        الزميل القدير
                        عبد الرحيم التدلاوي
                        وضحكت من كل قلبي
                        متأكدة أنك كتبت النص وأنت تضحك
                        وأنك كتبته لتمازحنا وتلقي بعض الأريحية علينا بعد عناء وتعب
                        فهذا المغوار الذي فك أسر نفسه بنفسه لأن المغتصبين لم يقيدوه بشكل محكم ثم السيف وضربة العنق السريعة وكأننا في فيلم أكشن وحمل الحبيبة والذهاب بها للبيت ( وممارسة الحب ) بعد كل تلك الأهوال ثم عودة الأخ من السفر الذي جاء توأما للبطل كلها أحداث سكبت على الروح دعابة.
                        شكرا لأنك كنت هنا وكنت متعبة جدا وهذه الساخرة جدا التي قللت من همي وجعلتني أحس ببعض الرفاهية.
                        لك قلم يستطيع أن يسخر الأحداث لصالحه وهذا لم يأت من فراغ مطلقا
                        تحياتي ومحبتي
                        المبدعة الراقية، عائده
                        سرني تقبلك النص.
                        صدقت، صغت النص و أنا ضاحك، كنت أتجول في الشوارع أستلهم أحداثها المجنونة، لأعيد صياغتها بشكل فني مقبول..
                        شكرا ك على تعليقك الدافئ.
                        بوركت
                        مودتي

                        تعليق

                        • عبدالرحيم التدلاوي
                          أديب وكاتب
                          • 18-09-2010
                          • 8473

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة حسن لختام مشاهدة المشاركة
                          راق لي جدا هذا السرد المحكم ،السلس والرشيق، وراقت لي لغته الأدبية الجميلة والمنسابة
                          أدهشتني طريقة السرد الممتعة والشيّقة
                          شكرا لك، صديقي التدلاوي على لذة القراءة
                          محبتي وتقديري
                          صديقي البهي، السي حسن لختام
                          أشكرك على تعليقك القيم.
                          سرني إعجابك بالنص.
                          ممتن لك الاشادة و التشجيع.
                          محبتي

                          تعليق

                          يعمل...
                          X